القاعدة التي يبني عليها الشيخ حكمه في تحسين جملة من حديث بالشواهد .
A-
A=
A+
السائل : نفهم من كلامك يا شيخ أنَّه إذا صحَّحتم أو أيُّ محدِّث صحَّح حديث أو حسَّنه من مجموع طرقه ، وكانت المتون مختلفة ؛ فمعنى هذا - أنا أسأل الآن - هل يعني هذا أنَّنا نستطيع أن نقول هذا التحسين من متون مختلفة أم المتن الذي يُدندن حوله هذا المحدِّث ؟ فأنتم - مثلًا - تذكرون في " الصحيحة " حديثًا فتقولون : إنه صحيح أو حسن ؛ متنًا معيَّنًا ، ثم تذكرون طرق أخرى ذات متون يكون فيها زيادة كلمة أو نقصانها أو يختلف إلى آخره ، ثم تقولون - مثلًا - : ومن مجموع هذه الطرق نصل إلى أنَّه أو تقولوا إنه حسن ، هذه الطرق أو هذه المتون في هذه الطرق التي ذكرتموها ؛ هل يشملها هذا الحُسن أم أن حسن ذاك الحديث ؟
الشيخ : ذاك الحديث .
السائل : وهذه المتون ... .
الشيخ : ... القاعدة التي نحن ندندن حولها ونبني أحكامنا عليها ، إلا ما يسهل ... أو ينفع ، إذا عرضنا حديثًا فيه جملة واحدة - نحن نضرب هذا المثال من أجل تقريب الموضوع للأذهان - حديث فيه جملة واحدة ، وهذا الحديث ليس له سند صحيح ، فنبحث - والحالة هذه - في كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها ما ساعدنا الوقت والجهد ، لعلَّنا نجد ما يشهد لهذا المتن الذي هو جملة واحدة ، فوجدنا له شواهد ، هذه الشواهد تزيد على هذا المتن وعلى هذه الجملة عبارات أخرى ، فنسردها ونفترض أنَّها كلَّها ضعيفة الأسانيد ، فأنا آخذ من هذه الشواهد ما اجتمعت الشواهد على الشهادة ، فالمفروض هنا اجتمعت على هذه الجملة الواحدة ، هذه الجملة الواحدة هي التي أضَعُها متنًا في الصحيحة ، ثم أسرد الطرق تأييدًا لثبوت هذه الجملة ، قد يكون الحديث فيه جملتان أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ، فأقول : هذا الحديث الذي فيه أو هذه الرواية التي فيها هذه الجملة الواحدة تصلح أن تكون مشهودًا لها ، ولا تصلح هي أن تكون شاهدةً للرواية الأخرى المذكورة تحتها ؛ واضح هذا الكلام ؟
السائل : تعني تكون الزيادات لا تدخل في هذا الحكم ؟
الشيخ : لا تدخل ، إي نعم ، قد يكون الحديث فيه طول ، وفيه زيادة عن قصة صحيحة ، فأنا لا أعتمد على هذا الحديث الذي فيه طول ، وإنما أذكره شاهدًا للحديث الذي هو مقتصر على ما دون الرواية المطولة ، فأجعل هذه الرواية المطولة شاهدًا للرواية المختصرة ولا عكس ! هكذا أجري وهكذا ينبغي أن يكون .
وأنا أذكر الآن مثالًا ؛ هناك في الصحيحة ما أدري في أيِّ جزء ، لعله في المجلد الثاني ؛ حديث أنس بن مالك الذي رواه الترمذي : أن رجلًا قال : يا رسول الله ، أحدنا يلقى أخاه ؛ أفينحني له ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيلتزمه ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيقبِّله ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيصافحه ؟ قال : ( نعم ) .
أنا خرَّجت هذا الحديث في " السلسلة " .
السائل : المجلد الأول .
الشيخ : في الأول ؟
السائل : ... .
الشيخ : هو هذا الالتزام ، هو الالتزام ، والشاهد هنا ، فخرَّجت الحديث مع بعض إسناده في الترمذي ، قوَّيته بالشواهد التي سُقْتها تحته ، لكن تبيَّن فيما بعد أن زيادة : " أفيلتزمه أو يعانقه " لم تَرِدْ في تلك الشواهد ، فحذفتُها ، ووضعت مكانها في الطبعة التي أهيِّئها لطبعة جديدة نقط كما جريت في " صحيح الجامع " ؛ تذكرون هذا الأسلوب ؟
السائل : نعم .
الشيخ : لماذا ؟ لأنه تفرَّد الترمذي بهذه الزيادة والسند ضعيف ، إنما الشواهد التي تشهد لكل الفقرات الأخرى لم يَرِدْ فيها ذكرٌ لزيادة : " أفيعانقه أو أفيلتزمه ؟ قال : ( لا ) " ، هذه الزيادة بقيت بالضعف الأصيل الذي نأخذه من رواية الترمذي ، فمثل هذا ما قلت آنفًا قد يشذُّ الإنسان ويخطئ ، أما القاعدة فهو التي وضَّحتها لكم آنفًا ، ولعلها مفهومة - إن شاء الله - .
ثم بالمناسبة وجدت حديثًا لمَّا قمت بتخريج بل اختصار كتاب " الشمائل " للترمذي ، ثم بتحقيق الكلام على أحاديثه ، ومن يستر صحيحها من ضعيفها ؛ ذكرت هناك رواية أبي التَّيِّهان لما زاره الرسول - عليه السلام - في نخيله ، وكان خارج بيته ، واستقبلت زوجته نبيَّه وصحبه ، وأجلستهم تحت النخيل ، ولما سأل عن أبي التَّيِّهان قال : ذهب يستقي لنا الماء ، أو يستعذب لنا الماء ، ثم سرعان ما جاء ، فلما رأى الرسول - عليه السلام - عنده عانَقَه ، فأخذتُ من هذا ما يُجيز التعانق والالتزام ولو في بعض الأحيان ، مما يؤكد أن انفراد رواية الترمذي وأظن أنه هو من رواية حنظلة بن أبي سفيان الله أعلم عن أنس بن مالك ، والكتاب بين يديك الآن ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آ ، فحنظلة تفرَّد بهذه الزيادة ، فأعرضنا عنها أخيرًا ، وبخاصة لما وجدنا التزامَ أبي التَّيِّهان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعانتقه إياه ، وإقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - له على ذلك ، فأخذنا منه خلاف ما جاء في حديث حنظلة عن أنس بن مالك عند الترمذي .
السائل : من أي مكان حديث أبي التَّيِّهان ؟
الشيخ : في " مختصر الشمائل " بارك الله فيك .
السائل : بالنسبة للحديث المشهود ... ذكر أن ابن رجب وابن كثير يقوُّون حديث ... ؛ فهنا تقصد الجهالة ... .
الشيخ : لا ، أعمُّ من ذلك .
السائل : يعني قراءتك للأحاديث الضعيفة .
الشيخ : أعمُّ من ذلك .
السائل : أذكر قرأت في " الضعيفة " أن الراوي لا بد أن يكون معروفًا ، هذه أحاديث الضعيفة في الجزء الأول أو الثاني الرَّدِّ على الكوثري ذكرت أنَّ ... أولًا ، جهالة العين ثم يٌقال هذا الكلام .
الشيخ : هناك قاعدة - بارك الله فيك - ، أنا معك في هذا ، ولستُ مع ابن كثير أو ابن رجب ، لكن أنا أذكر لكم نماذج وأمثلة من رأي بعض الحفَّاظ المتأخرين أنهم يمشُّون ويسلِّكون رواية الثاني المجهول من باب إحسان الظَّنِّ به إذا كان تابعيًّا ، أما القاعدة وأنا أعتقد - وهذا ما بحثتُه صراحةً في الآونة الأخيرة مع بعض الأفاضل - أنَّ الرجل المستور إذا روى عنه جمع من الثقات سواء كان تابعيًّا أو دونه ، ولم يُعرف من رواية هؤلاء الثقات عن ذلك الرجل المستور رواية منكرة فيما ؛ فحينئذٍ هذا الرجل المستور يأخذ مرتبة الصدوق ، إن لم نقل يأخذ مرتبة الثقة ، وذكرت على هذا عشرة أمثلة أظنُّ في كتابي " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " نقلًا عن الذهبي وعن ابن حجر العسقلاني ؛ كيف وثَّقوا من لم يوثِّقه أحد قبلهم ، وما لاحظوا في ذلك إلا ما ذكرته لكم ؛ أي : أن هناك راويًا بحكم المجهول الحال ، لكن لما وجدوا له عنه كثير من الرواة الثقات فاطمأنوا لكون هذا الراوي المستور ثقة صدوق ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يروِ عنه هؤلاء الثقات ، ولو كان في رواياته شيء من المنكرات لَكانت تبيَّنت برواية هؤلاء الثقات عنه ، لكن أنا تمثيلي السابق هو أن بعض الأئمة كنظرة خاصة بالمجهول العين من التابعين ، ... حديثه ويحسِّنونه ويحتجُّون به ، أما القاعدة فهو أن يكون له عنه رواة كُثُر ، فيخرج من جهالة الحال إلى أنه صدوق أو ثقة .
السائل : الذهبي يا شيخ ... .
الشيخ : كيف ؟
السائل : الذهبي يا شيخ يقول : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : تفضل .
السائل : عفوًا ... ابن حجر ما بعد " التهذيب " ، وقارنت " التهذيب " ... ، هو لم يوثِّقهم أحد ، أو وثقهم ابن حبان فقط ، وروى عنه جمع من الثقات ، فوجدت في بعض التراجم يكون مقبول ، وفي قليل منها يكون ثقة ، وفي كثير منها يكون مقبول .
الشيخ : طيب .
السائل : إي نعم .
الشيخ : هو هات لنشوف شو طلع معك ؟
السائل : فنقول : السؤال : هل هي قاعدة عن ابن حجر ؟
الشيخ : إيش هي القاعدة ؟
السائل : ما ذكرتم من ... .
الشيخ : لا ، ليست قاعدة ، هو مضطرب فيها ، ولذلك نحن ننتقده في كثير من المقبولين عنده أنه يُخالف ما قال في غيره من مثله بأنه صدوق أو ثقة ، لأنُّو لا يظهر الفرق بين هذا الذي قال فيه مقبول ، وذاك الذي قال فيه صدوق .
السائل : لكن هل نستطيع أن نقول ... ابن حجر في توثيق أولئك ، أو الحكم عليهم بأنهم صدوقون أنها ناشئة من هذا ؟ لأني ألاحظ أحيانًا .
الشيخ : ناشئة من إيش ؟
السائل : ناشئة أنُّو هذا روى عنه جمع من الثقات ، فهو حَكَمَ عليهم من هذا الباب .
الشيخ : ولماذا لم يحكم على المقبول بنفس الحكم ؟
السائل : أنا أقول إذا كان عدد التراجم هناك أكبر الذي قال فيه مقبول .
الشيخ : نحن نقول فيمن تحقَّق فيه اللفظ الواحد ؛ بمعنى إذا روى خمسة من الثقات عن راوٍ لم يوثِّقه أحد ، قال الحافظ فيه : صدوق أو ثقة ، راوٍ آخر روى عنه خمسة من الثقات قال فيه : مقبول ، السبب ؟ ما في جواب ، إلا أنه هكذا رأيه وهكذا اجتهاده ، ولذلك يُشكل على بعض الطَّلبة الناشئين اليوم حينما يرونني أنني حسَّنت حديثًا فيه رجل قال الحافظ بن حجر فيه : مقبول ، كيف أنت حسَّنت أو صحَّحت ؟ فأنا جوابي يكون كالتالي : يا أخي هذا الكتاب ألَّفه الحافظ ابن حجر جزاه الله خيرًا ونفع بكتابه كثيرًا أنا أوَّلهم ، ولكن هو ليس وحي السماء ، وكل ما قرَّره يجب أن نلتزمه ، أما المبتدئين فعليهم ولا بد التزام رأي هذا العالم بعلمه ، لكن إذا تناقض قولان قول الحافظ الذهبي - مثلًا - مع قول ابن حجر ؛ فهون لا بد ما نعمل مراجعة ... العلم فيها ، فلست أنا ولَّا غيري ممن هو مثلي أو علمه فوق علمي ملزم بأن يقلد ابن حجر العسقلاني حذو القذَّة بالقذَّة ، وإنما في الغالب نتَّبعه ، وأحيان نخالفه مراعاةً منه للقواعد الأصولية التي صرَّحوا بالكثير منها وطبَّقوا بعضها ولم يفصحوا عنها ، وهذا من هذا القبيل .
الشيخ : ذاك الحديث .
السائل : وهذه المتون ... .
الشيخ : ... القاعدة التي نحن ندندن حولها ونبني أحكامنا عليها ، إلا ما يسهل ... أو ينفع ، إذا عرضنا حديثًا فيه جملة واحدة - نحن نضرب هذا المثال من أجل تقريب الموضوع للأذهان - حديث فيه جملة واحدة ، وهذا الحديث ليس له سند صحيح ، فنبحث - والحالة هذه - في كتب الحديث مطبوعها ومخطوطها ما ساعدنا الوقت والجهد ، لعلَّنا نجد ما يشهد لهذا المتن الذي هو جملة واحدة ، فوجدنا له شواهد ، هذه الشواهد تزيد على هذا المتن وعلى هذه الجملة عبارات أخرى ، فنسردها ونفترض أنَّها كلَّها ضعيفة الأسانيد ، فأنا آخذ من هذه الشواهد ما اجتمعت الشواهد على الشهادة ، فالمفروض هنا اجتمعت على هذه الجملة الواحدة ، هذه الجملة الواحدة هي التي أضَعُها متنًا في الصحيحة ، ثم أسرد الطرق تأييدًا لثبوت هذه الجملة ، قد يكون الحديث فيه جملتان أو ثلاثة أو أكثر من ذلك ، فأقول : هذا الحديث الذي فيه أو هذه الرواية التي فيها هذه الجملة الواحدة تصلح أن تكون مشهودًا لها ، ولا تصلح هي أن تكون شاهدةً للرواية الأخرى المذكورة تحتها ؛ واضح هذا الكلام ؟
السائل : تعني تكون الزيادات لا تدخل في هذا الحكم ؟
الشيخ : لا تدخل ، إي نعم ، قد يكون الحديث فيه طول ، وفيه زيادة عن قصة صحيحة ، فأنا لا أعتمد على هذا الحديث الذي فيه طول ، وإنما أذكره شاهدًا للحديث الذي هو مقتصر على ما دون الرواية المطولة ، فأجعل هذه الرواية المطولة شاهدًا للرواية المختصرة ولا عكس ! هكذا أجري وهكذا ينبغي أن يكون .
وأنا أذكر الآن مثالًا ؛ هناك في الصحيحة ما أدري في أيِّ جزء ، لعله في المجلد الثاني ؛ حديث أنس بن مالك الذي رواه الترمذي : أن رجلًا قال : يا رسول الله ، أحدنا يلقى أخاه ؛ أفينحني له ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيلتزمه ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيقبِّله ؟ قال : ( لا ) . قال : أفيصافحه ؟ قال : ( نعم ) .
أنا خرَّجت هذا الحديث في " السلسلة " .
السائل : المجلد الأول .
الشيخ : في الأول ؟
السائل : ... .
الشيخ : هو هذا الالتزام ، هو الالتزام ، والشاهد هنا ، فخرَّجت الحديث مع بعض إسناده في الترمذي ، قوَّيته بالشواهد التي سُقْتها تحته ، لكن تبيَّن فيما بعد أن زيادة : " أفيلتزمه أو يعانقه " لم تَرِدْ في تلك الشواهد ، فحذفتُها ، ووضعت مكانها في الطبعة التي أهيِّئها لطبعة جديدة نقط كما جريت في " صحيح الجامع " ؛ تذكرون هذا الأسلوب ؟
السائل : نعم .
الشيخ : لماذا ؟ لأنه تفرَّد الترمذي بهذه الزيادة والسند ضعيف ، إنما الشواهد التي تشهد لكل الفقرات الأخرى لم يَرِدْ فيها ذكرٌ لزيادة : " أفيعانقه أو أفيلتزمه ؟ قال : ( لا ) " ، هذه الزيادة بقيت بالضعف الأصيل الذي نأخذه من رواية الترمذي ، فمثل هذا ما قلت آنفًا قد يشذُّ الإنسان ويخطئ ، أما القاعدة فهو التي وضَّحتها لكم آنفًا ، ولعلها مفهومة - إن شاء الله - .
ثم بالمناسبة وجدت حديثًا لمَّا قمت بتخريج بل اختصار كتاب " الشمائل " للترمذي ، ثم بتحقيق الكلام على أحاديثه ، ومن يستر صحيحها من ضعيفها ؛ ذكرت هناك رواية أبي التَّيِّهان لما زاره الرسول - عليه السلام - في نخيله ، وكان خارج بيته ، واستقبلت زوجته نبيَّه وصحبه ، وأجلستهم تحت النخيل ، ولما سأل عن أبي التَّيِّهان قال : ذهب يستقي لنا الماء ، أو يستعذب لنا الماء ، ثم سرعان ما جاء ، فلما رأى الرسول - عليه السلام - عنده عانَقَه ، فأخذتُ من هذا ما يُجيز التعانق والالتزام ولو في بعض الأحيان ، مما يؤكد أن انفراد رواية الترمذي وأظن أنه هو من رواية حنظلة بن أبي سفيان الله أعلم عن أنس بن مالك ، والكتاب بين يديك الآن ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آ ، فحنظلة تفرَّد بهذه الزيادة ، فأعرضنا عنها أخيرًا ، وبخاصة لما وجدنا التزامَ أبي التَّيِّهان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ومعانتقه إياه ، وإقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - له على ذلك ، فأخذنا منه خلاف ما جاء في حديث حنظلة عن أنس بن مالك عند الترمذي .
السائل : من أي مكان حديث أبي التَّيِّهان ؟
الشيخ : في " مختصر الشمائل " بارك الله فيك .
السائل : بالنسبة للحديث المشهود ... ذكر أن ابن رجب وابن كثير يقوُّون حديث ... ؛ فهنا تقصد الجهالة ... .
الشيخ : لا ، أعمُّ من ذلك .
السائل : يعني قراءتك للأحاديث الضعيفة .
الشيخ : أعمُّ من ذلك .
السائل : أذكر قرأت في " الضعيفة " أن الراوي لا بد أن يكون معروفًا ، هذه أحاديث الضعيفة في الجزء الأول أو الثاني الرَّدِّ على الكوثري ذكرت أنَّ ... أولًا ، جهالة العين ثم يٌقال هذا الكلام .
الشيخ : هناك قاعدة - بارك الله فيك - ، أنا معك في هذا ، ولستُ مع ابن كثير أو ابن رجب ، لكن أنا أذكر لكم نماذج وأمثلة من رأي بعض الحفَّاظ المتأخرين أنهم يمشُّون ويسلِّكون رواية الثاني المجهول من باب إحسان الظَّنِّ به إذا كان تابعيًّا ، أما القاعدة وأنا أعتقد - وهذا ما بحثتُه صراحةً في الآونة الأخيرة مع بعض الأفاضل - أنَّ الرجل المستور إذا روى عنه جمع من الثقات سواء كان تابعيًّا أو دونه ، ولم يُعرف من رواية هؤلاء الثقات عن ذلك الرجل المستور رواية منكرة فيما ؛ فحينئذٍ هذا الرجل المستور يأخذ مرتبة الصدوق ، إن لم نقل يأخذ مرتبة الثقة ، وذكرت على هذا عشرة أمثلة أظنُّ في كتابي " تمام المنة في التعليق على فقه السنة " نقلًا عن الذهبي وعن ابن حجر العسقلاني ؛ كيف وثَّقوا من لم يوثِّقه أحد قبلهم ، وما لاحظوا في ذلك إلا ما ذكرته لكم ؛ أي : أن هناك راويًا بحكم المجهول الحال ، لكن لما وجدوا له عنه كثير من الرواة الثقات فاطمأنوا لكون هذا الراوي المستور ثقة صدوق ؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يروِ عنه هؤلاء الثقات ، ولو كان في رواياته شيء من المنكرات لَكانت تبيَّنت برواية هؤلاء الثقات عنه ، لكن أنا تمثيلي السابق هو أن بعض الأئمة كنظرة خاصة بالمجهول العين من التابعين ، ... حديثه ويحسِّنونه ويحتجُّون به ، أما القاعدة فهو أن يكون له عنه رواة كُثُر ، فيخرج من جهالة الحال إلى أنه صدوق أو ثقة .
السائل : الذهبي يا شيخ ... .
الشيخ : كيف ؟
السائل : الذهبي يا شيخ يقول : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : تفضل .
السائل : عفوًا ... ابن حجر ما بعد " التهذيب " ، وقارنت " التهذيب " ... ، هو لم يوثِّقهم أحد ، أو وثقهم ابن حبان فقط ، وروى عنه جمع من الثقات ، فوجدت في بعض التراجم يكون مقبول ، وفي قليل منها يكون ثقة ، وفي كثير منها يكون مقبول .
الشيخ : طيب .
السائل : إي نعم .
الشيخ : هو هات لنشوف شو طلع معك ؟
السائل : فنقول : السؤال : هل هي قاعدة عن ابن حجر ؟
الشيخ : إيش هي القاعدة ؟
السائل : ما ذكرتم من ... .
الشيخ : لا ، ليست قاعدة ، هو مضطرب فيها ، ولذلك نحن ننتقده في كثير من المقبولين عنده أنه يُخالف ما قال في غيره من مثله بأنه صدوق أو ثقة ، لأنُّو لا يظهر الفرق بين هذا الذي قال فيه مقبول ، وذاك الذي قال فيه صدوق .
السائل : لكن هل نستطيع أن نقول ... ابن حجر في توثيق أولئك ، أو الحكم عليهم بأنهم صدوقون أنها ناشئة من هذا ؟ لأني ألاحظ أحيانًا .
الشيخ : ناشئة من إيش ؟
السائل : ناشئة أنُّو هذا روى عنه جمع من الثقات ، فهو حَكَمَ عليهم من هذا الباب .
الشيخ : ولماذا لم يحكم على المقبول بنفس الحكم ؟
السائل : أنا أقول إذا كان عدد التراجم هناك أكبر الذي قال فيه مقبول .
الشيخ : نحن نقول فيمن تحقَّق فيه اللفظ الواحد ؛ بمعنى إذا روى خمسة من الثقات عن راوٍ لم يوثِّقه أحد ، قال الحافظ فيه : صدوق أو ثقة ، راوٍ آخر روى عنه خمسة من الثقات قال فيه : مقبول ، السبب ؟ ما في جواب ، إلا أنه هكذا رأيه وهكذا اجتهاده ، ولذلك يُشكل على بعض الطَّلبة الناشئين اليوم حينما يرونني أنني حسَّنت حديثًا فيه رجل قال الحافظ بن حجر فيه : مقبول ، كيف أنت حسَّنت أو صحَّحت ؟ فأنا جوابي يكون كالتالي : يا أخي هذا الكتاب ألَّفه الحافظ ابن حجر جزاه الله خيرًا ونفع بكتابه كثيرًا أنا أوَّلهم ، ولكن هو ليس وحي السماء ، وكل ما قرَّره يجب أن نلتزمه ، أما المبتدئين فعليهم ولا بد التزام رأي هذا العالم بعلمه ، لكن إذا تناقض قولان قول الحافظ الذهبي - مثلًا - مع قول ابن حجر ؛ فهون لا بد ما نعمل مراجعة ... العلم فيها ، فلست أنا ولَّا غيري ممن هو مثلي أو علمه فوق علمي ملزم بأن يقلد ابن حجر العسقلاني حذو القذَّة بالقذَّة ، وإنما في الغالب نتَّبعه ، وأحيان نخالفه مراعاةً منه للقواعد الأصولية التي صرَّحوا بالكثير منها وطبَّقوا بعضها ولم يفصحوا عنها ، وهذا من هذا القبيل .
- رحلة النور - شريط : 52
- توقيت الفهرسة : 00:29:50
- نسخة مدققة إملائيًّا