الطعن في السلفية بأنهم ليس لهم منهج في الدعوة إلى الله ، ولماذا لا يكونون حزبًا مثل الآخرين ؛ فما جوابكم ؟
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا ، في سؤال تكرَّر كثيرًا ، وأجبتم عنه مرارًا ، لكن أخونا السائل يلحُّ أن يسأل عن هذا ليستفيد الإخوة كلهم ، يقول هناك من ينتقد الدعاة السلفيين بأنهم ليس لهم منهج ولا تنظيم ؛ فما هو الجواب ؟ ثم هل هناك ضرورة للتنظيم على غرار الأحزاب المعاصرة وجزاكم الله خيرًا ؟
الشيخ : نبرأ إلى الله من أن نتشبَّه بمن يخالف نصوص الكتاب والسنة التي تنهى عن التفرق ، ومن أقوى أسباب التفرق الحزبية العمياء الصَّمَّاء البكماء ، فنبرأ إلى الله أن نتشبَّه بمن يتخذ الحزبيَّة وسيلة للدعوة إلى الإسلام ، ولا يشعرون أن الحزبيَّة تفرِّق المسلمين فوق تفرُّقهم الذي يحيونه ويعيشونه في هذا الزمان ، وكان أثرًا من آثار تفرُّق سابق قديم ، نحن نعيش الآن في أسوأ هذه الآثار ، ولا نكتفي بذلك حتى نوجد أسبابًا ووسائل حديثة تزيد الفرقة بين المسلمين ، بل وبين الطائفة الواحدة التي تنتمي إلى العمل بالكتاب والسنة فينشأ هناك حزب باسم الحزب السلفي ، يختلف عن السلفيين بعامة أنه منظم ، هذا التنظيم باعتقادي الذي عليه بعض الأحزاب الإسلامية التي لا تنتسب لا إلى الدعوة التي تسمَّى في بعض البلاد بالدعوة السلفية ، وفي بلاد أخرى بدعوة أنصار السنة المحمدية ، وفي بلاد أخرى ثالثة بدعوة أهل الحديث ، هناك بعض الأحزاب التي لا تنتمي إلا إلى إسلام لا مفهوم له عندهم ، وإن كان له مفهوم فهو ذو وجوه متعددة ومتعارضة أشد التعارض ، يكتفون فقط بأن يجتمعوا على الإسلام ، أما ما هو الإسلام ؟ ما هي عقيدة الإسلام ؟
كل واحد يُجيبك من هذا الحزب الواحد بجواب يختلف عن الآخر ، لا غرابة بالنسبة لمثل هؤلاء الأحزاب الذين لا يتبنَّون الدعوة السلفية منهجًا لهم في فهمهم لدينهم سواء كان عقيدة أو كان أحكامًا أو كان سلوكًا ، لا غرابة في ذلك ، لأنهم لا يعلمون ، لكن ما بالنا نسمع في هذه الآونة ناسًا منَّا وفينا ، يدعون بدعوتنا ، ويوحِّدون توحيدنا ، ويتبعون سنة نبيِّنا معنا ، الآن تأثَّروا بالجماعات الأخرى ، فتحزَّبوا وتكتَّلوا ، وليس ضد الأحزاب الأخرى ، بل ضد من كانوا معهم ؛ لأنهم لم يتحزَّبوا معهم ، فصاروا أعداء وخصومًا لهم ، ذلك من شُؤم مخالفة مثل قول الله - عز وجل - : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون )) ، فالإسلام لا يتعرَّف على التحزب إطلاقًا ، وإنما يجب أن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر .
لكنَّ الحزبية قد جرَّبناها قبل الحزب الجديد ، جرَّبناها ففرَّقت صفوف الناس المسلمين الذين تجمعهم دعوة الإسلام ، لماذا ؟ لأنهم أعلنوا ذلك في كثير من الأحيان أن جماعة المسلمين هي فقط الحزب الفلاني ، هؤلاء فقط جماعة المسلمين ، هذا من شُؤم التحزب والتكتل والتفرق في الدعوة إلى الإسلام ، ونحن عشنا في سوريا سنين طويلة مع جماعة الإخوان المسلمين ندعوهم إلى الكتاب والسنة ، ولا ننتمي إليهم ، ثم كتب الله لي أن أهاجر من دمشق إلى عمان ، وبدأت هناك أن أدعو كما كنت أفعل وأنا في دمشق ، كنت أزور الأردن وأدعو بقدر ما يساعدني الانتقال من دمشق إلى عمان ، لكنِّي لما سكنت واستوطنت عمان أخذت نشاطًا في الدعوة أكثر وأكثر بكثير من قبل ، وكان من نتيجة ذلك أن وَشَى بنا إلى المسؤولين هناك ، الله أعلم نحن ما نتَّهم شيخًا صوفيًّا أو مذهبيًّا مقلدًا أو حزبًا معيَّنًا ، الله أعلم ، لكن كان عاقبة تلك الوشاية أن أعادوني رغم أنفي ، وفي صورة لا داعي لتفصيلها إلى دمشق بمراقبة المخابرات ، ثم بعد نصف سنة تقريبًا سمحوا لي بالرجوع إلى عمان ، بعد أن كنت بنيت فيها دارًا ، وبدأت أنقل مكتبتي إليها ، سمحوا لي - والحمد لله - بالرجوع والسكن فيها مرة أخرى ، وبدأت في نشاطي ، فماذا كان موقف حزب من الأحزاب هناك أن أعلنوا على مَلَئِهم بوجوب مقاطعة الشيخ الألباني ، وليس في شخصه فقط ، بل وبكلِّ مَن يحمل دعوته ، فكنَّا نمرُّ بمن كنا نسلِّم عليهم من قبل ويسلم علينا ؛ وإذا به يزورُّ عنا وينحرف ، لماذا ؟ لأنه صدر الأمر من القيادة العليا - زعموا ! - بأنه يجب مقاطعة الألباني ، واستمرَّ هذا القانون سنة كاملة ، وفيهم ناس .
السائل : هذا قانون طوارئ لا تزعل .
الشيخ : نعم ، لا أنا ما أزعل (( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرا لكم )) ، كان من هؤلاء الأفاضل الذين تأثَّروا بقرار اللجنة هناك أو الإدارة أو ما أدري ماذا يسمُّونه ، الرجل الذي نفع الله به فيما أعتقد كثيرًا في أفغانستان ، وهو الدكتور عبد الله عزَّام ، هذا الرجل أمره عجيب ، كان هو الحزبي الوحيد الذي كان يحرص على أن يحضر جلساتي ، فعنده دفتر صغير وقلم رقيق ناعم لطيف مثله ، كلما سمع فائدة من الألباني سجلها عنده ، ولكن لما صدر القرار ما عاد يسلِّم علينا ، جمعني لقاء معه وأنا خارج من المسجد هناك ، قلنا له : كيف هذا يا دكتور ؟ قال ما معناه : سحابة صيف عما قريب تنقشع ، قلنا خير ، مضى ما شاء الله من الشهور وهو على هذا الإزورار ، أما أفراد من الحزب فكانوا يحضرون حلقاتنا دون إذن من القيادة العليا - زعموا ! - ، وكنا نثير هذه القضية ، ما الذي حمل جماعتكم على إصدار هذا القرار الظالم ؟ وها أنتم الآن تحضرون ؟ ولو كنتم تعتقدون بأن هذا القرار عادل ما تُخالفونه ، لكن تشعرون بأنه ظالم ، ولذلك تحضرون هذه الجلسات .
ختامًا جاء الدور أن هذا القرار كما يقولون أخذ إيش ؟ مداه ومفعوله ، ورجع الجماعة الذين كانوا يسلمون علينا إلى سلامهم ، ثم فُوجئت بمجيء الدكتور المرحوم - إن شاء الله - إلى دار صهري ، كنت ساهرًا عنده ، دخل هو وشخص من إخواننا السلفيين سلموا وجلسوا ، وقال : نحن جئنا إلى دارك ، وطرقنا الباب وما سمعنا جواب ، ثم بعد ذلك ذهبنا إلى دار فلان ، وجلسنا ننتظر ، فقيل لنا : إنه يمكن راح لعند ابنته عند صهره ، وها نحن جئناك ، قلنا له أهلًا وسهلًا . قال : عندي أسئلة ، فأريد أن تتفضَّل بإفادة جواب عنها ؟ فقلت له : خلاف عادتي قلت له : مقابل كل سؤال مشوار ، مقابل كل سؤال مشوار ، يعني كل سؤال بدّك تسألني إياه بتجي لعندي على الدار ، أما أنك تأخذ جواب عن كل الأسئلة في جلسة واحدة لا ، قال لم ؟ قلت : لما أصدرتم هذا القرار الجائر الظالم ؟ ما الذي فعلته معكم ؟ سوى أنني أدعو إلى الكتاب والسنة ؟ قال : أنت كفَّرت سيد قطب . قلت : أنت تسمعني سمعتني أكفِّر سيد قطب ؟ قال : لا ، لكن بعض شبابنا بلَّغونا ذلك . قلت : سبحان الله ! كأنك ما قرأت قوله - تعالى - : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) ، وذكرت له الحديث الآخر : ( بحسب المرء من الكذب أن يحدِّث بكل ما سمع ) ، فأنت لم تكتف بأن تحدِّث بأن الشيخ الألباني يكفِّر سيد قطب ، بل بنيت على ذلك الهجر والمقاطعة التي تُخالف السنة الصريحة : ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانًا ) ، ثم أنت بصورة خاصة من بين كلِّ جماعتك حيث كنت تحضر جلساتي تعلم أنني أقول : لا يجوز المبادرة إلى تكفير المسلم إلا بعد إقامة الحجة ، ألم تسمع هذا الكلام مني مرارًا وتكرارًا ؟ قال : بلى . قلت : إذًا كيف لم تدافع عني وفي غيبتي لما اتُّخذ هذا القرار الجائر الظالم ؟ على الأقل أن تقول : والله لازم نرسل شخص نستوضح من الشيخ ؛ صحيح أنه يكفِّر سيد قطب ؟ هذا شيء ، والشيء الثاني كيف صدَّقت بأنه أنا أكفِّر سيد قطب ، وأنا ذكرته بخير في بعض المقدمات ، فلو كان كافرًا عندي ما تعرَّضت لذكره ، وجرى نقاش طويل وطويل جدًّا بيني وبينه .
الشاهد أثر الحزبية واضح جدًّا في تحقيق التدابر والتقاطع بين المسلمين ، وهذا مثال جديد مع الأسف ، حيث صار السلفيون في بعض البلاد الإسلامية طائفتين ، وكانت تجمعهم الدعوة تجمعهم ولا تفرِّقهم ، فلما دخل في الدعوة ما يسمُّونه اليوم بالتنظيم ، وهو التحزب والتكتل ضد كل من لا ينتمي إلى هذا التكتل والتحزب ، فإذًا صدق ربنا - عز وجل - حينما قال : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون )) ، هذا الحزب حتى في الجماعة الواحدة منهجًا وعقيدة يفرِّق بين الشيخ وتلميذه ، يفرِّق بين التلميذ وزميله ، هذه آثار ، وكما قيل قديمًا :
" هذه آثارنا تدل علينا *** فانظروا بعدنا إلى الآثار " .
الشيخ : نبرأ إلى الله من أن نتشبَّه بمن يخالف نصوص الكتاب والسنة التي تنهى عن التفرق ، ومن أقوى أسباب التفرق الحزبية العمياء الصَّمَّاء البكماء ، فنبرأ إلى الله أن نتشبَّه بمن يتخذ الحزبيَّة وسيلة للدعوة إلى الإسلام ، ولا يشعرون أن الحزبيَّة تفرِّق المسلمين فوق تفرُّقهم الذي يحيونه ويعيشونه في هذا الزمان ، وكان أثرًا من آثار تفرُّق سابق قديم ، نحن نعيش الآن في أسوأ هذه الآثار ، ولا نكتفي بذلك حتى نوجد أسبابًا ووسائل حديثة تزيد الفرقة بين المسلمين ، بل وبين الطائفة الواحدة التي تنتمي إلى العمل بالكتاب والسنة فينشأ هناك حزب باسم الحزب السلفي ، يختلف عن السلفيين بعامة أنه منظم ، هذا التنظيم باعتقادي الذي عليه بعض الأحزاب الإسلامية التي لا تنتسب لا إلى الدعوة التي تسمَّى في بعض البلاد بالدعوة السلفية ، وفي بلاد أخرى بدعوة أنصار السنة المحمدية ، وفي بلاد أخرى ثالثة بدعوة أهل الحديث ، هناك بعض الأحزاب التي لا تنتمي إلا إلى إسلام لا مفهوم له عندهم ، وإن كان له مفهوم فهو ذو وجوه متعددة ومتعارضة أشد التعارض ، يكتفون فقط بأن يجتمعوا على الإسلام ، أما ما هو الإسلام ؟ ما هي عقيدة الإسلام ؟
كل واحد يُجيبك من هذا الحزب الواحد بجواب يختلف عن الآخر ، لا غرابة بالنسبة لمثل هؤلاء الأحزاب الذين لا يتبنَّون الدعوة السلفية منهجًا لهم في فهمهم لدينهم سواء كان عقيدة أو كان أحكامًا أو كان سلوكًا ، لا غرابة في ذلك ، لأنهم لا يعلمون ، لكن ما بالنا نسمع في هذه الآونة ناسًا منَّا وفينا ، يدعون بدعوتنا ، ويوحِّدون توحيدنا ، ويتبعون سنة نبيِّنا معنا ، الآن تأثَّروا بالجماعات الأخرى ، فتحزَّبوا وتكتَّلوا ، وليس ضد الأحزاب الأخرى ، بل ضد من كانوا معهم ؛ لأنهم لم يتحزَّبوا معهم ، فصاروا أعداء وخصومًا لهم ، ذلك من شُؤم مخالفة مثل قول الله - عز وجل - : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون )) ، فالإسلام لا يتعرَّف على التحزب إطلاقًا ، وإنما يجب أن نكون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمَّى والسهر .
لكنَّ الحزبية قد جرَّبناها قبل الحزب الجديد ، جرَّبناها ففرَّقت صفوف الناس المسلمين الذين تجمعهم دعوة الإسلام ، لماذا ؟ لأنهم أعلنوا ذلك في كثير من الأحيان أن جماعة المسلمين هي فقط الحزب الفلاني ، هؤلاء فقط جماعة المسلمين ، هذا من شُؤم التحزب والتكتل والتفرق في الدعوة إلى الإسلام ، ونحن عشنا في سوريا سنين طويلة مع جماعة الإخوان المسلمين ندعوهم إلى الكتاب والسنة ، ولا ننتمي إليهم ، ثم كتب الله لي أن أهاجر من دمشق إلى عمان ، وبدأت هناك أن أدعو كما كنت أفعل وأنا في دمشق ، كنت أزور الأردن وأدعو بقدر ما يساعدني الانتقال من دمشق إلى عمان ، لكنِّي لما سكنت واستوطنت عمان أخذت نشاطًا في الدعوة أكثر وأكثر بكثير من قبل ، وكان من نتيجة ذلك أن وَشَى بنا إلى المسؤولين هناك ، الله أعلم نحن ما نتَّهم شيخًا صوفيًّا أو مذهبيًّا مقلدًا أو حزبًا معيَّنًا ، الله أعلم ، لكن كان عاقبة تلك الوشاية أن أعادوني رغم أنفي ، وفي صورة لا داعي لتفصيلها إلى دمشق بمراقبة المخابرات ، ثم بعد نصف سنة تقريبًا سمحوا لي بالرجوع إلى عمان ، بعد أن كنت بنيت فيها دارًا ، وبدأت أنقل مكتبتي إليها ، سمحوا لي - والحمد لله - بالرجوع والسكن فيها مرة أخرى ، وبدأت في نشاطي ، فماذا كان موقف حزب من الأحزاب هناك أن أعلنوا على مَلَئِهم بوجوب مقاطعة الشيخ الألباني ، وليس في شخصه فقط ، بل وبكلِّ مَن يحمل دعوته ، فكنَّا نمرُّ بمن كنا نسلِّم عليهم من قبل ويسلم علينا ؛ وإذا به يزورُّ عنا وينحرف ، لماذا ؟ لأنه صدر الأمر من القيادة العليا - زعموا ! - بأنه يجب مقاطعة الألباني ، واستمرَّ هذا القانون سنة كاملة ، وفيهم ناس .
السائل : هذا قانون طوارئ لا تزعل .
الشيخ : نعم ، لا أنا ما أزعل (( وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرا لكم )) ، كان من هؤلاء الأفاضل الذين تأثَّروا بقرار اللجنة هناك أو الإدارة أو ما أدري ماذا يسمُّونه ، الرجل الذي نفع الله به فيما أعتقد كثيرًا في أفغانستان ، وهو الدكتور عبد الله عزَّام ، هذا الرجل أمره عجيب ، كان هو الحزبي الوحيد الذي كان يحرص على أن يحضر جلساتي ، فعنده دفتر صغير وقلم رقيق ناعم لطيف مثله ، كلما سمع فائدة من الألباني سجلها عنده ، ولكن لما صدر القرار ما عاد يسلِّم علينا ، جمعني لقاء معه وأنا خارج من المسجد هناك ، قلنا له : كيف هذا يا دكتور ؟ قال ما معناه : سحابة صيف عما قريب تنقشع ، قلنا خير ، مضى ما شاء الله من الشهور وهو على هذا الإزورار ، أما أفراد من الحزب فكانوا يحضرون حلقاتنا دون إذن من القيادة العليا - زعموا ! - ، وكنا نثير هذه القضية ، ما الذي حمل جماعتكم على إصدار هذا القرار الظالم ؟ وها أنتم الآن تحضرون ؟ ولو كنتم تعتقدون بأن هذا القرار عادل ما تُخالفونه ، لكن تشعرون بأنه ظالم ، ولذلك تحضرون هذه الجلسات .
ختامًا جاء الدور أن هذا القرار كما يقولون أخذ إيش ؟ مداه ومفعوله ، ورجع الجماعة الذين كانوا يسلمون علينا إلى سلامهم ، ثم فُوجئت بمجيء الدكتور المرحوم - إن شاء الله - إلى دار صهري ، كنت ساهرًا عنده ، دخل هو وشخص من إخواننا السلفيين سلموا وجلسوا ، وقال : نحن جئنا إلى دارك ، وطرقنا الباب وما سمعنا جواب ، ثم بعد ذلك ذهبنا إلى دار فلان ، وجلسنا ننتظر ، فقيل لنا : إنه يمكن راح لعند ابنته عند صهره ، وها نحن جئناك ، قلنا له أهلًا وسهلًا . قال : عندي أسئلة ، فأريد أن تتفضَّل بإفادة جواب عنها ؟ فقلت له : خلاف عادتي قلت له : مقابل كل سؤال مشوار ، مقابل كل سؤال مشوار ، يعني كل سؤال بدّك تسألني إياه بتجي لعندي على الدار ، أما أنك تأخذ جواب عن كل الأسئلة في جلسة واحدة لا ، قال لم ؟ قلت : لما أصدرتم هذا القرار الجائر الظالم ؟ ما الذي فعلته معكم ؟ سوى أنني أدعو إلى الكتاب والسنة ؟ قال : أنت كفَّرت سيد قطب . قلت : أنت تسمعني سمعتني أكفِّر سيد قطب ؟ قال : لا ، لكن بعض شبابنا بلَّغونا ذلك . قلت : سبحان الله ! كأنك ما قرأت قوله - تعالى - : (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين )) ، وذكرت له الحديث الآخر : ( بحسب المرء من الكذب أن يحدِّث بكل ما سمع ) ، فأنت لم تكتف بأن تحدِّث بأن الشيخ الألباني يكفِّر سيد قطب ، بل بنيت على ذلك الهجر والمقاطعة التي تُخالف السنة الصريحة : ( لا تقاطعوا ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانًا ) ، ثم أنت بصورة خاصة من بين كلِّ جماعتك حيث كنت تحضر جلساتي تعلم أنني أقول : لا يجوز المبادرة إلى تكفير المسلم إلا بعد إقامة الحجة ، ألم تسمع هذا الكلام مني مرارًا وتكرارًا ؟ قال : بلى . قلت : إذًا كيف لم تدافع عني وفي غيبتي لما اتُّخذ هذا القرار الجائر الظالم ؟ على الأقل أن تقول : والله لازم نرسل شخص نستوضح من الشيخ ؛ صحيح أنه يكفِّر سيد قطب ؟ هذا شيء ، والشيء الثاني كيف صدَّقت بأنه أنا أكفِّر سيد قطب ، وأنا ذكرته بخير في بعض المقدمات ، فلو كان كافرًا عندي ما تعرَّضت لذكره ، وجرى نقاش طويل وطويل جدًّا بيني وبينه .
الشاهد أثر الحزبية واضح جدًّا في تحقيق التدابر والتقاطع بين المسلمين ، وهذا مثال جديد مع الأسف ، حيث صار السلفيون في بعض البلاد الإسلامية طائفتين ، وكانت تجمعهم الدعوة تجمعهم ولا تفرِّقهم ، فلما دخل في الدعوة ما يسمُّونه اليوم بالتنظيم ، وهو التحزب والتكتل ضد كل من لا ينتمي إلى هذا التكتل والتحزب ، فإذًا صدق ربنا - عز وجل - حينما قال : (( ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا كل حزب بما لديهم فرحون )) ، هذا الحزب حتى في الجماعة الواحدة منهجًا وعقيدة يفرِّق بين الشيخ وتلميذه ، يفرِّق بين التلميذ وزميله ، هذه آثار ، وكما قيل قديمًا :
" هذه آثارنا تدل علينا *** فانظروا بعدنا إلى الآثار " .
- رحلة الخير - شريط : 7
- توقيت الفهرسة : 00:30:16
- نسخة مدققة إملائيًّا