هل الحديث الحسن لغيره إذا ثبت أنه حسن لغيره يُحتجُّ به كما يحتجُّ بالحديث الصحيح لذاته بنفس مرتبة الاحتجاج فيُستدلُّ به في الأحكام الشرعية وفي العقائد بنفس الدرجة ؟
A-
A=
A+
السائل : طيب - أحسن الله إليك - ، سبق أن سألت سؤال فكان الجواب سريع جدًّا ... كنت سألتك هل الحديث الحسن لغيره إذا ثبت أنه حسن لغيره يُحتجُّ به كما يُحتجُّ بالحديث الصحيح لذاته بنفس مرتبة الاحتجاج ؛ بمعنى الاستدلال به على الأحكام الشرعية وفي العقائد وجميع الأشياء ويكون بنفس الدرجة من الاستدلال أم لا ؟
الشيخ : طبعًا ، الجواب بإيجاز : نعم ، وبالتفصيل لا ؛ لأنه جاء في سؤالك بنفس المرتبة ، فستعلم الفرق فيما يأتي ، لو أحد ما طوَّر سؤالك هذا فسلكه على الصورة التالية : هل يُحتج بالحديث الصحيح الآحادي في الأحكام فهو في مرتبة الحديث المشهور أو المستفيض أو المتواتر ؟ ماذا يكون الجواب فهو الجواب ، فماذا ترى ... الجواب ؟
السائل : ... مرَّت عليه .
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
الشيخ : السؤال ... ؟ أقول : لو طوَّر سائل ما سؤالك السابق فقال : هل الاحتجاج بالحديث الصحيح الذي هو آحاد ، آحاد غريب فرد ، أو مشهور أو مستفيض أو حديث متواتر ؛ الاحتجاج بكل هذه الأنواع من الأحاديث الصحيحة ماشي في الأحكام الشرعية دون خلاف ؛ هل هذه الأحاديث في مرتبةٍ واحدة من القوة في الاحتجاج ؟ طبعًا الجواب سيكون لا ؛ أليس كذلك ؟ وأقول جوابي آنف الذِّكر : لا ، لكن حينما نقول : لا ، هل يخدش في الاستدلال بالحديث الذي دون أعلى درجة من هذه الدرجات ، وهو الحديث الصحيح الغريب الفردي ؟ أيضًا سيكون الجواب : لا ، ولكن ما يخلُّ ويصح الاستدلال به ، لكن هو ليس في مرتبة الاحتجاج بالحديث المتواتر ، كذلك تمامًا الجواب بالنسبة لسؤالك المُحدَّد بين الحديث الحسن والحديث الصحيح .
السائل : بناءً على ما تقدَّم ؛ لو جاء السؤال التالي : لو تعارض مفهوم حديث صحيح لذاته مع منطوق حديث حسن لغيره ؛ فهل لا زلنا نقول بتقديم منطوق الحديث حسن لغيره ؟
الشيخ : إي نعم ، وذلك هو معنى قول الحافظ ابن حجر في " شرح النخبة " : إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وُفِّق بينهما بوجه من وجوه التوفيق ، المقبول الحسن ... وجب التوفيق بينهما ، ومن المعلوم في علم أصول الفقه أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ، معلوم من أصول الفقه أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ، في المصطلح يقول : إذا جاء حديثان من قسم المقبول ، الحسن مقبول ، والصحيح مقبول من باب أولى ؛ فإذا تعارضت دلالة المنصوص الصحيح مع الحسن في النَّصِّ ؛ فدلالة الحسن منطوق ودلالة الصحيح مفهوم ، فلا شك أن دلالة المنطوق هنا من الناحية الفقهية تترجَّح على دلالة المفهوم من هذه الناحية نفسها ، وفي الحديث - مصطلح الحديث - يُسوَّى من حيث الاحتجاج بالحسن كالصحيح ، ويكون الجواب كما سبق ، واضح ؟
السائل : نعم . هذا الحديث الحسن لغيره ... .
الشيخ : سواء كان حسنًا لغيره أو حسنًا لذاته ، لأنُّو أظن لا يخفاكم لماذا اصطلح المحدثون على تسمية نوع من الحديث حسن ؟ ذلك لأن هذا قد قالوا الحديث الحسن بعدما اختلفوا طويلًا في تعريف الحديث الحسن ، قالوا أن الحديث الحسن : ما توفَّرت فيه كل شروط الحديث الصحيح ، لكن شرط الضبط الذي يُشترط أن يكون في الحديث الصحيح لم يتوفر بتمامه في الحديث الحسن ، وإنما أحد رواته خفَّ ضبطه عن راوي الحديث الصحيح ؛ فلبيان مرتبة هذا الراوي للحديث سموا حديثه بالحديث الحسن ، وهذه المعالجة في أمور نفسية يشعر بها الإنسان تمامًا ، فنحن - مثلًا - لا نتردَّد في أن حديث يرويه أبو بكر الصديق ليس كحديث يرويه أعرابي ، وكما قال بعض التابعين - عفا الله عنَّا وعنه - حينما قُدِّم له حديث وائل بن حجر في أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما دخل في الصلاة رفع يديه ، وحين ركع رفع يديه ، وحين قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه ؛ خلافًا لما روى عبد الله بن مسعود قال : ألا أصلي لكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟! فرفع يديه ثم لم يعُدْ .
قيل لإبراهيم النخعي : فأين أنت من حديث وائل الذي فيه إثبات الرفع عند غير تكبيرة الإحرام ؟ فأجاب : " ما كنا لندعَ رواية ابن مسعود بأعرابي لو ... على عقبيه " .
هذا بلا شك فيه حطٌّ من قيمة هذا الصحابي ، لكن لا شك ولا ريب أننا لا نستطيع أن نقرنَ وائل بن حجر مع أبي بكر الصديق ، فرواية أبي بكر الصديق في منتهى القوة ، أما رواية وائل فيكفينا أن تكون صحيحة ، فالمسألة هذه أمور لا تخفى على الباحثين ، فإذا جاء الكلام عن الحديث الحسن فهو الذي فيه راوٍ ليس ضبطه بتلك المتانة ، فإشارةً إلى هذه الفارقة البسيطة السهلة سمَّوا حديثه حسنًا ، ثم اصطلحوا زيادة في الإيضاح والتنبيه على تقسيم كل من الصحيح والحسن إلى صحيح لغيره وحسن لغيره ؛ إعرابًا عن هذه المفارقات التي يشعر بها الباحث المتمكِّن في هذا العلم ، لكن هذه المفارقات كما ضربنا مثلًا آنفًا برواية أبي بكر ووائل اليماني لم تجعلنا هالتفاوت بين الرجلين بالذي يحملنا على إسقاط الاحتجاج بحديث وائل ؛ كذلك لا يحملنا أيُّ فرق وُجِدَ بين حديث حسن لذاته وبين حديث آخر حسن لغيره ؛ لأن الثقة التي شعرنا بها في نفوسنا من رواية الراوي للحديث المروي حديثه حسن هي نفسها هذه الثقة تتوفر في النفس حينما نجد طرقًا للحديث تبلغ به إلى مرتبة الحسن لغيره ، وما هي إلا اصطلاحات لفظيَّة تؤدي إلى معنى نفسية يعرفها أهل العلم والفطرة .
هذا هو الجواب عمَّا سألت .
الشيخ : طبعًا ، الجواب بإيجاز : نعم ، وبالتفصيل لا ؛ لأنه جاء في سؤالك بنفس المرتبة ، فستعلم الفرق فيما يأتي ، لو أحد ما طوَّر سؤالك هذا فسلكه على الصورة التالية : هل يُحتج بالحديث الصحيح الآحادي في الأحكام فهو في مرتبة الحديث المشهور أو المستفيض أو المتواتر ؟ ماذا يكون الجواب فهو الجواب ، فماذا ترى ... الجواب ؟
السائل : ... مرَّت عليه .
الشيخ : نعم .
السائل : ... .
الشيخ : السؤال ... ؟ أقول : لو طوَّر سائل ما سؤالك السابق فقال : هل الاحتجاج بالحديث الصحيح الذي هو آحاد ، آحاد غريب فرد ، أو مشهور أو مستفيض أو حديث متواتر ؛ الاحتجاج بكل هذه الأنواع من الأحاديث الصحيحة ماشي في الأحكام الشرعية دون خلاف ؛ هل هذه الأحاديث في مرتبةٍ واحدة من القوة في الاحتجاج ؟ طبعًا الجواب سيكون لا ؛ أليس كذلك ؟ وأقول جوابي آنف الذِّكر : لا ، لكن حينما نقول : لا ، هل يخدش في الاستدلال بالحديث الذي دون أعلى درجة من هذه الدرجات ، وهو الحديث الصحيح الغريب الفردي ؟ أيضًا سيكون الجواب : لا ، ولكن ما يخلُّ ويصح الاستدلال به ، لكن هو ليس في مرتبة الاحتجاج بالحديث المتواتر ، كذلك تمامًا الجواب بالنسبة لسؤالك المُحدَّد بين الحديث الحسن والحديث الصحيح .
السائل : بناءً على ما تقدَّم ؛ لو جاء السؤال التالي : لو تعارض مفهوم حديث صحيح لذاته مع منطوق حديث حسن لغيره ؛ فهل لا زلنا نقول بتقديم منطوق الحديث حسن لغيره ؟
الشيخ : إي نعم ، وذلك هو معنى قول الحافظ ابن حجر في " شرح النخبة " : إذا جاء حديثان متعارضان من قسم المقبول وُفِّق بينهما بوجه من وجوه التوفيق ، المقبول الحسن ... وجب التوفيق بينهما ، ومن المعلوم في علم أصول الفقه أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ، معلوم من أصول الفقه أن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم ، في المصطلح يقول : إذا جاء حديثان من قسم المقبول ، الحسن مقبول ، والصحيح مقبول من باب أولى ؛ فإذا تعارضت دلالة المنصوص الصحيح مع الحسن في النَّصِّ ؛ فدلالة الحسن منطوق ودلالة الصحيح مفهوم ، فلا شك أن دلالة المنطوق هنا من الناحية الفقهية تترجَّح على دلالة المفهوم من هذه الناحية نفسها ، وفي الحديث - مصطلح الحديث - يُسوَّى من حيث الاحتجاج بالحسن كالصحيح ، ويكون الجواب كما سبق ، واضح ؟
السائل : نعم . هذا الحديث الحسن لغيره ... .
الشيخ : سواء كان حسنًا لغيره أو حسنًا لذاته ، لأنُّو أظن لا يخفاكم لماذا اصطلح المحدثون على تسمية نوع من الحديث حسن ؟ ذلك لأن هذا قد قالوا الحديث الحسن بعدما اختلفوا طويلًا في تعريف الحديث الحسن ، قالوا أن الحديث الحسن : ما توفَّرت فيه كل شروط الحديث الصحيح ، لكن شرط الضبط الذي يُشترط أن يكون في الحديث الصحيح لم يتوفر بتمامه في الحديث الحسن ، وإنما أحد رواته خفَّ ضبطه عن راوي الحديث الصحيح ؛ فلبيان مرتبة هذا الراوي للحديث سموا حديثه بالحديث الحسن ، وهذه المعالجة في أمور نفسية يشعر بها الإنسان تمامًا ، فنحن - مثلًا - لا نتردَّد في أن حديث يرويه أبو بكر الصديق ليس كحديث يرويه أعرابي ، وكما قال بعض التابعين - عفا الله عنَّا وعنه - حينما قُدِّم له حديث وائل بن حجر في أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما دخل في الصلاة رفع يديه ، وحين ركع رفع يديه ، وحين قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه ؛ خلافًا لما روى عبد الله بن مسعود قال : ألا أصلي لكم صلاة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟! فرفع يديه ثم لم يعُدْ .
قيل لإبراهيم النخعي : فأين أنت من حديث وائل الذي فيه إثبات الرفع عند غير تكبيرة الإحرام ؟ فأجاب : " ما كنا لندعَ رواية ابن مسعود بأعرابي لو ... على عقبيه " .
هذا بلا شك فيه حطٌّ من قيمة هذا الصحابي ، لكن لا شك ولا ريب أننا لا نستطيع أن نقرنَ وائل بن حجر مع أبي بكر الصديق ، فرواية أبي بكر الصديق في منتهى القوة ، أما رواية وائل فيكفينا أن تكون صحيحة ، فالمسألة هذه أمور لا تخفى على الباحثين ، فإذا جاء الكلام عن الحديث الحسن فهو الذي فيه راوٍ ليس ضبطه بتلك المتانة ، فإشارةً إلى هذه الفارقة البسيطة السهلة سمَّوا حديثه حسنًا ، ثم اصطلحوا زيادة في الإيضاح والتنبيه على تقسيم كل من الصحيح والحسن إلى صحيح لغيره وحسن لغيره ؛ إعرابًا عن هذه المفارقات التي يشعر بها الباحث المتمكِّن في هذا العلم ، لكن هذه المفارقات كما ضربنا مثلًا آنفًا برواية أبي بكر ووائل اليماني لم تجعلنا هالتفاوت بين الرجلين بالذي يحملنا على إسقاط الاحتجاج بحديث وائل ؛ كذلك لا يحملنا أيُّ فرق وُجِدَ بين حديث حسن لذاته وبين حديث آخر حسن لغيره ؛ لأن الثقة التي شعرنا بها في نفوسنا من رواية الراوي للحديث المروي حديثه حسن هي نفسها هذه الثقة تتوفر في النفس حينما نجد طرقًا للحديث تبلغ به إلى مرتبة الحسن لغيره ، وما هي إلا اصطلاحات لفظيَّة تؤدي إلى معنى نفسية يعرفها أهل العلم والفطرة .
هذا هو الجواب عمَّا سألت .
- رحلة النور - شريط : 51
- توقيت الفهرسة : 00:11:48
- نسخة مدققة إملائيًّا