في حالة الاعتدال من الصلاة من الركوع أيُّ الدعاء مستحب ؟
A-
A=
A+
الشيخ : وسأل سائل آخر ، وهذه المسألة يجب الانتباه لها ، وأكثر الناس عنها غافلون إن لم نقل ... جاهلون ، من الثابت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أن المصلي إذا صلى وحده ، أو صلى في الناس إمامًا ؛ فإنه إذا رفع رأسه من الركوع يقول : ( سمع الله لمن حمده ) ، هذا يُسمَّى بورد الانتقال من الركوع إلى القيام الذي بعد الركوع ، فحينما يبدأ المصلي يرفع رأسه من الركوع يقول : ( سمع الله لمن حمده ) ، لا يقول : ( سمع الله لمن حمده ) بعد أن يستتمَّ قائمًا ... ( سمع الله لمن حمده ) وهو يرفع رأسه من الركوع =
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلًا مرحبًا ، مساك الله بالخير --
= وإذا رفع المصلي رأسه من الركوع قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) في حالة قيامه هذا نقول : ( ربنا ولك الحمد ) ؛ فإذًا هنا وردان لا يجوز الخلط بينهما ، ولا يجوز إقامة أحدهما مكان الآخر ؛ فإذًا قول القائل : ( سمع الله من حمده ) إنما هو ... رفع الرأس من الركوع حتى يستوي قائمًا ، فإذا استوى قائمًا قال : ( ربنا لك الحمد ) ، وله ألفاظ كثيرة بعضها قصير وبعضها طويل ، وكلما طال كان أفضل ، هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يصلي ، وهكذا قال آمرًا أمَّته أن يقتدوا بصلاته في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ، هذه الصورة أو هذا الرفع من الركوع الذي تضمَّن وردين اثنين اتَّفق العلماء على شرعيَّتهما بالنسبة للمنفرد وبالنسبة للإمام ، لكنهم اختلفوا بالنسبة للمقتدي ، فكثيرون منهم يذهبون إلى أنَّ المقتدي إنما يقول بعد قول الإمام : ( سمع الله لمن حمده ) يقول المقتدي فقط : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، وذهب الشافعية إلى أن المقتدي - أيضًا - كالمنفرد وكالإمام يجمع بين الوردين ، ولا يكتفي بالثاني دون الأول منهما .
والذي نراه اليوم =
-- سائل آخر : السلام عليكم . الشيخ : وعليكم السلام --
= في كثير من المصلين أنهم حينما يرفع الإمام رأسه من الركوع قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) فهم يقولون : ( ربنا ولك الحمد ) ، أي : أقاموا الورد الثاني مكان الورد الأول ، وهو خطأ ، وهذا لا يقول به أحد من العلماء ، وإن كان ولا بد من الاقتصار على الورد الثاني فإن محلَّه حين يستتمُّ قائمًا ، أما بالوجه الأول فهو كما ذكرنا لكم آنفًا وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء - فيما علمت - إنما هو بورد الانتقال من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، استتمَّ قائمًا جاء الورد الثاني ... .
فالآن جماهير المصلين يجعلون الورد الثاني مكان الورد الأول ، فما يكاد الإمام يرفع رأسه قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) إلا والمقتدون يتابعونه في قولهم : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، فالقائمون ماذا يقولون ؟ طاح الورد ! لأن هنا دعوه في حالة الانتقال من الركوع ؛ إذًا على الإمام وعلى المنفرد وعلى المقتدي أن يقول كما كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول إذا رفع رأسه من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) وهو قائم : ( ربَّنا ولك الحمد ملء السماوات وملء ) إلى آخر الورد ... .
وحجَّة من ذهب إلى التفصيل الذي ذكرناه آنفًا عن بعضهم ؛ وهو أن المقتدي لا يجمع بين الوردين حديث مروي في " صحيح مسلم " فيه قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( وإذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، ظنَّ بعض العلماء أن هذا الحديث ينفي شرعيَّة قول المقتدي مع الإمام : ( سمع الله لمن حمده ) ، لكن هذا الحديث لا يعني نفي ما ثبت ... في الأحاديث الأخرى التي ذكرنا بعضَها آنفًا ؛ لأنهما على ... من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الأحاديث الصحيحة المتَّفق عليها بين الشيخين : ( وإذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا : آمين ) ، فهذا الحديث لا يمكن أن يقول للمقتدي - أيضًا - ( آمين ) ، ليس لمجرَّد الرأي ، وإنما اتباعًا للحديث ، فكما علمت بهذا الحديث شرعية قول المقتدي : ( آمين ) ، كذلك لا ينفي ذاك الحديث : ( وإذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربَّنا ولك الحمد ) .
الدليل على التأمين قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ) . فهذا النص كان صريحًا في جواز قول المقتدي مع الإمام أو بعيد قول الإمام : ( آمين ) أن يقول هو - أيضًا - : ( آمين ) ، فإذ ثبتت شرعية قول المقتدي : ( آمين ) لا ينبغي أن نفهم بالحديث السابق : ( فإذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : آمين ) ، وإنما يعني أن ذلك ينبغي أن يكون بعد انتهاء الإمام من قراءة : (( ولا الضالين )) ، أما التحفيظ فقد جاء في الحديث الثاني ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ، هنا للتوضيح نفى بأن الإمام زاد في هذا الحديث ما لم يأتِ في الحديث الأول ، الحديث الأول يقول : ( إذا قال : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا أنتم : آمين ) ، أما الحديث الثاني فقد جاء فيه زيادة ينبغي أن تُضاف إلى الحديث الأول ، الزيادة الأولى التقرير بتأمين المقتدي وراء الإمام ، والزيادة الثانية أن يقول بعد قول الإمام : ( آمين ) أو عند قول الإمام : ( آمين ) .
وبهذه المناسبة - أيضًا - لا بد من التذكير بخطأ يقع فيه جماهير من المصلين المقتدين وراء الإمام ، فإن الإمام لا يكاد ينتهي من قراءة : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) إلا وضجَّ المسجد بـ ( آمين ) قبل أن يرفع الإمام بـ ( آمين ) ، وهذا ضرب - كما يقول العلماء في بعض المناسبات - للحديث ... ؛ أي : مخالفة صريحة ، لأنه يقول : ( إذا أمَّن فأمِّنوا ) ، مش إذا انتهى من (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) لا يقول : ( آمين ) ، لا ، يقول الحديث الثاني يُصوَّب ذلك ، وبذلك يقول أهل العلم ... استنباط الأحكام الشرعية منها يجب ضمُّ الأحاديث بالمسألة الواحدة بعضها إلى بعض ، ثم استخلاص الحكم من مجموعها وليس من فرد من أفرادها ؛ لولا حديث : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ووقفنا عند اللفظ الأول إذا قال : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : ( أمين ) ؛ أي : ( فقولوا : آمين ) ؛ أي : أن الإمام لا يؤمِّن ، وفعلًا ذهب بعض العلماء القدامى إلى راوي هذا الحديث وهو ... ، ولكن بعد أن سخَّر الله - تبارك وتعالى - في الأمة الإسلامية أئمة الحديث كالإمام أحمد والترمذي والبخاري ومسلم في " صحيحيهما " وغيره ، فجمعوا لنا السنة من أقصى البلاد أقاصيها وأدانيها ... السنة بعضها مع بعض ، صار من السَّهل حينئذٍ أن يكون في الفقه والاستنباط أقرب إلى الصواب مما لو اعتمد الفقيه على حديث واحد .
لذلك إذا جمعنا بين هذين الحديثين لنعود بعد ذلك إلى المسألة نخرج بنتيجة أن قول الرسول - عليه السلام - : ( إذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : آمين ) لا ينفي ما ثبتت روايته في حديث آخر وهو : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا )) ، فيجب أن نقول قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، لو لم يكن في البال إلا هذا الحديث لَقلنا كما قلنا آنفًا في حديث : ( إذا قال (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا : آمين ) ، لا يقول الإمام : ( آمين ) ، ولكن لما جاء الحديث ... بشرعيَّة قول المقتدي : ( آمين ) ضممنا أحدهما إلى الآخر وخرجنا بنتيجة واحدة ؛ هي أن المقتدي يؤمِّن - أيضًا - كما يؤمِّن الإمام ، لكن لا يسبقه بآمين كما ذكرت آنفًا ، كذلك إذا نظرنا إلى قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) لا ينفي شرعية أن يقول المقتدي - أيضًا - : ( سمع الله لمن حمده ) ، وإنما الغاية عدم مسابقة الإمام ، وهذه الغاية تتحقَّق بأكملها فيما إذا اتَّبعنا الإمام ، الإمام يقول أول ما يقول حينما يرفع رأسه من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، فإذا قلنا نحن بعده : ( سمع الله لمن حمده ) جاء قولنا : ( ربنا ولك الحمد ) بعد أن يقول الإمام ، وبذلك نكون أولًا قد حقَّقنا أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - في قوله : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ... ، وثانيًا نكون قد حافظنا على السنة التي تلقَّينا عن الرسول - عليه السلام - ، ولا يخالف ... فالسنة التي تلقَّينا عنه كما شرحت آنفًا .
وبهذه الكلمة الأخيرة أختم جوابًا عن هذا السؤال : تعلَّمنا أن الرسول - عليه السلام - سنَّ لنا عن الله - تبارك وتعالى - أن ورد الانتقال من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، وورد الانتقال والقيام بعد الركوع هو : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، وإن لم نفعل هكذا خالفنا هذه السنة ، وخالفنا أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ثمَّ جعلنا الورد الثاني مكان الورد الأول .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلًا مرحبًا ، مساك الله بالخير --
= وإذا رفع المصلي رأسه من الركوع قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) في حالة قيامه هذا نقول : ( ربنا ولك الحمد ) ؛ فإذًا هنا وردان لا يجوز الخلط بينهما ، ولا يجوز إقامة أحدهما مكان الآخر ؛ فإذًا قول القائل : ( سمع الله من حمده ) إنما هو ... رفع الرأس من الركوع حتى يستوي قائمًا ، فإذا استوى قائمًا قال : ( ربنا لك الحمد ) ، وله ألفاظ كثيرة بعضها قصير وبعضها طويل ، وكلما طال كان أفضل ، هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يصلي ، وهكذا قال آمرًا أمَّته أن يقتدوا بصلاته في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبي مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ، هذه الصورة أو هذا الرفع من الركوع الذي تضمَّن وردين اثنين اتَّفق العلماء على شرعيَّتهما بالنسبة للمنفرد وبالنسبة للإمام ، لكنهم اختلفوا بالنسبة للمقتدي ، فكثيرون منهم يذهبون إلى أنَّ المقتدي إنما يقول بعد قول الإمام : ( سمع الله لمن حمده ) يقول المقتدي فقط : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، وذهب الشافعية إلى أن المقتدي - أيضًا - كالمنفرد وكالإمام يجمع بين الوردين ، ولا يكتفي بالثاني دون الأول منهما .
والذي نراه اليوم =
-- سائل آخر : السلام عليكم . الشيخ : وعليكم السلام --
= في كثير من المصلين أنهم حينما يرفع الإمام رأسه من الركوع قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) فهم يقولون : ( ربنا ولك الحمد ) ، أي : أقاموا الورد الثاني مكان الورد الأول ، وهو خطأ ، وهذا لا يقول به أحد من العلماء ، وإن كان ولا بد من الاقتصار على الورد الثاني فإن محلَّه حين يستتمُّ قائمًا ، أما بالوجه الأول فهو كما ذكرنا لكم آنفًا وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء - فيما علمت - إنما هو بورد الانتقال من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، استتمَّ قائمًا جاء الورد الثاني ... .
فالآن جماهير المصلين يجعلون الورد الثاني مكان الورد الأول ، فما يكاد الإمام يرفع رأسه قائلًا : ( سمع الله لمن حمده ) إلا والمقتدون يتابعونه في قولهم : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، فالقائمون ماذا يقولون ؟ طاح الورد ! لأن هنا دعوه في حالة الانتقال من الركوع ؛ إذًا على الإمام وعلى المنفرد وعلى المقتدي أن يقول كما كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول إذا رفع رأسه من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) وهو قائم : ( ربَّنا ولك الحمد ملء السماوات وملء ) إلى آخر الورد ... .
وحجَّة من ذهب إلى التفصيل الذي ذكرناه آنفًا عن بعضهم ؛ وهو أن المقتدي لا يجمع بين الوردين حديث مروي في " صحيح مسلم " فيه قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( وإذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، ظنَّ بعض العلماء أن هذا الحديث ينفي شرعيَّة قول المقتدي مع الإمام : ( سمع الله لمن حمده ) ، لكن هذا الحديث لا يعني نفي ما ثبت ... في الأحاديث الأخرى التي ذكرنا بعضَها آنفًا ؛ لأنهما على ... من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في بعض الأحاديث الصحيحة المتَّفق عليها بين الشيخين : ( وإذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا : آمين ) ، فهذا الحديث لا يمكن أن يقول للمقتدي - أيضًا - ( آمين ) ، ليس لمجرَّد الرأي ، وإنما اتباعًا للحديث ، فكما علمت بهذا الحديث شرعية قول المقتدي : ( آمين ) ، كذلك لا ينفي ذاك الحديث : ( وإذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربَّنا ولك الحمد ) .
الدليل على التأمين قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفر له ما تقدَّم من ذنبه ) . فهذا النص كان صريحًا في جواز قول المقتدي مع الإمام أو بعيد قول الإمام : ( آمين ) أن يقول هو - أيضًا - : ( آمين ) ، فإذ ثبتت شرعية قول المقتدي : ( آمين ) لا ينبغي أن نفهم بالحديث السابق : ( فإذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : آمين ) ، وإنما يعني أن ذلك ينبغي أن يكون بعد انتهاء الإمام من قراءة : (( ولا الضالين )) ، أما التحفيظ فقد جاء في الحديث الثاني ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ، هنا للتوضيح نفى بأن الإمام زاد في هذا الحديث ما لم يأتِ في الحديث الأول ، الحديث الأول يقول : ( إذا قال : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا أنتم : آمين ) ، أما الحديث الثاني فقد جاء فيه زيادة ينبغي أن تُضاف إلى الحديث الأول ، الزيادة الأولى التقرير بتأمين المقتدي وراء الإمام ، والزيادة الثانية أن يقول بعد قول الإمام : ( آمين ) أو عند قول الإمام : ( آمين ) .
وبهذه المناسبة - أيضًا - لا بد من التذكير بخطأ يقع فيه جماهير من المصلين المقتدين وراء الإمام ، فإن الإمام لا يكاد ينتهي من قراءة : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) إلا وضجَّ المسجد بـ ( آمين ) قبل أن يرفع الإمام بـ ( آمين ) ، وهذا ضرب - كما يقول العلماء في بعض المناسبات - للحديث ... ؛ أي : مخالفة صريحة ، لأنه يقول : ( إذا أمَّن فأمِّنوا ) ، مش إذا انتهى من (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) لا يقول : ( آمين ) ، لا ، يقول الحديث الثاني يُصوَّب ذلك ، وبذلك يقول أهل العلم ... استنباط الأحكام الشرعية منها يجب ضمُّ الأحاديث بالمسألة الواحدة بعضها إلى بعض ، ثم استخلاص الحكم من مجموعها وليس من فرد من أفرادها ؛ لولا حديث : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ووقفنا عند اللفظ الأول إذا قال : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : ( أمين ) ؛ أي : ( فقولوا : آمين ) ؛ أي : أن الإمام لا يؤمِّن ، وفعلًا ذهب بعض العلماء القدامى إلى راوي هذا الحديث وهو ... ، ولكن بعد أن سخَّر الله - تبارك وتعالى - في الأمة الإسلامية أئمة الحديث كالإمام أحمد والترمذي والبخاري ومسلم في " صحيحيهما " وغيره ، فجمعوا لنا السنة من أقصى البلاد أقاصيها وأدانيها ... السنة بعضها مع بعض ، صار من السَّهل حينئذٍ أن يكون في الفقه والاستنباط أقرب إلى الصواب مما لو اعتمد الفقيه على حديث واحد .
لذلك إذا جمعنا بين هذين الحديثين لنعود بعد ذلك إلى المسألة نخرج بنتيجة أن قول الرسول - عليه السلام - : ( إذا قال الإمام : (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) فقولوا : آمين ) لا ينفي ما ثبتت روايته في حديث آخر وهو : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا )) ، فيجب أن نقول قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، لو لم يكن في البال إلا هذا الحديث لَقلنا كما قلنا آنفًا في حديث : ( إذا قال (( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) ؛ فقولوا : آمين ) ، لا يقول الإمام : ( آمين ) ، ولكن لما جاء الحديث ... بشرعيَّة قول المقتدي : ( آمين ) ضممنا أحدهما إلى الآخر وخرجنا بنتيجة واحدة ؛ هي أن المقتدي يؤمِّن - أيضًا - كما يؤمِّن الإمام ، لكن لا يسبقه بآمين كما ذكرت آنفًا ، كذلك إذا نظرنا إلى قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا قال الإمام : سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) لا ينفي شرعية أن يقول المقتدي - أيضًا - : ( سمع الله لمن حمده ) ، وإنما الغاية عدم مسابقة الإمام ، وهذه الغاية تتحقَّق بأكملها فيما إذا اتَّبعنا الإمام ، الإمام يقول أول ما يقول حينما يرفع رأسه من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، فإذا قلنا نحن بعده : ( سمع الله لمن حمده ) جاء قولنا : ( ربنا ولك الحمد ) بعد أن يقول الإمام ، وبذلك نكون أولًا قد حقَّقنا أمر الرسول - عليه الصلاة والسلام - في قوله : ( صلُّوا كما رأيتموني أصلي ) ... ، وثانيًا نكون قد حافظنا على السنة التي تلقَّينا عن الرسول - عليه السلام - ، ولا يخالف ... فالسنة التي تلقَّينا عنه كما شرحت آنفًا .
وبهذه الكلمة الأخيرة أختم جوابًا عن هذا السؤال : تعلَّمنا أن الرسول - عليه السلام - سنَّ لنا عن الله - تبارك وتعالى - أن ورد الانتقال من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) ، وورد الانتقال والقيام بعد الركوع هو : ( ربَّنا ولك الحمد ) ، وإن لم نفعل هكذا خالفنا هذه السنة ، وخالفنا أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، ثمَّ جعلنا الورد الثاني مكان الورد الأول .
وبهذا القدر كفاية ، والحمد لله رب العالمين .
- رحلة النور - شريط : 22
- توقيت الفهرسة : 00:00:01
- نسخة مدققة إملائيًّا