قال أحمد - رحمه الله - : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن الزهري عن رجل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لاَسْتَقَاءَ ) . وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا الحديث بمثل حديث الزهري ؛ هذا طريق آخر ؟
A-
A=
A+
السائل : طيب يا شيخ ... في نفس الموضوع ؛ قال أحمد - رحمه الله - : حدثنا عبد الرزاق قال : حدثنا معمر عن الزهري عن رجل عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وَهُوَ قَائِمٌ مَا فِي بَطْنِهِ لاَسْتَقَاءَ ) . وقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا الحديث بمثل حديث الزهري ؛ لَيكون هذا طريق آخر ؟
الشيخ : هو طريق آخر فيه رجل الذي لم يسمَّ ، عمَّن هذا الرجل روى ؟ أعد عليَّ .
السائل : إسناد أحمد ؟
الشيخ : لا لا مش الإسناد كله ، عن رجل ؟
السائل : عن رجل عن أبي هريرة .
الشيخ : عن أبي هريرة ... .
سائل آخر : ... .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : الرجل المبهم هنا ... .
الشيخ : ليس بعيدًا ، لكن يحتمل أن يكون أبو زياد .
السائل : الإسناد جاء مرَّة أخرى ، وأنا أذكر أن ابن حبان أخرج - أيضًا - هذا الحديث إسناده صحيح .
الشيخ : وكنَّاه أبا صالح .
السائل : وهو أبو صالح .
الشيخ : إي ، لهذا نقول إن الحديث صحيح ، أما هذا الإسناد ... فيه الرجل الذي لم يسمَّ قد يتعيَّن بتتبُّع الطرق ، وهَيْ الأخ يقول أنه هو أبو صالح ، ومن حفظ - أو على الأقل - من استحضر حجَّة على من لم يستحضر .
السائل : حفظكم الله ، هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا ... من زمزم أثناء .
الشيخ : طبعًا ثبت هذا ؛ أنه شرب قائمًا ليس فقط هناك ، في عدة روايات أنه شرب قائمًا ، لكن هذا كما تحدَّثنا في مسألة قبل أن نصلي العشاء ، هي مسألة استقبال القبلة ببول أو غائط ، وقد جاءت أحاديث بعضها في " الصحيحين " : نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن استقبال القبلة ببول أو غائط ، ومن ذلك حديث أبي أيوب الأنصاري المتفق عليه بين الشيخين : ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا ) .
طبعًا ( شرِّقوا أو غرِّبوا ) هذا بالنسبة إلى المدينة ، نعم ، راويه أبو أيوب الأنصاري قال : ثم أتينا الشام ، فوجدنا الكنف موجَّهة إلى القبلة فنحن نستغفر الله .
فراوي الحديث يعتقد أنه لا فرق في هذا الحكم من حيث النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط بين الصحراء أو بين البنيان ؛ حيث فرَّق بعض العلماء قديمًا وحديثًا فأباحوا البنيان وخصَّصوا الحديث في الصحراء ، تكلمنا في هذا الموضوع بشيء من التفصيل ، والذي يهمُّنا الآن بمناسبة هذا السؤال عن الشرب شرب الرسول قائمًا نقول : أنه إذا تعارض حاظر ومبيح ، ولم يمكن التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة ، والتي أبلَغَها الحافظ العراقي في شرحه على " مقدمة ابن الصلاح " في علوم الحديث إلى أكثر من مئة وجه ، فإذا لم يتمكن الباحث العالم من التوفيق بين حديثين ؛ فحينئذٍ يُصار إلى هذه القاعدة ؛ إذا تعارض مبيح وحاظر قُدِّم الحاظر على المبيح ؛ كذلك إذا تعارض فعله - عليه السلام - مع قوله قُدِّم قوله على فعله ؛ ذلك لأن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - تشريع عام ، وفعله يحتمل عدَّة احتمالات ، وهنا الشاهد الآن بالنسبة لشربه - عليه السلام - قائمًا هذا فعلٌ ، عارَضَه قوله كما جاء في ذاك الحديث ؛ وهو - أيضًا - نحوه في " صحيح مسلم " لكن في سنده رجل متكلَّم فيه ؛ إلا أنه يستشهد به ويُضم إلى هذه الأحاديث التي فيها نهي الرسول - عليه السلام - عن الشرب قائمًا ، لكن تفرَّد أبو هريرة بهذه الزيادة أنه قال له : ( قِه قِه ) هكذا ... في بعض الروايات .
الشاهد : فهنا فعله عارض قوله ، أي : أول قاعدة نستطيع أن نطبقها نرجح القول على الفعل ، ثم فعله مبيح وقوله حاظر ؛ أي : مانع ، فيُقدَّم المانع على المبيح ، كذلك قلنا في موضوع استقبال القبلة قد جاء في بعض الأحاديث أنه - عليه السلام - رُئِيَ على خلاف ما جاء في الحديث ، وعلى ذلك قلنا نرجح قوله ؛ لأن ذلك شريعة عامة ، والفعل يمكن أن يكون له بعض الظروف أو ربما يكون من خصوصيات الرسول - عليه السلام - يلجأ العلماء لتصريف هذه الاحتمالات في سبيل المحافظة على النَّصِّ هاللي هو تشريع عام ، فهنا الآن أنت تسأل بالنسبة هل شرب الرسول ... كيفما كان العلماء يقفون يسحبون الماء بالدِّلاء ثم يتزاحم الناس زحمة عجيبة جدًّا ، أما الآن ما شاء الله ، إيش تسمُّوها هذه ... ولَّا إيش ؟ نحن نسمِّيها الحلبيات ، لأن كل واحد بإمكانه يشرب هذا الماء ، ففي احتمال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما شرب من ماء زمزم قائمًا أنه لأنه لم يستطع أن يأتِ بالسُّنَّة ، وفي الحوادث الأخرى التي أشرت إليها ليرد نفس هذا الاحتمال ، بل أحدها صريح في ذلك ؛ حيث جاء في " سنن الترمذي " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جاء إلى شنّ معلَّقة وفكَّ وكاءَها وشرب منها ، فهي مُعلَّقة ، وليس من السهولة بقى بمكان أن يفكَّها ويجي يشرب منها ، خاصَّة ما أدري لعل هذا الشَّن ولَّا إيش نسمِّيها ؟ ممكن يكون كبيرًا ثقيلًا ، فليس من السهل فكُّه ... الرسول - عليه السلام - ليشرب منه جالسًا .
وهم يقولون - ولسنا بحاجة هنا إلى مثل هذا القول - الدليل إذا طَرَقَه الاحتمال سقط به الاستدلال ، هذا لو كان عريًّا عن المخالفة بالقول وبالحاظر ، فكيف وقد اجتمع العاملان هنا ؛ فحينئذٍ نقول قوله - عليه السلام - مُقدَّم وبخاصة أنه حاظر ، ومُقدَّم على الفعل الذي هو يبيح .
هذا جوابي على هذا السؤال الأخير .
الشيخ : هو طريق آخر فيه رجل الذي لم يسمَّ ، عمَّن هذا الرجل روى ؟ أعد عليَّ .
السائل : إسناد أحمد ؟
الشيخ : لا لا مش الإسناد كله ، عن رجل ؟
السائل : عن رجل عن أبي هريرة .
الشيخ : عن أبي هريرة ... .
سائل آخر : ... .
الشيخ : نعم ؟
سائل آخر : الرجل المبهم هنا ... .
الشيخ : ليس بعيدًا ، لكن يحتمل أن يكون أبو زياد .
السائل : الإسناد جاء مرَّة أخرى ، وأنا أذكر أن ابن حبان أخرج - أيضًا - هذا الحديث إسناده صحيح .
الشيخ : وكنَّاه أبا صالح .
السائل : وهو أبو صالح .
الشيخ : إي ، لهذا نقول إن الحديث صحيح ، أما هذا الإسناد ... فيه الرجل الذي لم يسمَّ قد يتعيَّن بتتبُّع الطرق ، وهَيْ الأخ يقول أنه هو أبو صالح ، ومن حفظ - أو على الأقل - من استحضر حجَّة على من لم يستحضر .
السائل : حفظكم الله ، هل ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرب قائمًا ... من زمزم أثناء .
الشيخ : طبعًا ثبت هذا ؛ أنه شرب قائمًا ليس فقط هناك ، في عدة روايات أنه شرب قائمًا ، لكن هذا كما تحدَّثنا في مسألة قبل أن نصلي العشاء ، هي مسألة استقبال القبلة ببول أو غائط ، وقد جاءت أحاديث بعضها في " الصحيحين " : نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن استقبال القبلة ببول أو غائط ، ومن ذلك حديث أبي أيوب الأنصاري المتفق عليه بين الشيخين : ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ببول أو غائط ، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا ) .
طبعًا ( شرِّقوا أو غرِّبوا ) هذا بالنسبة إلى المدينة ، نعم ، راويه أبو أيوب الأنصاري قال : ثم أتينا الشام ، فوجدنا الكنف موجَّهة إلى القبلة فنحن نستغفر الله .
فراوي الحديث يعتقد أنه لا فرق في هذا الحكم من حيث النهي عن استقبال القبلة ببول أو غائط بين الصحراء أو بين البنيان ؛ حيث فرَّق بعض العلماء قديمًا وحديثًا فأباحوا البنيان وخصَّصوا الحديث في الصحراء ، تكلمنا في هذا الموضوع بشيء من التفصيل ، والذي يهمُّنا الآن بمناسبة هذا السؤال عن الشرب شرب الرسول قائمًا نقول : أنه إذا تعارض حاظر ومبيح ، ولم يمكن التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق الكثيرة ، والتي أبلَغَها الحافظ العراقي في شرحه على " مقدمة ابن الصلاح " في علوم الحديث إلى أكثر من مئة وجه ، فإذا لم يتمكن الباحث العالم من التوفيق بين حديثين ؛ فحينئذٍ يُصار إلى هذه القاعدة ؛ إذا تعارض مبيح وحاظر قُدِّم الحاظر على المبيح ؛ كذلك إذا تعارض فعله - عليه السلام - مع قوله قُدِّم قوله على فعله ؛ ذلك لأن قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - تشريع عام ، وفعله يحتمل عدَّة احتمالات ، وهنا الشاهد الآن بالنسبة لشربه - عليه السلام - قائمًا هذا فعلٌ ، عارَضَه قوله كما جاء في ذاك الحديث ؛ وهو - أيضًا - نحوه في " صحيح مسلم " لكن في سنده رجل متكلَّم فيه ؛ إلا أنه يستشهد به ويُضم إلى هذه الأحاديث التي فيها نهي الرسول - عليه السلام - عن الشرب قائمًا ، لكن تفرَّد أبو هريرة بهذه الزيادة أنه قال له : ( قِه قِه ) هكذا ... في بعض الروايات .
الشاهد : فهنا فعله عارض قوله ، أي : أول قاعدة نستطيع أن نطبقها نرجح القول على الفعل ، ثم فعله مبيح وقوله حاظر ؛ أي : مانع ، فيُقدَّم المانع على المبيح ، كذلك قلنا في موضوع استقبال القبلة قد جاء في بعض الأحاديث أنه - عليه السلام - رُئِيَ على خلاف ما جاء في الحديث ، وعلى ذلك قلنا نرجح قوله ؛ لأن ذلك شريعة عامة ، والفعل يمكن أن يكون له بعض الظروف أو ربما يكون من خصوصيات الرسول - عليه السلام - يلجأ العلماء لتصريف هذه الاحتمالات في سبيل المحافظة على النَّصِّ هاللي هو تشريع عام ، فهنا الآن أنت تسأل بالنسبة هل شرب الرسول ... كيفما كان العلماء يقفون يسحبون الماء بالدِّلاء ثم يتزاحم الناس زحمة عجيبة جدًّا ، أما الآن ما شاء الله ، إيش تسمُّوها هذه ... ولَّا إيش ؟ نحن نسمِّيها الحلبيات ، لأن كل واحد بإمكانه يشرب هذا الماء ، ففي احتمال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما شرب من ماء زمزم قائمًا أنه لأنه لم يستطع أن يأتِ بالسُّنَّة ، وفي الحوادث الأخرى التي أشرت إليها ليرد نفس هذا الاحتمال ، بل أحدها صريح في ذلك ؛ حيث جاء في " سنن الترمذي " أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جاء إلى شنّ معلَّقة وفكَّ وكاءَها وشرب منها ، فهي مُعلَّقة ، وليس من السهولة بقى بمكان أن يفكَّها ويجي يشرب منها ، خاصَّة ما أدري لعل هذا الشَّن ولَّا إيش نسمِّيها ؟ ممكن يكون كبيرًا ثقيلًا ، فليس من السهل فكُّه ... الرسول - عليه السلام - ليشرب منه جالسًا .
وهم يقولون - ولسنا بحاجة هنا إلى مثل هذا القول - الدليل إذا طَرَقَه الاحتمال سقط به الاستدلال ، هذا لو كان عريًّا عن المخالفة بالقول وبالحاظر ، فكيف وقد اجتمع العاملان هنا ؛ فحينئذٍ نقول قوله - عليه السلام - مُقدَّم وبخاصة أنه حاظر ، ومُقدَّم على الفعل الذي هو يبيح .
هذا جوابي على هذا السؤال الأخير .
- رحلة النور - شريط : 23
- توقيت الفهرسة : 00:39:45
- نسخة مدققة إملائيًّا