السائل : يقول في الحديث من آداب المجلس أن يسقي الساقي أفضلهم علمًا أو أكبرهم سنًّا ، ومن ثم يبدأ من على يمينه .

الشيخ : إي نعم .

السائل : ... التيامن .

الشيخ : كيف ؟

السائل : ... التيامن .

الشيخ : التيامن ... في الوسط .

السائل : ... .

الشيخ : الذي ذكرته معروف في كلِّ البلاد الاسلامية تقريبًا ، لكن هذا خلاف السنة .

السائل : لا إله إلا الله ... .

الشيخ : ... إي ، فمن الذي وضع المنهج ؟

السائل : ... ومن الجهل أن يبدأ الساقي بيمين النبي .

الشيخ : الله أكبر !

السائل : هكذا ينقل ... .

سائل آخر : ... إذ انقلبت السنة لبدعة ، والبدعة لسنة .

السائل : ... والأفضل أن يكون من أكبرهم سنًّا ثم من يجلس على يمين ، فلو كان من هو على يساره أفضل منه علمًا و .

الشيخ : اسمع الآن ، كلنا بفضل الله ورحمته نجتمع على عقيدة صحيحة ، مُجملها قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( خير الهدى هدى محمد ) ، أليس كذلك ؟ ( خير الهدى هدى محمد ) ، قد جاء والوقت ضيق ، والوقت يتحمَّل التوسعة ، ولكن نأتي الموضوع من أقرب طريق .

جاء في " صحيح مسلم " - عفوًا - في " صحيح البخاري " من حديث أنس بن مالك بإسناد ، ومن حديث سهل بن سعد بإسناد آخر أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - استسقى . ماذا فعل ؟ استسقى ، ومعنى استسقى ؛ أي : طلب السقيا ، انتبه إلى هذه النقطة ؛ أنا ما طلبت السقيا ، ها ؟ أنا ما طلبت السقيا ، لهذا ما بعده ، هنا استسقى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فأُتِيَ بلبنٍ قد شيبَ بماء في قعدٍ . القعد ... طبعًا فيها شيء حضارة . فشرب - عليه الصلاة والسلام - حتى ارتوى واكتفى ، وعن يمينه عبد الله بن عباس ، وعن يساره أبو بكر الصديق ، فقال لابن عباس الذي هو عن يمينه قال : ( أتأذن أن أسقيَ أبا بكر ؟ ) قال : لا والله يا رسول الله ، لا أؤثر أحدًا على فضلة شرابك ، فأعطاه ، فقال : ( الأيمن فالأيمن ) ، وهذا لفظ حديث أنس ، ولفظ حديث سهل : ( الأيمنون ، فالأيمنون ، فالأيمنون ) .

الآن إذا وُجِّه سؤال لم بدأ الساقي برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟ الجواب : لأنه طلب ، فإذًا لا يصح الاستدلال بهذا الحديث البدء بكبير القوم ، فاهم عليَّ ؟ لأن البدء كان لأنه استسقى ، إذا استسقى كبير القوم أو صغيرهم وجبَ إعطاؤه ؛ لأنه هو الذي استسقى ، واضح ؟

السائل : نعم .

الشيخ : طيب ؛ ثانيًا - وهنا الحجة القوية - : رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لما شرب وبقي في القعد فضلة ، فنظر إلى من عن يمينه وإذا هو صغير لم يبلغ الحلم بعد ابن عباس ، وعن يساره أبو بكر ، لو كان الساقي يبدأ بأكبر القوم ما كان له أن يستأذنَ الصغير الذي عن يمينه وأن يعطي من عن يساره ؛ لأنه هو كبير القوم ، لكنَّنا وجدنا النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يبدأ به إلا بعد استئذان من هو على يمينه ، فلما لم يأذَنْ أعطاه وأفهمَ الحاضرين أنُّو لا يختلجنَّ في صدور أحد منكم ؛ لماذا يدع الشيخ الجليل ويعطي الطفل الصغير ؟ الجواب : أعطاهم سلفًا ( الأيمن ) ، وفي رواية أخرى : ( الأيمنون ، فالأيمنون ، فالأيمنون ) ، هذا هو نص الحديث .

فإذًا القاعدة أن يبدأ الداخل عن اليمين ، بغض النظر ذاك صغير أم كبير ، وهل الجالس في صدر المكان هو كبير ولَّا صغير ؛ سواء كان في السن أو في العلم أو في المنزلة إلى آخره .

وأخيرًا : والبحث - كما قلت لكم - يطول ، فنحن كما علمتم على سفر ، ساقي القوم لو كان الشرع يقول : اسقِ كبير القوم ، ممكن يكون بجانبي أنا مثلًا رجل آخر عالم فاضل ، ويكون أعلم مني ويكون قريب من سنِّي ، أنا بفوقه بسنة أو هو يفوقني بسنة ، شو درَّاك وأنت الساقي ؟ هل أنت في حاجة الآن تعمل اجتهاد ومفاضلة بين هذا الشيخ وهذا الشيخ (( لا يكلِّف الله نفسًا إلا وسعها )) ، الإسلام دين سَمح يسر .

أنا أقول بهذه المناسبة للذي يريد أن يجري هذه المفاضلة ينبغي أن يكون ابن خلدون زمانه ، يعني يكون عنده معرفة ... ، وهذا غير ممكن إلى للرجال الماضيين ؛ فما بالك بالرجال الحاضرين ؟ لكن كيف اليسر في الإسلام ؟ ابدأ باليمين والطفل الصغير يعرف اليمين ، وانتهى الأمر ، هذا هو السبيل .

السائل : جزاك الله خير ، ولو كان والده ؟

الشيخ : ولو كان والده ، أنا ميسِّر بشيء ، واسأل به مجرِّبًا خبيرًا ، عرفتم السنة طبِّقوها في أماكن لا يترتب من ورائها قلقلة وبلبلة ، وما ... الإمام المسافر عنكم ببعيد ، أما في المجالس العامة التي لم يطرُقْ سمعَها مثل هذا الحديث الصحيح فقولوا على ... باطن صدوركم لا حول ولا قوة إلا بالله ، حتى يتعلم الناس هذه السنة تمشون مع العادة ، لكن انشروها بينكم حتى تمشي رويدًا رويدًا ، كالحصوة أرميها في الماء الجامد فإذا به يعمل إيش ؟ أول دائرة ، ثم الثانية ، ثم الثالثة حتى تعمَّ البحر بحيث لا يشمله النظر ، وهكذا ... السنة رويدًا رويدًا كما قال - تعالى - : (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) ... .