ما تقولون فيمن قال : إن القول بعدم وجوب الزكاة على عروض التجارة تُلحق ضررًا بالفقراء والمساكين ؟
A-
A=
A+
السائل : ... زكاة عروض التجارة .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... .
الشيخ : ... إيش هداك ؟
السائل : ... نادرًا ما يتوفَّر لدى التاجر ... .
الشيخ : هذا من الحجَّة عليك وليس لك ؛ لأننا الآن سنقول قولًا يعرفه العلماء المختصين في الاقتصاد ، بل ويشاركهم في ذلك ربما نستطيع أن نقول عامَّة الناس ، وإن لم نقل ذلك فعلى الأقلِّ التجار ، الآن نوجِّه سؤالًا : هناك تاجران ، ومالهما بنسبة واحدة من الكثرة ، هذا عنده - مثلًا - مليون ، وهذا عنده مليون ، أحدهما قد كَنَزَ المليون في صندوق الحديد ، ولا أقول في البنك ؛ لأن هذا حرام لا يجوز ، إنما كنز هذا المال في صندوق الحديد الموضوع في مكان حريز أمين ، وكلما حالَ الحول على هذا المليون أخرج صدقة هذا المال بالمية 2.5 ، ووزَّعها على الفقراء والمساكين ، لا شك أن هذا قد زكَّى ماله ، وبالتالي زكَّى نفسه ، الرجل الآخر الغني المليون سواء كانت ريالات أو دنانير المهم تقريب الموضوع إلى الأذهان ، هذا الرجل الثاني حوَّل المليون إلى عروض التجارة ، وطرحها في السوق ، وتعامل بها ؛ تصوَّروا الآن كم أولًا من الناس سيستفيدون من مال هذ الغني الذي تحوَّل ماله إلى عروض تجارة ؟ لقد نفع الفقراء والمساكين الذين تجب الزكاة عليهم ، ونفع ناسًا آخرين من العمال كالتجار الذين هم ... في المال ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى الجهة هذه الأولى أنَّ منفعة المال الذي اشتغل به ويُدار بين الناس لا شك أنه أنفع من ذلك المال الذي اكتنز ، والذي يخرج في آخر كل سنة منه بالمية 2.5 ، ومن جهة أخرى : أيُّ المالين أشرف فرضًا آلمال الذي يُعطى من اليد العليا إلى اليد السفلى ، أم المال الذي يؤخذ بحقِّ بعرق الجبين وكدِّ اليمين ؟
أنتم تعلمون قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) ، واليد العليا هي المعطية ، وفي لفظة عربية كما جاء في الحديث نفسه : هي المنطية ، واليد الأخرى هي اليد الآخذة ؛ فإذًا حينما يعطي الغنيُّ الأول مالَه فإنما يعطي ويده هو العليا ، ويد المسكين الآخذ هي السفلى ، أما الغنيُّ الآخر الذي طرحَ مالَه للتعامل بين الناس فهو والمتعاملين معه في ذلك سواء ؛ كلٌّ منهم يأخذ حقَّه على الطريقة المذكورة ، فإذًا لو تركت الناحية الأخرى ناحية الأكمل بالنسبة أن يأخذ حقَّه باليد السفلى أم بيد فهي العليا ؛ إذا تركنا هذه الناحية جانبًا ونظرنا إلى الناحية الأولى لَوجدنا أن الأمر من الناحية الاقتصادية أنَّ عروض التجارة التي لا يقع عليها الزكاة إنما قلنا آنفًا يُخرج منها ما تطيب نفسه ، وهو أنَّه أشغل الأمة بهذا المال .
وتصوَّروا أنا ضربت مثالًا رجلين ... ، فتصوَّروا إذا كان عندنا مئات الأغنياء كلهم خزَّنوا أموالهم في صناديقهم ؛ تُرى ما يكون حال الاقتصاد ؟ لا شكَّ أنه سينهار ؛ فإذًا نحن نعتقد - وهذا من فضل الاقتداء بالسلف ، ولا نقول عبثًا ما ألقينا على مسامعكم آنفًا الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ لأن ذلك الاقتداء هو الذي يُصلح المجتمع ، من أجل ذلك قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رضي الله تعالى عنه - : " من ابتدعَ بالإسلام بدعةً يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - خانَ الرسالة ، اقرؤوا قولَ الله - تبارك وتعالى - : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ؛ فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا " فالشاهد قال : " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها " ، ومن هنا نفهم أهمية الفقه المستنبط من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية ؛ فبذلك يصلح المجتمع ، كما قال مالك آنفًا : " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .
أنا ما أردت أن أذكر هذه الناحية الاقتصادية ؛ لأنه ليس من منهجي العلمي أن أذعنَ الحكم الشرعي بأكثر مما جاء في الكتاب والسنة ، ولكني حينما ذكرت هذا جوابًا ذاك السؤال الذي سمعناه مرارًا وتكرارًا بمثل الإجابة عن ذاك السؤال ؛ هل تجب الزكاة على عروض التجارة ؟ فنحن نذكر ما جاء في الكتاب والسنة والآثار السلفية كما ذكرت آنفًا ، أما إذا قال سائل متوهِّمًا أننا إذا قلنا بأن عروض التجارة ألحقنا ضررًا بالفقراء والمساكين ، لا والله ، الأمر على خلاف ذلك تمامًا ؛ إن تشغيل هذه الأموال المكدَّسة في بعض الخزائن وتحويلها إلى عروض التجارة هي أنفع للمساكين ولغيره أيضًا ، ثم في ذلك لا مانع أن يضيف إلى هذا الإشغال أن يُخرج منه ما تطيب به نفسه ؛ كما جاء في الآية الكريمة : (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )) ، وكما قلنا آنفًا : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) .
الشيخ : تفضل .
السائل : ... .
الشيخ : ... إيش هداك ؟
السائل : ... نادرًا ما يتوفَّر لدى التاجر ... .
الشيخ : هذا من الحجَّة عليك وليس لك ؛ لأننا الآن سنقول قولًا يعرفه العلماء المختصين في الاقتصاد ، بل ويشاركهم في ذلك ربما نستطيع أن نقول عامَّة الناس ، وإن لم نقل ذلك فعلى الأقلِّ التجار ، الآن نوجِّه سؤالًا : هناك تاجران ، ومالهما بنسبة واحدة من الكثرة ، هذا عنده - مثلًا - مليون ، وهذا عنده مليون ، أحدهما قد كَنَزَ المليون في صندوق الحديد ، ولا أقول في البنك ؛ لأن هذا حرام لا يجوز ، إنما كنز هذا المال في صندوق الحديد الموضوع في مكان حريز أمين ، وكلما حالَ الحول على هذا المليون أخرج صدقة هذا المال بالمية 2.5 ، ووزَّعها على الفقراء والمساكين ، لا شك أن هذا قد زكَّى ماله ، وبالتالي زكَّى نفسه ، الرجل الآخر الغني المليون سواء كانت ريالات أو دنانير المهم تقريب الموضوع إلى الأذهان ، هذا الرجل الثاني حوَّل المليون إلى عروض التجارة ، وطرحها في السوق ، وتعامل بها ؛ تصوَّروا الآن كم أولًا من الناس سيستفيدون من مال هذ الغني الذي تحوَّل ماله إلى عروض تجارة ؟ لقد نفع الفقراء والمساكين الذين تجب الزكاة عليهم ، ونفع ناسًا آخرين من العمال كالتجار الذين هم ... في المال ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى الجهة هذه الأولى أنَّ منفعة المال الذي اشتغل به ويُدار بين الناس لا شك أنه أنفع من ذلك المال الذي اكتنز ، والذي يخرج في آخر كل سنة منه بالمية 2.5 ، ومن جهة أخرى : أيُّ المالين أشرف فرضًا آلمال الذي يُعطى من اليد العليا إلى اليد السفلى ، أم المال الذي يؤخذ بحقِّ بعرق الجبين وكدِّ اليمين ؟
أنتم تعلمون قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( اليد العليا خير من اليد السفلى ) ، واليد العليا هي المعطية ، وفي لفظة عربية كما جاء في الحديث نفسه : هي المنطية ، واليد الأخرى هي اليد الآخذة ؛ فإذًا حينما يعطي الغنيُّ الأول مالَه فإنما يعطي ويده هو العليا ، ويد المسكين الآخذ هي السفلى ، أما الغنيُّ الآخر الذي طرحَ مالَه للتعامل بين الناس فهو والمتعاملين معه في ذلك سواء ؛ كلٌّ منهم يأخذ حقَّه على الطريقة المذكورة ، فإذًا لو تركت الناحية الأخرى ناحية الأكمل بالنسبة أن يأخذ حقَّه باليد السفلى أم بيد فهي العليا ؛ إذا تركنا هذه الناحية جانبًا ونظرنا إلى الناحية الأولى لَوجدنا أن الأمر من الناحية الاقتصادية أنَّ عروض التجارة التي لا يقع عليها الزكاة إنما قلنا آنفًا يُخرج منها ما تطيب نفسه ، وهو أنَّه أشغل الأمة بهذا المال .
وتصوَّروا أنا ضربت مثالًا رجلين ... ، فتصوَّروا إذا كان عندنا مئات الأغنياء كلهم خزَّنوا أموالهم في صناديقهم ؛ تُرى ما يكون حال الاقتصاد ؟ لا شكَّ أنه سينهار ؛ فإذًا نحن نعتقد - وهذا من فضل الاقتداء بالسلف ، ولا نقول عبثًا ما ألقينا على مسامعكم آنفًا الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ لأن ذلك الاقتداء هو الذي يُصلح المجتمع ، من أجل ذلك قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رضي الله تعالى عنه - : " من ابتدعَ بالإسلام بدعةً يراها حسنة ؛ فقد زعم أن محمدًا - صلى الله عليه وآله وسلم - خانَ الرسالة ، اقرؤوا قولَ الله - تبارك وتعالى - : (( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )) ؛ فما لم يكن يومئذٍ دينًا فلا يكون اليوم دينًا " فالشاهد قال : " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها " ، ومن هنا نفهم أهمية الفقه المستنبط من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية ؛ فبذلك يصلح المجتمع ، كما قال مالك آنفًا : " ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها " .
أنا ما أردت أن أذكر هذه الناحية الاقتصادية ؛ لأنه ليس من منهجي العلمي أن أذعنَ الحكم الشرعي بأكثر مما جاء في الكتاب والسنة ، ولكني حينما ذكرت هذا جوابًا ذاك السؤال الذي سمعناه مرارًا وتكرارًا بمثل الإجابة عن ذاك السؤال ؛ هل تجب الزكاة على عروض التجارة ؟ فنحن نذكر ما جاء في الكتاب والسنة والآثار السلفية كما ذكرت آنفًا ، أما إذا قال سائل متوهِّمًا أننا إذا قلنا بأن عروض التجارة ألحقنا ضررًا بالفقراء والمساكين ، لا والله ، الأمر على خلاف ذلك تمامًا ؛ إن تشغيل هذه الأموال المكدَّسة في بعض الخزائن وتحويلها إلى عروض التجارة هي أنفع للمساكين ولغيره أيضًا ، ثم في ذلك لا مانع أن يضيف إلى هذا الإشغال أن يُخرج منه ما تطيب به نفسه ؛ كما جاء في الآية الكريمة : (( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا )) ، وكما قلنا آنفًا : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )) .
- رحلة النور - شريط : 72
- توقيت الفهرسة : 00:07:26
- نسخة مدققة إملائيًّا