الشيخ : الشهيد عند العلماء قسمان ، شهيد حقيقي أو حقيقة ، وشهيد حكمًا =

-- سائل آخر : السلام عليكم . الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، أهلًا مرحبًا . سائل آخر : كيف حالكم ؟ --

= الشهيد حقيقة وهو الذي خرج في سبيل الله وقُتل في ساحة المعركة ، فهو الذي تجري عليه أحكام الشهيد ، فيُدفن في ثيابه ودمائه ، ويجوز ألا يُصلى عليه ؛ ما أحببت أن أقول لا يُصلى عليه لكي لا يُفهم أنه لا تجوز الصلاة عليه ، وإنما قلت : يجوز ألا يُصلى عليه لأشعر ... لا تسمح ظروف هذه المعارك الشديدة للصلاة على الشهيد فضلًا عن الشهداء ، فيجوز دفنهم كما هم دون الصلاة عليهم ، لكن إذا كان وضع المعركة قد وضعت يعني أوزارها ووجد بعضُ المسلمين أو قائد الجيش وقتًا لإقامة صلاة الجنازة على الشهيد وهو جائز ، وقد فعل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كلًّا الأمرين ؛ صلى وترك ، فهذا هو الشهيد حقيقة .

أما من جُرح في المعركة ثم أُخذ - مثلًا - كما وقع اليوم إلى المستشفى الثابت أو المتنقِّل فمات هناك ؛ هذا ليس حكمه حكم الشهيد ؛ فهو يُغسَّل ويكفَّن سائر موتى المسلمين .

ثم يُلحق بهذا الثاني أنواع ذكرَهم الرسول - عليه السلام - في بعض الأحاديث منها : أن الغرق شهيد ، والذي يموت ببطنه شهيد ، وبالهدم شهيد ، وبالسل - مرض السل شهيد ، والمرأة النُّفساء تموت بسبب ولادتها ولدها شهيدة أيضًا - ؛ هذه الأنواع من الشهادة هي شهادة حكمية وليست شهادة حقيقة ؛ أي : يترتَّب على هذه الأنواع من الشهداء ما سبق ذكره آنفًا مما ذكرناه حول شهيد المعركة .

على هذا يأتي سؤال الأخ آنفًا بالنسبة لمن مات بسبب السيارة ؛ دعسًا معسًا صدمًا إلى آخره ، لا نستطيع أن نقول أنه في حكم من مات تحت الهدم ؛ لأن الأمور الغيبية وليست أحكامًا عملية فقهية من أصعب الأمور إدخال الرأي والاجتهاد والقياس فيها ، فيكون الجواب في مثل ذاك السؤال : الله أعلم .

وبخاصة أن الأحكام إلى الأحكام المتعلقة بمَن مات خارج ساحة المعركة فلا بد من الصلاة عليه وغسله وتكفينه إلى آخره ، أما النقطة هي ما حكمه عند الله ؟ هل هو بمنزلة مَن مات تحت الهدم أو مات غرقًا مثلًا ؟ نقول : الله أعلم ؛ لأن الله - عز وجل - هو الذي سيتولى جزاءه ومكافأته إن كان يستحق هذه المكافأة التي هي من أنواع الشهادات التي ذكرها النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

أما من حيث الأحكام الفقهية فهي تجري على هذا المنوال ممَّن مات بسبب السيارة كما تجري على الشهداء الآخرين الذين هم شهداء حكمًا وليسوا شهداء حقيقة .

هذا هو الجواب عن هذا السؤال .