الحديث الحسن لغيره ؛ هل يُؤخذ في باب العقائد ؟
A-
A=
A+
السائل : الحديث الحسن لغيره ؛ هل يُؤخذ في باب العقائد ؟
الشيخ : الذي أعتقده أن التفريق بين حديث ثابت في مرتبةٍ ما وحديثٍ آخر أعلى ثبوتًا منه بين العقائد وبين الأحكام ؛ هذه بدعة لا يعرفها علماء المسلمين الأوَّلين ، واضح إلى هنا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وعلى هذا إذا كان الحديث الحسن يثبت به حكم شرعي فيثبت به عقيدة كذلك ؛ ماشي ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بل أنا أقول شيئًا ما أظن أنَّكم قرأتموه ، وقد حاجَجْت جماعةً هناك في دمشق الشام ممن شوَّشوا أذهان المسلمين اليوم بهذا النقل الذي نقلوه طرحوه كأنَّه عقيدة لا شيةَ فيها ولا عيبَ عليها ؛ وهي أنه حديث الآحاد لا تثبت به العقائد ، قلت لهم : يَرِدُ عليكم شيئان لا خلاصَ لكم منهما ، الشيء الأول : هو أنكم لا تتبنَّون عقيدةً من حديث مهما كان شأن هذا الحديث قوَّةً وصحَّة حتى لو كان متواترًا ، قالوا : كيف ذاك ؟ قلت - وهذه حقيقة يعرفها كلُّ طلاب العلم المبتدئين في علم الحديث - : أن كون الحديث أو كون حديث ما متواترًا ؛ فإنَّما ذلك أمر نسبي ؛ أي : هو متواتر بالنسبة لمن تتبَّع طرق الحديث ، فحصَّل القناعة في القلب أنَّ هذا حديث متواتر يستحيل أن يكون كاذبًا ، لكن هل كلُّ حافظ - ولا أقول كلُّ مسلم - هل كل حافظ ضروري أو لزامًا عليه أن يكون حديث ما ثبت عند حافظ ما بأنَّه متواتر لزام على الحافظ الآخر أن يكون - أيضًا - عنده متواترًا ؟ ليس الأمر بلازم ؛ واضح هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل ، ومعلوم في تعريف الحديث المتواتر أنه يُشترط فيه = -- وعليكم السلام -- = في تواتره أن يستمرَّ الطبقة من الطبقة الأولى إلى الثانية إلى أن تصلَ إلى الذي يقول بأنه حديث متواتر ؛ ماشي هذا الكلام ؟
السائل : نعم .
الشيخ : فإذا انقطع التواتر في طبقة ما ، هل يظلُّ الحديث متواترًا ؟ الجواب : لا ، أنا أقول الآن : الإمام البخاري قال في حديث ما : إنه متواتر ، وهنا نهاية الدِّقَّة في الموضوع ؛ هل هو عندي أنا متواتر ؟ الإمام البخاري حكم على حديث ما بأنَّه متواتر ؛ هل هو عندي متواتر ؟
السائل : لا .
سائل آخر : ليس بالضرورة .
الشيخ : هذا سؤال امتحان ها !
السائل : ليس بالضرورة .
الشيخ : ليس بالضرورة ، يحتمل ؟
السائل : أن يكون وأن لا يكون .
الشيخ : نعم .
السائل : يحتمل أن يكون وأن لا يكون .
سائل آخر : لا يحتمل .
السائل : يحتمل أن يكون عندك متواترًا ، ويحتمل أن لا يكون .
الشيخ : لا ؛ إذًا جوابك صحيح ، وجوابه صحيح ؛ لكن لربط أحدهما بالآخر أقول : إذا قال الإمام البخاري في حديث ما : إنَّه حديث متواتر ، وأنا لم أقِفْ على هذا الحديث إلا من طريق واحدة ؛ هل يكون عندي - والحالة هذه - متواترًا ؟
السائل : لا يكون .
الشيخ : فيها شك هذه ؟
السائل : لا .
الشيخ : هنا لا يرد الاحتمال السابق ، لكن أنا =
-- سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام -- = بسبب نظرتك إلى أنَّ من الممكن أنُّو أكون أنا بحثت ما وجدت هالتواتر ؛ فجوابك صحيح ، لكن في الصورة التي عرضتها آنفًا ؛ فجوابه صحيح . الآن عند من ليس عنده خبر بالحديث إطلاقًا ، وقال البخاري فيه : إنه متواتر ؛ فبالأولى أن لا يكون عنده متواترًا ، قلنا - لذلك الحزب - : افترضوا أنَّ رئيسكم هو علَّامة الزمان في الحديث أو بخاري الحديث ، قال لكم : الحديث الفلاني هو متواتر ، أأصبح عندكم متواترًا ؟
السائل : لا .
الشيخ : الجواب : لا ، فانقطعت السلسلة ؛ متى يصبح عندكم متواترًا ؟ إذا كان عندكم أئمَّة في الحديث عشرة عشرين على حسب اختلافهم في عدد التواتر ، ثمَّ اتصلتم أنتم مع هذا العدد ؛ حين ذاك يعود الحديث بالنسبة إليكم متواترًا ، وما دام أنَّ الواقع خلاف ذلك والفرضيَّة أن رئيسكم هو الذي حكم على هذا الحديث بالتواتر ؛ حينئذٍ هذا الحديث يصبح عندكم آحادًا ؛ ذلك لأنَّ الذي نقل إليكم خبر تواتر الحديث عنده هو فرد ، وعلى هذا قلت لهم : إنَّكم لا تتبنَّون عقيدة من حديث صحيح ؛ واضح هذا ؟
السائل : واضح .
الشيخ : طيب ؛ هَيْ النقطة الأولى وهي مهمة ، النقطة الثانية وهي التي اقتضاها البحث السابق أن نقول : كلُّ حديث يحمل حكمًا فهو ينطوي تحته عقيدة ، وإذا فصلْتَ العقيدة عن هذا الحكم أذهبْتَ قيمة هذا الحكم من الناحية الشرعية ؛ واضح هذا - أيضًا - ؟
السائل : واضح .
الشيخ : بمعنى إذا جاءك أمر من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مؤكَّدٌ بأنه على الوجوب أو على الاستحباب ، أو جاءك نهيٌ مؤكَّدٌ أنه للتحريم أو للتنزيه ، ذاك الأمر أو هذا النهي إذا فصلت عنه اعتقادَك بمضمونه الأمر يفيد الوجوب أو الاستحباب ؛ إذا فصلت اعتقادك عن هذا لم يبقَ للحكم أثرٌ ما في نفسك ؛ فكذلك بالنسبة للنواهي ؛ واضح هذا - أيضًا - ؟
السائل : نعم .
الشيخ : إذًا نستنتج مما سبق : أنَّ الحكم لو كان التفصيل السابق الذي ذهبَ إليه بعض علماء الكلام قديمًا وتبنَّاه بعض المعاصرين حديثًا ؛ لو كان هذا التفريق له وجاهة بين العقائد وبين الأحكام لَكانَ وضعه في الأحكام أولى من العقيدة ؛ لأن الحكم قلنا - وهذا واضح جدًّا - : يحمل عقيدة ، فإذا رفعنا العقيدة منه لم يبقَ له أيُّ تأثير .
إذا عرفنا هذا كلَّه رجعنا إلى سؤالك الحديث الحسن ، فالحديث الحسن إما أن يُقال يثبت به حكم شرعي أو لا يثبت ، فإذا كان من المعروف عند جماهير العلماء أنَّه يثبت ؛ فإذًا هو تضمَّن عقيدة ؛ فلا بدَّ من الأخذ به لأنه حكم ، ولا يضرُّنا بعد ذلك أنَّ فيه عقيدة ؛ لأن هذا أمر شبه متَّفق عليه في الحديث الحسن ، أما الحديث الصحيح فما فيه إشكال أنَّه يجب العمل به في الأحكام ، وإذا عرفنا ما سبق من البيان فالعمل بالحديث الحسن يتضمَّن حكمًا ، ومعنى هذا أنه إذا جاء خبر لا يتضمَّن حكمًا لكن يتضمَّن عقيدة ، ولكن إسناده حسن ؛ وجب الأخذ به كما وجب الأخذ به في الحكم ؛ لأنه حكم زايد عقيدة .
ومما يتفرَّع من هذا الكلام - وهو في اعتقادي شيء هام ؛ لأنه لا يوجد مسطورًا فيما علمت - ما قلته - أيضًا - لأولئك الحزبيين ، ها أنتم تفرِّقون عمليًّا بين حديث الآحاد في العقيدة وحديث الآحاد في الأحكام ؛ فماذا تفعلون إذا جاء حديث يحمل في طواياه عقيدةً من جهة وحكمًا من جهة ؟ ولو أنه عندنا كما بيَّنَّا لا فرق بين حديث فيه حكم أو حديث فيه عقيدة ؛ فمَن كان فيه حكم أو ما كان فيه حكم ؛ ففيه عقيدة ، لكن حسب فلسفتهم الخاصَّة قلت لهم : ما موقفكم ؟ حاروا في السؤال ، فطلبوا المثال ، قلت لهم : - مثلًا - قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح في البخاري وغيره : ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير ؛ فليستعِذْ الله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ، وبقية الحديث معروف ، هم أعرفهم لا يؤمنون بعذاب القبر ؛ لأنهم - بزعمهم ! - عذاب القبر أحاديثه لم تبلُغْ مبلغ التواتر ؛ إذًا هذا فيجوز الاعتقاد به ، قلنا لهم الآن : أمَرَكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغضِّ النظر الأمر للوجوب أو للاستحباب ، أمركم رسول الله أن تستعيذوا من أربع منها عذاب القبر ؛ فإن قلتم هذا حديث أحكام يجب الأخذ به ناقضْتُم قولكم : هذا حديث آحاد لا يجوز الأخذ به في العقيدة ؛ لأن عذاب القبر عقيدة ؛ فماذا تفعلون ؟ أتأتَمِرُون بأمره - عليه السلام - كحكمٍ شرعيٍّ أم ترجعون إلى فلسفتكم أنَّ العقيدة لا تثبت بها حديث آحاد ؛ وهذا حديث آحاد فلا نأخذ به ؟ سواء قلتم هذا أو قلتم هذا خالفتم عقيدتكم ، نحن لا نقول : خالفتم الشرع وهم مخالفون للشرع ، لكن خالفوا عقيدتهم بسبب تفريقهم بين حديث الآحاد في الأحكام وحديث الآحاد في العقيدة .
هذا ما عندي حول هذه المسألة الطريفة .
نعم .
السائل : سأل الأخ عن الحسن لغيره ، كذلك ما ذكرته ... .
الشيخ : هو كذلك .
الشيخ : الذي أعتقده أن التفريق بين حديث ثابت في مرتبةٍ ما وحديثٍ آخر أعلى ثبوتًا منه بين العقائد وبين الأحكام ؛ هذه بدعة لا يعرفها علماء المسلمين الأوَّلين ، واضح إلى هنا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وعلى هذا إذا كان الحديث الحسن يثبت به حكم شرعي فيثبت به عقيدة كذلك ؛ ماشي ؟
السائل : نعم .
الشيخ : بل أنا أقول شيئًا ما أظن أنَّكم قرأتموه ، وقد حاجَجْت جماعةً هناك في دمشق الشام ممن شوَّشوا أذهان المسلمين اليوم بهذا النقل الذي نقلوه طرحوه كأنَّه عقيدة لا شيةَ فيها ولا عيبَ عليها ؛ وهي أنه حديث الآحاد لا تثبت به العقائد ، قلت لهم : يَرِدُ عليكم شيئان لا خلاصَ لكم منهما ، الشيء الأول : هو أنكم لا تتبنَّون عقيدةً من حديث مهما كان شأن هذا الحديث قوَّةً وصحَّة حتى لو كان متواترًا ، قالوا : كيف ذاك ؟ قلت - وهذه حقيقة يعرفها كلُّ طلاب العلم المبتدئين في علم الحديث - : أن كون الحديث أو كون حديث ما متواترًا ؛ فإنَّما ذلك أمر نسبي ؛ أي : هو متواتر بالنسبة لمن تتبَّع طرق الحديث ، فحصَّل القناعة في القلب أنَّ هذا حديث متواتر يستحيل أن يكون كاذبًا ، لكن هل كلُّ حافظ - ولا أقول كلُّ مسلم - هل كل حافظ ضروري أو لزامًا عليه أن يكون حديث ما ثبت عند حافظ ما بأنَّه متواتر لزام على الحافظ الآخر أن يكون - أيضًا - عنده متواترًا ؟ ليس الأمر بلازم ؛ واضح هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل ، ومعلوم في تعريف الحديث المتواتر أنه يُشترط فيه = -- وعليكم السلام -- = في تواتره أن يستمرَّ الطبقة من الطبقة الأولى إلى الثانية إلى أن تصلَ إلى الذي يقول بأنه حديث متواتر ؛ ماشي هذا الكلام ؟
السائل : نعم .
الشيخ : فإذا انقطع التواتر في طبقة ما ، هل يظلُّ الحديث متواترًا ؟ الجواب : لا ، أنا أقول الآن : الإمام البخاري قال في حديث ما : إنه متواتر ، وهنا نهاية الدِّقَّة في الموضوع ؛ هل هو عندي أنا متواتر ؟ الإمام البخاري حكم على حديث ما بأنَّه متواتر ؛ هل هو عندي متواتر ؟
السائل : لا .
سائل آخر : ليس بالضرورة .
الشيخ : هذا سؤال امتحان ها !
السائل : ليس بالضرورة .
الشيخ : ليس بالضرورة ، يحتمل ؟
السائل : أن يكون وأن لا يكون .
الشيخ : نعم .
السائل : يحتمل أن يكون وأن لا يكون .
سائل آخر : لا يحتمل .
السائل : يحتمل أن يكون عندك متواترًا ، ويحتمل أن لا يكون .
الشيخ : لا ؛ إذًا جوابك صحيح ، وجوابه صحيح ؛ لكن لربط أحدهما بالآخر أقول : إذا قال الإمام البخاري في حديث ما : إنَّه حديث متواتر ، وأنا لم أقِفْ على هذا الحديث إلا من طريق واحدة ؛ هل يكون عندي - والحالة هذه - متواترًا ؟
السائل : لا يكون .
الشيخ : فيها شك هذه ؟
السائل : لا .
الشيخ : هنا لا يرد الاحتمال السابق ، لكن أنا =
-- سائل آخر : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام -- = بسبب نظرتك إلى أنَّ من الممكن أنُّو أكون أنا بحثت ما وجدت هالتواتر ؛ فجوابك صحيح ، لكن في الصورة التي عرضتها آنفًا ؛ فجوابه صحيح . الآن عند من ليس عنده خبر بالحديث إطلاقًا ، وقال البخاري فيه : إنه متواتر ؛ فبالأولى أن لا يكون عنده متواترًا ، قلنا - لذلك الحزب - : افترضوا أنَّ رئيسكم هو علَّامة الزمان في الحديث أو بخاري الحديث ، قال لكم : الحديث الفلاني هو متواتر ، أأصبح عندكم متواترًا ؟
السائل : لا .
الشيخ : الجواب : لا ، فانقطعت السلسلة ؛ متى يصبح عندكم متواترًا ؟ إذا كان عندكم أئمَّة في الحديث عشرة عشرين على حسب اختلافهم في عدد التواتر ، ثمَّ اتصلتم أنتم مع هذا العدد ؛ حين ذاك يعود الحديث بالنسبة إليكم متواترًا ، وما دام أنَّ الواقع خلاف ذلك والفرضيَّة أن رئيسكم هو الذي حكم على هذا الحديث بالتواتر ؛ حينئذٍ هذا الحديث يصبح عندكم آحادًا ؛ ذلك لأنَّ الذي نقل إليكم خبر تواتر الحديث عنده هو فرد ، وعلى هذا قلت لهم : إنَّكم لا تتبنَّون عقيدة من حديث صحيح ؛ واضح هذا ؟
السائل : واضح .
الشيخ : طيب ؛ هَيْ النقطة الأولى وهي مهمة ، النقطة الثانية وهي التي اقتضاها البحث السابق أن نقول : كلُّ حديث يحمل حكمًا فهو ينطوي تحته عقيدة ، وإذا فصلْتَ العقيدة عن هذا الحكم أذهبْتَ قيمة هذا الحكم من الناحية الشرعية ؛ واضح هذا - أيضًا - ؟
السائل : واضح .
الشيخ : بمعنى إذا جاءك أمر من رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مؤكَّدٌ بأنه على الوجوب أو على الاستحباب ، أو جاءك نهيٌ مؤكَّدٌ أنه للتحريم أو للتنزيه ، ذاك الأمر أو هذا النهي إذا فصلت عنه اعتقادَك بمضمونه الأمر يفيد الوجوب أو الاستحباب ؛ إذا فصلت اعتقادك عن هذا لم يبقَ للحكم أثرٌ ما في نفسك ؛ فكذلك بالنسبة للنواهي ؛ واضح هذا - أيضًا - ؟
السائل : نعم .
الشيخ : إذًا نستنتج مما سبق : أنَّ الحكم لو كان التفصيل السابق الذي ذهبَ إليه بعض علماء الكلام قديمًا وتبنَّاه بعض المعاصرين حديثًا ؛ لو كان هذا التفريق له وجاهة بين العقائد وبين الأحكام لَكانَ وضعه في الأحكام أولى من العقيدة ؛ لأن الحكم قلنا - وهذا واضح جدًّا - : يحمل عقيدة ، فإذا رفعنا العقيدة منه لم يبقَ له أيُّ تأثير .
إذا عرفنا هذا كلَّه رجعنا إلى سؤالك الحديث الحسن ، فالحديث الحسن إما أن يُقال يثبت به حكم شرعي أو لا يثبت ، فإذا كان من المعروف عند جماهير العلماء أنَّه يثبت ؛ فإذًا هو تضمَّن عقيدة ؛ فلا بدَّ من الأخذ به لأنه حكم ، ولا يضرُّنا بعد ذلك أنَّ فيه عقيدة ؛ لأن هذا أمر شبه متَّفق عليه في الحديث الحسن ، أما الحديث الصحيح فما فيه إشكال أنَّه يجب العمل به في الأحكام ، وإذا عرفنا ما سبق من البيان فالعمل بالحديث الحسن يتضمَّن حكمًا ، ومعنى هذا أنه إذا جاء خبر لا يتضمَّن حكمًا لكن يتضمَّن عقيدة ، ولكن إسناده حسن ؛ وجب الأخذ به كما وجب الأخذ به في الحكم ؛ لأنه حكم زايد عقيدة .
ومما يتفرَّع من هذا الكلام - وهو في اعتقادي شيء هام ؛ لأنه لا يوجد مسطورًا فيما علمت - ما قلته - أيضًا - لأولئك الحزبيين ، ها أنتم تفرِّقون عمليًّا بين حديث الآحاد في العقيدة وحديث الآحاد في الأحكام ؛ فماذا تفعلون إذا جاء حديث يحمل في طواياه عقيدةً من جهة وحكمًا من جهة ؟ ولو أنه عندنا كما بيَّنَّا لا فرق بين حديث فيه حكم أو حديث فيه عقيدة ؛ فمَن كان فيه حكم أو ما كان فيه حكم ؛ ففيه عقيدة ، لكن حسب فلسفتهم الخاصَّة قلت لهم : ما موقفكم ؟ حاروا في السؤال ، فطلبوا المثال ، قلت لهم : - مثلًا - قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح في البخاري وغيره : ( إذا جلس أحدكم في التشهد الأخير ؛ فليستعِذْ الله من أربع ، يقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ) ، وبقية الحديث معروف ، هم أعرفهم لا يؤمنون بعذاب القبر ؛ لأنهم - بزعمهم ! - عذاب القبر أحاديثه لم تبلُغْ مبلغ التواتر ؛ إذًا هذا فيجوز الاعتقاد به ، قلنا لهم الآن : أمَرَكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغضِّ النظر الأمر للوجوب أو للاستحباب ، أمركم رسول الله أن تستعيذوا من أربع منها عذاب القبر ؛ فإن قلتم هذا حديث أحكام يجب الأخذ به ناقضْتُم قولكم : هذا حديث آحاد لا يجوز الأخذ به في العقيدة ؛ لأن عذاب القبر عقيدة ؛ فماذا تفعلون ؟ أتأتَمِرُون بأمره - عليه السلام - كحكمٍ شرعيٍّ أم ترجعون إلى فلسفتكم أنَّ العقيدة لا تثبت بها حديث آحاد ؛ وهذا حديث آحاد فلا نأخذ به ؟ سواء قلتم هذا أو قلتم هذا خالفتم عقيدتكم ، نحن لا نقول : خالفتم الشرع وهم مخالفون للشرع ، لكن خالفوا عقيدتهم بسبب تفريقهم بين حديث الآحاد في الأحكام وحديث الآحاد في العقيدة .
هذا ما عندي حول هذه المسألة الطريفة .
نعم .
السائل : سأل الأخ عن الحسن لغيره ، كذلك ما ذكرته ... .
الشيخ : هو كذلك .
- رحلة النور - شريط : 87
- توقيت الفهرسة : 00:15:42
- نسخة مدققة إملائيًّا