كلام الشاطبي في أنه يُفتى بالقول المشهور عند الناس وإن كان فيه ضعف خشية اضطرابهم والتباس الأمر عليهم . ومسائل نوقشت هي : مسألة دعاء ختم القرآن في الصلاة ، ومسألة إجلاس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه - سبحانه وتعالى - على العرش ، وأمر الخطيب في آخر الخطبة الناسَ بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
A-
A=
A+
السائل : وجه الإشكال في كلام الشاطبي - رحمه الله - ما عُرف من منهجه .
الشيخ : ما إيش ؟
السائل : أقول : وجه الإشكال في كلام الشاطبي الذي أشار إليه الأخ سلطان ما عُرف من منهجه التمسُّك بالسنن ، وطرح الأقوال التي تخالفها .
الشيخ : طيب .
السائل : وهو أنه سئل في أول " الفتاوى الشاطبية " التي أخذ منها " المعيار المُغرب " عن مسألة يكون فيها قولان للعلماء ، أحدهما قوي وله أدلة صحيحة ثابتة ، والآخر في أدلة فيها ضعف ، ولكن له وجهة شرعية قوية ، ويكون الثاني منهما مشهورًا في هذا البلد الذي يريد المفتي أن يفتي فيه في هذه المسألة ، فيقول الشاطبي : الذي أختاره أنه يفتي بالمشهور عند الناس وإن كان فيه ضعفًا ، لأشياء ما ذكر تفاصيلها ، لكن من ضمنها خشية اضطراب العامة والتباس الأمر عليهم ؛ فما رأيك في مثل هذا المسألة ؛ لا سيَّما أن دعوى المشايخ عندنا يحبِّبها ويروِّجها ، ونعاني منها كثيرًا ؟
الشيخ : والله ، إذا كان النقل فيه دقَّة فلا أرى ذلك ، لكن أخشى أن يكون في هناك شيء لا يؤدِّي إلى هذا الذي أنتَ ذكرته ، والفتوى كما تعلمون على قدر النَّصِّ ؛ فإذا كان النَّصُّ كما نقلت - وأنت إن شاء الله أهل للثقة ... - ؛ فنحن نرى هذا خطيرًا جدًّا ، وأنا في مثل هذا أرى أن السكوت خير من الإفتاء بخلاف ما يرى أنه صواب ، السكوت على قاعدة - عليه السلام - : ( من رأي منكم منكرًا فليغيِّره بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ؛ وذلك أضعف الإيمان ) ، فأن يسكت الإنسان ولا يفتي بخلاف الحق الذي يدين الله به أخفُّ من الإفتاء بالخطأ ؛ ولذلك أنا على ما أعرفه من علم بالشاطبي وفيه أستبعد جدًّا أن يذهب هذا المذهب ، فلذلك جزمي بخطئه يوجب عليَّ أن أقف على نصِّ كلامه ، وأنت - جزاك الله خير - ذكرتَ لي بعض الكتب المنسوبة للشاطبي أنا ما وقفت عليها ولا اطَّلعت عليها ، فهل هذه الكتب التي أشرت إليها هي مطبوعة عندكم ؟
السائل : " الفتاوى الشاطبية " طُبعت مؤخَّرًا ، وقد استلَّها رجل من كتاب " المعيار المُغرب في فتاوى علماء المَغرب " .
الشيخ : وكلاهما مطبوع ؟
السائل : نعم ، المعيار مطبوع في 15 مجلدة أو أكثر ، و " الفتاوى الشاطبية " مستلَّة منه ، ثم طُبعت في مجلد صغير يقارب الـ 300 صفحة ، وهذه فتوى - أحسن الله إليك وغفر لك ولوالديك - هي أول الفتاوى في هذا المجموع ، ووجه الإشكال فيها ما تفضَّلت به من منهج الشاطبي القويِّ الصَّلب بالأخذ بالأدلة وطرح ما خالفها عن الأدلة الصحيحة .
الشيخ : فلذلك فالتحري يوجب علينا أن نرجع للأصل المنقول عنه ، واضح ؟
السائل : نعم .
الشيخ : مع الأسف الأصل وما استُلَّ منه كما تقول ما وصلني .
السائل : نبحث فيه ... .
الشيخ : هل كلاهما موجود في المكاتب ؟
السائل : نعم موجود في المكاتب ، ونبعث فيه إليكم - إن شاء الله - .
الشيخ : جزاك الله خير ، الكتاب الأول ... - أيضًا - ؟
السائل : " المعيار " ؟
الشيخ : إي .
السائل : لا ، مطبوع كامل .
الشيخ : كأني سمعت أنو 15 يعني ... .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الذي عندنا الآن 15 مجلدة .
الشيخ : هذا سؤالي ، طيب الخامس عشر يتمُّ الكتاب ؟
السائل : الله أعلم ، ما أدري .
الشيخ : هذه مسألة مهمة في الواقع بخاصة أنها تتعلق بالإمام الشاطبي ، أنا أقول الحقيقة أنو هذا الرجل من نوادر العلماء .
السائل : رحمه الله .
الشيخ : إي والله ، يعني يكاد يكون في ذلك مثل ابن تيمية ، لكن ابن تيمية ما شاء الله بحر لا ساحل له ، لكن من حيث أنه صاحب فكر وآراء لا نجدها في سائر الكتب ومُوفَّق فيها نادر مثل ابن تيمية ومثل هذا الشاطبي ، هذا الذي استلَّ ما استلَّ من " المعيار " لازم يكون يُنظر إلى الأصل .
السائل : إلى الأصل ، نعم .
الشيخ : فهل رجعت إلى الأصل ؟
السائل : لا ، ما رجعت .
الشيخ : ... .
السائل : يا شيخ ، في مسائل يا شيخ عندنا تتابع عليها العلماء والمشايخ في هذا البلد فالذين يقولون بإنكارها بدون صعوبة في محاربتها ، من ضمنها : مسألة دعاء ختم القرآن في الصلاة ، ومن ضمنها - أيضًا - مسألة الإجلاس إجلاس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه - سبحانه وتعالى - على العرش ، وأيضًا قول الخطيب أو أمر الخطيب في آخر الخطبة الناس بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هذه تقريبًا ثلاث مسائل الآن يدور الخلاف فيها بيننا وبين كثير من الإخوان ، فما أدري ما رأيكم فيها باختصار جزاك الله خيرًا ؟
الشيخ : نبدأ بالمسائل واحدة بعد أخرى ؛ ما هي الأولى ؟
السائل : الأولى ختم القرآن .
الشيخ : نعم .
السائل : بعد الفراغ من ... القرآن في صلاة التراويح في رمضان يدعون الناس ختمة غير اللي لعلكم اطلعتم عليها ؛ فما حكم هذا ؟
الشيخ : للأسف أن هذا بدعة ، يجب على المشايخ أن يكونوا على كلمة سواء فيها ، ويأمروا أئمة المساجد أن يقلعوا عنها ؛ فإن خير الهدى هدى محمد ، وكل خير في اتباع من سلف ، المسألة لا تحتاج إلى بحث مناقشة ، هذا رأيي باختصار في المسألة الأولى .
والثانية ما هي ؟
السائل : الثانية مسألة إجلاس الله - سبحانه وتعالى - نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على العرش ، تعلمون أن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - يشدِّد في هذه المسألة ويثبتها ، وقد ذكر الذهبي غير واحد من السلف قال بها تبعًا للإمام أحمد - رحمه الله - ؛ هل لها أصل في السنة ؟ وهل يجوز القول فيها ؟
الشيخ : لا يجوز ، ... نحن نعيش اليوم في يوم من الرجوع إلى الكتاب والسنة يُحاربنا فيه أكثر المسلمين ، وعلى رأسهم مشايخهم ؛ الذين يذهبون إلى أن العقيدة لا تثبت بحديث الآحاد ، وأنتم تعلمون أن كلمة حديث الآحاد أمر اصطلاحي لا يفهمه عامَّة الناس ؛ لأنه يُقابل الحديث المتواتر ، فإن فُرض أن عدد حديث التواتر - وهذا مختلف فيه كل الاختلاف - أن يكون عشرة أشخاص ، عشرة من الصحابة عن الرسول ، وعنهم عشرة من التابعين وهكذا ، إذا فرضنا أنُّو هذا هو عدد التواتر ، ووُجد حديث لم يتوفَّر هذا العدد إلا ناقص واحد ، هذا اسمه خبر آحاد ؛ فأعداء السنة اليوم وقبل اليوم يقولون هذا الحديث الذي له تسعة طرق - هذا فرضًا ما تأخذوه تحديدًا - هذا حديث آحاد فلا تثبت به العقيدة .
وهنا يأتي ما أشرت إليه آنفًا بالنسبة لموضوع وجه المرأة ؛ فنحن نريد أن ننظر إلى الموضوع من ناحيتين ؛ ليس من ناحية بلد معين في عنده هذا التحجُّب الكامل وإلى آخره ؛ فهو لا يريد أن يسمع قولًا قد يشجع بعضهنَّ على التساهل بهذا الحجاب ؛ لأن هناك أطراف أخرى لا يصلون معنا إلى الحدِّ الجائز وليس إلى الحدِّ الأفضل ، كذلك المسألة هنا تمامًا ؛ فجماهير مشايخ المسلمين اليوم المتمذهبين بالمذاهب بشيء من المذاهب الفقهية أو المذاهب الاعتقادية ؛ إذا صح التعبير أمخاخهم - جمع مخ - ممتلئة بأن الحديث الصحيح إن نقص منه عدد التواتر من عدد التواتر واحد لا تثبت به عقيدة ؛ فكيف نريدهم أن يعتقدوا أن الله - عز وجل - يُجلس نبيَّه يوم القيامة على عرشه ، ولا حديث في ذلك إطلاقًا ؟ فما ينبغي نحن أن يعني نحارب الناس بكل عقيدة لم تثبت في السنة ؛ حسبنا أن يتَّفقوا معنا على ما ثبت في السنة الصحيحة ولو كانت آحادًا .
وعلى هذا حينما أنا اختصرت " كتاب العلو " للحافظ الذهبي نصَصْتُ في المقدمة أنني حذفت منه الأحاديث الضعيفة والآثار التي لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأظن ذكرت ما يكفي هذا المعنى ؛ أنُّو نحن إذا استطعنا أن نحمل المشايخ هدول على أن يؤمنوا معنا بما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يتعلَّق بأمور الغيب بعامة ، أو في صفات الله - عز وجل - وأسمائه بصورة خاصة ، نكون نحن تقدَّمنا شطرًا كبيرًا وتقاربنا معهم ، أنا لي أقول لهم أنُّو الإمام أحمد أو غيره كان يقول بأن مجاهدًا قال : بأن الله - تبارك وتعالى - يُجلس محمدًا يوم القيامة على عرشه ، أنا أعذرهم إذا دعوناهم إلى الإيمان بمثل هذا أن يبتعدوا عنا بالإيمان بما يجب عليهم الإيمان به من الأحاديث الصحيحة في الآحاد ؛ فلذلك فأنا أشعر بأن المشكلة سواء مع جماهير المشايخ ... المسلمين والتقليد ، وكذلك موجود هذه الآفة في كثير من المنتمي إلى مذهب السلف الصالح هو التقليد ؛ فلذلك المخرج هو الدَّندنة دائمًا وأبدًا حول التخلُّص من هذا التقليد سواء كان في العقيدة أو الأحكام ، فأنا أتعجَّب كيف تمشي هذه العقيدة فتصبح عقيدة خلف تبعًا للسلف ، وليس لها أصل في السنة ، نعم صحَّ ذلك عن مجاهد ، وأنا أعرف هذا ، لكن كما قلت آنفًا بالنسبة لرواية عبيدة السلماني أنُّو تلا الآية وفسَّرها كشف عن عين واحدة ، هذا لو رفعه إلى الرسول - عليه السلام - كان حديثه مرسلًا ، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف ؛ فكيف هو موقفه موقوف عليه ؟ هكذا رواية مجاهد لو رفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حديثًا مرسلًا ؛ فكيف وهو لم يُروَ عنه مرفوعًا ؟ ينبغي أن لا نتردَّد في عدم قبول هذه العقيدة .
والثالثة إيش ؟
السائل : قبل أن ننتقل إلى ثالثًا ابن كثير في " البداية والنهاية " ذكر في الحوادث 317 أنو حصل بين الحنابلة أصحاب أبي بكر المروذي وبين العامة خلاف في تفسير قوله - سبحانه وتعالى - : (( عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا )) ، فقال الحنابلة : هو إجلاس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربِّه على العرش ، وقالت العامة : هي الشفاعة ، وحصل بينهم اقتتال وقُتل بين الفريقين قتلى كثر .
الشيخ : الله أكبر !
السائل : بخصوص المسألة هذه .
الشيخ : إي نعم .
السائل : المسألة الثالثة : مسألة أمر الخطيب في آخر الخطبة الناس بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه لا يكاد مسجد من مساجدنا يخلو منها ؟
الشيخ : وكذلك مساجد في سوريا وفي الأردن يضجُّ المسجد بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما يأمرهم الخطيب ، هذا بلا شك - كما يقول الإمام الشاطبي - من البدع الإضافية ؛ لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول الأعمال كما جاء في الحديث الصحيح : ( من صلَّى عليَّ مرَّة واحدة صلَّى الله عليه بها عشرًا ) ، لكن جعل ذلك من تمام الخطبة والتزامها وهم لم يلتزموا خطبة الحاجة التي نحن ندندن دائمًا حولها مع التزام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إيَّاها في كلِّ خطبه ليس في الجمعة فقط ، بل وفي غيرها ؛ فهذا قلب للحقائق الشرعية إهدار العمل بالسنة والإصرار على العمل بالبدعة ، فما أدري والله لماذا ولا يزال الدَّولة والصَّولة بيد علمائكم في هذه البلاد ، وهذه فضيلة يعني ما أظن يشارككم فيها بلاد أخرى ؛ لماذا لا يستعملون سلطتهم ولا يصدرون فتواهم ؛ لأن هذا لا ينبغي أن يُفعل ، الخطبة المقصود منها الموعظة والتذكير والتعليم لما قد يعرض للمسلمين ويجب عليهم أن يتعلَّموه ، وهم ... ما سبق من الأمثلة الأخرى ، وإلا ستكون هناك حجَّة للمبتدعة أن يقولوا هذه البدعة الفلانية ؛ أنا - مثلًا - يُقال لي : أنت بتقول أن كذا هو ليس بالسنة ، هَيْ ... المدينة ، هَيْ قبر الرسول في مسجده إلى آخره ، بينما كان هذا من الممكن كما كنت اقترحت أنا قديمًا في كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " أن يُفصل القبر عن المسجد ، ويعود إلى ما كان حينما يعني قبل تجديد المسجد النبوي ، حجرة عائشة مفصولة عن المسجد وانتهى الأمر ، فيتخذون هذا حجَّة علينا ؛ هَيْ مسجد الرسول قبره به ، فهات بقى قنِّعهم أنُّو كيف أن الرسول دُفن في بيته وكيف فيما بعد لما وسَّعوا المسجد كان عليهم أن يأتوا إلى جهة باب السلام ، توسَّعوا إلى نحو البقيع ، ودخل القبر في المسجد ، هات حتى تقنِّع الناس بأن الحقيقة عامة الناس يتأثَّرون بالواقع بالفعل أكثر مما يتأثرون بالقول ، ما أدري يعني العلماء عندكم لا يزالون عندهم يعني صولة ودولة ويشملهم الآية : "" وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم "" وأطيعوا الله والرسول "" . نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ )) ؛ فهؤلاء لماذا لا يستغلُّون منصبهم العلمي ؟ وما أظن هناك نعرف أنُّو في هناك مسائل - مثلًا - قد تتعارض مع سياسة الدولة العامة ، لكن هذه قضايا دينية محضة ما لها علاقة بالسياسة ؛ فلذلك أنا أعتبر أن هذا تقصير يجب أن يُتدارك .
-- وين محمد ؟
سائل آخر : ... -- .
سائل آخر : ... .
السائل : لكن لا يُشترط الزيادة ، أحيانًا - مثلًا - من باب تأديب النفس ومعالجتها يفعل أفعال غير مشروعة مثل بعض الناس ، ما أدري عن بعض السلف يذهب إلى القبر وينام فيه .
الشيخ : شو بيساوي ؟
السائل : يذهب إلى القبر ، يضع له قبرًا ويذهب إليه ؛ لكي يذكِّر نفسه بالمصير ، أو يقوم - مثلًا - إذا أراد أن يقوم الليل ورأى نفسه فيها شيء من التعب ... .
الشيخ : الله أكبر . أنت أظن تعبيرك فيه تسامح ... ممكن ... ، تقول من السلف .
السائل : لا ، أنا قرأت في بعض التراجم أنه استند على الآية .
الشيخ : من هو ؟
السائل : خالد بن عبد الله بن عمر .
الشيخ : مين ؟
السائل : خالد بن عبد الله بن عمر ذُكر في ترجمته أنه وضع لنفسه قبرًا يذهب إليه .
الشيخ : سامحه الله وسامح من رواه ؛ هل يستند بذلك إلى سند صحيح ؟ ستقول : لا أدري . " الجميع يضحك " .
الشيخ : ما إيش ؟
السائل : أقول : وجه الإشكال في كلام الشاطبي الذي أشار إليه الأخ سلطان ما عُرف من منهجه التمسُّك بالسنن ، وطرح الأقوال التي تخالفها .
الشيخ : طيب .
السائل : وهو أنه سئل في أول " الفتاوى الشاطبية " التي أخذ منها " المعيار المُغرب " عن مسألة يكون فيها قولان للعلماء ، أحدهما قوي وله أدلة صحيحة ثابتة ، والآخر في أدلة فيها ضعف ، ولكن له وجهة شرعية قوية ، ويكون الثاني منهما مشهورًا في هذا البلد الذي يريد المفتي أن يفتي فيه في هذه المسألة ، فيقول الشاطبي : الذي أختاره أنه يفتي بالمشهور عند الناس وإن كان فيه ضعفًا ، لأشياء ما ذكر تفاصيلها ، لكن من ضمنها خشية اضطراب العامة والتباس الأمر عليهم ؛ فما رأيك في مثل هذا المسألة ؛ لا سيَّما أن دعوى المشايخ عندنا يحبِّبها ويروِّجها ، ونعاني منها كثيرًا ؟
الشيخ : والله ، إذا كان النقل فيه دقَّة فلا أرى ذلك ، لكن أخشى أن يكون في هناك شيء لا يؤدِّي إلى هذا الذي أنتَ ذكرته ، والفتوى كما تعلمون على قدر النَّصِّ ؛ فإذا كان النَّصُّ كما نقلت - وأنت إن شاء الله أهل للثقة ... - ؛ فنحن نرى هذا خطيرًا جدًّا ، وأنا في مثل هذا أرى أن السكوت خير من الإفتاء بخلاف ما يرى أنه صواب ، السكوت على قاعدة - عليه السلام - : ( من رأي منكم منكرًا فليغيِّره بيده ؛ فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ؛ وذلك أضعف الإيمان ) ، فأن يسكت الإنسان ولا يفتي بخلاف الحق الذي يدين الله به أخفُّ من الإفتاء بالخطأ ؛ ولذلك أنا على ما أعرفه من علم بالشاطبي وفيه أستبعد جدًّا أن يذهب هذا المذهب ، فلذلك جزمي بخطئه يوجب عليَّ أن أقف على نصِّ كلامه ، وأنت - جزاك الله خير - ذكرتَ لي بعض الكتب المنسوبة للشاطبي أنا ما وقفت عليها ولا اطَّلعت عليها ، فهل هذه الكتب التي أشرت إليها هي مطبوعة عندكم ؟
السائل : " الفتاوى الشاطبية " طُبعت مؤخَّرًا ، وقد استلَّها رجل من كتاب " المعيار المُغرب في فتاوى علماء المَغرب " .
الشيخ : وكلاهما مطبوع ؟
السائل : نعم ، المعيار مطبوع في 15 مجلدة أو أكثر ، و " الفتاوى الشاطبية " مستلَّة منه ، ثم طُبعت في مجلد صغير يقارب الـ 300 صفحة ، وهذه فتوى - أحسن الله إليك وغفر لك ولوالديك - هي أول الفتاوى في هذا المجموع ، ووجه الإشكال فيها ما تفضَّلت به من منهج الشاطبي القويِّ الصَّلب بالأخذ بالأدلة وطرح ما خالفها عن الأدلة الصحيحة .
الشيخ : فلذلك فالتحري يوجب علينا أن نرجع للأصل المنقول عنه ، واضح ؟
السائل : نعم .
الشيخ : مع الأسف الأصل وما استُلَّ منه كما تقول ما وصلني .
السائل : نبحث فيه ... .
الشيخ : هل كلاهما موجود في المكاتب ؟
السائل : نعم موجود في المكاتب ، ونبعث فيه إليكم - إن شاء الله - .
الشيخ : جزاك الله خير ، الكتاب الأول ... - أيضًا - ؟
السائل : " المعيار " ؟
الشيخ : إي .
السائل : لا ، مطبوع كامل .
الشيخ : كأني سمعت أنو 15 يعني ... .
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : الذي عندنا الآن 15 مجلدة .
الشيخ : هذا سؤالي ، طيب الخامس عشر يتمُّ الكتاب ؟
السائل : الله أعلم ، ما أدري .
الشيخ : هذه مسألة مهمة في الواقع بخاصة أنها تتعلق بالإمام الشاطبي ، أنا أقول الحقيقة أنو هذا الرجل من نوادر العلماء .
السائل : رحمه الله .
الشيخ : إي والله ، يعني يكاد يكون في ذلك مثل ابن تيمية ، لكن ابن تيمية ما شاء الله بحر لا ساحل له ، لكن من حيث أنه صاحب فكر وآراء لا نجدها في سائر الكتب ومُوفَّق فيها نادر مثل ابن تيمية ومثل هذا الشاطبي ، هذا الذي استلَّ ما استلَّ من " المعيار " لازم يكون يُنظر إلى الأصل .
السائل : إلى الأصل ، نعم .
الشيخ : فهل رجعت إلى الأصل ؟
السائل : لا ، ما رجعت .
الشيخ : ... .
السائل : يا شيخ ، في مسائل يا شيخ عندنا تتابع عليها العلماء والمشايخ في هذا البلد فالذين يقولون بإنكارها بدون صعوبة في محاربتها ، من ضمنها : مسألة دعاء ختم القرآن في الصلاة ، ومن ضمنها - أيضًا - مسألة الإجلاس إجلاس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربه - سبحانه وتعالى - على العرش ، وأيضًا قول الخطيب أو أمر الخطيب في آخر الخطبة الناس بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هذه تقريبًا ثلاث مسائل الآن يدور الخلاف فيها بيننا وبين كثير من الإخوان ، فما أدري ما رأيكم فيها باختصار جزاك الله خيرًا ؟
الشيخ : نبدأ بالمسائل واحدة بعد أخرى ؛ ما هي الأولى ؟
السائل : الأولى ختم القرآن .
الشيخ : نعم .
السائل : بعد الفراغ من ... القرآن في صلاة التراويح في رمضان يدعون الناس ختمة غير اللي لعلكم اطلعتم عليها ؛ فما حكم هذا ؟
الشيخ : للأسف أن هذا بدعة ، يجب على المشايخ أن يكونوا على كلمة سواء فيها ، ويأمروا أئمة المساجد أن يقلعوا عنها ؛ فإن خير الهدى هدى محمد ، وكل خير في اتباع من سلف ، المسألة لا تحتاج إلى بحث مناقشة ، هذا رأيي باختصار في المسألة الأولى .
والثانية ما هي ؟
السائل : الثانية مسألة إجلاس الله - سبحانه وتعالى - نبيَّه محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على العرش ، تعلمون أن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - يشدِّد في هذه المسألة ويثبتها ، وقد ذكر الذهبي غير واحد من السلف قال بها تبعًا للإمام أحمد - رحمه الله - ؛ هل لها أصل في السنة ؟ وهل يجوز القول فيها ؟
الشيخ : لا يجوز ، ... نحن نعيش اليوم في يوم من الرجوع إلى الكتاب والسنة يُحاربنا فيه أكثر المسلمين ، وعلى رأسهم مشايخهم ؛ الذين يذهبون إلى أن العقيدة لا تثبت بحديث الآحاد ، وأنتم تعلمون أن كلمة حديث الآحاد أمر اصطلاحي لا يفهمه عامَّة الناس ؛ لأنه يُقابل الحديث المتواتر ، فإن فُرض أن عدد حديث التواتر - وهذا مختلف فيه كل الاختلاف - أن يكون عشرة أشخاص ، عشرة من الصحابة عن الرسول ، وعنهم عشرة من التابعين وهكذا ، إذا فرضنا أنُّو هذا هو عدد التواتر ، ووُجد حديث لم يتوفَّر هذا العدد إلا ناقص واحد ، هذا اسمه خبر آحاد ؛ فأعداء السنة اليوم وقبل اليوم يقولون هذا الحديث الذي له تسعة طرق - هذا فرضًا ما تأخذوه تحديدًا - هذا حديث آحاد فلا تثبت به العقيدة .
وهنا يأتي ما أشرت إليه آنفًا بالنسبة لموضوع وجه المرأة ؛ فنحن نريد أن ننظر إلى الموضوع من ناحيتين ؛ ليس من ناحية بلد معين في عنده هذا التحجُّب الكامل وإلى آخره ؛ فهو لا يريد أن يسمع قولًا قد يشجع بعضهنَّ على التساهل بهذا الحجاب ؛ لأن هناك أطراف أخرى لا يصلون معنا إلى الحدِّ الجائز وليس إلى الحدِّ الأفضل ، كذلك المسألة هنا تمامًا ؛ فجماهير مشايخ المسلمين اليوم المتمذهبين بالمذاهب بشيء من المذاهب الفقهية أو المذاهب الاعتقادية ؛ إذا صح التعبير أمخاخهم - جمع مخ - ممتلئة بأن الحديث الصحيح إن نقص منه عدد التواتر من عدد التواتر واحد لا تثبت به عقيدة ؛ فكيف نريدهم أن يعتقدوا أن الله - عز وجل - يُجلس نبيَّه يوم القيامة على عرشه ، ولا حديث في ذلك إطلاقًا ؟ فما ينبغي نحن أن يعني نحارب الناس بكل عقيدة لم تثبت في السنة ؛ حسبنا أن يتَّفقوا معنا على ما ثبت في السنة الصحيحة ولو كانت آحادًا .
وعلى هذا حينما أنا اختصرت " كتاب العلو " للحافظ الذهبي نصَصْتُ في المقدمة أنني حذفت منه الأحاديث الضعيفة والآثار التي لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وأظن ذكرت ما يكفي هذا المعنى ؛ أنُّو نحن إذا استطعنا أن نحمل المشايخ هدول على أن يؤمنوا معنا بما صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فيما يتعلَّق بأمور الغيب بعامة ، أو في صفات الله - عز وجل - وأسمائه بصورة خاصة ، نكون نحن تقدَّمنا شطرًا كبيرًا وتقاربنا معهم ، أنا لي أقول لهم أنُّو الإمام أحمد أو غيره كان يقول بأن مجاهدًا قال : بأن الله - تبارك وتعالى - يُجلس محمدًا يوم القيامة على عرشه ، أنا أعذرهم إذا دعوناهم إلى الإيمان بمثل هذا أن يبتعدوا عنا بالإيمان بما يجب عليهم الإيمان به من الأحاديث الصحيحة في الآحاد ؛ فلذلك فأنا أشعر بأن المشكلة سواء مع جماهير المشايخ ... المسلمين والتقليد ، وكذلك موجود هذه الآفة في كثير من المنتمي إلى مذهب السلف الصالح هو التقليد ؛ فلذلك المخرج هو الدَّندنة دائمًا وأبدًا حول التخلُّص من هذا التقليد سواء كان في العقيدة أو الأحكام ، فأنا أتعجَّب كيف تمشي هذه العقيدة فتصبح عقيدة خلف تبعًا للسلف ، وليس لها أصل في السنة ، نعم صحَّ ذلك عن مجاهد ، وأنا أعرف هذا ، لكن كما قلت آنفًا بالنسبة لرواية عبيدة السلماني أنُّو تلا الآية وفسَّرها كشف عن عين واحدة ، هذا لو رفعه إلى الرسول - عليه السلام - كان حديثه مرسلًا ، والمرسل من أقسام الحديث الضعيف ؛ فكيف هو موقفه موقوف عليه ؟ هكذا رواية مجاهد لو رفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كان حديثًا مرسلًا ؛ فكيف وهو لم يُروَ عنه مرفوعًا ؟ ينبغي أن لا نتردَّد في عدم قبول هذه العقيدة .
والثالثة إيش ؟
السائل : قبل أن ننتقل إلى ثالثًا ابن كثير في " البداية والنهاية " ذكر في الحوادث 317 أنو حصل بين الحنابلة أصحاب أبي بكر المروذي وبين العامة خلاف في تفسير قوله - سبحانه وتعالى - : (( عَسى أنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحْمُودًا )) ، فقال الحنابلة : هو إجلاس النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ربِّه على العرش ، وقالت العامة : هي الشفاعة ، وحصل بينهم اقتتال وقُتل بين الفريقين قتلى كثر .
الشيخ : الله أكبر !
السائل : بخصوص المسألة هذه .
الشيخ : إي نعم .
السائل : المسألة الثالثة : مسألة أمر الخطيب في آخر الخطبة الناس بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذه لا يكاد مسجد من مساجدنا يخلو منها ؟
الشيخ : وكذلك مساجد في سوريا وفي الأردن يضجُّ المسجد بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما يأمرهم الخطيب ، هذا بلا شك - كما يقول الإمام الشاطبي - من البدع الإضافية ؛ لأن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - من أول الأعمال كما جاء في الحديث الصحيح : ( من صلَّى عليَّ مرَّة واحدة صلَّى الله عليه بها عشرًا ) ، لكن جعل ذلك من تمام الخطبة والتزامها وهم لم يلتزموا خطبة الحاجة التي نحن ندندن دائمًا حولها مع التزام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - إيَّاها في كلِّ خطبه ليس في الجمعة فقط ، بل وفي غيرها ؛ فهذا قلب للحقائق الشرعية إهدار العمل بالسنة والإصرار على العمل بالبدعة ، فما أدري والله لماذا ولا يزال الدَّولة والصَّولة بيد علمائكم في هذه البلاد ، وهذه فضيلة يعني ما أظن يشارككم فيها بلاد أخرى ؛ لماذا لا يستعملون سلطتهم ولا يصدرون فتواهم ؛ لأن هذا لا ينبغي أن يُفعل ، الخطبة المقصود منها الموعظة والتذكير والتعليم لما قد يعرض للمسلمين ويجب عليهم أن يتعلَّموه ، وهم ... ما سبق من الأمثلة الأخرى ، وإلا ستكون هناك حجَّة للمبتدعة أن يقولوا هذه البدعة الفلانية ؛ أنا - مثلًا - يُقال لي : أنت بتقول أن كذا هو ليس بالسنة ، هَيْ ... المدينة ، هَيْ قبر الرسول في مسجده إلى آخره ، بينما كان هذا من الممكن كما كنت اقترحت أنا قديمًا في كتاب " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " أن يُفصل القبر عن المسجد ، ويعود إلى ما كان حينما يعني قبل تجديد المسجد النبوي ، حجرة عائشة مفصولة عن المسجد وانتهى الأمر ، فيتخذون هذا حجَّة علينا ؛ هَيْ مسجد الرسول قبره به ، فهات بقى قنِّعهم أنُّو كيف أن الرسول دُفن في بيته وكيف فيما بعد لما وسَّعوا المسجد كان عليهم أن يأتوا إلى جهة باب السلام ، توسَّعوا إلى نحو البقيع ، ودخل القبر في المسجد ، هات حتى تقنِّع الناس بأن الحقيقة عامة الناس يتأثَّرون بالواقع بالفعل أكثر مما يتأثرون بالقول ، ما أدري يعني العلماء عندكم لا يزالون عندهم يعني صولة ودولة ويشملهم الآية : "" وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم "" وأطيعوا الله والرسول "" . نعم ؟
السائل : ... .
الشيخ : (( أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ )) ؛ فهؤلاء لماذا لا يستغلُّون منصبهم العلمي ؟ وما أظن هناك نعرف أنُّو في هناك مسائل - مثلًا - قد تتعارض مع سياسة الدولة العامة ، لكن هذه قضايا دينية محضة ما لها علاقة بالسياسة ؛ فلذلك أنا أعتبر أن هذا تقصير يجب أن يُتدارك .
-- وين محمد ؟
سائل آخر : ... -- .
سائل آخر : ... .
السائل : لكن لا يُشترط الزيادة ، أحيانًا - مثلًا - من باب تأديب النفس ومعالجتها يفعل أفعال غير مشروعة مثل بعض الناس ، ما أدري عن بعض السلف يذهب إلى القبر وينام فيه .
الشيخ : شو بيساوي ؟
السائل : يذهب إلى القبر ، يضع له قبرًا ويذهب إليه ؛ لكي يذكِّر نفسه بالمصير ، أو يقوم - مثلًا - إذا أراد أن يقوم الليل ورأى نفسه فيها شيء من التعب ... .
الشيخ : الله أكبر . أنت أظن تعبيرك فيه تسامح ... ممكن ... ، تقول من السلف .
السائل : لا ، أنا قرأت في بعض التراجم أنه استند على الآية .
الشيخ : من هو ؟
السائل : خالد بن عبد الله بن عمر .
الشيخ : مين ؟
السائل : خالد بن عبد الله بن عمر ذُكر في ترجمته أنه وضع لنفسه قبرًا يذهب إليه .
الشيخ : سامحه الله وسامح من رواه ؛ هل يستند بذلك إلى سند صحيح ؟ ستقول : لا أدري . " الجميع يضحك " .
- رحلة النور - شريط : 45
- توقيت الفهرسة : 00:01:26
- نسخة مدققة إملائيًّا