هل صحَّ عنكم أنكم تنكرون القياس ؟ وما قولكم في إنكار ابن حزم للقياس ؟
A-
A=
A+
السائل : يقول السائل : هل صحَّ عنكم أنكم تنكرون القياس ؟ وما قولكم في إنكار ابن حزم للقياس ؟
الشيخ : لا أدري كيف يفهم الناس ، ونحن نقول دائمًا بأن القياس أصل من أصول الشريعة ، ولكن الناس انقسمت في هذا القياس إلى ثلاث أقسام : قسم أنكروه أصلًا وفصلًا كابن حزم ، ولا أقول بقوله ، وقسم أثبتوه ولكن قيَّدوه بأنه ضرورة لا يُصار إلى القياس إلا لضرورة ، وقسم آخر من الذين أثبتوه توسَّعوا في استعماله توسُّعًا غير محمود ؛ فأثبتوا أحكامًا بالقياس هي ضد النصوص الشرعية .
وقريبًا ذكرنا رأيًا في مذهب الحنفية أنَّ من تكلَّم في الصلاة ساهيًا بطلت صلاته ؛ ما الدليل ؟ قال : قياسًا للسَّاهي أو المخطئ على العامد ، هنا نحن نذكر كلمة لابن حزم ، لكن بعض الناس يبدو أنَّهم يُسيئون فهم الكلام ؛ يأخذون شطرًا منه ويَدَعُون الشطر الآخر ، ويقعون في سوء الفهم ، ثم ينسبون إلى الناس ما هم براء منه ، نقول نحن : إن ابن حزم ينكر القياس جملةً وتفصيلًا ، نحن لا نختلف على ذلك ، لكن ما الذي حمل ابن حزم على هذا التصرُّف فأنكر القياس جملةً ؟ حينما رأى بعض القائسين =
-- وعليكم السلام --
= حينما رأى بعض القائسين قاسوا النَّقيض على نقيضه ، قاسوا السَّاهي أو المخطئ على المتعمِّد ، كما ضربنا مثلًا آنفًا بالقاتل العمد والقاتل المُخطئ ؛ هل يستويان مثلًا عند الله ؟ لا يستويان ، هذا مُعذَّب وذاك غير مُعذَّب ، والفرق هذا المتعمِّد وذلك غير متعمد ، فابن حزم لما رأى تصرُّف بعض القائسين في قياسهم اشتطَّ هو في الطرف الثاني وقال : القياس كله باطل ، ثم جرى على عبارةٍ له حينما يجادل مخالفيه في بعض أقيستهم ، فيردُّ عليهم بما يأتي ، يقول : " القياس كله باطل ، ولو كان منه حقٌّ لَكان هذا منه عين الباطل " ، فقياس المتكلِّم خطأً أو سهوًا على المتعمِّد ، يقول لك ابن حزم : لو كان فيه قياس صحيح لَكان هذا عين الباطل .
وأنا أقول حقيقةً بالشطر الثاني ، أقول : القياس له أصل ، وشرحنا هذا في بعض المجالس ، لكن مثل هذا القياس قياس المخطئ على المتعمِّد هو عين الباطل ؛ لأنه يُخالف أحاديث صريحة من قوله - عليه السلام - ومن تعليمه ؛ أما قوله - صلى الله عليه وسلم - فهو : ( إن الله وضع عن أمَّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) ، وقصة معاوية بن الحكم السُّلمي الذي تكلم في الصلاة ورفع صوته عاليًا ، وقال وهو يصلي بمناسبة تشميته صاحب العطس في الصلاة ؛ قال له : يرحمك الله وهو يصلي ، فنظروا إليه بأطراف عينيهم مسكِّتين له ، فضاق بذلك ذرعًا ، ورفع صوته قائلًا : واثكل أمِّياه ! ما لكم تنظرون إليَّ ؟! هذا كله في الصلاة ، فماذا فعل الرسول - عليه السلام - به ؟ هو يصف ؛ قال : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاةَ أقبل إليَّ ؛ فوالله ما قَهَرَني ، ولا كَهَرَني ، ولا ضَرَبَني ، ولا شَتَمَني ، وإنما قال لي : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح ، وتحميد ، وتكبير ، وتلاوة القرآن ) ، ما قال له أعِدْ صلاتك ؛ لماذا ؟ لأنه لم يكن متعمِّدًا ، أما ذاك المذهب فيقول : تبطل صلاة المتكلم عامدًا كان أو ساهيًا ، عامدًا هذا هو دليله ، وساهيًا ما دليله ؟ قال : قياس السَّاهي على المتعمِّد ، هذا شرُّ قياس على هذا الأمر ، فنحن نقرُّ القياس ، ولكن نقول كما قال الإمام الشافعي : " القياس ضرورة ، ولا نزيد عليه " .
نعم .
الشيخ : لا أدري كيف يفهم الناس ، ونحن نقول دائمًا بأن القياس أصل من أصول الشريعة ، ولكن الناس انقسمت في هذا القياس إلى ثلاث أقسام : قسم أنكروه أصلًا وفصلًا كابن حزم ، ولا أقول بقوله ، وقسم أثبتوه ولكن قيَّدوه بأنه ضرورة لا يُصار إلى القياس إلا لضرورة ، وقسم آخر من الذين أثبتوه توسَّعوا في استعماله توسُّعًا غير محمود ؛ فأثبتوا أحكامًا بالقياس هي ضد النصوص الشرعية .
وقريبًا ذكرنا رأيًا في مذهب الحنفية أنَّ من تكلَّم في الصلاة ساهيًا بطلت صلاته ؛ ما الدليل ؟ قال : قياسًا للسَّاهي أو المخطئ على العامد ، هنا نحن نذكر كلمة لابن حزم ، لكن بعض الناس يبدو أنَّهم يُسيئون فهم الكلام ؛ يأخذون شطرًا منه ويَدَعُون الشطر الآخر ، ويقعون في سوء الفهم ، ثم ينسبون إلى الناس ما هم براء منه ، نقول نحن : إن ابن حزم ينكر القياس جملةً وتفصيلًا ، نحن لا نختلف على ذلك ، لكن ما الذي حمل ابن حزم على هذا التصرُّف فأنكر القياس جملةً ؟ حينما رأى بعض القائسين =
-- وعليكم السلام --
= حينما رأى بعض القائسين قاسوا النَّقيض على نقيضه ، قاسوا السَّاهي أو المخطئ على المتعمِّد ، كما ضربنا مثلًا آنفًا بالقاتل العمد والقاتل المُخطئ ؛ هل يستويان مثلًا عند الله ؟ لا يستويان ، هذا مُعذَّب وذاك غير مُعذَّب ، والفرق هذا المتعمِّد وذلك غير متعمد ، فابن حزم لما رأى تصرُّف بعض القائسين في قياسهم اشتطَّ هو في الطرف الثاني وقال : القياس كله باطل ، ثم جرى على عبارةٍ له حينما يجادل مخالفيه في بعض أقيستهم ، فيردُّ عليهم بما يأتي ، يقول : " القياس كله باطل ، ولو كان منه حقٌّ لَكان هذا منه عين الباطل " ، فقياس المتكلِّم خطأً أو سهوًا على المتعمِّد ، يقول لك ابن حزم : لو كان فيه قياس صحيح لَكان هذا عين الباطل .
وأنا أقول حقيقةً بالشطر الثاني ، أقول : القياس له أصل ، وشرحنا هذا في بعض المجالس ، لكن مثل هذا القياس قياس المخطئ على المتعمِّد هو عين الباطل ؛ لأنه يُخالف أحاديث صريحة من قوله - عليه السلام - ومن تعليمه ؛ أما قوله - صلى الله عليه وسلم - فهو : ( إن الله وضع عن أمَّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) ، وقصة معاوية بن الحكم السُّلمي الذي تكلم في الصلاة ورفع صوته عاليًا ، وقال وهو يصلي بمناسبة تشميته صاحب العطس في الصلاة ؛ قال له : يرحمك الله وهو يصلي ، فنظروا إليه بأطراف عينيهم مسكِّتين له ، فضاق بذلك ذرعًا ، ورفع صوته قائلًا : واثكل أمِّياه ! ما لكم تنظرون إليَّ ؟! هذا كله في الصلاة ، فماذا فعل الرسول - عليه السلام - به ؟ هو يصف ؛ قال : فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاةَ أقبل إليَّ ؛ فوالله ما قَهَرَني ، ولا كَهَرَني ، ولا ضَرَبَني ، ولا شَتَمَني ، وإنما قال لي : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح ، وتحميد ، وتكبير ، وتلاوة القرآن ) ، ما قال له أعِدْ صلاتك ؛ لماذا ؟ لأنه لم يكن متعمِّدًا ، أما ذاك المذهب فيقول : تبطل صلاة المتكلم عامدًا كان أو ساهيًا ، عامدًا هذا هو دليله ، وساهيًا ما دليله ؟ قال : قياس السَّاهي على المتعمِّد ، هذا شرُّ قياس على هذا الأمر ، فنحن نقرُّ القياس ، ولكن نقول كما قال الإمام الشافعي : " القياس ضرورة ، ولا نزيد عليه " .
نعم .
- رحلة النور - شريط : 81
- توقيت الفهرسة : 00:30:43
- نسخة مدققة إملائيًّا