السائل : يقول : هل يوثق بتصحيح لبعض العلماء من أهل الجرح والتعديل المتشدِّدين في قولهم : " حديث صحيح " ، ويُسلَّم لهم ذلك لأنهم متشدِّدين ، فيبعدوا أن يكون حكمهم فيه شكٌّ ؟

الشيخ : هذا كلام ماشي ؛ مع ... التصحيح والتضعيف ، فإنَّ كون الإنسان متشدِّدًا فإذا صحَّ يكون يعني في الغالب صحيحًا ، هذه ليست قاعدة مطَّردة ، وإنما قاعدة أغلبية ، والعكس بالعكس تمامًا ؛ وعلى هذا ينبغي أن نمشي المبتدئون في طلب هذا العلم فضلًا عن عامة الناس ، أما مَن كان على علم بالجرح والتعديل ، وأن الجرح مقدَّم على التعديل مع بيان سببه ، ومع كون السبب هو في نفسه جرحًا مما هو معلوم عند العلماء ؛ فهو لا يهتمُّ بقضية أنُّو هذا الذي صحَّح هو متشدِّد في التصحيح أو متساهل ؛ لأنَّ مرجعه في ذلك إلى قواعد هذا العلم ؛ بخلاف عامة الناس فعليهم أن يتَّبعوا من صحَّح حتى لو كان من المتساهلين ؛ حتى لو كان كالترمذي والحاكم وابن حبان ؛ فإنهم أعلم من هؤلاء الناس الذين لا علم عندهم ؛ فلا يجوز لعامة الناس أن يردُّوا تصحيح الترمذي أو تحسينه بالمعنى العام الذي تلقَّوه عن بعض المحدثين بأن الترمذي متساهل .

طيب ؛ متساهل ؛ أنت أعلم منه ؟ أنت لا علم عندك مطلقًا ؛ فإذًا ربنا يقول : (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )) ، فلو فرضنا أن أحد الحفَّاظ من المعروفين بالتساهل صحَّح أو حسَّن ؛ فعلى عامة الناس أن يتَّبعوه إلا إذا تبيَّن لهم خطؤه ؛ فحينئذٍ لا يجوز اتباعه .

السائل : ... يعني هل هذا مسوِّغ لكثير من الناس الآن أن يتَّبعوا بعض الأحاديث الضعيفة وقد ... الموضوعة باحتجاجهم بأنَّ فلان من المحدثين أو فلان من الناس قد أورد هذا الحديث في كتابه ؟ يعني ألا يُنصح هؤلاء بالرجوع إلى التحقيقات من العلماء المحدِّثين المعاصرين من بعض المشايخ الذين تعرفونهم ممَّن لهم باع في التحقيق وكذا ، أم يكون لعل هذا الكلام اللي ذكرتموه قد يكون مسوِّغ لبعض الناس عندما تنكر عليهم - مثلًا - لماذا لا يضع خط - مثلًا - في السترة ؟ احسب بهذا الحديث وقد حسَّنه فلان و فلان ؟

الشيخ : طيب ؛ هو كذلك ، لكن لا يتَّبع الهوى ، وأنا قلت آنفًا ختمت كلامي : إلا أن يتبيَّن له خطؤه ؛ فما دام أنه يعلم أن هناك علماء حسَّنوا حديث الخطِّ ؛ فعليه أن يتَّبعهم ؛ لأنهم أعلم منه ، لكن لا يجوز له أن يصرَّ على خطئه إذا تبيَّن أن تحسينه أو تصحيحه خطأ ، والكلام كما فهمت .

نعم .