ما حكم تلقين الميت للشهادة بعد قبره ؟
A-
A=
A+
السائل : فضيلة الشيخ - حفظكم الله - ، ما حكم تلقين الميت للشهادة بعد قبره ؟
الشيخ : هذا التلقين الذي يُفعل في بعض البلاد الإسلامية عمدته حديث لا يصحُّ بوجهٍ من الوجوه ، وكم دَفَنَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أصحابه من الشهداء وغيرهم ولم يُنقل عنه ولا في حديث واحد من فعله - عليه السلام - ولو كان حديثًا ضعيفًا أنه بعد أن دفن الميت أخذ - عليه السلام - يلقِّنه هذا التلقين المعروف : إذا جاءاك فسألاك من ربُّك ؟ فقل : ربي الله إلى آخره ، هذا لم يرد من فعله - عليه السلام - مطلقًا ، وإنما جاء في حديث من حديث أبي أمامة أو ثوبان - الآن أنا أشك - في " معجم الطبراني الكبير " وفي إسناده ضعف مذكور في محلِّه .
هذا التلقين لا يجوز اتخاذه سنةً ؛ لأن عمل الرسول - عليه السلام - لم يجرِ عليه ... ومن عجبٍ أن التلقين المشروع لا يأخذ اهتمامهم كما يهتمون بهذا التلقين غير المشروع ، أعني بالتلقين المشروع : ما جاء به الحديث الصحيح من غير ما طريق واحد ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لقِّنوا موتاكم : لا إله إلا الله ) . لقنوا موتاكم : أي : الذين حضرهم الموت وأشرفوا على الموت وهم لا يزالون في قيد الحياة ؛ لأن هذا التلقين قد ينفعهم ؛ لأن الرسول - عليه السلام - ثبت عنه أنه قال : ( إن الله - تبارك وتعالى - يقبل توبة عبده ما لم يُغرغِرْ ) ، فإذا كان فضل الله - عز وجل - واسعًا إلى درجة أنَّه يقبل توبة عباده أو عبده قبل أن تصلَ الروح إلى الحلقوم ؛ فحينئذٍ يُؤمل ويُرجى أن المُحتضر إذا قيل له : " قل : لا إله إلا الله " أن يستجيب لهذا القول ولهذا الأمر فيكون آخر قوله شهادة أن لا إله إلا الله ، ويكون ذلك بشرى له بحسن خاتمته ؛ وهذا التلقين هو المشروع . نعم ؟
سائل آخر : ... .
الشيخ : أحسنت ، فهذا التلقين هو المشروع ، ( لقِّنوا موتاكم ) أي : الذين حضرهم الموت ( لا إله إلا الله ) . أما تلقين الميت الذي وُضِعَ في قبره فلا يفيده شيئًا ؛ لأنه انتهى أجله ؛ إن صالحًا فصالح ، وإن طالحًا فطالح ، ولا يفيده هذا التلقين المُبتدع ، بل أنا أقول : هذا التلقين يُشبه نوعًا من التلقين معروف بين الناس في هذا الزمان وهم الطلبة في المدارس ، إذا أحدهم لقَّنَ جاره في أثناء الامتحان قد يكون سببًا لسقوطه ؛ لأنه تلقَّن ما لا ينبغي أن يتلقَّنَه ؛ لأنه هذا الذي كان قد لقَّنه كان ينبغي عليه أن يصل إليه بجُهده وتعبه ونصبه ، أما أن يستفيد من جهود غيره فسوف لا يستفيد ، كذلك هذا الميت الذي دُفِنَ في قبره ؛ فتلقينه لا يفيده شيئًا مطلقًا .
( من مات وكان آخر ما قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) - أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - - .
بهذه المناسبة تلقين المحتضر : هناك بعض العلماء يقولون - وفي زعمي قولهم هذا يشبه الفلسفة التي لا أصل لها في الشرع ، بل ولا في العقل - يقولون : لا ينبغي للملقِّن لمن حضره الموت أن يقول له : قل : لا إله إلا الله ، وإنما هو يذكر الله ويقول : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله تسميعًا للمُحتَضر لعله يتنبَّه من غفلته في تلك الساعة الخطيرة ، ويقول : لا إله إلا الله ، لماذا يقول هذا البعض أنه لا ينبغي أن يأمُرَه بلا إله إلا الله ؟ خشيةَ أن يرفض الأمر فيكون عاقبة أمره الموت على كفر والعياذ بالله ، هكذا زعموا !
لكني أقول : قد جاء في السنة الصحيحة ما يبين أن قوله - عليه السلام - : ( لقِّنوا موتاكم : لا إله إلا الله ) إنما يعني أمر المُحتضر بأن يقول : لا إله إلا الله ، جاء هذا في " صحيح البخاري " حينما مرضَ غلامٌ من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فعاده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فوجده في حضرة الموت ، فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ( قل : لا إله إلا الله ) هذا هو التلقين ، وبهذا ينبغي أن نأخذ فائدة وهي : أن أقوال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب تفسيرها بأفعاله - عليه الصلاة والسلام - ، فالسنة القولية تُبيَّن بالسنة الفعلية ، ( لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله ) قيل - كما سمعتم آنفًا - أنه يقول في حضرة المحتضر : لا إله إلا الله ، ولا يُخاطبه بقوله : قل : لا إله إلا الله ، فجاءت السنة الفعلية مبيِّنة أن المقصود من : ( لقِّنوا موتاكم ) إنما هو أن يُؤمر بأن يقول : لا إله إلا الله ، هذا ما فَعَلَه الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما عادَ هذا الغلام اليهودي الذي كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهودي ابن يهودي ، ولكن الرسول - عليه الصلاة والسلام - هو من أكرم الناس خلقًا ، ولو كان هذا الغلام يهوديًا فقد عادَه ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام - يهتبل كلَّ فرصة ليبلِّغَ الناس العلم والدين ، فاغتَنَمَها فرصة وقال له : ( يا غلام ! قل : لا إله إلا الله) وعلى رأس الغلام والده اليهودي ، فنظر الغلام إلى أبيه كأنه يقول له : ما رأيك ؟ ها أنت تسمع محمدًا - عليه الصلاة والسلام - يقول لي : قل : لا إله إلا الله ؟ فالخبيث - وهذا شأن الكفار كما قال - تعالى - : (( يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )) - هو يعرف أن دعوة الرسول حق ، ولكن كما قال - أيضًا - في الآية الأخرى : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) ، لما رأى اليهودي ابنه في طريق الموت ، وأنه لا حياة له بعد ذلك قال له : أطِعْ أبا القاسم ، أبو القاسم يقول لابن اليهودي قل : لا إله إلا الله ، واليهودي الوالد يكفر بلا إله إلا الله ، لكن لما رأى ولده أنه في طريق الموت ولا نجاة له إذا مات يهوديًا قال له : أطِعْ أبا القاسم . أما هو فلا يزال عاصيًا لأبي القاسم عنادًا وكفرًا وضلالًا .
فقال - الشاهد - قال الغلام : أشهد أن لا إله إلا الله ، وخرجت روحه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( الحمد لله الذي نجَّاه بي من النار ) .
فهذا هو التلقين المشروع أن يُقال للمُحتَضر : قل : لا إله إلا الله ، أما تلقينه وهو في قبره فلا يُفيده شيئًا سواء عند دفنه أو بعد دفنه وهو ميت لا حراكَ له ولا يسمع ما يُلقَّن ، ولو سمع لَمَا استجاب ؛ لأنه خرج بما حصَّله في الدنيا من إيمان وعمل صالح ، أو كفر وعمل طالح .
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن يوفِّقنا لفهم الإسلام فهمًا صحيحًا وأن يرزقنا العمل الصالح ، إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .
الشيخ : هذا التلقين الذي يُفعل في بعض البلاد الإسلامية عمدته حديث لا يصحُّ بوجهٍ من الوجوه ، وكم دَفَنَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من أصحابه من الشهداء وغيرهم ولم يُنقل عنه ولا في حديث واحد من فعله - عليه السلام - ولو كان حديثًا ضعيفًا أنه بعد أن دفن الميت أخذ - عليه السلام - يلقِّنه هذا التلقين المعروف : إذا جاءاك فسألاك من ربُّك ؟ فقل : ربي الله إلى آخره ، هذا لم يرد من فعله - عليه السلام - مطلقًا ، وإنما جاء في حديث من حديث أبي أمامة أو ثوبان - الآن أنا أشك - في " معجم الطبراني الكبير " وفي إسناده ضعف مذكور في محلِّه .
هذا التلقين لا يجوز اتخاذه سنةً ؛ لأن عمل الرسول - عليه السلام - لم يجرِ عليه ... ومن عجبٍ أن التلقين المشروع لا يأخذ اهتمامهم كما يهتمون بهذا التلقين غير المشروع ، أعني بالتلقين المشروع : ما جاء به الحديث الصحيح من غير ما طريق واحد ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( لقِّنوا موتاكم : لا إله إلا الله ) . لقنوا موتاكم : أي : الذين حضرهم الموت وأشرفوا على الموت وهم لا يزالون في قيد الحياة ؛ لأن هذا التلقين قد ينفعهم ؛ لأن الرسول - عليه السلام - ثبت عنه أنه قال : ( إن الله - تبارك وتعالى - يقبل توبة عبده ما لم يُغرغِرْ ) ، فإذا كان فضل الله - عز وجل - واسعًا إلى درجة أنَّه يقبل توبة عباده أو عبده قبل أن تصلَ الروح إلى الحلقوم ؛ فحينئذٍ يُؤمل ويُرجى أن المُحتضر إذا قيل له : " قل : لا إله إلا الله " أن يستجيب لهذا القول ولهذا الأمر فيكون آخر قوله شهادة أن لا إله إلا الله ، ويكون ذلك بشرى له بحسن خاتمته ؛ وهذا التلقين هو المشروع . نعم ؟
سائل آخر : ... .
الشيخ : أحسنت ، فهذا التلقين هو المشروع ، ( لقِّنوا موتاكم ) أي : الذين حضرهم الموت ( لا إله إلا الله ) . أما تلقين الميت الذي وُضِعَ في قبره فلا يفيده شيئًا ؛ لأنه انتهى أجله ؛ إن صالحًا فصالح ، وإن طالحًا فطالح ، ولا يفيده هذا التلقين المُبتدع ، بل أنا أقول : هذا التلقين يُشبه نوعًا من التلقين معروف بين الناس في هذا الزمان وهم الطلبة في المدارس ، إذا أحدهم لقَّنَ جاره في أثناء الامتحان قد يكون سببًا لسقوطه ؛ لأنه تلقَّن ما لا ينبغي أن يتلقَّنَه ؛ لأنه هذا الذي كان قد لقَّنه كان ينبغي عليه أن يصل إليه بجُهده وتعبه ونصبه ، أما أن يستفيد من جهود غيره فسوف لا يستفيد ، كذلك هذا الميت الذي دُفِنَ في قبره ؛ فتلقينه لا يفيده شيئًا مطلقًا .
( من مات وكان آخر ما قال : لا إله إلا الله دخل الجنة ) - أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - - .
بهذه المناسبة تلقين المحتضر : هناك بعض العلماء يقولون - وفي زعمي قولهم هذا يشبه الفلسفة التي لا أصل لها في الشرع ، بل ولا في العقل - يقولون : لا ينبغي للملقِّن لمن حضره الموت أن يقول له : قل : لا إله إلا الله ، وإنما هو يذكر الله ويقول : لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله تسميعًا للمُحتَضر لعله يتنبَّه من غفلته في تلك الساعة الخطيرة ، ويقول : لا إله إلا الله ، لماذا يقول هذا البعض أنه لا ينبغي أن يأمُرَه بلا إله إلا الله ؟ خشيةَ أن يرفض الأمر فيكون عاقبة أمره الموت على كفر والعياذ بالله ، هكذا زعموا !
لكني أقول : قد جاء في السنة الصحيحة ما يبين أن قوله - عليه السلام - : ( لقِّنوا موتاكم : لا إله إلا الله ) إنما يعني أمر المُحتضر بأن يقول : لا إله إلا الله ، جاء هذا في " صحيح البخاري " حينما مرضَ غلامٌ من اليهود كان يخدم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فعاده النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فوجده في حضرة الموت ، فقال له - عليه الصلاة والسلام - : ( قل : لا إله إلا الله ) هذا هو التلقين ، وبهذا ينبغي أن نأخذ فائدة وهي : أن أقوال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يجب تفسيرها بأفعاله - عليه الصلاة والسلام - ، فالسنة القولية تُبيَّن بالسنة الفعلية ، ( لقِّنوا موتاكم لا إله إلا الله ) قيل - كما سمعتم آنفًا - أنه يقول في حضرة المحتضر : لا إله إلا الله ، ولا يُخاطبه بقوله : قل : لا إله إلا الله ، فجاءت السنة الفعلية مبيِّنة أن المقصود من : ( لقِّنوا موتاكم ) إنما هو أن يُؤمر بأن يقول : لا إله إلا الله ، هذا ما فَعَلَه الرسول - عليه الصلاة والسلام - حينما عادَ هذا الغلام اليهودي الذي كان يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يهودي ابن يهودي ، ولكن الرسول - عليه الصلاة والسلام - هو من أكرم الناس خلقًا ، ولو كان هذا الغلام يهوديًا فقد عادَه ، ولكنه - عليه الصلاة والسلام - يهتبل كلَّ فرصة ليبلِّغَ الناس العلم والدين ، فاغتَنَمَها فرصة وقال له : ( يا غلام ! قل : لا إله إلا الله) وعلى رأس الغلام والده اليهودي ، فنظر الغلام إلى أبيه كأنه يقول له : ما رأيك ؟ ها أنت تسمع محمدًا - عليه الصلاة والسلام - يقول لي : قل : لا إله إلا الله ؟ فالخبيث - وهذا شأن الكفار كما قال - تعالى - : (( يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ )) - هو يعرف أن دعوة الرسول حق ، ولكن كما قال - أيضًا - في الآية الأخرى : (( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ )) ، لما رأى اليهودي ابنه في طريق الموت ، وأنه لا حياة له بعد ذلك قال له : أطِعْ أبا القاسم ، أبو القاسم يقول لابن اليهودي قل : لا إله إلا الله ، واليهودي الوالد يكفر بلا إله إلا الله ، لكن لما رأى ولده أنه في طريق الموت ولا نجاة له إذا مات يهوديًا قال له : أطِعْ أبا القاسم . أما هو فلا يزال عاصيًا لأبي القاسم عنادًا وكفرًا وضلالًا .
فقال - الشاهد - قال الغلام : أشهد أن لا إله إلا الله ، وخرجت روحه ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : ( الحمد لله الذي نجَّاه بي من النار ) .
فهذا هو التلقين المشروع أن يُقال للمُحتَضر : قل : لا إله إلا الله ، أما تلقينه وهو في قبره فلا يُفيده شيئًا سواء عند دفنه أو بعد دفنه وهو ميت لا حراكَ له ولا يسمع ما يُلقَّن ، ولو سمع لَمَا استجاب ؛ لأنه خرج بما حصَّله في الدنيا من إيمان وعمل صالح ، أو كفر وعمل طالح .
أسأل الله - تبارك وتعالى - أن يوفِّقنا لفهم الإسلام فهمًا صحيحًا وأن يرزقنا العمل الصالح ، إنه سميع مجيب ، والحمد لله رب العالمين .
- رحلة النور - شريط : 16
- توقيت الفهرسة : 00:00:02
- نسخة مدققة إملائيًّا