كيف تكون طريقة ومعرفة صحَّة متن الحديث من تضعيفه ؟ ونريد أن تفصِّل لنا في هذه المسألة ؟
A-
A=
A+
السائل : كيف طريقة أو معرفة صحة متن الحديث من سقمه ؟ ونريد أن تفصِّل لنا في هذه المسألة ؟
الشيخ : عفوًا ما فهمت السؤال .
السائل : طريقة تصحيح المتن من تضعيفه ، غير الإسناد ، نريد المتن ؟
الشيخ : المتن - كما قلت آنفًا - قد يأتي في كتابٍ ما بسند ضعيف ، لو وقفنا عند هذا الكتاب وقفنا عند القول بأن الحديث ضعيف ، لكن إذا توسَّعنا في تتبُّع طرق هذا الحديث الذي إسناده في ذاك الكتاب ضعيف لَتبيَّنَ لنا أشياء أخرى ؛ أن نجد للحديث إسنادًا آخر يكون صحيحًا لذاته ، في الإسناد الأول قلنا : إسناد الحديث ضعيف ، في الإسناد الثاني قلنا : إسناده صحيح ، فحينما نقف على الأول نقول : إسناد الحديث ضعيف ، حينما نقف على الإسناد الثاني نقول : إسناده صحيح ، هذه الصورة واضحة ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ قد لا يكون الإسناد الثاني صحيحًا ؛ لكن يكون حسنًا فقط ، وحسن لذاته ؛ حينئذٍ نقول في المتن الذي كان إسناده الأول ضعيفًا ؛ نقول : هذا حديث صحيح ؛ لأن إسناد الثاني حسن يزداد قوَّة بالإسناد الأول الذي هو ضعيف ؛ لأنه يصحُّ أن يُستشهد به ، فيكون السند الأول شاهدًا للسند الثاني ، فيرتقي الحديث الذي شهد له الإسناد الثاني بالحُسْن يرتقى إلى مرتبة الصحة ؛ وضحت هذه الصورة الثانية ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ بقيت صورة ثالثة ؛ دُرِسَ إسناد الحديث الثاني فتبيَّن أنه ضعيف - أيضًا - ، ولكن ضعفه كضعف الإسناد الأول ؛ أي : إن أحد الإسنادين يقوِّي ويشهد للسند الثاني ، فيكون الحديث بمجموع السندين حسنًا ، وليس حسنه نابعًا وصادرًا من ذات السند الأول أو الثاني ، وإنما في مجموعهما ، وهذا معروف عند علماء الحديث بأن الحديث يتقوَّى بكثرة الطرق ، وهذه الطرق كلما كثرت ولو كانت مخرجاتها ضعيفة كلما زاد متن الحديث قوَّة ، كلما كثرت الطرق كلما زاد متن الحديث قوة ؛ أي : يصير بذلك صحيحًا ولو كانت مفردات الطرق ضعيفة ، وإذ لم تكن له هناك طرق كثيرة وإنما كما مثَّلت آنفًا في الصورة الثالثة إسناد الأول ضعيف إسناد الثاني - أيضًا - ضعيف ، لكن الضعف جاء من سوء الحفظ وليس من عدم الثقة بحديثه ؛ فهو صدوق في ذات نفسه ، لكنه كان في أمره ضعف كل من الراوين في الإسنادين كذلك ، كلاهما صدوق ، ولكن كلاهما - أيضًا - سيِّئ الحفظ ؛ فأحدهما يقوِّي الآخر ، ومن أجل ذلك قيل :
لا تحارب بناظريك فؤادي *** فضعيفان يغلبان قويَّا
فهمت هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آ ، هذا النوع الثالث ، ولذلك قد نرى اختلاف العلماء قديمًا في تصحيح حديث أو تحسينه أو تضعيفه ، والوجه في ذلك أن تنظر بدقَّة في هذه الأمثلة الثلاثة ، فسيزول الإشكال ولو إجمالًا ، لماذا هذا يصحِّح ؟ لماذا هذا يحسِّن ؟ لماذا هذا يضعِّف ؟ الجواب : ما عرفت الآن ، نزيد على ذلك ما سبق بيانه آنفًا مع الأخ السائل الذي قلنا نقلًا عن الذهبي : " أن الحديث الحسن من أدقِّ علوم الحديث " ؛ لأن رأي المحدِّث الواحد يختلف فيه ؛ فما بالك ألا يختلف فيه المتحدِّثون أو المحدِّثون حول هذا الحديث ؟ ذلك أولى وأولى .
نعم .
الشيخ : عفوًا ما فهمت السؤال .
السائل : طريقة تصحيح المتن من تضعيفه ، غير الإسناد ، نريد المتن ؟
الشيخ : المتن - كما قلت آنفًا - قد يأتي في كتابٍ ما بسند ضعيف ، لو وقفنا عند هذا الكتاب وقفنا عند القول بأن الحديث ضعيف ، لكن إذا توسَّعنا في تتبُّع طرق هذا الحديث الذي إسناده في ذاك الكتاب ضعيف لَتبيَّنَ لنا أشياء أخرى ؛ أن نجد للحديث إسنادًا آخر يكون صحيحًا لذاته ، في الإسناد الأول قلنا : إسناد الحديث ضعيف ، في الإسناد الثاني قلنا : إسناده صحيح ، فحينما نقف على الأول نقول : إسناد الحديث ضعيف ، حينما نقف على الإسناد الثاني نقول : إسناده صحيح ، هذه الصورة واضحة ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ قد لا يكون الإسناد الثاني صحيحًا ؛ لكن يكون حسنًا فقط ، وحسن لذاته ؛ حينئذٍ نقول في المتن الذي كان إسناده الأول ضعيفًا ؛ نقول : هذا حديث صحيح ؛ لأن إسناد الثاني حسن يزداد قوَّة بالإسناد الأول الذي هو ضعيف ؛ لأنه يصحُّ أن يُستشهد به ، فيكون السند الأول شاهدًا للسند الثاني ، فيرتقي الحديث الذي شهد له الإسناد الثاني بالحُسْن يرتقى إلى مرتبة الصحة ؛ وضحت هذه الصورة الثانية ؟
السائل : نعم .
الشيخ : طيب ؛ بقيت صورة ثالثة ؛ دُرِسَ إسناد الحديث الثاني فتبيَّن أنه ضعيف - أيضًا - ، ولكن ضعفه كضعف الإسناد الأول ؛ أي : إن أحد الإسنادين يقوِّي ويشهد للسند الثاني ، فيكون الحديث بمجموع السندين حسنًا ، وليس حسنه نابعًا وصادرًا من ذات السند الأول أو الثاني ، وإنما في مجموعهما ، وهذا معروف عند علماء الحديث بأن الحديث يتقوَّى بكثرة الطرق ، وهذه الطرق كلما كثرت ولو كانت مخرجاتها ضعيفة كلما زاد متن الحديث قوَّة ، كلما كثرت الطرق كلما زاد متن الحديث قوة ؛ أي : يصير بذلك صحيحًا ولو كانت مفردات الطرق ضعيفة ، وإذ لم تكن له هناك طرق كثيرة وإنما كما مثَّلت آنفًا في الصورة الثالثة إسناد الأول ضعيف إسناد الثاني - أيضًا - ضعيف ، لكن الضعف جاء من سوء الحفظ وليس من عدم الثقة بحديثه ؛ فهو صدوق في ذات نفسه ، لكنه كان في أمره ضعف كل من الراوين في الإسنادين كذلك ، كلاهما صدوق ، ولكن كلاهما - أيضًا - سيِّئ الحفظ ؛ فأحدهما يقوِّي الآخر ، ومن أجل ذلك قيل :
لا تحارب بناظريك فؤادي *** فضعيفان يغلبان قويَّا
فهمت هذا ؟
السائل : نعم .
الشيخ : آ ، هذا النوع الثالث ، ولذلك قد نرى اختلاف العلماء قديمًا في تصحيح حديث أو تحسينه أو تضعيفه ، والوجه في ذلك أن تنظر بدقَّة في هذه الأمثلة الثلاثة ، فسيزول الإشكال ولو إجمالًا ، لماذا هذا يصحِّح ؟ لماذا هذا يحسِّن ؟ لماذا هذا يضعِّف ؟ الجواب : ما عرفت الآن ، نزيد على ذلك ما سبق بيانه آنفًا مع الأخ السائل الذي قلنا نقلًا عن الذهبي : " أن الحديث الحسن من أدقِّ علوم الحديث " ؛ لأن رأي المحدِّث الواحد يختلف فيه ؛ فما بالك ألا يختلف فيه المتحدِّثون أو المحدِّثون حول هذا الحديث ؟ ذلك أولى وأولى .
نعم .
- رحلة النور - شريط : 7
- توقيت الفهرسة : 00:07:09
- نسخة مدققة إملائيًّا