حول قضيَّة خفض السلام للإمام المسافر الذي يصلِّي بالمسلمين .
A-
A=
A+
السائل : المناقشة ... حول قضية خفض السلام للإمام المسافر الذي يصلي بالمسلمين ، ثم تطرَّقت لكلام ابن تيمية - رحمه الله - وأن ذلك من باب المصالح المرسلة ، والتي لا تكون إلا في حالة عدم المقتضي ، وثانيًا ألَّا يكون السبب هو تقصير النفس ، فلو أردنا أن نطبِّق مثلًا القضية نفسها ؛ وهو خفض السلام أو رفع الصوت في السلام ؛ ربما يسبِّب تشويش على المصلين ، وسبب ذلك هو جهل المصلين ؟
الشيخ : جهل المصلي بماذا ؟
السائل : بهذه السنة .
الشيخ : السنة ؟ ما هي السنة بالنسبة لهذه الحالة ؟
السائل : قلنا بهذه الحالة أن الإمام إذا صلى بالناس وهو مسافر ؛ فإنَّه يسلِّم ويتمُّون وراءه .
الشيخ : أنا ما قلت يسلِّم - بارك الله فيك - ، كأنك نسيت !
السائل : لا ، ما نسيت ، أنا أدري ماذا تقول ، لكن هذا .
الشيخ : ... ولذلك جعلتني أردُّ عليك ما تقول ، أنا ما أقول : أن الإمام لا يسلِّم .
السائل : أنا أدري ... .
الشيخ : أن السنة أن يسلِّم الإمام ، أنا أقول : يسلِّم الإمام .
السائل : لجهل الناس بهذه السنة هو الذي يُوقعهم في هذا .
الشيخ : هل تستطيع أن تحكي ما قلته ؟ ما هو قولي بالنسبة للإمام الذي هو مسافر إذا خرج من الصلاة ؛ ماذا قلت ؟
السائل : قلت : إنَّه يخفض صوته في التسليم .
الشيخ : فإذًا سؤالي يعود : ما هو السنة ؟ أنت بتقول في الجواب : يسلِّم الإمام ، مش موضع يسلِّم ولَّا لا يسلِّم ، تريد أن تقول : يسلِّم جهرًا .
السائل : يسلِّم كما يسلِّم تبارك على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الشيخ : أنا ما عم أبحث الآن في الاستدلال ، أريد أن تحكي عنِّي ما أعتقده ؛ وهو لا تقول أن السنة أن يسلِّم الإمام ، لأني أنا بقول - أيضًا - .
السائل : وأنا أقول ، أنت ذكرت دليلين .
الشيخ : يا أخي ، دَعْنا عمَّا ذكرت ، دَعْني أسألك ؛ الآن أنت تسيء النقل عنِّي ، صحِّح نقلك عنِّي ، ماذا أقول ؟
السائل : أنت تقول : يسلِّم خفية أو بصوت منخفض .
الشيخ : طيب ؛ الآن أنا أسألك ؛ ما هو السنة في هذا بالنسبة للإمام المسافر ؟ يصلي قصرًا ، فيسلِّم ويقول : أتمُّوا صلاتكم ؛ فما هو السنة ؟
السائل : الذي تعلَّمناه منك أن السنة في هذا المقام هو أن يخفض صوته .
الشيخ : لأ ، ولَّا إيش علاقة الموضوع بالمصالح بالمرسلة ؟ إذا كانت السنة هكذا خرجت الموضوع عن المصالح المرسلة ، صح ولَّا لأ ؟
السائل : طيب ؛ إذًا لماذا أوردْتَ عنك قولك في المصالح المرسلة في هذا الموضوع ؟
الشيخ : لأني أقول : المصلحة تقتضي أن تكون القضية هكذا ، وأنا لمَّا سألتك : ما هو السنة ؟ كأنني قائل في أذهان كثير من الناس ، وهذا الذي أردت أن تُسمِعَني الجواب ، حتَّى تسمع مني بدوري الجواب ، ليس عندنا حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو عمر بن الخطاب كما ذكرنا الأثر ، لما صلى بالناس وهو مسافر وهو مقيم رفعَ صوته بالتكبير ، ما في عندنا هذه ... ما في عنَّا هذه السنة ، لكن أنا بقول : لو كان عندنا نصٌّ بأن الرسول - عليه السلام - كان يرفع صوته بالسلام في هذه الحالة حين يكون الإمام مسافرًا ؛ حينئذٍ منقول أنُّو هنا لا يجوز مخالفة السنة ؛ لأنُّو هم جَهَلَة ، لكن لما كان ليس عندنا نصٌّ فنحن في حلٍّ أن لا نجهر ؛ لأننا ما خالفنا السنة ، في الوقت نفسه المصلحة تقتضي ذلك .
السائل : الأحاديث العامة ما يدخل في هذا ؟
الشيخ : وهَيْ المشكلة اللي بعدنا عم نعالج فيها .
السائل : طيب ؛ لماذا أدخلنا قضية المصالح المرسلة هنا ؟
الشيخ : نحن ما أدخلنا المصالح المرسلة مع وجود نصٍّ في الجهر ؛ لأ ؛ لأنه في سكوت هنا عن القضية ، فأقول : مصلحة الناس هؤلاء الذين يجهلون أن الإمام يجب أن يقول في كلِّ حال : السلام عليكم ورحمة الله ، فإذا نحن رفعنا صوتنا كما هي العادة العامة كما أنت ذكرت آنفًا ؛ فيسلِّمون معنا ، فالمصلحة تقتضي أن نسرَّ ، ويكون أول ما يسمعون كلمة الإمام : ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ؛ يعني الراوي لمَّا نقل قصة عمر ما نقل إلينا ، أنا ذكرت هذا أظن ، ما نقل أن عمر رفع صوته بالجهر ؛ أليس هكذا قلنا ؟ ولذلك .
السائل : قلت كذا ، لكن عدم النقل ؛ هل يقتضي عدم النزول هنا ؟
الشيخ : لا ، ما يقتضي ، أنا بجاوبك ما الذي تريد أنت تبني على جوابي ؟ تفضل اِبْنِ ، لا يقتضي ، لكن في الوقت نفسه لا يستلزم .
السائل : لا يقتضي هذا ... أريد أن أفهم طريقة الاستدلال فقط .
الشيخ : نحن جِبْنا أمثلة - بارك الله فيك - بالنسبة للمصلحة المرسلة ... والآية ، أنا أذكر جدًّا مثالًا طَرَحْناه في هذه السفرة في عدَّة أماكن ، مكبر الصوت هذا الذي يستعمله المؤذِّنون اليوم ، عرفته ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، يستعملونه في الأذان وفي الإقامة وفي قراءة القرآن ؛ أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : أنا أقول : استعماله في الأذان جائز ؛ لأنه يحقق معنًى شرعيًّا ؛ وهو يستحبُّ في المؤذن أن يكون جهوريَّ الصوت ، وأن يكون المؤذِّن في مكانٍ عالٍ في تحقيق هذه المصلحة الشرعية ، وهو تبليغ الصوت إلى أبعد مكان ، وفي أحاديث تحضُّ على ذلك ؛ لأنُّو الصوت مهما بلغ من حجر أو مدر يكون شاهدًا لهم يوم القيامة ؛ تذكر بلا شك هذه الأشياء كلها ؟
السائل : ولكن عندي إشكال في بعضها ... .
الشيخ : أنا أسألك ؛ أين الإشكال ؟ إشكال على ماذا ؟
السائل : إشكال على أنَّه يلزم مَن سمع النداء أن يأتي إليه .
... ... ...
الشيخ : ... عم أحكي له الآن حكاية ، لكن يقول : عنده إشكال ! فأنا كلامي لسَّا ما انتهى ، الإشكال انصبَّ على ماذا ؟ ربَّما الإشكال سيكون على النقطة التي أنا أدندن حولها أكثر ، أو لا إشكال كما أرجو ؛ فحينئذٍ يكون الإشكال في نقطة أخرى أنا ما دندنت حولها .
السائل : نحن الآن نتعلم طريقة الـ .
الشيخ : بارك الله فيك ، المقصود أنا أفرِّق بين إذاعة صوت المؤذِّن في هذه الآلة الجديدة ، وهو أراه مصلحة مشروعة ؛ بناءً على ما ذكرتُ آنفًا ، وسألتك أنتَ تذكر ما أجبتني ؛ رأسًا قلت لي : عندي إشكال ، بدل ما تجيبني : نعم أنا متذكِّر هذه الأشياء التي تشير إليها من أن المؤذِّن يُسَنُّ في حقِّه أن كون صيِّتًا جهوريَّ الصوت ، وأن يكون في مكان مرتفع ، إلى آخره ؛ أصحيحٌ هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل ، الآن لا يفرِّقون بين مؤذِّن في الإذاعة هذه وبين إيه ؟ المقيم ، فهنا أقول : المقيم يؤذِّن في المسجد أم على ظهر المسجد حول ... ؟ أين السنة أن يُقيمَ المقيم ؟
السائل : داخل المسجد .
الشيخ : داخل المسجد ، أَكَان هذا التشريع لحكمة - ولو لم نعرفها - أو كان - لا سمح الله - عبثًا ؟
السائل : حاشا .
الشيخ : حاشا ، إذًا الآن أنا أرى من البدع إذاعة الإقامة كما يفعله كثيرون ، هذا الذي أردْتُ أن أصل إليه ، لماذا ؟ لأن هذا الحادث وهو حادث واحد يتعلَّق بالأذان بآلة واحدة ، يتعلَّق بالأذان ، يتعلَّق بالإقامة ؛ فنقول في الأذان جائز ؛ لأنه يحقِّق مصلحة مشروعة ، أما في الإقامة لا يحقِّق مصلحة مشروعة ؛ أَأَنت معي في هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : حسنًا ؛ إذًا هذه وسيلة تقول غير مشروعة ؛ صحَّ ؟
السائل : نعم .
الشيخ : لأنها خالفت السنة .
السائل : في الإقامة .
الشيخ : في الإقامة ، نعم ، هذا مثال للموضوع الذي ذكرناه عن ابن تيمية ؛ أنُّو إذا كان المقتضي قائمًا في عهد الرسول - عليه السلام - في اتِّخاذ الوسيلة ، ثم لم يتَّخذها مع وجود المقتضي ؛ فلا يجوز نحن أن نُوجد وسيلة ؛ لأن هذا المقتضي كان موجودًا في عهد الرسول ؛ واضح هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ مثاله بالنسبة للعهد القديم ، الأذان للعيدين ؛ مثاله الآن إذاعة الإقامة بمكبِّر الصوت ، لأنُّو هذه الوسيلة كانت يومئذٍ ممكنة ، كما فعل بالأذان ؛ صح ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وإذ لم يفعل دلَّنا أن هذا التفاوت أو هذا الافتراق بين صورة إذاعة الأذان وبين صورة إذاعة الإقامة ؛ فهي إذًا تبقى هكذا كما كانت في العهد الأول ، ولا ... بينهما اليوم بسبب وجود هذه الوسيلة الحديثة ؛ أظن إلى هنا ماشي الكلام ؟
السائل : نعم .
الشيخ : نجي إلى الأمر الثالث وهو إذاعة القرآن يوم الجمعة وبقيَّة الصلوات ، خاصة هلأ في الأحساء شعرت هون في قارئ يقرأ القرآن ، وهون في قارئ ... كأن الناس ... وقراءة الإمام يُذاع بمكبِّر الصوت ، مكبِّر الصوت هنا في المسجد لتسميع مَن في المسجد ، وليس لتسميع الناس اللي كلهم بعضهم يلهون ويلعبون ، وبعضهم مشغولون عن الاستماع للقرآن ، وبعضهم قد يكونون في صلاة - أيضًا - فيُشوَّش عليهم ، فإذًا استعمال الوسائل الحادثة التي تساعد أحيانًا على تحقيق مصلحة مرسلة لا يجب استعمالها على كلِّ الأحوال إلا بالميزان الذي نقلناه عن ابن تيمية - رحمه الله - .
السائل : يعني القضية هنا معلوم أن السلام هو رفع الصوت ، في تلك الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا أردنا هذه القضية المسافر الإمام يصلِّي بقومٍ مقيمين ؛ فهو في هذه الحالة يخفض صوته ، والدليل على ذلك أنَّ الأحاديث التي وردت في تسليم النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تسلم عمر - رضي الله عنه - أن الراوي لم يقل : فقال : السلام عليكم ، ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، هذه واحدة ، ولو أنَّه رفع صوته لَقال الراوي : قال عمر : السلام عليكم ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، فيكون السنة الرفع ، لكنه ما لم يقُلْ ذلك دلَّ على أن الأَوْلى هو خفض الصوت .
شيء آخر وهو وجود المقتضي لذلك ؛ فإن رفع الصوت بالسلام ربما يُشوِّش على المصلين ، فهذا وهذا يخصُّ العموم الوارد المُستنبط من الفعل لا من القول الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع صوته بالتسليم .
الشيخ : أنا ما قلت بالتشويش ، أقول : لم يرد عن الرسول - عليه السلام - أو عن عمر ، قلنا يومئذٍ عن الرسول بسند ضعيف ، وعن عمر بن الخطاب بسند صحيح ، لم يرد رفع الصوت ؛ ولذلك فكانت الحكمة تقتضي الخفض ؛ لماذا ؟ لأنه قد يشوِّش بالَ المصلين ؛ أي : لأنه نرى نحن دائمًا ولعلي ذكرت في هذا المجلس أو في غيره ؛ أنا صليت بالناس إمام صلاة العشاء في تبوك ، قدَّمني أحدهم ، قلت له : يا أخي ، الناس اليوم ما بيعرفوا هذا الحكم ، أما صلي ركعتين ، وهم بدهم يقوموا يجيبوا ركعتين ، قال : ما عليك أنت ، نبِّههم ، وبدل ما نبِّههم عملت لهم محاضرة ؛ عملت لهم محاضرة أن السنة بالنسبة للمسافر أن يقصر ، وركعتين ما يقولون بأن القصر واجب ، وبناءً على ذلك فأنا سأصلي بكم ركعتين ، ولكن أرجو الانتباه ، أنا سوف لا أُسمِعُكم سلامي ، وسأقول لكم : ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، مع ذلك من بعد ما صليت ركعتين وفعلت ما نبَّهتهم عليه الناس ضاجُوا فيما بعد ، وقالوا للذي قدَّمني : ليش أنت قدَّمت لنا هذا الإمام ؟ وعمل لنا شوشرة وخلط ، وما شابه ذلك من الكلام الذي لا أحفظه حرفيًّا !!
فالشاهد : مع هذا التحفُّظ والبيان ؛ فكيف لو كان السنة أن يقول الإمام جهرًا : أتمُّوا صلاتكم ؟! مهما حسَّنت الظن بالناس ؛ ماذا سيكون فعل بعضهم على الأقلِّ ؟ أليس أنه سيتجاوب مع الإمام ؟ وكما صار في عهد الرسول - عليه السلام - لما صلى العصر ركعتين سلم الناس معه وخرج ... ، حتى قام ذو اليدين وقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ معروف الحديث طبعًا ، الشاهد أنُّو الشرع دائمًا يضع كما يقولون سدَّ للذريعة يتخذ أسبابًا ووسائل حتى لا يقع الناس في مخالفة الشرع ، فالناس معتادون أن يصلوا أربعًا في الإقامة ، والإمام يتَّفق أنه مسافر ، فالحكمة في التشفيع السبب أن لا يُسمعَ الإمام سلامَه في هؤلاء القوم وهم مقيمون ، لكن على العكس من ذلك يُسمعهم الجملة العربيَّة : ( أقيموا صلاتكم فإنَّا قوم سفر ) .
السائل : أتمُّوا .
الشيخ : أتمُّوا أتمُّوا .
السائل : قلت : أقيموا .
الشيخ : أقيموا قلت ؟ ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قوم سفر ) ، فهذا ورد جهرًا والسلام لم يَرِدْ ، فحينئذٍ يكون المسلم في حلٍّ أن لا يجهر ، وبخاصة في هذه الحكمة التي حكيناها آنفًا ، وبيَّناها في كثير من الأسفار .
الشيخ : جهل المصلي بماذا ؟
السائل : بهذه السنة .
الشيخ : السنة ؟ ما هي السنة بالنسبة لهذه الحالة ؟
السائل : قلنا بهذه الحالة أن الإمام إذا صلى بالناس وهو مسافر ؛ فإنَّه يسلِّم ويتمُّون وراءه .
الشيخ : أنا ما قلت يسلِّم - بارك الله فيك - ، كأنك نسيت !
السائل : لا ، ما نسيت ، أنا أدري ماذا تقول ، لكن هذا .
الشيخ : ... ولذلك جعلتني أردُّ عليك ما تقول ، أنا ما أقول : أن الإمام لا يسلِّم .
السائل : أنا أدري ... .
الشيخ : أن السنة أن يسلِّم الإمام ، أنا أقول : يسلِّم الإمام .
السائل : لجهل الناس بهذه السنة هو الذي يُوقعهم في هذا .
الشيخ : هل تستطيع أن تحكي ما قلته ؟ ما هو قولي بالنسبة للإمام الذي هو مسافر إذا خرج من الصلاة ؛ ماذا قلت ؟
السائل : قلت : إنَّه يخفض صوته في التسليم .
الشيخ : فإذًا سؤالي يعود : ما هو السنة ؟ أنت بتقول في الجواب : يسلِّم الإمام ، مش موضع يسلِّم ولَّا لا يسلِّم ، تريد أن تقول : يسلِّم جهرًا .
السائل : يسلِّم كما يسلِّم تبارك على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الشيخ : أنا ما عم أبحث الآن في الاستدلال ، أريد أن تحكي عنِّي ما أعتقده ؛ وهو لا تقول أن السنة أن يسلِّم الإمام ، لأني أنا بقول - أيضًا - .
السائل : وأنا أقول ، أنت ذكرت دليلين .
الشيخ : يا أخي ، دَعْنا عمَّا ذكرت ، دَعْني أسألك ؛ الآن أنت تسيء النقل عنِّي ، صحِّح نقلك عنِّي ، ماذا أقول ؟
السائل : أنت تقول : يسلِّم خفية أو بصوت منخفض .
الشيخ : طيب ؛ الآن أنا أسألك ؛ ما هو السنة في هذا بالنسبة للإمام المسافر ؟ يصلي قصرًا ، فيسلِّم ويقول : أتمُّوا صلاتكم ؛ فما هو السنة ؟
السائل : الذي تعلَّمناه منك أن السنة في هذا المقام هو أن يخفض صوته .
الشيخ : لأ ، ولَّا إيش علاقة الموضوع بالمصالح بالمرسلة ؟ إذا كانت السنة هكذا خرجت الموضوع عن المصالح المرسلة ، صح ولَّا لأ ؟
السائل : طيب ؛ إذًا لماذا أوردْتَ عنك قولك في المصالح المرسلة في هذا الموضوع ؟
الشيخ : لأني أقول : المصلحة تقتضي أن تكون القضية هكذا ، وأنا لمَّا سألتك : ما هو السنة ؟ كأنني قائل في أذهان كثير من الناس ، وهذا الذي أردت أن تُسمِعَني الجواب ، حتَّى تسمع مني بدوري الجواب ، ليس عندنا حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أو عمر بن الخطاب كما ذكرنا الأثر ، لما صلى بالناس وهو مسافر وهو مقيم رفعَ صوته بالتكبير ، ما في عندنا هذه ... ما في عنَّا هذه السنة ، لكن أنا بقول : لو كان عندنا نصٌّ بأن الرسول - عليه السلام - كان يرفع صوته بالسلام في هذه الحالة حين يكون الإمام مسافرًا ؛ حينئذٍ منقول أنُّو هنا لا يجوز مخالفة السنة ؛ لأنُّو هم جَهَلَة ، لكن لما كان ليس عندنا نصٌّ فنحن في حلٍّ أن لا نجهر ؛ لأننا ما خالفنا السنة ، في الوقت نفسه المصلحة تقتضي ذلك .
السائل : الأحاديث العامة ما يدخل في هذا ؟
الشيخ : وهَيْ المشكلة اللي بعدنا عم نعالج فيها .
السائل : طيب ؛ لماذا أدخلنا قضية المصالح المرسلة هنا ؟
الشيخ : نحن ما أدخلنا المصالح المرسلة مع وجود نصٍّ في الجهر ؛ لأ ؛ لأنه في سكوت هنا عن القضية ، فأقول : مصلحة الناس هؤلاء الذين يجهلون أن الإمام يجب أن يقول في كلِّ حال : السلام عليكم ورحمة الله ، فإذا نحن رفعنا صوتنا كما هي العادة العامة كما أنت ذكرت آنفًا ؛ فيسلِّمون معنا ، فالمصلحة تقتضي أن نسرَّ ، ويكون أول ما يسمعون كلمة الإمام : ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ؛ يعني الراوي لمَّا نقل قصة عمر ما نقل إلينا ، أنا ذكرت هذا أظن ، ما نقل أن عمر رفع صوته بالجهر ؛ أليس هكذا قلنا ؟ ولذلك .
السائل : قلت كذا ، لكن عدم النقل ؛ هل يقتضي عدم النزول هنا ؟
الشيخ : لا ، ما يقتضي ، أنا بجاوبك ما الذي تريد أنت تبني على جوابي ؟ تفضل اِبْنِ ، لا يقتضي ، لكن في الوقت نفسه لا يستلزم .
السائل : لا يقتضي هذا ... أريد أن أفهم طريقة الاستدلال فقط .
الشيخ : نحن جِبْنا أمثلة - بارك الله فيك - بالنسبة للمصلحة المرسلة ... والآية ، أنا أذكر جدًّا مثالًا طَرَحْناه في هذه السفرة في عدَّة أماكن ، مكبر الصوت هذا الذي يستعمله المؤذِّنون اليوم ، عرفته ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ، يستعملونه في الأذان وفي الإقامة وفي قراءة القرآن ؛ أليس كذلك ؟
السائل : نعم .
الشيخ : أنا أقول : استعماله في الأذان جائز ؛ لأنه يحقق معنًى شرعيًّا ؛ وهو يستحبُّ في المؤذن أن يكون جهوريَّ الصوت ، وأن يكون المؤذِّن في مكانٍ عالٍ في تحقيق هذه المصلحة الشرعية ، وهو تبليغ الصوت إلى أبعد مكان ، وفي أحاديث تحضُّ على ذلك ؛ لأنُّو الصوت مهما بلغ من حجر أو مدر يكون شاهدًا لهم يوم القيامة ؛ تذكر بلا شك هذه الأشياء كلها ؟
السائل : ولكن عندي إشكال في بعضها ... .
الشيخ : أنا أسألك ؛ أين الإشكال ؟ إشكال على ماذا ؟
السائل : إشكال على أنَّه يلزم مَن سمع النداء أن يأتي إليه .
... ... ...
الشيخ : ... عم أحكي له الآن حكاية ، لكن يقول : عنده إشكال ! فأنا كلامي لسَّا ما انتهى ، الإشكال انصبَّ على ماذا ؟ ربَّما الإشكال سيكون على النقطة التي أنا أدندن حولها أكثر ، أو لا إشكال كما أرجو ؛ فحينئذٍ يكون الإشكال في نقطة أخرى أنا ما دندنت حولها .
السائل : نحن الآن نتعلم طريقة الـ .
الشيخ : بارك الله فيك ، المقصود أنا أفرِّق بين إذاعة صوت المؤذِّن في هذه الآلة الجديدة ، وهو أراه مصلحة مشروعة ؛ بناءً على ما ذكرتُ آنفًا ، وسألتك أنتَ تذكر ما أجبتني ؛ رأسًا قلت لي : عندي إشكال ، بدل ما تجيبني : نعم أنا متذكِّر هذه الأشياء التي تشير إليها من أن المؤذِّن يُسَنُّ في حقِّه أن كون صيِّتًا جهوريَّ الصوت ، وأن يكون في مكان مرتفع ، إلى آخره ؛ أصحيحٌ هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : جميل ، الآن لا يفرِّقون بين مؤذِّن في الإذاعة هذه وبين إيه ؟ المقيم ، فهنا أقول : المقيم يؤذِّن في المسجد أم على ظهر المسجد حول ... ؟ أين السنة أن يُقيمَ المقيم ؟
السائل : داخل المسجد .
الشيخ : داخل المسجد ، أَكَان هذا التشريع لحكمة - ولو لم نعرفها - أو كان - لا سمح الله - عبثًا ؟
السائل : حاشا .
الشيخ : حاشا ، إذًا الآن أنا أرى من البدع إذاعة الإقامة كما يفعله كثيرون ، هذا الذي أردْتُ أن أصل إليه ، لماذا ؟ لأن هذا الحادث وهو حادث واحد يتعلَّق بالأذان بآلة واحدة ، يتعلَّق بالأذان ، يتعلَّق بالإقامة ؛ فنقول في الأذان جائز ؛ لأنه يحقِّق مصلحة مشروعة ، أما في الإقامة لا يحقِّق مصلحة مشروعة ؛ أَأَنت معي في هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : حسنًا ؛ إذًا هذه وسيلة تقول غير مشروعة ؛ صحَّ ؟
السائل : نعم .
الشيخ : لأنها خالفت السنة .
السائل : في الإقامة .
الشيخ : في الإقامة ، نعم ، هذا مثال للموضوع الذي ذكرناه عن ابن تيمية ؛ أنُّو إذا كان المقتضي قائمًا في عهد الرسول - عليه السلام - في اتِّخاذ الوسيلة ، ثم لم يتَّخذها مع وجود المقتضي ؛ فلا يجوز نحن أن نُوجد وسيلة ؛ لأن هذا المقتضي كان موجودًا في عهد الرسول ؛ واضح هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ مثاله بالنسبة للعهد القديم ، الأذان للعيدين ؛ مثاله الآن إذاعة الإقامة بمكبِّر الصوت ، لأنُّو هذه الوسيلة كانت يومئذٍ ممكنة ، كما فعل بالأذان ؛ صح ؟
السائل : نعم .
الشيخ : وإذ لم يفعل دلَّنا أن هذا التفاوت أو هذا الافتراق بين صورة إذاعة الأذان وبين صورة إذاعة الإقامة ؛ فهي إذًا تبقى هكذا كما كانت في العهد الأول ، ولا ... بينهما اليوم بسبب وجود هذه الوسيلة الحديثة ؛ أظن إلى هنا ماشي الكلام ؟
السائل : نعم .
الشيخ : نجي إلى الأمر الثالث وهو إذاعة القرآن يوم الجمعة وبقيَّة الصلوات ، خاصة هلأ في الأحساء شعرت هون في قارئ يقرأ القرآن ، وهون في قارئ ... كأن الناس ... وقراءة الإمام يُذاع بمكبِّر الصوت ، مكبِّر الصوت هنا في المسجد لتسميع مَن في المسجد ، وليس لتسميع الناس اللي كلهم بعضهم يلهون ويلعبون ، وبعضهم مشغولون عن الاستماع للقرآن ، وبعضهم قد يكونون في صلاة - أيضًا - فيُشوَّش عليهم ، فإذًا استعمال الوسائل الحادثة التي تساعد أحيانًا على تحقيق مصلحة مرسلة لا يجب استعمالها على كلِّ الأحوال إلا بالميزان الذي نقلناه عن ابن تيمية - رحمه الله - .
السائل : يعني القضية هنا معلوم أن السلام هو رفع الصوت ، في تلك الأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، إذا أردنا هذه القضية المسافر الإمام يصلِّي بقومٍ مقيمين ؛ فهو في هذه الحالة يخفض صوته ، والدليل على ذلك أنَّ الأحاديث التي وردت في تسليم النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي تسلم عمر - رضي الله عنه - أن الراوي لم يقل : فقال : السلام عليكم ، ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، هذه واحدة ، ولو أنَّه رفع صوته لَقال الراوي : قال عمر : السلام عليكم ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، فيكون السنة الرفع ، لكنه ما لم يقُلْ ذلك دلَّ على أن الأَوْلى هو خفض الصوت .
شيء آخر وهو وجود المقتضي لذلك ؛ فإن رفع الصوت بالسلام ربما يُشوِّش على المصلين ، فهذا وهذا يخصُّ العموم الوارد المُستنبط من الفعل لا من القول الذي فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع صوته بالتسليم .
الشيخ : أنا ما قلت بالتشويش ، أقول : لم يرد عن الرسول - عليه السلام - أو عن عمر ، قلنا يومئذٍ عن الرسول بسند ضعيف ، وعن عمر بن الخطاب بسند صحيح ، لم يرد رفع الصوت ؛ ولذلك فكانت الحكمة تقتضي الخفض ؛ لماذا ؟ لأنه قد يشوِّش بالَ المصلين ؛ أي : لأنه نرى نحن دائمًا ولعلي ذكرت في هذا المجلس أو في غيره ؛ أنا صليت بالناس إمام صلاة العشاء في تبوك ، قدَّمني أحدهم ، قلت له : يا أخي ، الناس اليوم ما بيعرفوا هذا الحكم ، أما صلي ركعتين ، وهم بدهم يقوموا يجيبوا ركعتين ، قال : ما عليك أنت ، نبِّههم ، وبدل ما نبِّههم عملت لهم محاضرة ؛ عملت لهم محاضرة أن السنة بالنسبة للمسافر أن يقصر ، وركعتين ما يقولون بأن القصر واجب ، وبناءً على ذلك فأنا سأصلي بكم ركعتين ، ولكن أرجو الانتباه ، أنا سوف لا أُسمِعُكم سلامي ، وسأقول لكم : ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قومٌ سفر ) ، مع ذلك من بعد ما صليت ركعتين وفعلت ما نبَّهتهم عليه الناس ضاجُوا فيما بعد ، وقالوا للذي قدَّمني : ليش أنت قدَّمت لنا هذا الإمام ؟ وعمل لنا شوشرة وخلط ، وما شابه ذلك من الكلام الذي لا أحفظه حرفيًّا !!
فالشاهد : مع هذا التحفُّظ والبيان ؛ فكيف لو كان السنة أن يقول الإمام جهرًا : أتمُّوا صلاتكم ؟! مهما حسَّنت الظن بالناس ؛ ماذا سيكون فعل بعضهم على الأقلِّ ؟ أليس أنه سيتجاوب مع الإمام ؟ وكما صار في عهد الرسول - عليه السلام - لما صلى العصر ركعتين سلم الناس معه وخرج ... ، حتى قام ذو اليدين وقال : يا رسول الله ، أقصرت الصلاة أم نسيت ؟ معروف الحديث طبعًا ، الشاهد أنُّو الشرع دائمًا يضع كما يقولون سدَّ للذريعة يتخذ أسبابًا ووسائل حتى لا يقع الناس في مخالفة الشرع ، فالناس معتادون أن يصلوا أربعًا في الإقامة ، والإمام يتَّفق أنه مسافر ، فالحكمة في التشفيع السبب أن لا يُسمعَ الإمام سلامَه في هؤلاء القوم وهم مقيمون ، لكن على العكس من ذلك يُسمعهم الجملة العربيَّة : ( أقيموا صلاتكم فإنَّا قوم سفر ) .
السائل : أتمُّوا .
الشيخ : أتمُّوا أتمُّوا .
السائل : قلت : أقيموا .
الشيخ : أقيموا قلت ؟ ( أتمُّوا صلاتكم فإنَّا قوم سفر ) ، فهذا ورد جهرًا والسلام لم يَرِدْ ، فحينئذٍ يكون المسلم في حلٍّ أن لا يجهر ، وبخاصة في هذه الحكمة التي حكيناها آنفًا ، وبيَّناها في كثير من الأسفار .
- رحلة النور - شريط : 86
- توقيت الفهرسة : 00:25:52
- نسخة مدققة إملائيًّا