في مسألة أن وجه المرأة ليس بعورة .
A-
A=
A+
السائل : في الحقيقة نسمع عن أن وجه المرأة ليس بعورة ونحب أن نستفيد أثابك الله .
الشيخ : أثابني الله بكم .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : وإياك .
السائل : الأدلة - طال عمرك - على إباحة كشف المرأة لوجهها ؟
الشيخ : نعم .
السائل : علمًا أن ... ونرى أن الأسلوب لكنهم الذين ليسوا على درجة عالية ... على النساء ينظرون إلى النساء نظرات ليست بالبسيطة ... المرأة أن يركز على وجهها ، وإذا جلس في مجالسهم فتجدهم يتذاكرون في بياضها في جمالها في عينها في أنفها في فمها ، وقد أفرغ الشعراء قديمًا على هذه الأشياء وعلى الخدود ، وما فيها من نعومة إلى آخره ، ... الله يحفظك ويبارك فيك وجزاك عن المسلمين خيرًا ، وننشر العلوم التي أنت منشغل على نشرها ما كان موافقًا للكتاب والسنة ؛ نسأل الله أن ييسِّرها إلى آخر الزمان وأن ينفعك بأجرها ، .. الإسلام جاء بسدِّ الذرائع كما لا يخفاك ، الحمد لله نعرف أدلَّتها ؛ علمًا أنه ثبت ثبوتًا حقيقيًّا قاطعًا ... أمة الإسلام المشهورين المعتبرين الذين ... أُثني عليهم بل ونقتدي جميعًا بهم ؛ فهم الذين من الذين أمر الله - سبحانه وتعالى - أن نأخذ على ... الإمام أحمد بن حنبل ، والشيخ أحمد بن عبد السلام وابن تيمية - رحمه الله - وابن القيم ، وغيرهم كثير من الأئمة الأربعة ؛ أي : من غير الإمام أحمد ... وبذلك - الله يحسن إليك - ، كذلك فتوى ابن مسعود - رحمه الله - الذي عاصر عهد النبوة ونزول الوحي ، وبيَّن ما كان عليه النساء ... قال حينما قال : ... عينًا واحدة ، وفيما يُروى - كما ذكر ابن تيمية - عن ابن عباس أنه في آخر القولين قال : ... أحسن الله اليك ؟
الشيخ : بارك الله فيك ، فبعد ما ذكرت من العزو لابن عباس وابن مسعود نظر ، وعلى كلِّ حال فالتفصيل الآن في هذا الضعف كأنه يبدو أنه سابق لأوانه ، وطلبُك الدليل على أن وجه المرأة ليس بعورة هو حقٌّ ، ولكن في اعتقادي أنك تعلم أن الأصل في الأشياء كلها الإباحة ، وأن من ادَّعى تحريم شيء فهو الذي ينبغي أن يأتيَ بالدليل المحرِّم لهذا الشيء ؛ وإلا فالبقاء على الأصل الذي هو الإباحة هو القاعدة العلمية التي أعتقد أنها لا تخفى عليك - إن شاء الله تعالى - ، وعلى كل حال كما ذكرت من أن بعض الأئمة الذين نقدِّرهم ونقتدي بهم أو كما ذكرت ، ولكن ما الذي يحمل بعضَ علمائنا الأفاضل على التمسُّك ببعض الأئمة دون الأئمة الآخرين ؛ فمثلًا أنا كنت ذكرت في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة " أن مذهب جمهور العلماء أن وجه المرأة ليس بعورة ، فإذا كان - وهو كذلك - الإمام أحمد يرى أن وجه المرأة عورة ؛ فالإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي يرون أن وجه المرأة ليس بعورة ، فإذا ما أردنا أن نبدأ الموضوع وننطلق فيه من عند أقوال العلماء فالمسألة ولا شك مختلف فيها بين العلماء قديمًا وحديثًا ، وما جاء في كلامك مما يُفسَّر إلى ابن مسعود هو صحيح ، أما ما نسبتَه إلى ابن عباس فغير صحيح ، فالرواية التي تُنسب إلى ابن عباس في بعض كتب التفسير ومنها " تفسير ابن جرير الطبري " ؛ فهو ساق هذه الرواية بإسناده كما هي عادته ، وفي السند ... العلة الأولى الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ، والعلة الأخرى أن فيه أبو صالح كاتب الليث ، وهو مُتكلَّم فيه بسبب سوء حفظه ، ولذلك ففي اعتقادي لا يحسن الانطلاق أو الخوض في هذه المسألة للنظر إلى أقوال العلماء ؛ لأنها بلا شك مسألة مُختلف فيها ، وحينئذٍ وجب الرجوع إلى قوله - تعالى - : (( وإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا )) .
لقد فعلت هذا حينما ألَّفت ذاك الكتاب " حجاب المرأة المسلمة " الذي ذكرته آنفًا ، فانتهيت إلى قول ابن عباس وقول ابن عمر أن وجه المرأة ليس بعورة ، ولا يوجد عند الذين يصرِّحون بأن وجه المرأة عورة لا يوجد لديهم دليل مطلقًا ؛ لا من كتاب الله ولا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإذ الأمر كذلك فوجب البقاء على الأصل الذي هو الإباحة ، ومن ادَّعى التحريم فهو الذي عليه أن يأتي بالدليل ، فإن وُفِّق لذلك ... فنحن باقون على الأصل المُتَّفق عليه ؛ ألا وهو إباحة أيِّ شيء لم يأتِ في الكتاب أو السنة الصحيحة ما يدلُّ على تحريمه ، هذا ما عندي ابتداءً جوابًا عن ذاك السؤال ؛ فإذا كان لديكم دليل للتَّحريم غير ... الذي تلجؤون إليه وتدندنون حوله وهو أن أجمل ما في المرأة الوجه ؛ هذا الكلام أشبه بكلام الفلسفي الذي يمكن أن يُعارض بمثله ، وهذا لا يكون دليلًا باتفاق العلماء على تحريم الشيء بمجرَّد الرأي ، وإنما بالدليل من الكتاب والسنة ، فإذا كان عندكم دليل من الكتاب والسنة فنرجو أن نسمعه ، وأنا على يقين أنه لا دليل ؛ لأن المسألة كنت بحثتُها بحثًا مطوَّلًا جدًّا في الكتاب المشار إليه آنفًا ؛ فإذا كان لديكم شيء مما أشرتُ إليه فتفضَّلوا نسمعه - إن شاء الله - .
السائل : بارك الله فيك ... نعم ، وأنا أنقل بعضًا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بأن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراةً ، أنزل الله - سبحانه تعالى - هذا كما يفسِّر شيخ الإسلام ابن تيمية سورة الأعراب ، وأنزل فيها : (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) ، وقوله - تعالى - : (( قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ )) ... ، ثمَّ لما ذهبوا إلى المدينة نزل أوَّل الأمرين بتغطية كل شيء ما عدا الوجه والكفين ، ثم بعد ذلك كان آخر الأمرين على حسب ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية هو تغطية الوجه ، وهو - أيضًا - أعني شيخ الإسلام ابن تيمية أورد قول ابن عباس هذا ، واستدلَّ به ، وأنا إنما قلت : وإنما رُوِيَ عن ابن عباس ، لكن ابن مسعود فيما يظهر لي أنه يصف الحالة التي كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال : تغطِّي وجهها وتبدو عين واحدة ، أيضًا ما رُوي في " صحيح البخاري " .
الشيخ : هذا - بارك الله فيك - ليس عن ابن مسعود ، هذا لا يُروى عن ابن مسعود في أيِّ كتاب ، هذا مروي عن ابن عباس فقط وعن عبيدة السلماني ، أما ابن مسعود لا يُروى عنه هذه الرواية ، هذه الرواية عن ابن عباس فقط .
السائل : في رواية .
الشيخ : إي ، في أي كتاب ؟
السائل : في تفسير ... ... .
الشيخ : هذه الرواية لا توجد ... فما أدري ... .
السائل : ... .
الشيخ : أنا أرجو حتى ما نطيل البحث ... الدليل كما تعلم من قول العلماء وبخاصَّة قول ابن القيم :
" العلم قال الله قال رسولهُ *** قال الصحابة ليس بالتمويهِ
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيهِ
كلا ولا جحد الصفات ونفيُها *** حذرًا من التعطيل والتشبيهِ "
فأنا أرجو أن أحظى بجواب على سؤالي الأخير ؛ أنو أنت واضح كلامك جدًّا أن الأصل في الأشياء الإباحة ، فبدأت تنقل كلام ابن تيمية وكلام ابن مسعود وكلام ابن عباس ، على الرأس والعين ، ولكن المسألة مُختلف فيها بين الصحابة ، فينبغي أن نرجع حين التَّنازع كما ذكرت في الآية آنفًا إلى قول الله وقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأنت - بارك الله فيك - عليك أن تختصر لنا الطريق ؛ لأنه نحن معنا نحو أقل من ساعة من الزمن فنريد أن نسمع منك ما هو الدليل على هذا التحريم الذي تصرُّون عليه ؟ والمسألة خلافية بين الصحابة وبين العلماء ، وجمهور العلماء - كما ذكرت آنفًا - على أن المرأة وجهها ليس بعورة ، وهذا لا يعني أنه لا يجوز الستر والستر هو الأفضل ، لكن البحث - بارك الله فيك - ما هو الدليل المحرِّم على المرأة أن تكشف عن وجهها ؟ هذا هو المطلوب ، وهذا هو الطريق الذي يقرِّب إلينا الوصول إلى معرفة الحق - إن شاء الله تعالى - .
ثم شيء آخر : إذا ذكرنا رواية ما يجب أن نكون على علم بثبوتها ، ولا نشغل أنفسنا ببيان ضعفها ؛ لأن ما صح يُغنينا عما لم يصح ، فأنت ذكرت عن ابن مسعود رواية أنه أباح كشف العين الواحدة ، هذه الرواية - فيما أحفظ - إنما هي عن ابن عباس ، والسَّند إليه فيه علتان ، الانقطاع بين علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وفيه - أيضًا - أبو صالح كاتب الليث وهو ضعيف ، أما عن ابن مسعود فلا يوجد هذه الرواية ، إنما هناك رواية يُفهم منها عن ابن مسعود أن وجه المرأة يجب أن تسترَه ؛ هذا ممكن ، أما أنه تروى عنه رواية بأنه أباح للمرأة أن تكشف عن عين واحدة فأظن أنه اختلط عليك الرواية بأخرى ، هذه الرواية نعرفها عن ابن عباس ، أما عن ابن مسعود فلا يوجد مثلها إطلاقًا ، وإنما المروي عنه أن المرأة تغطي وجهها تغطي كل بدنها ، حتى هو لم يذكر الوجه فيما أعتقد بنصٍّ صراحة ، وإنما تغطي جميع جسمها ، هذا معروف عن ابن مسعود ، ولا يخفى علينا والحمد لله ، أما أن يُنسب إليه أنه قال كما رُوي عن ابن عباس فهذا لا أحفظه ؛ فلذلك طالبتك بالمرجع ، وها هو الآن " تفسير ابن كثير " أعطه للشيخ خليه ... .
السائل : الله يحسن إليك ، جزاك الله خير .
الشيخ : الله يبارك فيك .
السائل : أما بالنسبة للدليل فهو الدليل حديث الخثعميَّة الذي ثبت في " الصحيحين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتَتْه امرأة وضيئة ، وسألته عن الاستنابة إلى الحج ، وأجابها - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وكان الفضل ابن عباس - رضي الله عنهما - ينظر إليها وتنظر إليه ، ثم بعد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يدَه على وجه الفضل ، ثم بعد ذلك أدارَ وجهَه إلى الجانب الآخر ، ثم بعد ذلك .
الشيخ : من الذي أدار وجهه ؟
السائل : النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الفضل ... .
الشيخ : مفهوم لكن ... .
السائل : إي .
الشيخ : يعني لما الرسول رأى الفضل ينظر للمرأة ، أدارَ وجهَ الفضل إلى الشقِّ الآخر .
السائل : نعم .
الشيخ : ثم ... .
السائل : نكتفي بهذا .
الشيخ : طيب .
السائل : فلما أدار وجهه للشقِّ آخر ؛ فهذا دليل على أن وجه المرأة لو لم يكن عورة لَمَا منعه من النظر إليها .
الشيخ : ... أنت ذكرت ما فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للفضل ابن عباس ، لماذا صرفَ وجهَ الفضل إلى الشقِّ الآخر ؟ كان ينظر للمرأة .
السائل : نعم .
الشيخ : وكيف كان حال المرأة ؟
السائل : كانت وضيئة .
الشيخ : يعني جميلة .
السائل : نعم .
الشيخ : ... كانت مستورة الوجه أم كاشفة الوجه ؟
السائل : كاشفة الوجه .
الشيخ : فما كان موقف الرسول - عليه السلام - منها ؟
السائل : مَنَعَ الفضل .
الشيخ : أنا أسألك ، ما كان موقف الرسول منها مُشْ من الفضل ؟
السائل : ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، ... وأنا أنظر إليها وهي وضيئة - كما تفضَّلت - وجميلة .
السائل : وهي تنظر إليه .
الشيخ : الآن إذا سمحت الكلام لي ، هناك امرأة جميلة وضيئة ، وأنا أنظر إليها ، وأنت رجل صالح وطيب تعمل لي هكذا ، ... ماذا موقفك منها وهي كاشفة عن وجهها ؟
السائل : موقفي منها ؟
الشيخ : إي نعم .
السائل : في حالات .
الشيخ : في هذه الحالة ما نريد أن نفترض ... وقع ؟
السائل : إذا كانت - مثلًا - ... الرسالة ، وهي بعيدة عن العلم والمدينة ، خثعمية ، ودائمًا على الأطراف يكون ... من الجهل ببعض الأحكام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يترك بعض الأشياء خشيةً من بعض الأمور سدًّا لبعض الذرائع التي - صلى الله عليه وسلم - تركه لعدم تأسيس البيت على قواعد إبراهيم خشيةً على قريش ؛ لأنهم حدثاء عهد بالإسلام ؛ فحينما صرفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهَ الفضل ؛ لأن الفضل أقدم منها في الإسلام ، وهو .
الشيخ : دعك من ... يا شيخ ... علينا الطريق ، أنا أتكلَّم عنك وعني وعن المرأة التي رأيتُها ونظرتُ إليها ، ورأيتني أنظر إليها فعملت الواجب عليك فصرفت وجهي إلى الشقِّ الآخر ، ماذا تفعل ؟ ماذا يكون موقفك عن تلك المرأة ؟
السائل : ... إذا كان ... الآن الآن والقرآن نزل منذ ما يقرب من 1400 سنة ، هناك مَن يسترْنَ - أيضًا - بأكثر ... فتستطيع أن تنصح إحداهنَّ ... الرجل بكذا ولا تستطيع أن تنصح ... ، فحسب قد تكلمنا ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، هذا معروف ، ولكن إذا رأيتها وضيئة جميلة ؛ يعني من المنكر أن تقول لها : يا ابنتي ، اصرفي وجهك ، أو استري وجهك ؟ هذا منكر ولَّا هذا أمر بالمعروف ؟ فلماذا لا تأمرها بالمعروف ؟
السائل : ... .
الشيخ : لكن ما أمرتها ؟
السائل : ما أمرتها قصَّرت !
الشيخ : ... الرسول يقصِّر !!
السائل : ما قصَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... .
الشيخ : أنا فهمت - بارك الله فيك - ، فأرجوك ألا تعيد عليَّ ، أولًا أنت عندك علم يقيني أن المرأة هذه كانت جاية من البادية ، وأنها لا تعرف من الإسلام شيئًا ، وأن الرسول - عليه السلام - لو قال لها : استري عنَّا وجهك ، اسدلي على وجهك ، اصرفي وجهك ، يصير منكر ؟ عندك علم ؟
السائل : لا .
الشيخ : فإذًا ما هو .
السائل : عندي علم بأنها خثعمية .
الشيخ : معليش ، يا أستاذ ، خثعمية ثقفية مش مهم في الموضوع ، المهم هل عندك علم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي تعرف أنه رسول الله ، وتستفتيه عن أبيها العاجز إلى آخره كما تعلم في الحديث ؛ فهل عندك علم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو قال لها : يا ابنتي ، هذا ابن عمي كاد أن يفتتنَ بك ؛ فاستري عن وجهك - بارك الله فيك - ، أو أنزلي الخمار الذي على رأسك ؛ هل عندك علم أن الرسول لو قال هذا لها كان في فتنة بالنسبة إليها ؟
السائل : في الحقيقة - يا شيخ - أنا أقول لك : إني لا أريد أن أشقَّ عليك ولا أفرض عليك قولي .
الشيخ : جزاك الله خير .
السائل : في الحقيقة أننا حينما نقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرف وجهَ الفضل لأن النظر محرم بقوله - تعالى - : (( وقل للمؤمنين )) .
الشيخ : هذه حيدة ! - بارك الله فيك - .
السائل : معليش ، أنا ... .
الشيخ : لا - بارك الله فيك - أنا بقول : الوقت ضيِّق ، لأن الموضوع .
السائل : ... .
الشيخ : لو سمحت ، أنت الآن تحيد عن الموضوع ، موضوع النظر أمر متَّفق عليه ، الآن ... أنظر وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لأ .
الشيخ : وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لأ .
الشيخ : مع ذلك ... ، مع ذلك لم يجُزْ للمرأة أن تنظرَ إلى وجه الفضل ؛ صح ؟
السائل : لكن أنا أريد أن ... .
الشيخ : أسألك - بارك الله فيك - ، أعطيتك الفرصة .
السائل : ما أعطيتني ، قاطعتني !
الشيخ : قاطعتك لأنك تكرِّر وتقول : يعني إلا هذا ، ... أنت قلت هذا كلامي ما أنا .
السائل : أنا أقول - يا شيخ - : ... وانتهيت ، أقول : قد انتهيت .
الشيخ : خُذْ ما شئت لا تحيد عن الجواب ، أنا أسألك سؤالًا ثم تكلَّم ما شئت ، وجه الفضل بالنسبة للمرأة ليس عورة ، مع ذلك رأيك بيقول أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل ووجهه ليس بعورة ؛ ماذا تريد مني الآن أن أقول لك : يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة ؟ لا ما أقول هذا ، إذا كنا نقول جميعًا أن المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ، ووجه الرجل ليس بعورة ؛ فإذًا لا تلازم هناك - بارك الله فيك - بين تحريم النظر إلى الوجه أن يكون هذا الوجه محرَّمًا ؛ فالمرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ليس لأنه عورة ، وإنما لأنه لا ينبغي تعمُّد النظر إلى وجه الرجل ، على العكس من ذلك ؛ إذا كان الرجل نظر إلى المرأة فهو حرام ولا يجوز ، لكن ذلك لا يستلزم أن يكون الوجه المنظور إليه عورة ، فالقضية كما تعلم ربُّنا أمر الرجال بأن يغضُّوا من أبصارهم ، وأمر النساء أن يغضُضْنَ من أبصارهنَّ ، ذلك لا يعني أنَّ الوجه في كلٍّ من المرأة والرجل عورة ؛ مع ذلك فلا يجوز النظر ، فموضوع النظر شيء وموضوع كشف الرجل عن وجهه شيء آخر ، فيجوز للرجل أن يكشف وجهه بإجماع المسلمين ، لكن لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى هذا الوجه ، مع أنه ليس عورة ؛ فإذًا لا يجوز لكم أن تستلزموا بمجرَّد تحريم الشارع الحكيم نظرَ الرجل إلى وجه المرأة أن تقولوا بأن وجه المرأة عورة ، فأنا سألتك في الصورة السابقة : هل الرسول - عليه الصلاة والسلام - لو قال لتلك المرأة : يا بنتي ، كدْتِ أن تفتني ابن عمي هذا ؛ فاستري عنَّا وجهك ، اسدلي على وجهك ، ... فتنة ؟ أتيت لي ... : " لولا أن قومك حديثو عهد " إلى آخره ، أين هذا من هذا ؟ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أحسن من نصح ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ؛ فكيف تتصورون أن الرسول - عليه السلام - سكت عن هذا المنكر ؟ وهو كشف الخثعمية عن وجهها ، تقولون ... ممكن تكون هذه جاية من البادية وحديثة عهد بالإسلام ، إذا كانت حديثة عهد بالإسلام لا يعرف الرسول أن ينصحها بحيث أن ... من هذه النصيحة ... وإما تأديب وتعليم كما فعل في قصة معاوية بن الحكم السلمي ، ولعلك على ذكر منها ، تذكر القصة ... ؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : قد سمعت طرفَها .
الشيخ : جزاك الله خير ، كما في " صحيح مسلم " أن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - صلى يومًا وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعطس رجل من بين المصلين فقال له : يرحمك الله ، وهم يصلون ، فنظروا إليه بأطراف أعينهم مسكِّتين له .
السائل : أعرفها .
الشيخ : عرفتها ؟ آ ، في الأخير الرجل تنبَّه لأنه أخطأ في الصلاة ، قال : لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة أقبل إليَّ ، فوالله ما قهرني ، ولا كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني ، وإنما قال لي : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح ، وتحميد ، وتكبير ، وتلاوة قرآن ) إلى آخر الحديث ، فهذا - أيضًا - مثال فيما قد تدندن حوله ؛ أن الرجل حديث عهد بالإسلام ، وإلا كيف يتكلم في الصلاة ؟ وكيف يصيح في الصلاة ويقول : واثكل أمِّياه ، لم تنظرون إليَّ ؟ فالرسول - عليه السلام - بحكمته ولطفه كما هو منصوص في القرآن الكريم : (( ولو كنت فظًّا غليظَ القلب لَانفضُّوا من حولك )) ، أدَّبَه وأحسن تأديبه ، وشعر بهذا الأدب وهذا اللطف حينما حدَّثنا بقوله : " فوالله ، ما قهرني ، ولا كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني " ، فأيُّ ... لو كان وجه المرأة عورة أن يقول الرسول - عليه السلام - لهذه المرأة الوضيئة الجميلة : استري وجهك ، اسدلي على وجهك ، كما كانت السيدة عائشة وهي في القافلة ويفعلْنَ في الحج إذا مرَّ بهنَّ الركب قالت : " أسدلنا على وجوهنا " ، لماذا لم يأمرها الرسول - عليه السلام - أن تنزل على وجهها ، أو على الأقل كما فعل بوجه الفضل ، اسدلي على وجهك ؟ إذا جينا ... فتقولون ممكن تكون هذه جاية من البادية وحديثة عهد بالإسلام ، فسكت الرسول عن منكرها !! الرسول لا يسكت عن منكر ، وعدم تغيير الكعبة خشية الفتنة على القوم مش خشية فتنة على شخص واحد يقول له أمر كذا وكذا ، بارك الله فيك ، ما ينبغي أن نعطِّل دلالة الأحاديث بتأييد رأي إمام من أئمة المسلمين ، ونترك الثقة بآراء العلماء الآخرين .
فأنا أرجوك الآن ، وأُفسِحُ لك المجال أن تتثبَّت بما شئت ، أرجوك أن تُلاحظ طلبي ؛ وهو ما هو الدليل الشرعي المُلزم لكل مسلم بالخضوع له من كتاب الله أو من حديث رسول الله أنَّ وجه المرأة عورة ؟ حديث الخثعمية هو لنا وليس علينا على ما وضَّحت لك ... .
السائل : أحسن الله إليك .
الشيخ : وإليك - إن شاء الله - .
السائل : أنا أريد - الله يحسن إليك - عشر دقائق قد لا أصل إليها .
الشيخ : كم الساعة الآن ؟
السائل : ... إلا سبع دقائق .
الشيخ : آ ، إلا سبعة ، خُذْ سبعة وخمسة .
السائل : أحسن الله إليك .
الشيخ : طيب .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : وفيك بارك .
السائل : وأرجوك أن تتحمَّلني قد لا أكون أستطيع - مثلًا - ... كذا ، أقول ما عندي ثمَّ بعد ذلك .
الشيخ : تفضل ، بس تسمح لي ، راح نعطيك 12 دقيقة ، ربما أحد شيئين ، وأرجو الأستاذ ... استأذنك لنقل كم نقطة حينئذٍ ... قطعت عنِّي كذلك ، ... اكتب كل نقطة اللي يُلاحظ عليها لأعود وأبحث معك فيها ، فأيُّ السَّبيلين تختار ؟
السائل : ... تختار ، أنا لا أريد أكثر من عشر دقائق ... .
الشيخ : ما أجبتني ؟
السائل : ... أعبِّر عما عندي .
الشيخ : معليش ، بس أنا بخبرك ؛ إما أن أضطرَّ لمقاطعتك إذا - مثلًا - ذكرت حديثًا ، وبدك تتكلَّم عشر دقائق .
السائل : ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، مثال مثال ، (( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )) (( لعلَّهم يعقلون )) ، لو فرضنا أن في العشر دقائق الزيادة أتيت بحديث ، وهذا الحديث أنا في وجهة نظري ضعيف لا تقوم به حجَّة .
السائل : ... .
الشيخ : ها ، هذا هو الجواب ... ، فإذًا عَطِينا ورقة ، تفضل ، هي الساعة سبعة إلا خمسة ، قل معي ... تفضَّل .
السائل : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ... وبه نستعين وعليه نتوكل ... .
بالنسبة لحديث الخثعميَّة ، ... أنت قلت لي : لماذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمُرْها بتغطية وجهها ، وكلَّنا متفقون أن .
الشيخ : تفضل .
السائل : كلنا متفقون على أن النَّظر محرَّم بنصِّ الكتاب ونصِّ السنة ، وقول الله - تعالى - : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ )) ، وقوله - تعالى - ... : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) ، إما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منعَ الفضل من النظر إليها لأنه منهيٌّ عن النظر إليها ، وهو - أيضًا - كان رجلًا وضيئًا - أيضًا - بموجب ما نطقت السنة ، وهي محرَّم عليها أن تنظر إليه ؛ لماذا ؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها - أيضًا - أن تغضَّ بصرها ، وهي مأمورة بموجب الكتاب بغضِّ بَصَرِها عن الرجال حتى كان صرَّح الحديث قال : " وكان ينظر إليها وتنظر إليه " ؛ ... حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرفَ بصرَه عنها ، ولم يأمرها ولا بغضِّ بصرها ، حتى ... تغطية وجهها ولا بغضِّ بصرها ؛ فهذا الذي هو يرجِّح - والله أعلم - ما قلناه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الموضوع تغطية الوجه ، هذه مسألة .
أما المسألة الأخرى ؛ فهي الآية قوله - تعالى - : (( يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) ، ننظر إلى تفسير ابن مسعود إن كان وَجَدَه الأخوة ، وفي الحقيقة أقول : أنا لا أحبُّ أن أُكثر أكثرَ مما قلت ، وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ينفعنا جميعًا فيما في كتابه وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن أردت أن أقول كلمة أخيرة فإنني أقول :
إن أعداء الله في هذه الزمن فتنة الغرب الموجودة الآن إنما حاربوا الحجاب أول ما حاربوه وهو ستر المرأة لوجهها ؛ حين دعا إلى ذلك كرومر الحاكم الإنجليزي ، ثم عارضوه في ذلك المسلمون أعاده المسلمون في مصر وفي غيرها ، ... ذاك الذي أصدر كتاب ... يُقال له : قاسم أمين ، ولمَّا أنه على حسب ما ذُكِرَ لنا أن حفيدة أحد الزعماء إما أرهبته وإما رغَّبته ، فتغيَّر وانتفشَ ودعا إلى ما دعا إليه كرومر ، ثم بعد ذلك أظن أحد الحُكَّام يُقال له سعد زغلول رئيس وزراء ... عمدَ إلى امرأة ونزع حجابها ، وهذا ما يدلُّنا على أن أعداء الله ... على محاربة هذا الوجه تغطية الوجه ، وحينما يُنزع الحجاب من الوجه تأتي البقية ، لكن هذا نزعه على الهامش ، وحتى إن أحببت ألا نناقش هذا ... لكن قولي هو ما قلته أولًا ، إن النبي - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - لما غطَّى وجهَ الفضل ، ولم يأمرها بتغطية وجهها ؛ - أيضًا - وفي نفس الوقت كان محرَّمًا أن تنظرَ إلى الرجل لم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - بغضِّ بصرها عنه ، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يعفو عنَّا جميعًا وأن ... عنَّا ؛ إنه على كل شيء قدير ، ويلهمنا الصواب ، وجزاك الله خيرًا .
الشيخ : اللهم آمين يا رب العالمين ، أنا يبدو لي - يا حضرة الشيخ - أنك لم تقرأ كتابي " حجاب المرأة المسلمة " ؛ قرأته ؟
السائل : والله قرأته .
الشيخ : غريب ! فلماذا لا تجيبني عن أسئلتي ؟! سبحان الله ! قلت لك ما هو .
---
إتمام الجواب في الشريط التالي ، رقم : ( 44 ) .
الشيخ : أثابني الله بكم .
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : وإياك .
السائل : الأدلة - طال عمرك - على إباحة كشف المرأة لوجهها ؟
الشيخ : نعم .
السائل : علمًا أن ... ونرى أن الأسلوب لكنهم الذين ليسوا على درجة عالية ... على النساء ينظرون إلى النساء نظرات ليست بالبسيطة ... المرأة أن يركز على وجهها ، وإذا جلس في مجالسهم فتجدهم يتذاكرون في بياضها في جمالها في عينها في أنفها في فمها ، وقد أفرغ الشعراء قديمًا على هذه الأشياء وعلى الخدود ، وما فيها من نعومة إلى آخره ، ... الله يحفظك ويبارك فيك وجزاك عن المسلمين خيرًا ، وننشر العلوم التي أنت منشغل على نشرها ما كان موافقًا للكتاب والسنة ؛ نسأل الله أن ييسِّرها إلى آخر الزمان وأن ينفعك بأجرها ، .. الإسلام جاء بسدِّ الذرائع كما لا يخفاك ، الحمد لله نعرف أدلَّتها ؛ علمًا أنه ثبت ثبوتًا حقيقيًّا قاطعًا ... أمة الإسلام المشهورين المعتبرين الذين ... أُثني عليهم بل ونقتدي جميعًا بهم ؛ فهم الذين من الذين أمر الله - سبحانه وتعالى - أن نأخذ على ... الإمام أحمد بن حنبل ، والشيخ أحمد بن عبد السلام وابن تيمية - رحمه الله - وابن القيم ، وغيرهم كثير من الأئمة الأربعة ؛ أي : من غير الإمام أحمد ... وبذلك - الله يحسن إليك - ، كذلك فتوى ابن مسعود - رحمه الله - الذي عاصر عهد النبوة ونزول الوحي ، وبيَّن ما كان عليه النساء ... قال حينما قال : ... عينًا واحدة ، وفيما يُروى - كما ذكر ابن تيمية - عن ابن عباس أنه في آخر القولين قال : ... أحسن الله اليك ؟
الشيخ : بارك الله فيك ، فبعد ما ذكرت من العزو لابن عباس وابن مسعود نظر ، وعلى كلِّ حال فالتفصيل الآن في هذا الضعف كأنه يبدو أنه سابق لأوانه ، وطلبُك الدليل على أن وجه المرأة ليس بعورة هو حقٌّ ، ولكن في اعتقادي أنك تعلم أن الأصل في الأشياء كلها الإباحة ، وأن من ادَّعى تحريم شيء فهو الذي ينبغي أن يأتيَ بالدليل المحرِّم لهذا الشيء ؛ وإلا فالبقاء على الأصل الذي هو الإباحة هو القاعدة العلمية التي أعتقد أنها لا تخفى عليك - إن شاء الله تعالى - ، وعلى كل حال كما ذكرت من أن بعض الأئمة الذين نقدِّرهم ونقتدي بهم أو كما ذكرت ، ولكن ما الذي يحمل بعضَ علمائنا الأفاضل على التمسُّك ببعض الأئمة دون الأئمة الآخرين ؛ فمثلًا أنا كنت ذكرت في كتابي " حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة " أن مذهب جمهور العلماء أن وجه المرأة ليس بعورة ، فإذا كان - وهو كذلك - الإمام أحمد يرى أن وجه المرأة عورة ؛ فالإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام الشافعي يرون أن وجه المرأة ليس بعورة ، فإذا ما أردنا أن نبدأ الموضوع وننطلق فيه من عند أقوال العلماء فالمسألة ولا شك مختلف فيها بين العلماء قديمًا وحديثًا ، وما جاء في كلامك مما يُفسَّر إلى ابن مسعود هو صحيح ، أما ما نسبتَه إلى ابن عباس فغير صحيح ، فالرواية التي تُنسب إلى ابن عباس في بعض كتب التفسير ومنها " تفسير ابن جرير الطبري " ؛ فهو ساق هذه الرواية بإسناده كما هي عادته ، وفي السند ... العلة الأولى الانقطاع بين علي بن أبي طلحة وابن عباس ، والعلة الأخرى أن فيه أبو صالح كاتب الليث ، وهو مُتكلَّم فيه بسبب سوء حفظه ، ولذلك ففي اعتقادي لا يحسن الانطلاق أو الخوض في هذه المسألة للنظر إلى أقوال العلماء ؛ لأنها بلا شك مسألة مُختلف فيها ، وحينئذٍ وجب الرجوع إلى قوله - تعالى - : (( وإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا )) .
لقد فعلت هذا حينما ألَّفت ذاك الكتاب " حجاب المرأة المسلمة " الذي ذكرته آنفًا ، فانتهيت إلى قول ابن عباس وقول ابن عمر أن وجه المرأة ليس بعورة ، ولا يوجد عند الذين يصرِّحون بأن وجه المرأة عورة لا يوجد لديهم دليل مطلقًا ؛ لا من كتاب الله ولا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وإذ الأمر كذلك فوجب البقاء على الأصل الذي هو الإباحة ، ومن ادَّعى التحريم فهو الذي عليه أن يأتي بالدليل ، فإن وُفِّق لذلك ... فنحن باقون على الأصل المُتَّفق عليه ؛ ألا وهو إباحة أيِّ شيء لم يأتِ في الكتاب أو السنة الصحيحة ما يدلُّ على تحريمه ، هذا ما عندي ابتداءً جوابًا عن ذاك السؤال ؛ فإذا كان لديكم دليل للتَّحريم غير ... الذي تلجؤون إليه وتدندنون حوله وهو أن أجمل ما في المرأة الوجه ؛ هذا الكلام أشبه بكلام الفلسفي الذي يمكن أن يُعارض بمثله ، وهذا لا يكون دليلًا باتفاق العلماء على تحريم الشيء بمجرَّد الرأي ، وإنما بالدليل من الكتاب والسنة ، فإذا كان عندكم دليل من الكتاب والسنة فنرجو أن نسمعه ، وأنا على يقين أنه لا دليل ؛ لأن المسألة كنت بحثتُها بحثًا مطوَّلًا جدًّا في الكتاب المشار إليه آنفًا ؛ فإذا كان لديكم شيء مما أشرتُ إليه فتفضَّلوا نسمعه - إن شاء الله - .
السائل : بارك الله فيك ... نعم ، وأنا أنقل بعضًا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية بأن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراةً ، أنزل الله - سبحانه تعالى - هذا كما يفسِّر شيخ الإسلام ابن تيمية سورة الأعراب ، وأنزل فيها : (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ )) ، وقوله - تعالى - : (( قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ )) ... ، ثمَّ لما ذهبوا إلى المدينة نزل أوَّل الأمرين بتغطية كل شيء ما عدا الوجه والكفين ، ثم بعد ذلك كان آخر الأمرين على حسب ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية هو تغطية الوجه ، وهو - أيضًا - أعني شيخ الإسلام ابن تيمية أورد قول ابن عباس هذا ، واستدلَّ به ، وأنا إنما قلت : وإنما رُوِيَ عن ابن عباس ، لكن ابن مسعود فيما يظهر لي أنه يصف الحالة التي كانت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما قال : تغطِّي وجهها وتبدو عين واحدة ، أيضًا ما رُوي في " صحيح البخاري " .
الشيخ : هذا - بارك الله فيك - ليس عن ابن مسعود ، هذا لا يُروى عن ابن مسعود في أيِّ كتاب ، هذا مروي عن ابن عباس فقط وعن عبيدة السلماني ، أما ابن مسعود لا يُروى عنه هذه الرواية ، هذه الرواية عن ابن عباس فقط .
السائل : في رواية .
الشيخ : إي ، في أي كتاب ؟
السائل : في تفسير ... ... .
الشيخ : هذه الرواية لا توجد ... فما أدري ... .
السائل : ... .
الشيخ : أنا أرجو حتى ما نطيل البحث ... الدليل كما تعلم من قول العلماء وبخاصَّة قول ابن القيم :
" العلم قال الله قال رسولهُ *** قال الصحابة ليس بالتمويهِ
ما العلم نصبك للخلاف سفاهةً *** بين الرسول وبين رأي فقيهِ
كلا ولا جحد الصفات ونفيُها *** حذرًا من التعطيل والتشبيهِ "
فأنا أرجو أن أحظى بجواب على سؤالي الأخير ؛ أنو أنت واضح كلامك جدًّا أن الأصل في الأشياء الإباحة ، فبدأت تنقل كلام ابن تيمية وكلام ابن مسعود وكلام ابن عباس ، على الرأس والعين ، ولكن المسألة مُختلف فيها بين الصحابة ، فينبغي أن نرجع حين التَّنازع كما ذكرت في الآية آنفًا إلى قول الله وقول رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأنت - بارك الله فيك - عليك أن تختصر لنا الطريق ؛ لأنه نحن معنا نحو أقل من ساعة من الزمن فنريد أن نسمع منك ما هو الدليل على هذا التحريم الذي تصرُّون عليه ؟ والمسألة خلافية بين الصحابة وبين العلماء ، وجمهور العلماء - كما ذكرت آنفًا - على أن المرأة وجهها ليس بعورة ، وهذا لا يعني أنه لا يجوز الستر والستر هو الأفضل ، لكن البحث - بارك الله فيك - ما هو الدليل المحرِّم على المرأة أن تكشف عن وجهها ؟ هذا هو المطلوب ، وهذا هو الطريق الذي يقرِّب إلينا الوصول إلى معرفة الحق - إن شاء الله تعالى - .
ثم شيء آخر : إذا ذكرنا رواية ما يجب أن نكون على علم بثبوتها ، ولا نشغل أنفسنا ببيان ضعفها ؛ لأن ما صح يُغنينا عما لم يصح ، فأنت ذكرت عن ابن مسعود رواية أنه أباح كشف العين الواحدة ، هذه الرواية - فيما أحفظ - إنما هي عن ابن عباس ، والسَّند إليه فيه علتان ، الانقطاع بين علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، وفيه - أيضًا - أبو صالح كاتب الليث وهو ضعيف ، أما عن ابن مسعود فلا يوجد هذه الرواية ، إنما هناك رواية يُفهم منها عن ابن مسعود أن وجه المرأة يجب أن تسترَه ؛ هذا ممكن ، أما أنه تروى عنه رواية بأنه أباح للمرأة أن تكشف عن عين واحدة فأظن أنه اختلط عليك الرواية بأخرى ، هذه الرواية نعرفها عن ابن عباس ، أما عن ابن مسعود فلا يوجد مثلها إطلاقًا ، وإنما المروي عنه أن المرأة تغطي وجهها تغطي كل بدنها ، حتى هو لم يذكر الوجه فيما أعتقد بنصٍّ صراحة ، وإنما تغطي جميع جسمها ، هذا معروف عن ابن مسعود ، ولا يخفى علينا والحمد لله ، أما أن يُنسب إليه أنه قال كما رُوي عن ابن عباس فهذا لا أحفظه ؛ فلذلك طالبتك بالمرجع ، وها هو الآن " تفسير ابن كثير " أعطه للشيخ خليه ... .
السائل : الله يحسن إليك ، جزاك الله خير .
الشيخ : الله يبارك فيك .
السائل : أما بالنسبة للدليل فهو الدليل حديث الخثعميَّة الذي ثبت في " الصحيحين " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتَتْه امرأة وضيئة ، وسألته عن الاستنابة إلى الحج ، وأجابها - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وكان الفضل ابن عباس - رضي الله عنهما - ينظر إليها وتنظر إليه ، ثم بعد ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وضع يدَه على وجه الفضل ، ثم بعد ذلك أدارَ وجهَه إلى الجانب الآخر ، ثم بعد ذلك .
الشيخ : من الذي أدار وجهه ؟
السائل : النبي - صلى الله عليه وسلم - على وجه الفضل ... .
الشيخ : مفهوم لكن ... .
السائل : إي .
الشيخ : يعني لما الرسول رأى الفضل ينظر للمرأة ، أدارَ وجهَ الفضل إلى الشقِّ الآخر .
السائل : نعم .
الشيخ : ثم ... .
السائل : نكتفي بهذا .
الشيخ : طيب .
السائل : فلما أدار وجهه للشقِّ آخر ؛ فهذا دليل على أن وجه المرأة لو لم يكن عورة لَمَا منعه من النظر إليها .
الشيخ : ... أنت ذكرت ما فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للفضل ابن عباس ، لماذا صرفَ وجهَ الفضل إلى الشقِّ الآخر ؟ كان ينظر للمرأة .
السائل : نعم .
الشيخ : وكيف كان حال المرأة ؟
السائل : كانت وضيئة .
الشيخ : يعني جميلة .
السائل : نعم .
الشيخ : ... كانت مستورة الوجه أم كاشفة الوجه ؟
السائل : كاشفة الوجه .
الشيخ : فما كان موقف الرسول - عليه السلام - منها ؟
السائل : مَنَعَ الفضل .
الشيخ : أنا أسألك ، ما كان موقف الرسول منها مُشْ من الفضل ؟
السائل : ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، ... وأنا أنظر إليها وهي وضيئة - كما تفضَّلت - وجميلة .
السائل : وهي تنظر إليه .
الشيخ : الآن إذا سمحت الكلام لي ، هناك امرأة جميلة وضيئة ، وأنا أنظر إليها ، وأنت رجل صالح وطيب تعمل لي هكذا ، ... ماذا موقفك منها وهي كاشفة عن وجهها ؟
السائل : موقفي منها ؟
الشيخ : إي نعم .
السائل : في حالات .
الشيخ : في هذه الحالة ما نريد أن نفترض ... وقع ؟
السائل : إذا كانت - مثلًا - ... الرسالة ، وهي بعيدة عن العلم والمدينة ، خثعمية ، ودائمًا على الأطراف يكون ... من الجهل ببعض الأحكام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يترك بعض الأشياء خشيةً من بعض الأمور سدًّا لبعض الذرائع التي - صلى الله عليه وسلم - تركه لعدم تأسيس البيت على قواعد إبراهيم خشيةً على قريش ؛ لأنهم حدثاء عهد بالإسلام ؛ فحينما صرفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وجهَ الفضل ؛ لأن الفضل أقدم منها في الإسلام ، وهو .
الشيخ : دعك من ... يا شيخ ... علينا الطريق ، أنا أتكلَّم عنك وعني وعن المرأة التي رأيتُها ونظرتُ إليها ، ورأيتني أنظر إليها فعملت الواجب عليك فصرفت وجهي إلى الشقِّ الآخر ، ماذا تفعل ؟ ماذا يكون موقفك عن تلك المرأة ؟
السائل : ... إذا كان ... الآن الآن والقرآن نزل منذ ما يقرب من 1400 سنة ، هناك مَن يسترْنَ - أيضًا - بأكثر ... فتستطيع أن تنصح إحداهنَّ ... الرجل بكذا ولا تستطيع أن تنصح ... ، فحسب قد تكلمنا ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، هذا معروف ، ولكن إذا رأيتها وضيئة جميلة ؛ يعني من المنكر أن تقول لها : يا ابنتي ، اصرفي وجهك ، أو استري وجهك ؟ هذا منكر ولَّا هذا أمر بالمعروف ؟ فلماذا لا تأمرها بالمعروف ؟
السائل : ... .
الشيخ : لكن ما أمرتها ؟
السائل : ما أمرتها قصَّرت !
الشيخ : ... الرسول يقصِّر !!
السائل : ما قصَّر الرسول - صلى الله عليه وسلم - ... .
الشيخ : أنا فهمت - بارك الله فيك - ، فأرجوك ألا تعيد عليَّ ، أولًا أنت عندك علم يقيني أن المرأة هذه كانت جاية من البادية ، وأنها لا تعرف من الإسلام شيئًا ، وأن الرسول - عليه السلام - لو قال لها : استري عنَّا وجهك ، اسدلي على وجهك ، اصرفي وجهك ، يصير منكر ؟ عندك علم ؟
السائل : لا .
الشيخ : فإذًا ما هو .
السائل : عندي علم بأنها خثعمية .
الشيخ : معليش ، يا أستاذ ، خثعمية ثقفية مش مهم في الموضوع ، المهم هل عندك علم أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وهي تعرف أنه رسول الله ، وتستفتيه عن أبيها العاجز إلى آخره كما تعلم في الحديث ؛ فهل عندك علم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لو قال لها : يا ابنتي ، هذا ابن عمي كاد أن يفتتنَ بك ؛ فاستري عن وجهك - بارك الله فيك - ، أو أنزلي الخمار الذي على رأسك ؛ هل عندك علم أن الرسول لو قال هذا لها كان في فتنة بالنسبة إليها ؟
السائل : في الحقيقة - يا شيخ - أنا أقول لك : إني لا أريد أن أشقَّ عليك ولا أفرض عليك قولي .
الشيخ : جزاك الله خير .
السائل : في الحقيقة أننا حينما نقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرف وجهَ الفضل لأن النظر محرم بقوله - تعالى - : (( وقل للمؤمنين )) .
الشيخ : هذه حيدة ! - بارك الله فيك - .
السائل : معليش ، أنا ... .
الشيخ : لا - بارك الله فيك - أنا بقول : الوقت ضيِّق ، لأن الموضوع .
السائل : ... .
الشيخ : لو سمحت ، أنت الآن تحيد عن الموضوع ، موضوع النظر أمر متَّفق عليه ، الآن ... أنظر وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لأ .
الشيخ : وجه الفضل بالنسبة للمرأة عورة ؟
السائل : لأ .
الشيخ : مع ذلك ... ، مع ذلك لم يجُزْ للمرأة أن تنظرَ إلى وجه الفضل ؛ صح ؟
السائل : لكن أنا أريد أن ... .
الشيخ : أسألك - بارك الله فيك - ، أعطيتك الفرصة .
السائل : ما أعطيتني ، قاطعتني !
الشيخ : قاطعتك لأنك تكرِّر وتقول : يعني إلا هذا ، ... أنت قلت هذا كلامي ما أنا .
السائل : أنا أقول - يا شيخ - : ... وانتهيت ، أقول : قد انتهيت .
الشيخ : خُذْ ما شئت لا تحيد عن الجواب ، أنا أسألك سؤالًا ثم تكلَّم ما شئت ، وجه الفضل بالنسبة للمرأة ليس عورة ، مع ذلك رأيك بيقول أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى وجه الرجل ووجهه ليس بعورة ؛ ماذا تريد مني الآن أن أقول لك : يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة ؟ لا ما أقول هذا ، إذا كنا نقول جميعًا أن المرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ، ووجه الرجل ليس بعورة ؛ فإذًا لا تلازم هناك - بارك الله فيك - بين تحريم النظر إلى الوجه أن يكون هذا الوجه محرَّمًا ؛ فالمرأة لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل ليس لأنه عورة ، وإنما لأنه لا ينبغي تعمُّد النظر إلى وجه الرجل ، على العكس من ذلك ؛ إذا كان الرجل نظر إلى المرأة فهو حرام ولا يجوز ، لكن ذلك لا يستلزم أن يكون الوجه المنظور إليه عورة ، فالقضية كما تعلم ربُّنا أمر الرجال بأن يغضُّوا من أبصارهم ، وأمر النساء أن يغضُضْنَ من أبصارهنَّ ، ذلك لا يعني أنَّ الوجه في كلٍّ من المرأة والرجل عورة ؛ مع ذلك فلا يجوز النظر ، فموضوع النظر شيء وموضوع كشف الرجل عن وجهه شيء آخر ، فيجوز للرجل أن يكشف وجهه بإجماع المسلمين ، لكن لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى هذا الوجه ، مع أنه ليس عورة ؛ فإذًا لا يجوز لكم أن تستلزموا بمجرَّد تحريم الشارع الحكيم نظرَ الرجل إلى وجه المرأة أن تقولوا بأن وجه المرأة عورة ، فأنا سألتك في الصورة السابقة : هل الرسول - عليه الصلاة والسلام - لو قال لتلك المرأة : يا بنتي ، كدْتِ أن تفتني ابن عمي هذا ؛ فاستري عنَّا وجهك ، اسدلي على وجهك ، ... فتنة ؟ أتيت لي ... : " لولا أن قومك حديثو عهد " إلى آخره ، أين هذا من هذا ؟ فالرسول - صلى الله عليه وسلم - هو أحسن من نصح ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ؛ فكيف تتصورون أن الرسول - عليه السلام - سكت عن هذا المنكر ؟ وهو كشف الخثعمية عن وجهها ، تقولون ... ممكن تكون هذه جاية من البادية وحديثة عهد بالإسلام ، إذا كانت حديثة عهد بالإسلام لا يعرف الرسول أن ينصحها بحيث أن ... من هذه النصيحة ... وإما تأديب وتعليم كما فعل في قصة معاوية بن الحكم السلمي ، ولعلك على ذكر منها ، تذكر القصة ... ؟
السائل : ... .
الشيخ : نعم ؟
السائل : قد سمعت طرفَها .
الشيخ : جزاك الله خير ، كما في " صحيح مسلم " أن معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - صلى يومًا وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فعطس رجل من بين المصلين فقال له : يرحمك الله ، وهم يصلون ، فنظروا إليه بأطراف أعينهم مسكِّتين له .
السائل : أعرفها .
الشيخ : عرفتها ؟ آ ، في الأخير الرجل تنبَّه لأنه أخطأ في الصلاة ، قال : لما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة أقبل إليَّ ، فوالله ما قهرني ، ولا كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني ، وإنما قال لي : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ، إنما هي تسبيح ، وتحميد ، وتكبير ، وتلاوة قرآن ) إلى آخر الحديث ، فهذا - أيضًا - مثال فيما قد تدندن حوله ؛ أن الرجل حديث عهد بالإسلام ، وإلا كيف يتكلم في الصلاة ؟ وكيف يصيح في الصلاة ويقول : واثكل أمِّياه ، لم تنظرون إليَّ ؟ فالرسول - عليه السلام - بحكمته ولطفه كما هو منصوص في القرآن الكريم : (( ولو كنت فظًّا غليظَ القلب لَانفضُّوا من حولك )) ، أدَّبَه وأحسن تأديبه ، وشعر بهذا الأدب وهذا اللطف حينما حدَّثنا بقوله : " فوالله ، ما قهرني ، ولا كهرني ، ولا ضربني ، ولا شتمني " ، فأيُّ ... لو كان وجه المرأة عورة أن يقول الرسول - عليه السلام - لهذه المرأة الوضيئة الجميلة : استري وجهك ، اسدلي على وجهك ، كما كانت السيدة عائشة وهي في القافلة ويفعلْنَ في الحج إذا مرَّ بهنَّ الركب قالت : " أسدلنا على وجوهنا " ، لماذا لم يأمرها الرسول - عليه السلام - أن تنزل على وجهها ، أو على الأقل كما فعل بوجه الفضل ، اسدلي على وجهك ؟ إذا جينا ... فتقولون ممكن تكون هذه جاية من البادية وحديثة عهد بالإسلام ، فسكت الرسول عن منكرها !! الرسول لا يسكت عن منكر ، وعدم تغيير الكعبة خشية الفتنة على القوم مش خشية فتنة على شخص واحد يقول له أمر كذا وكذا ، بارك الله فيك ، ما ينبغي أن نعطِّل دلالة الأحاديث بتأييد رأي إمام من أئمة المسلمين ، ونترك الثقة بآراء العلماء الآخرين .
فأنا أرجوك الآن ، وأُفسِحُ لك المجال أن تتثبَّت بما شئت ، أرجوك أن تُلاحظ طلبي ؛ وهو ما هو الدليل الشرعي المُلزم لكل مسلم بالخضوع له من كتاب الله أو من حديث رسول الله أنَّ وجه المرأة عورة ؟ حديث الخثعمية هو لنا وليس علينا على ما وضَّحت لك ... .
السائل : أحسن الله إليك .
الشيخ : وإليك - إن شاء الله - .
السائل : أنا أريد - الله يحسن إليك - عشر دقائق قد لا أصل إليها .
الشيخ : كم الساعة الآن ؟
السائل : ... إلا سبع دقائق .
الشيخ : آ ، إلا سبعة ، خُذْ سبعة وخمسة .
السائل : أحسن الله إليك .
الشيخ : طيب .
السائل : بارك الله فيك .
الشيخ : وفيك بارك .
السائل : وأرجوك أن تتحمَّلني قد لا أكون أستطيع - مثلًا - ... كذا ، أقول ما عندي ثمَّ بعد ذلك .
الشيخ : تفضل ، بس تسمح لي ، راح نعطيك 12 دقيقة ، ربما أحد شيئين ، وأرجو الأستاذ ... استأذنك لنقل كم نقطة حينئذٍ ... قطعت عنِّي كذلك ، ... اكتب كل نقطة اللي يُلاحظ عليها لأعود وأبحث معك فيها ، فأيُّ السَّبيلين تختار ؟
السائل : ... تختار ، أنا لا أريد أكثر من عشر دقائق ... .
الشيخ : ما أجبتني ؟
السائل : ... أعبِّر عما عندي .
الشيخ : معليش ، بس أنا بخبرك ؛ إما أن أضطرَّ لمقاطعتك إذا - مثلًا - ذكرت حديثًا ، وبدك تتكلَّم عشر دقائق .
السائل : ... .
الشيخ : بارك الله فيك ، مثال مثال ، (( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ )) (( لعلَّهم يعقلون )) ، لو فرضنا أن في العشر دقائق الزيادة أتيت بحديث ، وهذا الحديث أنا في وجهة نظري ضعيف لا تقوم به حجَّة .
السائل : ... .
الشيخ : ها ، هذا هو الجواب ... ، فإذًا عَطِينا ورقة ، تفضل ، هي الساعة سبعة إلا خمسة ، قل معي ... تفضَّل .
السائل : الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ... وبه نستعين وعليه نتوكل ... .
بالنسبة لحديث الخثعميَّة ، ... أنت قلت لي : لماذا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمُرْها بتغطية وجهها ، وكلَّنا متفقون أن .
الشيخ : تفضل .
السائل : كلنا متفقون على أن النَّظر محرَّم بنصِّ الكتاب ونصِّ السنة ، وقول الله - تعالى - : (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ )) ، وقوله - تعالى - ... : (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ )) ، إما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منعَ الفضل من النظر إليها لأنه منهيٌّ عن النظر إليها ، وهو - أيضًا - كان رجلًا وضيئًا - أيضًا - بموجب ما نطقت السنة ، وهي محرَّم عليها أن تنظر إليه ؛ لماذا ؟ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها - أيضًا - أن تغضَّ بصرها ، وهي مأمورة بموجب الكتاب بغضِّ بَصَرِها عن الرجال حتى كان صرَّح الحديث قال : " وكان ينظر إليها وتنظر إليه " ؛ ... حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرفَ بصرَه عنها ، ولم يأمرها ولا بغضِّ بصرها ، حتى ... تغطية وجهها ولا بغضِّ بصرها ؛ فهذا الذي هو يرجِّح - والله أعلم - ما قلناه بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الموضوع تغطية الوجه ، هذه مسألة .
أما المسألة الأخرى ؛ فهي الآية قوله - تعالى - : (( يدنين عليهنَّ من جلابيبهنَّ )) ، ننظر إلى تفسير ابن مسعود إن كان وَجَدَه الأخوة ، وفي الحقيقة أقول : أنا لا أحبُّ أن أُكثر أكثرَ مما قلت ، وأسأل الله - سبحانه وتعالى - أن ينفعنا جميعًا فيما في كتابه وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وإن أردت أن أقول كلمة أخيرة فإنني أقول :
إن أعداء الله في هذه الزمن فتنة الغرب الموجودة الآن إنما حاربوا الحجاب أول ما حاربوه وهو ستر المرأة لوجهها ؛ حين دعا إلى ذلك كرومر الحاكم الإنجليزي ، ثم عارضوه في ذلك المسلمون أعاده المسلمون في مصر وفي غيرها ، ... ذاك الذي أصدر كتاب ... يُقال له : قاسم أمين ، ولمَّا أنه على حسب ما ذُكِرَ لنا أن حفيدة أحد الزعماء إما أرهبته وإما رغَّبته ، فتغيَّر وانتفشَ ودعا إلى ما دعا إليه كرومر ، ثم بعد ذلك أظن أحد الحُكَّام يُقال له سعد زغلول رئيس وزراء ... عمدَ إلى امرأة ونزع حجابها ، وهذا ما يدلُّنا على أن أعداء الله ... على محاربة هذا الوجه تغطية الوجه ، وحينما يُنزع الحجاب من الوجه تأتي البقية ، لكن هذا نزعه على الهامش ، وحتى إن أحببت ألا نناقش هذا ... لكن قولي هو ما قلته أولًا ، إن النبي - عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم - لما غطَّى وجهَ الفضل ، ولم يأمرها بتغطية وجهها ؛ - أيضًا - وفي نفس الوقت كان محرَّمًا أن تنظرَ إلى الرجل لم يأمرها - صلى الله عليه وسلم - بغضِّ بصرها عنه ، نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يعفو عنَّا جميعًا وأن ... عنَّا ؛ إنه على كل شيء قدير ، ويلهمنا الصواب ، وجزاك الله خيرًا .
الشيخ : اللهم آمين يا رب العالمين ، أنا يبدو لي - يا حضرة الشيخ - أنك لم تقرأ كتابي " حجاب المرأة المسلمة " ؛ قرأته ؟
السائل : والله قرأته .
الشيخ : غريب ! فلماذا لا تجيبني عن أسئلتي ؟! سبحان الله ! قلت لك ما هو .
---
إتمام الجواب في الشريط التالي ، رقم : ( 44 ) .
- رحلة النور - شريط : 43
- توقيت الفهرسة : 00:06:49
- نسخة مدققة إملائيًّا