حديث : ( طوبى ثم طوبى ثم طوبى لِمَن آمن بي ولم يَرَني ) ، هل هو صحيح ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ ، حديث : ( طوبى ثم طوبى ثم طوبى لِمَن آمن بي ولم يَراني ) ، هل هو صحيح ؟ نرجو التوضيح ، وجزاك الله خيرًا ؟
الشيخ : صحيح بلفظ إن ( لم يرني ) ، أما لم يراني فصحيح ، لا يجوز أن يُنسب الى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، هو حديث صحيح بلا شك ، وفيه تنبيه إلى نحو ما ذكرنا آنفًا ؛ أن الذين رأوه طوبى لهم ، لكن الذين جاؤوا من بعده - عليه السلام - ثم لم يروه فطوبى لهم مكرَّرة ، ما السر في ذلك ؟ هما حديثان ينبغي أن نذكُرَهما مع بيان الصحيح منهما ، الأول : أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في قصة فيها - أيضًا - طول وأنا مضطر إلى اختصاره وإلى رواية ما يتعلَّق بهذا السؤال منه ، قال - عليه الصلاة والسلام - يومًا لأصحابه : ( يدخل الجنة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر ) ، فدخل الرسول حجرته ، - والشاهد هنا - فأخذ الناس - يعني أصحابه - يتحزَّرون مَن يكون هؤلاء السعداء ذوي الوجوه البيضاء ، والذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، منهم من قال : من يكون هؤلاء إلا نحن المهاجرون الذين هاجروا في سبيل الله وتركوا بلدهم إلى الرسول - عليه السلام - ، منهم من قال : لا ، إنما هم الأنصار الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ساعة العسرة ، منهم من قال - وهنا الشاهد - : لا أنتم ولا أنتم ، إنما هؤلاء أولادكم الذين يأتون من بعدكم ويؤمنون بنبيِّكم ولم يروه ؛ فطوبى لهم طوبى لهم ، هذا الحديث الأول .
الحديث الثاني وهذا في " صحيح البخاري ومسلم " ، الحديث الثاني من الأحاديث التي تُذكر في كتب المصطلح في باب الوجادة ، هناك في علم المصطلح نوع من أنواع الرواية يسمُّونها بالوجادة ؛ أي : أن يقول الراوي قديمًا وجدت في كتاب فلان : قال : حدثني فلان إلى آخره ، هو لم يسمع الحديث من مؤلف الكتاب ، وإنما قرأ الحديث في ذاك المؤلف ، هذه تسمَّى بالرواية بالوجادة ، فسألوا علماء الحديث : هل تصح هذه الرواية ؟ الذي استقرَّ عليه رأيهم هو أنها تصحُّ ، ونحن الآن وما قبلَنا إنما روايتنا لأحاديث نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما هي وجادةً ؛ لأني أنا أقول روى البخاري ومسلم ؛ إيش وصَّلني البخاري ومسلم وبيني وبينهما أكثر من ألف سنة ؟ أنا قرأت في كتابه ، وهذه هي الوجادة ، استدلُّوا على ذلك بالنظر السليم ، وهذا الذي ذكرته لكم آنفًا ، وبعضهم استدلَّ بحديث - وهو الشاهد - ، ولكنه فيه ضعف ، وهو : ( أتدرون أيُّكم أشدُّ إيمانًا أو أقوى إيمانًا ؟! ) . قالوا : نحن . قال : ( لا ، أنتم سمعتم من نبيِّكم - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولكن الأعجب منكم إيمانًا هم الذين يأتون من بعدكم يجدون بالورق القرآن أو الحديث ) ؛ هذه هي الوجادة ؛ هذه الوجادة تعني أن هؤلاء الناس آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فكان إيمانهم بالغيب ، وليس بالمشاهدة كما شاهده أصحابه وسمعوا منه مباشرةً ، فالرسول - عليه السلام - يقول في هذا الحديث - إن صحَّ - فلا غرابة أن تؤمنوا بي وأنتم تسمعون كلامي وترون معجزاتي و وإلى آخره ، لكن عجبي أولئك الذين يؤمنون بما يجدونه بالورق وفي الصُّحف ، لا يعني هذا أنَّ هم - أي : الذين آمنوا من بعد الصحابة إلى آخر الزمان - هم أصدق من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لا ، لأنكم سمعتم بحديث القرون ، ولا حاجة لإعادته .
وإنما المقصود بهذا الحديث تأكيد أن هؤلاء الذين آمنوا به - عليه السلام - ولم يروه فطوبى لهم ، وهي شجرة في الجنة كما جاء في الحديث الصحيح : ( شجرة من طوبى ) ، أوَّلًا هذه اللفظة وردت في القرآن الكريم : (( طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ )) ، جاء تفسيرها في قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( طوبى شجرة في الجنَّة ، يمشى الراكب المسرع أو السريع تحت ظلِّها مئة عام لا يقطعها ) ، فيقول الرسول - عليه السلام - : طوبى هذه لهؤلاء المؤمنين الذين آمنوا به - عليه الصلاة والسلام - ولم يروه ، وقد قال - تبارك وتعالى - في أول سورة البقرة : (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ )) ، من هم ؟ (( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) ، فالغيب في لغة العرب هو كلُّ ما غاب عن فكرك وعقلك عليك أن تؤمن به ، ولا شك أنَّ مَن آمن بالغيب كلِّ الغيب ، وعلى رأس ذلك مَن جاء بالغيب عن ربِّ العالمين ؛ وهو رسوله الكريم ؛ لا شك أن هذا الإيمان إما يُهنَّأ به صاحبه ويقال فيه من قبل نبيِّه : طوبى له طوبى له .
وختامًا بمناسبة طوبى لا بد من التذكير ؛ هل هذه ... أو هذه البشارة التي جاءت في هذا الحديث هي تشمل كلَّ مؤمن في كلِّ عصر وفي كل مكان ، أم طوبى هذه إنَّما تختصُّ بطائفة من الناس في كل زمان ومكان ؟ الجواب : نعم ، تختصُّ بطائفة من الناس هم الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في بعض الروايات الصحيحة : قيل : يا رسول الله ، من هم الغرباء ؟ كان جوابه على وجهين اثنين ، بمناسبة ... داعين للنَّاس جميعًا إليها ؛ إنه سمع مجيب .
الشيخ : صحيح بلفظ إن ( لم يرني ) ، أما لم يراني فصحيح ، لا يجوز أن يُنسب الى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، هو حديث صحيح بلا شك ، وفيه تنبيه إلى نحو ما ذكرنا آنفًا ؛ أن الذين رأوه طوبى لهم ، لكن الذين جاؤوا من بعده - عليه السلام - ثم لم يروه فطوبى لهم مكرَّرة ، ما السر في ذلك ؟ هما حديثان ينبغي أن نذكُرَهما مع بيان الصحيح منهما ، الأول : أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في قصة فيها - أيضًا - طول وأنا مضطر إلى اختصاره وإلى رواية ما يتعلَّق بهذا السؤال منه ، قال - عليه الصلاة والسلام - يومًا لأصحابه : ( يدخل الجنة من أمَّتي سبعون ألفًا بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر ) ، فدخل الرسول حجرته ، - والشاهد هنا - فأخذ الناس - يعني أصحابه - يتحزَّرون مَن يكون هؤلاء السعداء ذوي الوجوه البيضاء ، والذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، منهم من قال : من يكون هؤلاء إلا نحن المهاجرون الذين هاجروا في سبيل الله وتركوا بلدهم إلى الرسول - عليه السلام - ، منهم من قال : لا ، إنما هم الأنصار الذين نصروا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ساعة العسرة ، منهم من قال - وهنا الشاهد - : لا أنتم ولا أنتم ، إنما هؤلاء أولادكم الذين يأتون من بعدكم ويؤمنون بنبيِّكم ولم يروه ؛ فطوبى لهم طوبى لهم ، هذا الحديث الأول .
الحديث الثاني وهذا في " صحيح البخاري ومسلم " ، الحديث الثاني من الأحاديث التي تُذكر في كتب المصطلح في باب الوجادة ، هناك في علم المصطلح نوع من أنواع الرواية يسمُّونها بالوجادة ؛ أي : أن يقول الراوي قديمًا وجدت في كتاب فلان : قال : حدثني فلان إلى آخره ، هو لم يسمع الحديث من مؤلف الكتاب ، وإنما قرأ الحديث في ذاك المؤلف ، هذه تسمَّى بالرواية بالوجادة ، فسألوا علماء الحديث : هل تصح هذه الرواية ؟ الذي استقرَّ عليه رأيهم هو أنها تصحُّ ، ونحن الآن وما قبلَنا إنما روايتنا لأحاديث نبيِّنا - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما هي وجادةً ؛ لأني أنا أقول روى البخاري ومسلم ؛ إيش وصَّلني البخاري ومسلم وبيني وبينهما أكثر من ألف سنة ؟ أنا قرأت في كتابه ، وهذه هي الوجادة ، استدلُّوا على ذلك بالنظر السليم ، وهذا الذي ذكرته لكم آنفًا ، وبعضهم استدلَّ بحديث - وهو الشاهد - ، ولكنه فيه ضعف ، وهو : ( أتدرون أيُّكم أشدُّ إيمانًا أو أقوى إيمانًا ؟! ) . قالوا : نحن . قال : ( لا ، أنتم سمعتم من نبيِّكم - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ولكن الأعجب منكم إيمانًا هم الذين يأتون من بعدكم يجدون بالورق القرآن أو الحديث ) ؛ هذه هي الوجادة ؛ هذه الوجادة تعني أن هؤلاء الناس آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فكان إيمانهم بالغيب ، وليس بالمشاهدة كما شاهده أصحابه وسمعوا منه مباشرةً ، فالرسول - عليه السلام - يقول في هذا الحديث - إن صحَّ - فلا غرابة أن تؤمنوا بي وأنتم تسمعون كلامي وترون معجزاتي و وإلى آخره ، لكن عجبي أولئك الذين يؤمنون بما يجدونه بالورق وفي الصُّحف ، لا يعني هذا أنَّ هم - أي : الذين آمنوا من بعد الصحابة إلى آخر الزمان - هم أصدق من أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لا ، لأنكم سمعتم بحديث القرون ، ولا حاجة لإعادته .
وإنما المقصود بهذا الحديث تأكيد أن هؤلاء الذين آمنوا به - عليه السلام - ولم يروه فطوبى لهم ، وهي شجرة في الجنة كما جاء في الحديث الصحيح : ( شجرة من طوبى ) ، أوَّلًا هذه اللفظة وردت في القرآن الكريم : (( طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ )) ، جاء تفسيرها في قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( طوبى شجرة في الجنَّة ، يمشى الراكب المسرع أو السريع تحت ظلِّها مئة عام لا يقطعها ) ، فيقول الرسول - عليه السلام - : طوبى هذه لهؤلاء المؤمنين الذين آمنوا به - عليه الصلاة والسلام - ولم يروه ، وقد قال - تبارك وتعالى - في أول سورة البقرة : (( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ )) ، من هم ؟ (( الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ )) ، فالغيب في لغة العرب هو كلُّ ما غاب عن فكرك وعقلك عليك أن تؤمن به ، ولا شك أنَّ مَن آمن بالغيب كلِّ الغيب ، وعلى رأس ذلك مَن جاء بالغيب عن ربِّ العالمين ؛ وهو رسوله الكريم ؛ لا شك أن هذا الإيمان إما يُهنَّأ به صاحبه ويقال فيه من قبل نبيِّه : طوبى له طوبى له .
وختامًا بمناسبة طوبى لا بد من التذكير ؛ هل هذه ... أو هذه البشارة التي جاءت في هذا الحديث هي تشمل كلَّ مؤمن في كلِّ عصر وفي كل مكان ، أم طوبى هذه إنَّما تختصُّ بطائفة من الناس في كل زمان ومكان ؟ الجواب : نعم ، تختصُّ بطائفة من الناس هم الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في بعض الروايات الصحيحة : قيل : يا رسول الله ، من هم الغرباء ؟ كان جوابه على وجهين اثنين ، بمناسبة ... داعين للنَّاس جميعًا إليها ؛ إنه سمع مجيب .
- رحلة النور - شريط : 95
- توقيت الفهرسة : 00:13:21
- نسخة مدققة إملائيًّا