مناقشة في مسائل تتعلَّق بالتَّمذهب والتعصُّب عند أئمة الدعوة النجدية ؛ الإمام محمد بن عبد الوهاب وأبنائه وأحفاده ، وغيرهم من أئمة الدعوة .
A-
A=
A+
السائل : هنا يا شيخ في مسألة ... الإمام محمد - رحمه الله - في مسائل في التمذهب ، نعم ؟ فنطرح عليكم بعض المقاطع التي وعدناكم بالقراءة فيها من كلامه ومن كلام أتباعه ، لأنَّ رأيكم يا شيخ في هذا يهمُّنا جدًّا .
الشيخ : هي ؟
السائل : في مسائل تتعلَّق بالتَّمذهب والتعصُّب .
الشيخ : بارك الله ، تفضل ، على كل حال فالعلم يُشاع بين الجميع .
السائل : نعم ، طيب ؛ هنا - مثلًا - في هذا الكتاب أنقل نصًّا من كلام الشيخ .
الشيخ : ... من فضلك .
السائل : ... " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " لـ " عبد الرحمن بن قاسم العاصمي القحطاني النجدي " - رحمه الله - .
الشيخ : كأن هذه الطبعة في طبعة أخرى منها يمكن ؟
السائل : هما طبعتان ؛ طبعة في المكتب الإسلامي ، وطبعة دار الكتب العربية ، عندكم هذا الكتاب ؟
الشيخ : النسخة ما عندي ، بس يُخيَّل إليَّ أن الاسم هذا كأنه في ذاكرتي ، نعم .
السائل : طيب ؛ فمثلًا هنا من كلام الشيخ محمد - رحمه الله - عن التعصُّب مثلًا والتمذهب ، مثلًا يقول : " والحاصل : أن صورة المسألة هل الواجب على كل مسلم أن يطلب علم ما أنزل الله على رسوله ولا يُعذر أحد في تركه البتَّة ؟ أم يجب عليه أن يتبع " التحفة " مثلًا ؟ فاعلم أن المتأخرين وسادتهم منهم ، كابن القيم قد أنكروا هذا غاية الإنكار ، وأنه تغيير لدين الله ، واستدلوا على ذلك بما يطول وصفه لكتاب الله الواضح ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - البيِّن لمن نوَّر الله قلبه ، والذين يجيزون ذلك أو يوجبونه يدلون بشبه واهية ، لكن أكبر شبههم على الإطلاق أنَّا لسنا من أهل ذلك - أي : الأخذ من الكتاب والسنة - ، ولا نقدر عليه ، ولا يقدر عليه إلا المجتهد ؛ (( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ )) .
ولأهل العلم في إبطال هذه الشبهة ما يحتمل مجلدًا ، ومن أوضحه قول الله - تعالى - : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) ، وقد فسَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عديٍّ بهذا الذي أنتم عليه اليوم في الأصول والفروع ، لا أعلمهم يزيدون عليكم مثقال حبَّة خردل ، بل يبيِّن مصداق قوله : ( حذو القذَّة بالقذَّة ) الخ . وكذلك فسَّرها المفسِّرون لا أعلم بينهم اختلافًا ، ومن أحسنه : ما قاله أبو العالية : " أما إنهم لم يعبدوهم ، ولو أمروهم بذلك ما أطاعوهم ، ولكنهم وجدوا كتاب الله ، فقالوا : لا نسبق علماءَنا بشيء ؛ وما أمرونا به ائتمرنا ، وما نهونا عنه انتهينا " .
هذا من كلام الشيخ ، وكلامه كثير في هذه المسألة إلى صفحة 37 ونحو الصفحة 34 ، وكذلك من كلام بعض العلماء المعاصرين له من أتباعه في صفحة 63 - مثلًا - كذلك ، يقول : وأما ما سألتم عنه " وأما حقيقة الاجتهاد فنحن مقلِّدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة ، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس وابن حنبل - رحمهم الله تعالى - " ثم ذكر كلامًا . نعم ، وكذلك من كلام الشيخ محمد عبد الوهاب - أيضًا - في صفحة 65 - مثلًا - لا أعيد فيه لأنه مضى من كلامه .
وفي صفحة - مثلًا - 122 من كلام أبناء الشيخ وهم محمد وحسين وعبد الله ، يقول : فصل ، أو يقول : " وسُئل أبناء الشيخ محمد وحسين وعبد الله عن عقيدة الشيخ في العمل في العبادة ؛ فأجابا : عقيدة الشيخ - رحمه الله تعالى - التي يدين الله بها ، هي عقيدتنا وديننا الذي ندين الله به ، وهو عقيدة سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وهو اتباع ما دل عليه الدليل من كتاب الله - تعالى - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعرض أقوال العلماء على ذلك ، فما وافق كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبلناه وأفتينا به ، وما خالف ذلك رددناه على قائله .
وهذا هو الأصل الذي أوصانا الله به في كتابه ، حيث قال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )) الآية . أجمع المفسِّرون على أن الرَّدَّ إلى الله هو الرَّدُّ إلى كتابه ، وأن الرَّدَّ إلى الرسول هو الرَّدُّ إليه في حياته ، وإلى سنَّته بعد وفاته ، والأدلة على هذا الأصل كثيرة في الكتاب والسنة ، ليس هذا موضع بسطها " .
ثم ذكر كلاما - أيضًا - يوافق هذا ، وكذلك ذكر كلامًا يوافق هذا ، وكذلك كلام الشيخ عبد الله ابنه - أيضًا - نحو هذا ، وكذلك من كلام العلامة محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ من أحفادهم في صفحة 290 - مثلًا - :
" وأما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة في الفروع والأحكام ، ولا ندَّعي الاجتهاد ، وإذا بانت لنا سنة صحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عملنا بها ، ولا نقدِّم عليها قول أحد كائنا من كان ، بل نتلقَّاها بالقبول والتسليم ؛ لأن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدورنا أجلُّ وأعظم من أن نقدِّم عليها قول أحد ؛ فهذا الذي نعتقده وندين الله به ، فمن نسب عنا خلاف ذلك ، أو تقوَّل علينا ما لم نَقُلْ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا ، وحسابنا وحسابه عند الله الذي تنكشف عنده السرائر ، وتظهر لديه مخبَّآت الصدور والضَّمائر (( وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ )) ، حسبنا الله ونعم الوكيل " .
وهنا نصوص كثيرة جدًّا - أيضًا - عن ابن معمر وغيرهم لا أريد أن أطيل عليك بذكرها ، وإنما هذه أمثلة وهناك ما هو أصرح وأوضح منها ، كذلك - يا شيخ - في مسألة قد يقول قائل : أنهم يخرجون من المذهب موافقة لشيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله - أو ابن القيم ؛ للشيخ محمد - رحمه الله - كلام في هذه المسألة ، وكذلك ابنه عبد الله يقول - ملخص الكلام لا أريد أن أطيل عليك - يقول :
" وأما شيخا الإسلام ابن القيم وابن تيمية - رحمهما الله تعالى - فهما إماما حقٍّ وعدلٍ عندنا ، ولكننا لا نقلِّدهما في كل مسألة ، فإذا تبيَّن لنا الدليل قلنا به خالفنا به - يعني يقصد قلنا ، كلام نحو هذا .
تمام يا شيخ ؟ هذا في مسألة التمذهب حتى الوقت ما يدركنا ... الشيخ عبد الله بن ... - رحمه الله - ، فنقلت لك أقوالهم مَن تقدَّم منهم ومن تأخَّر ، يعني للشيخ - رحمه الله - ، وأحفاده ، وأحفاد أحفاده ، وكذلك أئمة الدعوة - أيضًا - ، وكذلك فيما يتعلق بمسألة التكفير بالعموم ؛ رأيت عامَّة رسائل الشيخ - رحمه الله - أكثرها يذكر فيها هذه القضية ويطرقها ، ويردُّ هذه الشبهة التي كان ... خصوم الشيخ - رحمه الله - بأنهم يكفِّرون بالعموم و .
الشيخ : ممكن قبل الانتقال إلى هذه المسألة الثانية أن نقف قليلًا عند بعض العبارات المتعلِّقة بالمسألة الأولى ؛ أَلَا ترى فرقًا بين عبارة محمد عبد الوهاب وبعض أتباعه ؟
السائل : تعني قول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بأنا على مذهب الإمام أحمد ، فإن وجدنا الدليل قلنا به ؟
الشيخ : ألا ترى فرق بين هذا وذاك ؟
السائل : يا شيخ ، أراه غير مؤثِّر كثيرًا في مسألة التعصُّب هذا الذي أعنيه .
الشيخ : لا ، أنا ما يكفيني هذا ، يكفيني أن التمذهب هو منكر .
السائل : مطلقًا ؟
الشيخ : إي نعم ، طبعًا ليس من عامَّة الناس وإنَّما من أهل العلم ؛ ولذلك فعبارة الإمام محمد بن عبد الوهاب إذا لم نقل أصح من عبارة عبد الله ، قلت هذا ؟
السائل : هو ابن عبد اللطيف ... .
الشيخ : إن لم نقل هنا أصح فهي أدق بالتعبير ؛ لأن هناك جعل مذهبه الرجوع للكتاب والسنة ، وجعل الأئمة عنده سواء ؛ بينما هذا خصَّ مذهب الإمام أحمد بالاتباع ، هذا هو التعصب ، وإن كان التعصب درجات لا شك ؛ فنحن نعرف - مثلًا - من واقع حياة المقلِّدين اليوم أن تعصبهم يختلف اختلافًا كبيرًا جدًّا ؛ فمن المقلدين من لا يحيد عن مذهبه قيد شعرة ، ومن المقلدين ما يخرج عن المذهب لأدنى مناسبة ؛ وبخاصَّة إذا وجد في ذلك رخصة أو ما شابه من المصالح الدنيوية ، ومراتب ومراتب - أيضًا - لا حاجة لنا بالتفصيل ، ومنهم من يقول : أنا لا أتمذهب بمذهب ؛ وهذا الذي نحن ندين الله به ؛ لأننا نفرِّق بين التقليد وبين التَّمذهب بالتقليد ، فنرى أن التقليد أمر لا يمكن أن ينجوَ منه أحد من أهل العلم فضلًا عمَّن دونهم ، لكن لا أحد من أهل العلم يتخذ تقليد إمام معين دينًا يتقرَّب به إلى الله - تبارك وتعالى - ، وهنا يرد كلام محمد عبد الوهاب - رحمه الله - حينما نزع إلى قوله - تعالى - : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) .
ففرقٌ كبير بين مَن يتمذهب بمذهب ثم يخرج عنه قليلًا حينما يجد نفسه أمام آية أو حديث ، وبين مَن يقول وكلامنا حتى ما يُساء فهمه بالنسبة للعلماء وليس بالنسبة للعامة ، ففرق بين عالم يتَّخذ له مذهبًا من المذاهب الأربعة ؛ سواء كان الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع ؛ وهو مذهب أحمد ، وبين من يقول : أنا - أنا أي : العالم - لا أتبع مذهبًا معيَّنًا ، وإنما نتَّبع الكتاب حيثما كان في أيِّ مذهب ، فالمنهج هذا بالنظر إليه نحن نصوِّره الآن بكلام قليل تطبيقه هو الذي يؤكِّد أن هذه العمليَّة عمليَّة هامَّة جدًّا ؛ بمعنى عالم يعيش حياته وهو متنقِّل بين المذاهب اتباعًا للدليل ، وبين عالم رَكَنَ إلى المذهب الذي راق له أو وجد عليه آباءه وأجداده ؛ فهو كلما اتَّفق أنه رأى - مثلًا - مسألة خالفت القرآن أو الحديث عمل ، لكن هو لا ينظر أن يا تُرى هذا المذهب الذي يدين الله به في كلِّ هذه الفروع التي عاشها السنين الطويلة - هي مخالفة المذهب - هي موافقة للكتاب والسنة وليست مخالفة للكتاب والسنة ؟ هذا هو الفرق بين من اتَّخذ المذهب دينًا لكن ليس جانبًا بالكلية لكن يقول هناك أنه هو أتقى لله - عز وجل - أن يثبت لديه أن مسألة ما من مسائل مذهبه خالفت الكتاب والسنة ، فيقول : لا ، أنا ما أتبع الكتاب والسنة ، فتأتي هنا الآية تنطبق عليه تمامًا ، أما محمد عبد الوهاب فعبارته صريحة جدًّا ، وهذا الذي نحن ندعو العلماء أن يكونوا على هذه الكلمة على طريق سوي ؛ أن يكون أصل ... للشريعة ليس هذا حنفي فإن ثبت له أن مسألة من مذهبه خالفت السنة فهو اتَّبعها وترك مذهبه ؛ وعلى ذلك يُقاس بقيَّة الآية ، ولو أنَّ العلماء مشوا كلَّ هذه القرون الطويلة على ما ذكره محمد عبد الوهاب لم يبقَ هناك وجود لأربعة مذاهب ، لكن كل جماعة تمسَّكوا بمذهب إمامهم ، ثم مضى الزمن يجعلهم يشتدُّون في التمسك بالتقليد حتى صارت أتباع المذاهب شِيَعًا وأحزابًا ، ووصل الأمر بهم إلى أن يمتنعوا أن يصلوا بعضهم وراء بعض ، وهذا شيء معلوم ، وأنا لاحظت هذه المفارقة .
السائل : طيب يا شيخ ، ألا ترون هناك فرق في التمذهب في متابعة الإمام في أصول المذهب بين مَن يقلِّده حتى في فروع المذهب ؟
الشيخ : طبعًا في فرق ، لكن - أيضًا - هذا الفرق يُساق بنفس القاعدة ؛ بمعنى أن الأصول يجب أن تُدرس على أصل الكتاب والسنة ، هو نفسه يعني ، لكن بلا شك يوجد فرق واضح بين اتباعه في الأصول والفروع والاقتصار في اتباعه في الفروع دون الأصول .
السائل : يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وابن القيم أَمَا كانوا على هذه الطريقة في اتباع أصول المذهب ؟
الشيخ : بلى ، بلى كان على هذه الطريقة ؛ ولذلك ظهر الفرق بين ما ذهبوا إليه في عشرات المسائل وبين ما عليه الحنابلة حتى اليوم .
الشيخ : نعم ، ولهذا - يا شيخ - يقول ابن تيمية في كثير من الأحيان : قال الأصحاب ، وقال أصحابنا ، وهذا مذهب الأصحاب ، كذا يا شيخ ، إي نعم .
الشيخ : صحيح .
السائل : طيب ؛ ما نقول : يُحمل كلام الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف - رحمه الله - على قصده أو على الأمر الذي ذكرنا أوَّلًا وهو اتباعه في أصول المذهب ؟
الشيخ : هذا لنقول : يحمل ينبغي أن يكون المحمول عليه - أي : كلام محمد عبد الوهاب - مطبَّقًا عند الآخرين تطبيقًا عمليًّا ، وهذا كما قلنا تكلَّمنا في جلسة سابقة فيما علمت لم أجد .
السائل : إي نعم ، أنا يمكن أعطيك ... هذه المقولات في كلِّها الأمر الذي ذكرته لك سابقًا في شدَّة المحاربة ، لهذا كانوا يسمُّونهم كانوا يقولون أنكم تدَّعون لأنفسكم الاجتهاد ، وأنكم تزعمون أنَّكم بلغتم رتبته ، وأنكم تأخذون من الكتاب والسنة مباشرةً ، هذا كلام خصومهم في ذلك الوقت ، وهذا لا شك به - أيضًا - على شدَّة اتباعهم .
الشيخ : لا ... ، لأنُّو عندنا - مثلًا - في بلاد الشام لا يكون في صلة بين الشامي وبين النجدي ، مجرَّد ما يقول أنا أتبع الكتاب والسنة نُسب إلى كونه نجديًّا ، فنحن ما نبغى شهادة الجهلة أو الأفَّاكين الكذَّابين ، لكن اللي نريده أن نرى هذا المنهج السليم الذي لا غبار عليه مطبَّقًا في كتبهم ؛ يعني - مثلًا - الآن كم وكم من كتب الحنابلة قد نشروها وطبعوها وإلى آخره ! أين هؤلاء العلماء الذين يطبِّقون هذا المنهج حينما تُطبع هذه الكتب ؟ يعني كما وضعها المؤلف السابق واللاحق ، وهكذا ، قليل جدًّا من ترى ممَّن هم على هذا المنهج يطبِّقونه عمليًّا ؛ لذلك أنا ما يهمُّني الدعوة بقدر ما يهمُّني تطبيق هذه الدعوة التي هي صحيحة ؛ فأنت تعلم أن كثيرًا من علماء العصر الحاضر لا يخالفون في دعوتنا حينما نقول : يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة ؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يُكابر في هذا أنه هو الفرض ، لكن إذا درست علمهم وفتاويهم و و إلى آخره ، صلاتهم عباداتهم تجدها كما جاء في مذهبهم ، إذًا ما يكفي - بارك الله فيك - مجرَّد الدعوى ، وإنما الأهمُّ تطبيق الدعوى على الفعل ، أو على العكس تطبيق الفعل على الدعوى ؛ كما هي القاعدة الآن المعروفة ؛ النَّهي عن المنكر في قوله - تعالى - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ، فهذا كلام سليم إذا حُمل هذا الكلام الأخير على كلامي الأول الدعوة صحيحة ، ولكن علينا أن نشيِّع بين الناس ونذيع بينهم أن هذا يحتاج إلى تطبيق ، وإلا كثير من العلماء يوافقون القاعدة ثم يخالفونها .
السائل : هؤلاء ... إليها ، ويجعلونها مثار البحث مع خصومهم ، ويوالون على هذا ويعادون في دعوتهم ، وعندي نصوصهم في هذا .
الشيخ : بارك الله فيك ، خلِّينا نكون صريحين ؛ كم عالم عندكم اليوم يدعون إلى هذه الدعوة ؟ يُعدُّون بالأصابع ، وإذا ما قلنا يد واحدة فباليدين كليهما ، فإذًا نُريدها دعوة عمليَّة مقرونة بالعمل ، والله المستعان .
السائل : أتكلم عن الشيخ محمد وأحفاده الذين نشروا الدعوة ، هؤلاء الذين يعنونا .
الشيخ : معليش ، أعود فأقول : يجب أن نضع هذه الدعوة مطبَّقة عمليًّا في كتبه ، وبخاصَّة على حدِّ تعبير محمد عبد الوهاب ؛ يعني إن ألَّف كتابًا في الفقه فلا يؤلِّف كتابًا في الفقه الحنبلي ، وإنما يؤلف كتابًا في الفقه المحمدي إن صحَّ التعبير .
الشيخ : هي ؟
السائل : في مسائل تتعلَّق بالتَّمذهب والتعصُّب .
الشيخ : بارك الله ، تفضل ، على كل حال فالعلم يُشاع بين الجميع .
السائل : نعم ، طيب ؛ هنا - مثلًا - في هذا الكتاب أنقل نصًّا من كلام الشيخ .
الشيخ : ... من فضلك .
السائل : ... " الدرر السنية في الأجوبة النجدية " لـ " عبد الرحمن بن قاسم العاصمي القحطاني النجدي " - رحمه الله - .
الشيخ : كأن هذه الطبعة في طبعة أخرى منها يمكن ؟
السائل : هما طبعتان ؛ طبعة في المكتب الإسلامي ، وطبعة دار الكتب العربية ، عندكم هذا الكتاب ؟
الشيخ : النسخة ما عندي ، بس يُخيَّل إليَّ أن الاسم هذا كأنه في ذاكرتي ، نعم .
السائل : طيب ؛ فمثلًا هنا من كلام الشيخ محمد - رحمه الله - عن التعصُّب مثلًا والتمذهب ، مثلًا يقول : " والحاصل : أن صورة المسألة هل الواجب على كل مسلم أن يطلب علم ما أنزل الله على رسوله ولا يُعذر أحد في تركه البتَّة ؟ أم يجب عليه أن يتبع " التحفة " مثلًا ؟ فاعلم أن المتأخرين وسادتهم منهم ، كابن القيم قد أنكروا هذا غاية الإنكار ، وأنه تغيير لدين الله ، واستدلوا على ذلك بما يطول وصفه لكتاب الله الواضح ومن كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - البيِّن لمن نوَّر الله قلبه ، والذين يجيزون ذلك أو يوجبونه يدلون بشبه واهية ، لكن أكبر شبههم على الإطلاق أنَّا لسنا من أهل ذلك - أي : الأخذ من الكتاب والسنة - ، ولا نقدر عليه ، ولا يقدر عليه إلا المجتهد ؛ (( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ )) .
ولأهل العلم في إبطال هذه الشبهة ما يحتمل مجلدًا ، ومن أوضحه قول الله - تعالى - : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) ، وقد فسَّرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عديٍّ بهذا الذي أنتم عليه اليوم في الأصول والفروع ، لا أعلمهم يزيدون عليكم مثقال حبَّة خردل ، بل يبيِّن مصداق قوله : ( حذو القذَّة بالقذَّة ) الخ . وكذلك فسَّرها المفسِّرون لا أعلم بينهم اختلافًا ، ومن أحسنه : ما قاله أبو العالية : " أما إنهم لم يعبدوهم ، ولو أمروهم بذلك ما أطاعوهم ، ولكنهم وجدوا كتاب الله ، فقالوا : لا نسبق علماءَنا بشيء ؛ وما أمرونا به ائتمرنا ، وما نهونا عنه انتهينا " .
هذا من كلام الشيخ ، وكلامه كثير في هذه المسألة إلى صفحة 37 ونحو الصفحة 34 ، وكذلك من كلام بعض العلماء المعاصرين له من أتباعه في صفحة 63 - مثلًا - كذلك ، يقول : وأما ما سألتم عنه " وأما حقيقة الاجتهاد فنحن مقلِّدون الكتاب والسنة وصالح سلف الأمة ، وما عليه الاعتماد من أقوال الأئمة الأربعة أبي حنيفة النعمان بن ثابت ومالك بن أنس ومحمد بن إدريس وابن حنبل - رحمهم الله تعالى - " ثم ذكر كلامًا . نعم ، وكذلك من كلام الشيخ محمد عبد الوهاب - أيضًا - في صفحة 65 - مثلًا - لا أعيد فيه لأنه مضى من كلامه .
وفي صفحة - مثلًا - 122 من كلام أبناء الشيخ وهم محمد وحسين وعبد الله ، يقول : فصل ، أو يقول : " وسُئل أبناء الشيخ محمد وحسين وعبد الله عن عقيدة الشيخ في العمل في العبادة ؛ فأجابا : عقيدة الشيخ - رحمه الله تعالى - التي يدين الله بها ، هي عقيدتنا وديننا الذي ندين الله به ، وهو عقيدة سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، وهو اتباع ما دل عليه الدليل من كتاب الله - تعالى - وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعرض أقوال العلماء على ذلك ، فما وافق كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قبلناه وأفتينا به ، وما خالف ذلك رددناه على قائله .
وهذا هو الأصل الذي أوصانا الله به في كتابه ، حيث قال : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )) الآية . أجمع المفسِّرون على أن الرَّدَّ إلى الله هو الرَّدُّ إلى كتابه ، وأن الرَّدَّ إلى الرسول هو الرَّدُّ إليه في حياته ، وإلى سنَّته بعد وفاته ، والأدلة على هذا الأصل كثيرة في الكتاب والسنة ، ليس هذا موضع بسطها " .
ثم ذكر كلاما - أيضًا - يوافق هذا ، وكذلك ذكر كلامًا يوافق هذا ، وكذلك كلام الشيخ عبد الله ابنه - أيضًا - نحو هذا ، وكذلك من كلام العلامة محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ من أحفادهم في صفحة 290 - مثلًا - :
" وأما مذهبنا فمذهب الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة في الفروع والأحكام ، ولا ندَّعي الاجتهاد ، وإذا بانت لنا سنة صحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عملنا بها ، ولا نقدِّم عليها قول أحد كائنا من كان ، بل نتلقَّاها بالقبول والتسليم ؛ لأن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صدورنا أجلُّ وأعظم من أن نقدِّم عليها قول أحد ؛ فهذا الذي نعتقده وندين الله به ، فمن نسب عنا خلاف ذلك ، أو تقوَّل علينا ما لم نَقُلْ فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا ، وحسابنا وحسابه عند الله الذي تنكشف عنده السرائر ، وتظهر لديه مخبَّآت الصدور والضَّمائر (( وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ )) ، حسبنا الله ونعم الوكيل " .
وهنا نصوص كثيرة جدًّا - أيضًا - عن ابن معمر وغيرهم لا أريد أن أطيل عليك بذكرها ، وإنما هذه أمثلة وهناك ما هو أصرح وأوضح منها ، كذلك - يا شيخ - في مسألة قد يقول قائل : أنهم يخرجون من المذهب موافقة لشيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله - أو ابن القيم ؛ للشيخ محمد - رحمه الله - كلام في هذه المسألة ، وكذلك ابنه عبد الله يقول - ملخص الكلام لا أريد أن أطيل عليك - يقول :
" وأما شيخا الإسلام ابن القيم وابن تيمية - رحمهما الله تعالى - فهما إماما حقٍّ وعدلٍ عندنا ، ولكننا لا نقلِّدهما في كل مسألة ، فإذا تبيَّن لنا الدليل قلنا به خالفنا به - يعني يقصد قلنا ، كلام نحو هذا .
تمام يا شيخ ؟ هذا في مسألة التمذهب حتى الوقت ما يدركنا ... الشيخ عبد الله بن ... - رحمه الله - ، فنقلت لك أقوالهم مَن تقدَّم منهم ومن تأخَّر ، يعني للشيخ - رحمه الله - ، وأحفاده ، وأحفاد أحفاده ، وكذلك أئمة الدعوة - أيضًا - ، وكذلك فيما يتعلق بمسألة التكفير بالعموم ؛ رأيت عامَّة رسائل الشيخ - رحمه الله - أكثرها يذكر فيها هذه القضية ويطرقها ، ويردُّ هذه الشبهة التي كان ... خصوم الشيخ - رحمه الله - بأنهم يكفِّرون بالعموم و .
الشيخ : ممكن قبل الانتقال إلى هذه المسألة الثانية أن نقف قليلًا عند بعض العبارات المتعلِّقة بالمسألة الأولى ؛ أَلَا ترى فرقًا بين عبارة محمد عبد الوهاب وبعض أتباعه ؟
السائل : تعني قول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف بأنا على مذهب الإمام أحمد ، فإن وجدنا الدليل قلنا به ؟
الشيخ : ألا ترى فرق بين هذا وذاك ؟
السائل : يا شيخ ، أراه غير مؤثِّر كثيرًا في مسألة التعصُّب هذا الذي أعنيه .
الشيخ : لا ، أنا ما يكفيني هذا ، يكفيني أن التمذهب هو منكر .
السائل : مطلقًا ؟
الشيخ : إي نعم ، طبعًا ليس من عامَّة الناس وإنَّما من أهل العلم ؛ ولذلك فعبارة الإمام محمد بن عبد الوهاب إذا لم نقل أصح من عبارة عبد الله ، قلت هذا ؟
السائل : هو ابن عبد اللطيف ... .
الشيخ : إن لم نقل هنا أصح فهي أدق بالتعبير ؛ لأن هناك جعل مذهبه الرجوع للكتاب والسنة ، وجعل الأئمة عنده سواء ؛ بينما هذا خصَّ مذهب الإمام أحمد بالاتباع ، هذا هو التعصب ، وإن كان التعصب درجات لا شك ؛ فنحن نعرف - مثلًا - من واقع حياة المقلِّدين اليوم أن تعصبهم يختلف اختلافًا كبيرًا جدًّا ؛ فمن المقلدين من لا يحيد عن مذهبه قيد شعرة ، ومن المقلدين ما يخرج عن المذهب لأدنى مناسبة ؛ وبخاصَّة إذا وجد في ذلك رخصة أو ما شابه من المصالح الدنيوية ، ومراتب ومراتب - أيضًا - لا حاجة لنا بالتفصيل ، ومنهم من يقول : أنا لا أتمذهب بمذهب ؛ وهذا الذي نحن ندين الله به ؛ لأننا نفرِّق بين التقليد وبين التَّمذهب بالتقليد ، فنرى أن التقليد أمر لا يمكن أن ينجوَ منه أحد من أهل العلم فضلًا عمَّن دونهم ، لكن لا أحد من أهل العلم يتخذ تقليد إمام معين دينًا يتقرَّب به إلى الله - تبارك وتعالى - ، وهنا يرد كلام محمد عبد الوهاب - رحمه الله - حينما نزع إلى قوله - تعالى - : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ )) .
ففرقٌ كبير بين مَن يتمذهب بمذهب ثم يخرج عنه قليلًا حينما يجد نفسه أمام آية أو حديث ، وبين مَن يقول وكلامنا حتى ما يُساء فهمه بالنسبة للعلماء وليس بالنسبة للعامة ، ففرق بين عالم يتَّخذ له مذهبًا من المذاهب الأربعة ؛ سواء كان الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع ؛ وهو مذهب أحمد ، وبين من يقول : أنا - أنا أي : العالم - لا أتبع مذهبًا معيَّنًا ، وإنما نتَّبع الكتاب حيثما كان في أيِّ مذهب ، فالمنهج هذا بالنظر إليه نحن نصوِّره الآن بكلام قليل تطبيقه هو الذي يؤكِّد أن هذه العمليَّة عمليَّة هامَّة جدًّا ؛ بمعنى عالم يعيش حياته وهو متنقِّل بين المذاهب اتباعًا للدليل ، وبين عالم رَكَنَ إلى المذهب الذي راق له أو وجد عليه آباءه وأجداده ؛ فهو كلما اتَّفق أنه رأى - مثلًا - مسألة خالفت القرآن أو الحديث عمل ، لكن هو لا ينظر أن يا تُرى هذا المذهب الذي يدين الله به في كلِّ هذه الفروع التي عاشها السنين الطويلة - هي مخالفة المذهب - هي موافقة للكتاب والسنة وليست مخالفة للكتاب والسنة ؟ هذا هو الفرق بين من اتَّخذ المذهب دينًا لكن ليس جانبًا بالكلية لكن يقول هناك أنه هو أتقى لله - عز وجل - أن يثبت لديه أن مسألة ما من مسائل مذهبه خالفت الكتاب والسنة ، فيقول : لا ، أنا ما أتبع الكتاب والسنة ، فتأتي هنا الآية تنطبق عليه تمامًا ، أما محمد عبد الوهاب فعبارته صريحة جدًّا ، وهذا الذي نحن ندعو العلماء أن يكونوا على هذه الكلمة على طريق سوي ؛ أن يكون أصل ... للشريعة ليس هذا حنفي فإن ثبت له أن مسألة من مذهبه خالفت السنة فهو اتَّبعها وترك مذهبه ؛ وعلى ذلك يُقاس بقيَّة الآية ، ولو أنَّ العلماء مشوا كلَّ هذه القرون الطويلة على ما ذكره محمد عبد الوهاب لم يبقَ هناك وجود لأربعة مذاهب ، لكن كل جماعة تمسَّكوا بمذهب إمامهم ، ثم مضى الزمن يجعلهم يشتدُّون في التمسك بالتقليد حتى صارت أتباع المذاهب شِيَعًا وأحزابًا ، ووصل الأمر بهم إلى أن يمتنعوا أن يصلوا بعضهم وراء بعض ، وهذا شيء معلوم ، وأنا لاحظت هذه المفارقة .
السائل : طيب يا شيخ ، ألا ترون هناك فرق في التمذهب في متابعة الإمام في أصول المذهب بين مَن يقلِّده حتى في فروع المذهب ؟
الشيخ : طبعًا في فرق ، لكن - أيضًا - هذا الفرق يُساق بنفس القاعدة ؛ بمعنى أن الأصول يجب أن تُدرس على أصل الكتاب والسنة ، هو نفسه يعني ، لكن بلا شك يوجد فرق واضح بين اتباعه في الأصول والفروع والاقتصار في اتباعه في الفروع دون الأصول .
السائل : يعني شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - وابن القيم أَمَا كانوا على هذه الطريقة في اتباع أصول المذهب ؟
الشيخ : بلى ، بلى كان على هذه الطريقة ؛ ولذلك ظهر الفرق بين ما ذهبوا إليه في عشرات المسائل وبين ما عليه الحنابلة حتى اليوم .
الشيخ : نعم ، ولهذا - يا شيخ - يقول ابن تيمية في كثير من الأحيان : قال الأصحاب ، وقال أصحابنا ، وهذا مذهب الأصحاب ، كذا يا شيخ ، إي نعم .
الشيخ : صحيح .
السائل : طيب ؛ ما نقول : يُحمل كلام الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف - رحمه الله - على قصده أو على الأمر الذي ذكرنا أوَّلًا وهو اتباعه في أصول المذهب ؟
الشيخ : هذا لنقول : يحمل ينبغي أن يكون المحمول عليه - أي : كلام محمد عبد الوهاب - مطبَّقًا عند الآخرين تطبيقًا عمليًّا ، وهذا كما قلنا تكلَّمنا في جلسة سابقة فيما علمت لم أجد .
السائل : إي نعم ، أنا يمكن أعطيك ... هذه المقولات في كلِّها الأمر الذي ذكرته لك سابقًا في شدَّة المحاربة ، لهذا كانوا يسمُّونهم كانوا يقولون أنكم تدَّعون لأنفسكم الاجتهاد ، وأنكم تزعمون أنَّكم بلغتم رتبته ، وأنكم تأخذون من الكتاب والسنة مباشرةً ، هذا كلام خصومهم في ذلك الوقت ، وهذا لا شك به - أيضًا - على شدَّة اتباعهم .
الشيخ : لا ... ، لأنُّو عندنا - مثلًا - في بلاد الشام لا يكون في صلة بين الشامي وبين النجدي ، مجرَّد ما يقول أنا أتبع الكتاب والسنة نُسب إلى كونه نجديًّا ، فنحن ما نبغى شهادة الجهلة أو الأفَّاكين الكذَّابين ، لكن اللي نريده أن نرى هذا المنهج السليم الذي لا غبار عليه مطبَّقًا في كتبهم ؛ يعني - مثلًا - الآن كم وكم من كتب الحنابلة قد نشروها وطبعوها وإلى آخره ! أين هؤلاء العلماء الذين يطبِّقون هذا المنهج حينما تُطبع هذه الكتب ؟ يعني كما وضعها المؤلف السابق واللاحق ، وهكذا ، قليل جدًّا من ترى ممَّن هم على هذا المنهج يطبِّقونه عمليًّا ؛ لذلك أنا ما يهمُّني الدعوة بقدر ما يهمُّني تطبيق هذه الدعوة التي هي صحيحة ؛ فأنت تعلم أن كثيرًا من علماء العصر الحاضر لا يخالفون في دعوتنا حينما نقول : يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة ؛ لأنه لا يستطيع أحد أن يُكابر في هذا أنه هو الفرض ، لكن إذا درست علمهم وفتاويهم و و إلى آخره ، صلاتهم عباداتهم تجدها كما جاء في مذهبهم ، إذًا ما يكفي - بارك الله فيك - مجرَّد الدعوى ، وإنما الأهمُّ تطبيق الدعوى على الفعل ، أو على العكس تطبيق الفعل على الدعوى ؛ كما هي القاعدة الآن المعروفة ؛ النَّهي عن المنكر في قوله - تعالى - : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ )) ، فهذا كلام سليم إذا حُمل هذا الكلام الأخير على كلامي الأول الدعوة صحيحة ، ولكن علينا أن نشيِّع بين الناس ونذيع بينهم أن هذا يحتاج إلى تطبيق ، وإلا كثير من العلماء يوافقون القاعدة ثم يخالفونها .
السائل : هؤلاء ... إليها ، ويجعلونها مثار البحث مع خصومهم ، ويوالون على هذا ويعادون في دعوتهم ، وعندي نصوصهم في هذا .
الشيخ : بارك الله فيك ، خلِّينا نكون صريحين ؛ كم عالم عندكم اليوم يدعون إلى هذه الدعوة ؟ يُعدُّون بالأصابع ، وإذا ما قلنا يد واحدة فباليدين كليهما ، فإذًا نُريدها دعوة عمليَّة مقرونة بالعمل ، والله المستعان .
السائل : أتكلم عن الشيخ محمد وأحفاده الذين نشروا الدعوة ، هؤلاء الذين يعنونا .
الشيخ : معليش ، أعود فأقول : يجب أن نضع هذه الدعوة مطبَّقة عمليًّا في كتبه ، وبخاصَّة على حدِّ تعبير محمد عبد الوهاب ؛ يعني إن ألَّف كتابًا في الفقه فلا يؤلِّف كتابًا في الفقه الحنبلي ، وإنما يؤلف كتابًا في الفقه المحمدي إن صحَّ التعبير .
- رحلة النور - شريط : 64
- توقيت الفهرسة : 00:09:32
- نسخة مدققة إملائيًّا