ما هي نصيحتك لطالب العلم المبتدئ الذي لا يستطيع أن يرجِّح بين خلافات أهل العلم ؛ وأمامه عدد من أقوال الثقات من أهل العلم فقهية كانت أو حديثية أو ما يتعلق بفقه الدعوة وغير ذلك ؟
A-
A=
A+
السائل : السؤال : ما هي نصيحتك لطالب العلم المبتدئ الذي لا يستطيع أن يرجِّح بين خلافات أهل العلم ؛ بالذات إذا كان العلماء والمشايخ من العلماء الموثوقين بالعقيدة والمشهورين باتباع السنة إذا اختلفوا - مثلًا - بتصحيح أو تضعيف حديث ، أو في فتوى معيَّنة ، أو في مسائل تتعلَّق بفقه الدعوة ونتاجها ؛ فما هي نصيحتك لطالب العلم بحيث لا يقع في التقليد والتعصُّب واتباع الهوى ؛ طالب العلم المبتدئ الذي لا يستطيع ... ؟
الشيخ : ... في الحقيقة مشكلة ، وليست مشكلة العصر الحاضر ؛ ... كان بعض هذا الخلاف معروفًا حتى بين الصحابة ، وإنما قلت بعض هذا الخلاف لأن العلم اتَّسعت دائرته من بعدهم ، فلم يكن عندهم شيء اسمه علم المصطلح ، ولم يكن عندهم شيء اسمه علم الجرح والتعديل ، أما بعد انتشار الإسلام ودخول الوسائط لنقل الإسلام من طريق الرسول - عليه السلام - إلى من بعدهم ؛ ذلك استلزم وجود بعض العلوم الشرعية ، فلذلك فاتسعت دائرة الخلاف فعلًا أكثر من ذي قبل ، ولكن ما دام أن شيئًا من هذا الخلاف والنقل في المسائل الفقهية في فهم بعض نصوص الشريعة من الكتاب والسنة قد كان معروفًا بين الصحابة ومن بعدهم ؛ فيجب على عامة المسلمين في هذا الزمان أن يقتدوا بسلفهم الصالح ؛ سواء من كان منهم من أهل العلم أو ممن بعدهم ... من طلاب العلم أو ... من عامة الناس ، فلم يُعلم أن الصحابة اختلفوا في غير ما مسألة ، ولكن لم يكن هناك شيء من القلقلة والبلبلة التي نُشاهدها اليوم ؛ لماذا ؟ لأن الجمهور من هؤلاء الصحابة كانوا أتقياء لله - عز وجل - لا يتعصَّبون للرجال ، وإنما يتعصَّبون للحقِّ الذي بدا لهم ، فمن المعلوم أن ابن مسعود - مثلًا - كان له بعض الآراء والاجتهادات التي تختلف مع اجتهادات عبد الله بن عمر وغيره ، ومع ذلك فلم يكن لهذا الاختلاف أيُّ أثر في ذاك المجتمع الإسلامي فيما ذكرت آنفًا من أنهم كانوا على تقوى من الله - تبارك وتعالى - ، ولم يكن قد تسرَّب إليهم ما يُسمَّى اليوم بالتعصب المذهبي أو التعصب للأشخاص دون الحقِّ .
اليوم يجب أن يُعيد التاريخ نفسه ؛ وهو أنه إذا رأى أحدُ عامة المسلمين بعضَ العلماء يختلف بعضهم مع بعض كما ... آنفًا ؛ هذا يصحِّح وهذا يضعِّف ، أو هذا يحلِّل وذاك يحرِّم وهكذا ؛ فعليه في هذه الحالة أن يعمل تحرِّيًا مَن مِن هذين العالمين اللذين اختلفا في مسألة فقهية مثلًا من هو الأعلم والأورع ؟ ومن هو المتمكِّن في هذا العلم أكثر من غيره ؟ فهنا اجتهاد المستفتي أو العامي ليس هو اجتهادًا علميًّا يميِّز الحجة ويفضِّلها على الحجة الأخرى ، وإنما اجتهاده بأن يميِّز أنُّو هذا الإنسان مضى عليه كذا من السنين وهو يدرس العلم الشرعي ، أما هذا فـ ... صغير السِّنِّ ، تخرَّج - مثلًا - من الجامعة منذ أيام قليلة ، وذاك يمكن يعلِّم ويخرِّج الدكاترة في ذلك العلم ؛ فهذا مما يستطيعه كل مسلم مهما كانت ... العلمية منحطَّة ، فيستطيع أن يعرف هذا أقعد في علمه من ذاك أم لا ؟ يُضاف إلى ذلك شيء آخر بإمكانه - أيضًا - أن يُريكه إذا حرص على ذلك ؛ وهو أن نرى أيّ الرجلين أتقى لله - تبارك وتعالى - ؟
وشيء ثالث - ولعله الأخير - : لو فرضنا أن العالمين اللذين اختلفا في تلك المسألة الفقهية أو الحديثية - والمقصود التقريب - استويا في كل ما ذكرنا من الصفات ؛ فهناك يأتي شيء ثالث - ولعله الأخير - ؛ وهو أن نفكِّر في أيهما تخصُّصه أقرب إلى ذلك الـ ... فمن كان أقرب إلى ذلك هو الذي ينبغي الاعتماد عليه دون الآخر ، وهكذا يُقال في كل العلوم ، ونحن نعلم بالتجربة أنَّ المصاب بمرضٍ في نفسه أو في ولده =
-- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته --
= أو في ولده ؛ فإنه لا يأخذه إلى أيِّ طبيب ، وإنما بعد أن يسأل : أيُّ طبيب أشهر وأعلم ؟ أيُّ طبيب متخصِّص بهذا المرض ؟ حتى تطمئن نفسه ويركن إليه فيذهب إليه ويعالج نفسه أو يعالج حبيبه ، ولا شكَّ أن علم الشريعة أهم من علم الطب والبدن ، وعلى ذلك يجب على كل سائل أن يتحرَّى المرجع الذي يريد أن يسأله ، فإذا اختلفت الأقوال عليه وضع أمامه مثل هذا المثال إذا أمكنه ، ومن لا يمكنه ذلك ؛ فحسبه أن يعمل بما يسَّر الله له ، هذا ما عندي .
الشيخ : ... في الحقيقة مشكلة ، وليست مشكلة العصر الحاضر ؛ ... كان بعض هذا الخلاف معروفًا حتى بين الصحابة ، وإنما قلت بعض هذا الخلاف لأن العلم اتَّسعت دائرته من بعدهم ، فلم يكن عندهم شيء اسمه علم المصطلح ، ولم يكن عندهم شيء اسمه علم الجرح والتعديل ، أما بعد انتشار الإسلام ودخول الوسائط لنقل الإسلام من طريق الرسول - عليه السلام - إلى من بعدهم ؛ ذلك استلزم وجود بعض العلوم الشرعية ، فلذلك فاتسعت دائرة الخلاف فعلًا أكثر من ذي قبل ، ولكن ما دام أن شيئًا من هذا الخلاف والنقل في المسائل الفقهية في فهم بعض نصوص الشريعة من الكتاب والسنة قد كان معروفًا بين الصحابة ومن بعدهم ؛ فيجب على عامة المسلمين في هذا الزمان أن يقتدوا بسلفهم الصالح ؛ سواء من كان منهم من أهل العلم أو ممن بعدهم ... من طلاب العلم أو ... من عامة الناس ، فلم يُعلم أن الصحابة اختلفوا في غير ما مسألة ، ولكن لم يكن هناك شيء من القلقلة والبلبلة التي نُشاهدها اليوم ؛ لماذا ؟ لأن الجمهور من هؤلاء الصحابة كانوا أتقياء لله - عز وجل - لا يتعصَّبون للرجال ، وإنما يتعصَّبون للحقِّ الذي بدا لهم ، فمن المعلوم أن ابن مسعود - مثلًا - كان له بعض الآراء والاجتهادات التي تختلف مع اجتهادات عبد الله بن عمر وغيره ، ومع ذلك فلم يكن لهذا الاختلاف أيُّ أثر في ذاك المجتمع الإسلامي فيما ذكرت آنفًا من أنهم كانوا على تقوى من الله - تبارك وتعالى - ، ولم يكن قد تسرَّب إليهم ما يُسمَّى اليوم بالتعصب المذهبي أو التعصب للأشخاص دون الحقِّ .
اليوم يجب أن يُعيد التاريخ نفسه ؛ وهو أنه إذا رأى أحدُ عامة المسلمين بعضَ العلماء يختلف بعضهم مع بعض كما ... آنفًا ؛ هذا يصحِّح وهذا يضعِّف ، أو هذا يحلِّل وذاك يحرِّم وهكذا ؛ فعليه في هذه الحالة أن يعمل تحرِّيًا مَن مِن هذين العالمين اللذين اختلفا في مسألة فقهية مثلًا من هو الأعلم والأورع ؟ ومن هو المتمكِّن في هذا العلم أكثر من غيره ؟ فهنا اجتهاد المستفتي أو العامي ليس هو اجتهادًا علميًّا يميِّز الحجة ويفضِّلها على الحجة الأخرى ، وإنما اجتهاده بأن يميِّز أنُّو هذا الإنسان مضى عليه كذا من السنين وهو يدرس العلم الشرعي ، أما هذا فـ ... صغير السِّنِّ ، تخرَّج - مثلًا - من الجامعة منذ أيام قليلة ، وذاك يمكن يعلِّم ويخرِّج الدكاترة في ذلك العلم ؛ فهذا مما يستطيعه كل مسلم مهما كانت ... العلمية منحطَّة ، فيستطيع أن يعرف هذا أقعد في علمه من ذاك أم لا ؟ يُضاف إلى ذلك شيء آخر بإمكانه - أيضًا - أن يُريكه إذا حرص على ذلك ؛ وهو أن نرى أيّ الرجلين أتقى لله - تبارك وتعالى - ؟
وشيء ثالث - ولعله الأخير - : لو فرضنا أن العالمين اللذين اختلفا في تلك المسألة الفقهية أو الحديثية - والمقصود التقريب - استويا في كل ما ذكرنا من الصفات ؛ فهناك يأتي شيء ثالث - ولعله الأخير - ؛ وهو أن نفكِّر في أيهما تخصُّصه أقرب إلى ذلك الـ ... فمن كان أقرب إلى ذلك هو الذي ينبغي الاعتماد عليه دون الآخر ، وهكذا يُقال في كل العلوم ، ونحن نعلم بالتجربة أنَّ المصاب بمرضٍ في نفسه أو في ولده =
-- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته --
= أو في ولده ؛ فإنه لا يأخذه إلى أيِّ طبيب ، وإنما بعد أن يسأل : أيُّ طبيب أشهر وأعلم ؟ أيُّ طبيب متخصِّص بهذا المرض ؟ حتى تطمئن نفسه ويركن إليه فيذهب إليه ويعالج نفسه أو يعالج حبيبه ، ولا شكَّ أن علم الشريعة أهم من علم الطب والبدن ، وعلى ذلك يجب على كل سائل أن يتحرَّى المرجع الذي يريد أن يسأله ، فإذا اختلفت الأقوال عليه وضع أمامه مثل هذا المثال إذا أمكنه ، ومن لا يمكنه ذلك ؛ فحسبه أن يعمل بما يسَّر الله له ، هذا ما عندي .
- رحلة النور - شريط : 29
- توقيت الفهرسة : 00:06:50
- نسخة مدققة إملائيًّا