ما هي سبل الاتحاد للأمة الإسلامية ونبذ هذا الاختلاف بين هذه الأمة ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ ، لا يخفى عليكم داء الفرقة الذي أصاب هذه الأمة وجعلها لقمةً سائغةً لأعدائها ، ونحن نرى أوروبا على ما بينها من دماء وعلى ما فيها من خلاف تتوحَّد ، وستعلن وحدتها كما ذكروا بعد عامين ، ألا يمكن للمسلمين أن يتَّحدوا ؟ ألا يمكن لعلماء الأمة ودعاتها أن يُوحِّدوا جهودهم وأن يكونوا صفًّا واحدًا ضد عدوِّهم وإن اختلفوا فيما بينهم في بعض الأمور الاجتهادية ؟ ألا توجد هناك نقاط التقاء كثيرة بين علماء أهل السنة يُمكن أن ينطلقوا للمِّ شمل الأمة من جديد ؟ وهل يوجد لديكم تصوُّر لعمل ما يُمكن بناءً عليه أن تجتمع الأمة ؟ وهل للأمة حالات مُشابهة ؟ وكيف تخلَّصت منها ؟
الشيخ : أمس تكلَّمنا في هذا ، أمس تكلمنا في نفس الموضوع هذا ، ومناط الأمر وجِماع الأمر هنا ؛ هو أنه إذا كان الدعاة الإسلاميون حريصين حقًّا على التلاقي فسبيل ذلك الرجوع إلى الكتاب والسنة ، ولكن ماذا نقول ؟ إلى اليوم يوجد في بعض الجماعات الإسلامية أو في الساحة الإسلامية من يقول : إن الدعوة إلى العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح يُفرِّق الأمة !! ولذلك فينبغي أن نجعلها دعوة عامة ، ومعنى هذا الكلام - بالتعبير السوري - : " كل مين على دينو الله يعينو " ( ضحك بعض الحضور ) ، بس نحن نقول : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " .
ويحضرني الآن قصة وقعت لنا يوم كنا ندرِّس في الجامعة الإسلامية ، دُعينا إلى سهرة في مثل هذه الغرفة الوسيعة المباركة - إن شاء الله ! - ، ولكن كان العدد محصورًا ، يعني مع الجدران ما في هذا الخير الكثير يومئذ ، كنت لحِكمةٍ ظهرت فيما بعد وهي من فضائل التمسك بالسنة ، لما دخلت المجلس مررت أسلَّم على الحاضرين واحدًا بعد واحد ، وانتهى بي المجلس إلى آخر المجلس ، ثم دخل من بعدي رجل له زيٌّ علميٌّ على الطريقة السورية والعراقية - يعني جبَّة وعمامة بيضاء - ، وهو رئيس جماعة من الجماعات الإسلامية ، لما دخل بدأ هو بدوره يُصافح ، لكن ما أحد قام له ؛ لأن إخواننا كلهم على السنة ، وأمس قريب تكلمنا عن هذه المسألة ، وأنا أُراقب الداخل هذا في وجهه فأرى أسارير وجهه تتغيَّر ، حتى جاء إليَّ وأنا آخر واحد ، أنا هناك عند عتبة الباب ، فقلت له - بالتعبير السوري - : " يقولون عندنا يا شيخ يا أستاذ : عزيز بدون قيام " ، سلَّم عليَّ وقلت : " عزيز بدون قيام " ، هو ما كاد يسمع هذه الكلمة إلا انفجر غيظه الكتيم ، وقال طبعًا جلس وهو خطيب مصقع مُفوَّه ، بدأ يتكلَّم ويقول : " يا أستاذ نحن الآن بحاجة إلى أن نحارب البعثيين والشيوعيين والزنادقة ، وهذه مسائل ثانوية ما ينبغي أن نبحث فيها " .
وانطلق كالإيش ؟ الماء الدافق بقوَّة ، صبرت حتى انتهى ، قلت : " يا أستاذ ، بس أنت بتقول أنُّو هذه مسائل فيها خلاف ، ولا يجوز أن نبحث فيها مشان نتكتَّل - وهنا الشاهد - مشان نتكتَّل لمحاربة العدو الذي لا نختلف في كونه عدوًّا للمسلمين كالبعثيين وأمثالهم ، لكن أيُّ مسألة لم يختلف فيها المسلمون حتى ندع الخلاف ونتَّحد لنحارب العدوَّ الواحد ؟ وأنت تعلم " = هو عنده نوع من السلفيَّة ، لكن السلفية اليوم الحقيقة كعقيدة تغزو كلَّ الجماعات الإسلامية ، فـ (( ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر لا يشكرون )) ، إلا أن من كان قد سبق عليه الانضمام الحزبي تبقى سلفيَّته لنفسه ، ولا يكون داعية إليها ، وهذا الشيخ المُشار إليه كان من هذا النوع ، فهو سلفي ؛ يعني يعرف التوحيد وأقسام التوحيد ويؤمن بذلك ولكن لا يدعو ، فقلت له = : " يا أستاذ ، أنت تعلم أن المسلمين اختلفوا في الركن الأول من الإسلام ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله ، فهناك - كما تعلم - من لا يعرف الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أو توحيد العبادة وتوحيد الصفات والأسماء ، بل هناك عندنا في دمشق يومئذٍ قلت له هذا : من ألَّف رسالة بعنوان : " لا إله إلا الله " ، ففسَّرها بالمعنى الذي كان يؤمن به المشركون ؛ لا إله إلا الله ؛ أي : لا رب إلا الله ، (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله )) ، فقلت له : " إذًا هذا الرجل يؤمن بلسانه لا إله إلا الله ، لكن فسَّرها بمعنى توحيد الربوبية ؛ فهل معنى كلامك أنُّو نترك النقاش والبحث حتى في كلمة التوحيد ؟ " .
قال : " إي نعم " - هنا الشاهد - " إي نعم ، يجب علينا أن نطوي البحث في كل شيء ؛ حتى في موضوع التوحيد ، حتى نتعاون جميعًا على مقاتلة أعداء الله " .
قلت : " بس - يا شيخ - الذين يشهدون بلسانهم بأن لا إله إلا الله هم أعداء كأولئك الأقوام ، بل ربما أشدُّ ؛ لأنهم (( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم )) ؛ فكيف تُريد أو كيف تتصوَّر أننا بإمكاننا أن نتعاون مع هؤلاء المخالفين لنا حتى في عقيدة التوحيد أن نُحارب أولئك الأعداء الألدَّاء ؛ كالذين سمَّيْتهم بالبعثيين أو الشيوعيين أو غيرهم " .
لذلك إذا كان في المسلمين في الدعاة الإسلاميين من يأبى علينا أن ندعوَ الدعوة التي دعا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أوَّل ما دعا قومه إليها ؛ فلا يمكن أن يتَّحد المسلمون أبدًا ما داموا يعتقدون مثل هذه العقيدة التي هي عقيدة التفريق وليس عقيدة التجميع .
ولذلك فعلى المسلمين جميعًا أن يتعاونوا ما داموا على الخطِّ ، أما الذين عارضوا وخرجوا عن الخطِّ فلا نطمع بأن نلتقيَ معهم ، من مدَّ إلينا يده بالمشي على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ؛ فنحن نمشي معه على طول الخطِّ ، ومَن أبى علينا فلا يضُرُّنا ذلك أبدًا .
إي انتهيت من الأسئلة ؟
السائل : لا لا ما انتهيت ، جزاكم الله خير .
الشيخ : نعم .
السائل : يقول سائل - عفوًا يا شيخ - .
الشيخ : أمس تكلَّمنا في هذا ، أمس تكلمنا في نفس الموضوع هذا ، ومناط الأمر وجِماع الأمر هنا ؛ هو أنه إذا كان الدعاة الإسلاميون حريصين حقًّا على التلاقي فسبيل ذلك الرجوع إلى الكتاب والسنة ، ولكن ماذا نقول ؟ إلى اليوم يوجد في بعض الجماعات الإسلامية أو في الساحة الإسلامية من يقول : إن الدعوة إلى العمل بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح يُفرِّق الأمة !! ولذلك فينبغي أن نجعلها دعوة عامة ، ومعنى هذا الكلام - بالتعبير السوري - : " كل مين على دينو الله يعينو " ( ضحك بعض الحضور ) ، بس نحن نقول : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " .
ويحضرني الآن قصة وقعت لنا يوم كنا ندرِّس في الجامعة الإسلامية ، دُعينا إلى سهرة في مثل هذه الغرفة الوسيعة المباركة - إن شاء الله ! - ، ولكن كان العدد محصورًا ، يعني مع الجدران ما في هذا الخير الكثير يومئذ ، كنت لحِكمةٍ ظهرت فيما بعد وهي من فضائل التمسك بالسنة ، لما دخلت المجلس مررت أسلَّم على الحاضرين واحدًا بعد واحد ، وانتهى بي المجلس إلى آخر المجلس ، ثم دخل من بعدي رجل له زيٌّ علميٌّ على الطريقة السورية والعراقية - يعني جبَّة وعمامة بيضاء - ، وهو رئيس جماعة من الجماعات الإسلامية ، لما دخل بدأ هو بدوره يُصافح ، لكن ما أحد قام له ؛ لأن إخواننا كلهم على السنة ، وأمس قريب تكلمنا عن هذه المسألة ، وأنا أُراقب الداخل هذا في وجهه فأرى أسارير وجهه تتغيَّر ، حتى جاء إليَّ وأنا آخر واحد ، أنا هناك عند عتبة الباب ، فقلت له - بالتعبير السوري - : " يقولون عندنا يا شيخ يا أستاذ : عزيز بدون قيام " ، سلَّم عليَّ وقلت : " عزيز بدون قيام " ، هو ما كاد يسمع هذه الكلمة إلا انفجر غيظه الكتيم ، وقال طبعًا جلس وهو خطيب مصقع مُفوَّه ، بدأ يتكلَّم ويقول : " يا أستاذ نحن الآن بحاجة إلى أن نحارب البعثيين والشيوعيين والزنادقة ، وهذه مسائل ثانوية ما ينبغي أن نبحث فيها " .
وانطلق كالإيش ؟ الماء الدافق بقوَّة ، صبرت حتى انتهى ، قلت : " يا أستاذ ، بس أنت بتقول أنُّو هذه مسائل فيها خلاف ، ولا يجوز أن نبحث فيها مشان نتكتَّل - وهنا الشاهد - مشان نتكتَّل لمحاربة العدو الذي لا نختلف في كونه عدوًّا للمسلمين كالبعثيين وأمثالهم ، لكن أيُّ مسألة لم يختلف فيها المسلمون حتى ندع الخلاف ونتَّحد لنحارب العدوَّ الواحد ؟ وأنت تعلم " = هو عنده نوع من السلفيَّة ، لكن السلفية اليوم الحقيقة كعقيدة تغزو كلَّ الجماعات الإسلامية ، فـ (( ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر لا يشكرون )) ، إلا أن من كان قد سبق عليه الانضمام الحزبي تبقى سلفيَّته لنفسه ، ولا يكون داعية إليها ، وهذا الشيخ المُشار إليه كان من هذا النوع ، فهو سلفي ؛ يعني يعرف التوحيد وأقسام التوحيد ويؤمن بذلك ولكن لا يدعو ، فقلت له = : " يا أستاذ ، أنت تعلم أن المسلمين اختلفوا في الركن الأول من الإسلام ، وهو شهادة أن لا إله إلا الله ، فهناك - كما تعلم - من لا يعرف الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية أو توحيد العبادة وتوحيد الصفات والأسماء ، بل هناك عندنا في دمشق يومئذٍ قلت له هذا : من ألَّف رسالة بعنوان : " لا إله إلا الله " ، ففسَّرها بالمعنى الذي كان يؤمن به المشركون ؛ لا إله إلا الله ؛ أي : لا رب إلا الله ، (( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله )) ، فقلت له : " إذًا هذا الرجل يؤمن بلسانه لا إله إلا الله ، لكن فسَّرها بمعنى توحيد الربوبية ؛ فهل معنى كلامك أنُّو نترك النقاش والبحث حتى في كلمة التوحيد ؟ " .
قال : " إي نعم " - هنا الشاهد - " إي نعم ، يجب علينا أن نطوي البحث في كل شيء ؛ حتى في موضوع التوحيد ، حتى نتعاون جميعًا على مقاتلة أعداء الله " .
قلت : " بس - يا شيخ - الذين يشهدون بلسانهم بأن لا إله إلا الله هم أعداء كأولئك الأقوام ، بل ربما أشدُّ ؛ لأنهم (( يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم )) ؛ فكيف تُريد أو كيف تتصوَّر أننا بإمكاننا أن نتعاون مع هؤلاء المخالفين لنا حتى في عقيدة التوحيد أن نُحارب أولئك الأعداء الألدَّاء ؛ كالذين سمَّيْتهم بالبعثيين أو الشيوعيين أو غيرهم " .
لذلك إذا كان في المسلمين في الدعاة الإسلاميين من يأبى علينا أن ندعوَ الدعوة التي دعا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أوَّل ما دعا قومه إليها ؛ فلا يمكن أن يتَّحد المسلمون أبدًا ما داموا يعتقدون مثل هذه العقيدة التي هي عقيدة التفريق وليس عقيدة التجميع .
ولذلك فعلى المسلمين جميعًا أن يتعاونوا ما داموا على الخطِّ ، أما الذين عارضوا وخرجوا عن الخطِّ فلا نطمع بأن نلتقيَ معهم ، من مدَّ إلينا يده بالمشي على الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح ؛ فنحن نمشي معه على طول الخطِّ ، ومَن أبى علينا فلا يضُرُّنا ذلك أبدًا .
إي انتهيت من الأسئلة ؟
السائل : لا لا ما انتهيت ، جزاكم الله خير .
الشيخ : نعم .
السائل : يقول سائل - عفوًا يا شيخ - .