نرجو منك أن تبيِّن لنا ما هو المنهج الصحيح للدعوة السلفية ، خاصَّة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وقلَّ فيه العلم ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الوالد الكريم ، نرجو منك أن تبيِّن لنا ما هو المنهج الصحيح للدعوة السلفية ، خاصَّة في هذا الزمان الذي انتشرت فيه الفتن وقلَّ فيه العلم ، وما الفرق بين التنبيه و ... و ... نرجو التوضيح ، وجزاك الله خيرًا ؟
الشيخ : أما الدعوة فلا ينهض بها إلا أولو العلم القائمون بالقسط ، أما ما شاع في هذا الزمان أن كثيرًا من الناس الذين لم يُؤتوا من العلم إلا نصيبًا لا يكاد يُذكر يسمُّون أنفسهم بالدعاة إلى الله ؛ فهذا باعتقادي - وربَّما تستغربون ، لكن أنا أتحمل مسؤولية ما أقول - من بدع العصر الحاضر ، من بدع العصر الحاضر أن يُشاع الآن بين الناس أن هناك ألوفًا من الدعاة وليسوا على علم لا بالكتاب ولا بالسنة ولا بآثار السلف ، بل ولا بالمذاهب القائمة التقليدية اليوم ، وإنما يعرفون بعض الأحكام البسيطة وربما بعض الآيات وبعض الأحاديث التي يمكن أن يُلقيها أقلُّ الناس علمًا ، ثم ينصبون أنفسهم دعاةً ، وإذا سُئلوا عن مسألة ما حاروا ولم يستطيعوا الجواب ، وقد يجيبون على جهل بالغ ، وهذا من آفة العصر الحاضر ، وليت الأمر يقف عند هؤلاء الشبيبة النابتة ، بل قد نجد رجالات كبارًا لم يؤتوا ذلك الحظَّ الوافر من العلم ؛ مع ذلك قد اشتهروا بأنَّهم دعاة ، إلى ماذا ؟ إلى الإسلام ، وهم يحاربون الإسلام بمحاربة السنة التي لا يُمكن للمسلم أن يفهم كتاب الله إلا من طريق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فكيف يكون داعيةً للإسلام من يجهل السنة علمًا ثم من يحاربها في بعض جوانبها على الأقل عقيدة ؟ هذا لا يصلح أن يكون داعيةً إلى الإسلام إلا كنحو ما أشرت إليكم آنفًا ، وأرجو أن تقفوا عند لفظي حتى لا يُساء نقل كلامي ؛ إلا كنحو ، ما أقول : كمثل ما ذكرت آنفًا عن القاديانيين ؛ فإنه أنشط الفرق الإسلامية بالدعوة إلى الإسلام ، لكن هذه الدعوة ليست إلى الإسلام ، وإنما إلى إسلامهم هم الذي أخرجهم عن دائرة الإسلام المتوارث خلفًا عن سلف .
كذلك يوجد اليوم بعض الدعاة لم يؤتوا حظًّا وافرًا وعلمًا كثيرًا بالسنة التي على ضوئها يمكن تفسير القرآن الكريم تفسيرًا صحيحًا ؛ فماذا يقول الإنسان في مثل هؤلاء ؟ بل ماذا نقول في النابتة العصرية التي لا يكاد أحدهم يتخرَّج من المدرسة الثانوية فضلًا أن يأخذ شهادة أعلى من تلك ؛ حتى شهادة دكتوراه ، وحتى في الشريعة ؟ فإنهم لم يتعلموا بعد كثيرًا من أحكام الشريعة ، ماذا نقول في هؤلاء وقد نصبوا أنفسهم للدعوة إلى الإسلام ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - كما في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إنَّ الله لا ينتزع العلم انتزاعًا من صدور العلماء ، ولكنَّه يقبض العلم بقبض العلماء ؛ حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا ؛ فسُئلوا ، فأفتوا بغير علمٍ ؛ فضلُّوا وأضلُّوا ) ؟!
أنا أعرف بعض المفتين في بعض البلاد الاسلامية العربية - وليس البلاد الأعجمية - سُئل عن الخادمات الأجنبيات التي يُؤتى بها إلى بعض البلاد الإسلامية كخدم ؛ هل يجوز لهذه النساء الكافرات الخادمات أن تتكشَّف سيدة الدار المسلمة أمامها أم يجب أن تحتجبَ أمامها كما تحتجب عن الرجال الأجانب كما هو صريح القرآن في قوله - تبارك وتعالى - : (( يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ )) إلى أن قال - تعالى - في آخر الآية : (( أَوْ نِسَائِهِنَّ )) ؟! (( أَوْ نِسَائِهِنَّ )) المسلمات ؛ فهنَّ اللاتي يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر برأسها وبذراعيها وقدميها والقسم الأدنى من ساقيها ، أما غير ذلك كما تعيش حاسرة كاشفة عن صدرها ، كاشفة عن عضدها ؛ لأنَّها تأخذ حريتها في عقر دارها ، لكن عندها كافرة خادمة كافرة ، تدرون ماذا أجاب ؟ أجاب بأنه يجوز قياسًا على الإماء ؛ أي العبيدات اللاتي كنَّ يُؤخذْنَ بطريق شرعية ، فتكون هي سيدتها !!
ونحن نعلم من السنة أن غلام المرأة وهو ذكر لا يجوز له أن يرى منها ما يجوز للمَحْرَمِ منها أن يرى منها ، فقد جاء في " سنن أبي داود " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل يومًا على فاطمة ابنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومعه عبدٌ لها ، وهي مضطجعة ، فلما رأت الرسول - عليه السلام - ومعه عبدها حاولت أن تتستَّر ، وأن تتسجَّى بغطائها ، فقال لها - عليه الصلاة والسلام - : ( لا بأس عليك ، إنما هو أبوك وغلامك ) ، فبالأولى والأحرى إذا كانت امرأةً فقاس هذه على الخادمة الكافرة التي ليست عبدةً مملوكةً على العبدة المملوكة ؛ ألا يصدق على مثل هذا قوله - عليه السلام - الآنف الذكر : ( اتَّخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا ، فسُئلوا ، فأفتوا بغير علمٍ ، فضلُّوا وأضلُّوا ) ، هذا وله منصب كبير ؛ فماذا نقول عن الناشئة الحديثة التي تنصب نفسَها للدعوة - زعموا - إلى الإسلام ، وهم لا يعلمون من الإسلام إلا شيئًا قليلًا ؟
... وهي نكتة في سوريا في بلادنا تروى هي نكتة لتلطيف الجوِّ شوية ، ولأنها حقيقة واقعة مع الأسف الشديد ؛ يزعمون أن رجلًا أعجميًّا متحمِّس للإسلام ، وعامي ليس عالمًا ولا طالب علم ، فلقي رجلًا من اليهود في الطريق ، فأخرج السكين أو المدية ووجَّهها إليه ، وقال : ... أسلم وإلا قتلتك . قال : لحظة ماذا أقول ؟ قال : والله لا أدري ! - " الجميع يضحك " - ، هذا مَن له مسكين ويدعوه إلى الإسلام ، ويهدِّده بالقتل ، لكن لا يُحسن أن يقول : قل لا إله إلا الله ، هذا مثال تقريبي وليس تحديدي .
المهم أنَّ الدعوة إلى الله يجب أن تكون قبلَ كلِّ شيء على علم ، (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ، إذا لم يكن عاملًا عالمًا فسوف لا يكون عاملًا صالحًا ، وفاقد الشيء - كما يُقال قديمًا - لا يعطيه ، فالذي ينبغي أن يكون داعيةً يجب أن يكون عالمًا ، ثم لا يكفي هذا ، يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ، ليس عالمًا ببعض الآراء الفقهية المتأخرة ، فيقع بمثل ذاك القياس الذي سمعتموه آنفًا ؛ قاس الخادمة الكافرة الحرَّة على العبدة الكافرة ، وشتَّان ما بينهما ! هذا أولًا - أن يكون عالمًا - ، ثانيًا أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، وأخيرًا أن يكون عاملًا بعلمه ؛ فإن الدعوة إلى الله - تبارك وتعالى - ولو كانت صحيحة مئة بالمئة إذا لم تكن مقرونةً بعمل هذا الداعية فلا تؤثِّر التأثير المطلوب في جماهير الناس ؛ لأن الناس يهتمُّون بالاقتداء بأهل العلم والفضل بأعمالهم أكثر من أقوالهم ، هذا ما يتعلَّق بطريق الدعوة إلى الله .
أما ما يسمَّى اليوم بالتنظيم ؛ فالتنظيم له صورتان ، لا شك أنَّ أيَّ عمل يُراد الاستفادة منه فلا بد من تنظيم له ، كالدروس التي قد تُلقى في بعض المدارس أو في بعض الجامعات ؛ هذا تنظيم ؛ لأنه إن لم يُفعل ذلك صار أمرُ التعليم فوضى ، لا مانع من هذا التنظيم على الطريقة الموجودة اليوم في العصر الحاضر ، كما كان نحو ذلك قديمًا ؛ حيث كانت توجد الحلقات العلمية في كلِّ المساجد التي كانت في البلاد ، وأنا شخصيًّا قد درست أكبر مسجد في سورية وهو المعروف بالمسجد الأموي مسجد بني أمية ، أدركت فيها حلقات متعدِّدة صباحًا ومساءً ، هذا يدرِّس في التفسير ، وهذا يدرِّس في الفقه الحنفي ، وذاك في الفقه الشافعي ، وإن كان لم يكن هناك إلا درس واحد في الأسبوع في الحديث النبوي ، وهكذا ، أما اليوم فقد أصبحت المساجد قاعًا ... .
... في الحديث الذي رواه مسلم رواه سعد بن أبي وقاص : ( إن الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في الرواية في الأخرى قال - عليه السلام - في أحدها جوابًا عن سؤال : من هم الغرباء ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - : ( هم ناس صالحون بين ناس كثير ؛ مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، وقال في الرواية الأخرى جوابًا عن نفس ذاك السؤال ... ( هم ناس صالحون بين ناس كثيرين ؛ من يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، الرواية الأخرى قال - عليه الصلاة والسلام - : ... ( هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنَّتي من بعدي ) . هؤلاء في هذا الزمان هم الغرباء حقًّا ؛ لماذا ؟ لأنهم يُعرفون بين ناسٍ ... حتى بعض الناس الصالحين الذين ... أن يتعرَّفوا على السنة الصحيحة ، لكن لا يجدون بين ظهرانيهم مَن ... - صلى الله عليه وآله وسلم - .
الشاهد ... يوجِّههم إلى العلم الصحيح ... تجمعات وتكتلات ... هذا تنظيم أولى ... .
... ... ... .
[ باقي الشريط فيه تشويش كبير ] .
الشيخ : أما الدعوة فلا ينهض بها إلا أولو العلم القائمون بالقسط ، أما ما شاع في هذا الزمان أن كثيرًا من الناس الذين لم يُؤتوا من العلم إلا نصيبًا لا يكاد يُذكر يسمُّون أنفسهم بالدعاة إلى الله ؛ فهذا باعتقادي - وربَّما تستغربون ، لكن أنا أتحمل مسؤولية ما أقول - من بدع العصر الحاضر ، من بدع العصر الحاضر أن يُشاع الآن بين الناس أن هناك ألوفًا من الدعاة وليسوا على علم لا بالكتاب ولا بالسنة ولا بآثار السلف ، بل ولا بالمذاهب القائمة التقليدية اليوم ، وإنما يعرفون بعض الأحكام البسيطة وربما بعض الآيات وبعض الأحاديث التي يمكن أن يُلقيها أقلُّ الناس علمًا ، ثم ينصبون أنفسهم دعاةً ، وإذا سُئلوا عن مسألة ما حاروا ولم يستطيعوا الجواب ، وقد يجيبون على جهل بالغ ، وهذا من آفة العصر الحاضر ، وليت الأمر يقف عند هؤلاء الشبيبة النابتة ، بل قد نجد رجالات كبارًا لم يؤتوا ذلك الحظَّ الوافر من العلم ؛ مع ذلك قد اشتهروا بأنَّهم دعاة ، إلى ماذا ؟ إلى الإسلام ، وهم يحاربون الإسلام بمحاربة السنة التي لا يُمكن للمسلم أن يفهم كتاب الله إلا من طريق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؛ فكيف يكون داعيةً للإسلام من يجهل السنة علمًا ثم من يحاربها في بعض جوانبها على الأقل عقيدة ؟ هذا لا يصلح أن يكون داعيةً إلى الإسلام إلا كنحو ما أشرت إليكم آنفًا ، وأرجو أن تقفوا عند لفظي حتى لا يُساء نقل كلامي ؛ إلا كنحو ، ما أقول : كمثل ما ذكرت آنفًا عن القاديانيين ؛ فإنه أنشط الفرق الإسلامية بالدعوة إلى الإسلام ، لكن هذه الدعوة ليست إلى الإسلام ، وإنما إلى إسلامهم هم الذي أخرجهم عن دائرة الإسلام المتوارث خلفًا عن سلف .
كذلك يوجد اليوم بعض الدعاة لم يؤتوا حظًّا وافرًا وعلمًا كثيرًا بالسنة التي على ضوئها يمكن تفسير القرآن الكريم تفسيرًا صحيحًا ؛ فماذا يقول الإنسان في مثل هؤلاء ؟ بل ماذا نقول في النابتة العصرية التي لا يكاد أحدهم يتخرَّج من المدرسة الثانوية فضلًا أن يأخذ شهادة أعلى من تلك ؛ حتى شهادة دكتوراه ، وحتى في الشريعة ؟ فإنهم لم يتعلموا بعد كثيرًا من أحكام الشريعة ، ماذا نقول في هؤلاء وقد نصبوا أنفسهم للدعوة إلى الإسلام ، وقد قال - عليه الصلاة والسلام - كما في " صحيح البخاري ومسلم " من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إنَّ الله لا ينتزع العلم انتزاعًا من صدور العلماء ، ولكنَّه يقبض العلم بقبض العلماء ؛ حتى إذا لم يُبقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا ؛ فسُئلوا ، فأفتوا بغير علمٍ ؛ فضلُّوا وأضلُّوا ) ؟!
أنا أعرف بعض المفتين في بعض البلاد الاسلامية العربية - وليس البلاد الأعجمية - سُئل عن الخادمات الأجنبيات التي يُؤتى بها إلى بعض البلاد الإسلامية كخدم ؛ هل يجوز لهذه النساء الكافرات الخادمات أن تتكشَّف سيدة الدار المسلمة أمامها أم يجب أن تحتجبَ أمامها كما تحتجب عن الرجال الأجانب كما هو صريح القرآن في قوله - تبارك وتعالى - : (( يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ )) إلى أن قال - تعالى - في آخر الآية : (( أَوْ نِسَائِهِنَّ )) ؟! (( أَوْ نِسَائِهِنَّ )) المسلمات ؛ فهنَّ اللاتي يجوز للمرأة المسلمة أن تظهر برأسها وبذراعيها وقدميها والقسم الأدنى من ساقيها ، أما غير ذلك كما تعيش حاسرة كاشفة عن صدرها ، كاشفة عن عضدها ؛ لأنَّها تأخذ حريتها في عقر دارها ، لكن عندها كافرة خادمة كافرة ، تدرون ماذا أجاب ؟ أجاب بأنه يجوز قياسًا على الإماء ؛ أي العبيدات اللاتي كنَّ يُؤخذْنَ بطريق شرعية ، فتكون هي سيدتها !!
ونحن نعلم من السنة أن غلام المرأة وهو ذكر لا يجوز له أن يرى منها ما يجوز للمَحْرَمِ منها أن يرى منها ، فقد جاء في " سنن أبي داود " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل يومًا على فاطمة ابنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ومعه عبدٌ لها ، وهي مضطجعة ، فلما رأت الرسول - عليه السلام - ومعه عبدها حاولت أن تتستَّر ، وأن تتسجَّى بغطائها ، فقال لها - عليه الصلاة والسلام - : ( لا بأس عليك ، إنما هو أبوك وغلامك ) ، فبالأولى والأحرى إذا كانت امرأةً فقاس هذه على الخادمة الكافرة التي ليست عبدةً مملوكةً على العبدة المملوكة ؛ ألا يصدق على مثل هذا قوله - عليه السلام - الآنف الذكر : ( اتَّخذ الناس رؤوسًا جهَّالًا ، فسُئلوا ، فأفتوا بغير علمٍ ، فضلُّوا وأضلُّوا ) ، هذا وله منصب كبير ؛ فماذا نقول عن الناشئة الحديثة التي تنصب نفسَها للدعوة - زعموا - إلى الإسلام ، وهم لا يعلمون من الإسلام إلا شيئًا قليلًا ؟
... وهي نكتة في سوريا في بلادنا تروى هي نكتة لتلطيف الجوِّ شوية ، ولأنها حقيقة واقعة مع الأسف الشديد ؛ يزعمون أن رجلًا أعجميًّا متحمِّس للإسلام ، وعامي ليس عالمًا ولا طالب علم ، فلقي رجلًا من اليهود في الطريق ، فأخرج السكين أو المدية ووجَّهها إليه ، وقال : ... أسلم وإلا قتلتك . قال : لحظة ماذا أقول ؟ قال : والله لا أدري ! - " الجميع يضحك " - ، هذا مَن له مسكين ويدعوه إلى الإسلام ، ويهدِّده بالقتل ، لكن لا يُحسن أن يقول : قل لا إله إلا الله ، هذا مثال تقريبي وليس تحديدي .
المهم أنَّ الدعوة إلى الله يجب أن تكون قبلَ كلِّ شيء على علم ، (( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ )) ، إذا لم يكن عاملًا عالمًا فسوف لا يكون عاملًا صالحًا ، وفاقد الشيء - كما يُقال قديمًا - لا يعطيه ، فالذي ينبغي أن يكون داعيةً يجب أن يكون عالمًا ، ثم لا يكفي هذا ، يجب أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة ، ليس عالمًا ببعض الآراء الفقهية المتأخرة ، فيقع بمثل ذاك القياس الذي سمعتموه آنفًا ؛ قاس الخادمة الكافرة الحرَّة على العبدة الكافرة ، وشتَّان ما بينهما ! هذا أولًا - أن يكون عالمًا - ، ثانيًا أن يكون عالمًا بالكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، وأخيرًا أن يكون عاملًا بعلمه ؛ فإن الدعوة إلى الله - تبارك وتعالى - ولو كانت صحيحة مئة بالمئة إذا لم تكن مقرونةً بعمل هذا الداعية فلا تؤثِّر التأثير المطلوب في جماهير الناس ؛ لأن الناس يهتمُّون بالاقتداء بأهل العلم والفضل بأعمالهم أكثر من أقوالهم ، هذا ما يتعلَّق بطريق الدعوة إلى الله .
أما ما يسمَّى اليوم بالتنظيم ؛ فالتنظيم له صورتان ، لا شك أنَّ أيَّ عمل يُراد الاستفادة منه فلا بد من تنظيم له ، كالدروس التي قد تُلقى في بعض المدارس أو في بعض الجامعات ؛ هذا تنظيم ؛ لأنه إن لم يُفعل ذلك صار أمرُ التعليم فوضى ، لا مانع من هذا التنظيم على الطريقة الموجودة اليوم في العصر الحاضر ، كما كان نحو ذلك قديمًا ؛ حيث كانت توجد الحلقات العلمية في كلِّ المساجد التي كانت في البلاد ، وأنا شخصيًّا قد درست أكبر مسجد في سورية وهو المعروف بالمسجد الأموي مسجد بني أمية ، أدركت فيها حلقات متعدِّدة صباحًا ومساءً ، هذا يدرِّس في التفسير ، وهذا يدرِّس في الفقه الحنفي ، وذاك في الفقه الشافعي ، وإن كان لم يكن هناك إلا درس واحد في الأسبوع في الحديث النبوي ، وهكذا ، أما اليوم فقد أصبحت المساجد قاعًا ... .
... في الحديث الذي رواه مسلم رواه سعد بن أبي وقاص : ( إن الإسلام بدأ غريبًا ، وسيعود غريبًا ؛ فطوبى للغرباء ) ، جاء في الرواية في الأخرى قال - عليه السلام - في أحدها جوابًا عن سؤال : من هم الغرباء ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - : ( هم ناس صالحون بين ناس كثير ؛ مَن يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، وقال في الرواية الأخرى جوابًا عن نفس ذاك السؤال ... ( هم ناس صالحون بين ناس كثيرين ؛ من يعصيهم أكثر ممَّن يطيعهم ) ، الرواية الأخرى قال - عليه الصلاة والسلام - : ... ( هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنَّتي من بعدي ) . هؤلاء في هذا الزمان هم الغرباء حقًّا ؛ لماذا ؟ لأنهم يُعرفون بين ناسٍ ... حتى بعض الناس الصالحين الذين ... أن يتعرَّفوا على السنة الصحيحة ، لكن لا يجدون بين ظهرانيهم مَن ... - صلى الله عليه وآله وسلم - .
الشاهد ... يوجِّههم إلى العلم الصحيح ... تجمعات وتكتلات ... هذا تنظيم أولى ... .
... ... ... .
[ باقي الشريط فيه تشويش كبير ] .
- رحلة النور - شريط : 73
- توقيت الفهرسة : 00:00:44
- نسخة مدققة إملائيًّا