في بعض المناطق النائية التي أهلها لا يتبعون للمناطق الحضارية يتبع الرجل فيها أحد المشايخ الذي يعتقد أنه من أهل العلم .
A-
A=
A+
السائل : ... ففي بعض المناطق النائية جدًّا التي أهلها يعجزون في الوصول للمناطق الحضارية التي فيها أهل العلم يتبع الرجل شيخًا له ويظن أن هذا الشيخ على علم ، وعلى فقه في العلم ، وهذا الشيخ من الشيوخ المخرِّبين ؛ يطوف بالقبور ، وينذر بعض النذور ، ويضرب بالظَّنِّ ، ويتطيَّر ، وهذا الرجل يتبعه يظن أن هذا الرجل هو من أولياء الله - عز وجل - ، وأن فعلًا هذا الرجل يقرِّبه إلى الله - عز وجل - بهذا ... ، فإذا تبعه وظنَّ أنه من أهل العلم الحق ؛ فهل يعني يحكم عليه بحكم من الأحكام ؟
الشيخ : هذا يدخل في بحثنا السابق وأظن أنك لم تكن موجودًا ، قلنا الجاهل هل يعذر أم لا يعذر ؟ وفصَّلنا القول ، ولسنا بحاجة الآن إلى إعادته ، ولكن أقول كلمة مختصرة ؛ وهي إذا كان هذا المسلم المغرور بذاك الشيخ الصوفي الدجال المخرِّف الـ الـ إلى آخره ، إذا كان أفرغ جهده لمعرفة الحقِّ ثم وقف عند هذا الشيخ فهو معذور ، أما اذا اقتنع به دون أن يقابل الشيوخ الآخرين وهو يستطيع ، أنا أقول هذا لأني فهمت منك أنك تفترض أن هذا عايش في بلاد نائية وبعيدة عن العلماء ، فإذا كان لا يستطيع أن يأتي أهل العلم فهو معذور والحالة هذه ، واضح ؟
نعلم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي كان يخطب به في كل خطبته ويفتتحها بعبارات جعلها - عليه الصلاة والسلام - دستورًا لهذه الأمة في حياتهم كلِّها المتعلقة في عبادة الله - تبارك تعالى - ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( خير الهدى هدى محمد ) ، وإذا كان الأمر كذلك فواجب المسلم أن يتعرَّف على هديه - صلى الله عليه وآله وسلم - في كلِّ شؤون حياته ليتبيَّن له ما يجب عليه أن يلتزمه فيما له علاقة بالدين أو مما لا يجب عليه ذلك ؛ لأنه ليس من أمور الدين ؛ ذلك لأن الدين قد كمل وأتمَّ الله بذلك نعمته على عباده كما هو معلوم من قول ربِّ العالمين : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينًا )) ، أما الدنيا فمن كمال هذا الدين وتمام صلاحه أنه أطلق للمسلمين مما ليس من الدين كل الإطلاق أن يفعلوا في دنياهم ما شاؤوا شريطة ألَّا يخالفوا الدين ، كما جاء في حديث تأبير النخيل الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ ذات يوم بناسٍ يؤبِّرون النخل ، وأظنُّكم تعرفون بطبيعة الحال ... ما هو المقصود من تأبير النخل ؛ أليس كذلك ؟ تأبير النخل هو تلقيحه ، وضح الآن ؟ التأبير هو التقيح ، فمرَّ بطائفة من الأنصار يؤبِّرون النخل ، فسألهم عن ذلك ، فقالوا : إن هذا من شأنه أن يأتي التمر فحلًا مطعمًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لو تركتموه كما هو ؛ يعني لم تؤبِّروه أو تلقِّحوه ، فتركوا النخيل كما هو ، لما جاء وقت الإطعام أو وقت الحصاد فُوجئوا بأن التمر خرج شيصًا ، والشِّيص هنا كناية عن أنه لا لحم ولا شحم له ، يعني جلد على نواة ، فأتوا الرسول - عليه الصلاة والسلام - فذكروا له ذلك ، فقال لهم - وهنا الشاهد - : ( إنما هو رأيٌ رأيته ، فما أمرتكم من أمور دينكم فأتوا منه ما استطعتم ، وما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .
الشاهد بمقدار ما أطلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للمسلمين إطلاقًا صريحًا لا حدود له في أمور الدنيا ؛ لأنه لم يأتِ لإتمامها وتعليمها الناس ، بل قال : ( أنتم أعلم بأمور بدنياكم ) ؛ بقدر ما يعني صرَّح لهم وأباح لهم التوسُّع في أمور الدنيا بالشرط الذي يقتضيه الشرع ، والذي ذكرته آنفًا ؛ ألا يُخالف نصًّا شرعيًّا ؛ على العكس من ذلك ضيَّق لهم دائرة الدين فقال لهم في أحاديث كثيرة : ( وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، وفي هذا جاء حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ؛ فقلنا : يا رسول الله ، أوصنا قال : ( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن وُلِّيَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ ، وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ؛ فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) وفي حديث آخر : ( وكل ضلالة في النار ) ، وهذا بحث واسع جدًّا ، وتكلَّمنا فيه مرارًا وتكرارًا في بعض المحاضرات في هذه السفرة بخاصة ، فلا أريد أن أزيد على هذه الكلمات ، لأتابعَ الموضوع المشار إليه آنفًا .
الشيخ : هذا يدخل في بحثنا السابق وأظن أنك لم تكن موجودًا ، قلنا الجاهل هل يعذر أم لا يعذر ؟ وفصَّلنا القول ، ولسنا بحاجة الآن إلى إعادته ، ولكن أقول كلمة مختصرة ؛ وهي إذا كان هذا المسلم المغرور بذاك الشيخ الصوفي الدجال المخرِّف الـ الـ إلى آخره ، إذا كان أفرغ جهده لمعرفة الحقِّ ثم وقف عند هذا الشيخ فهو معذور ، أما اذا اقتنع به دون أن يقابل الشيوخ الآخرين وهو يستطيع ، أنا أقول هذا لأني فهمت منك أنك تفترض أن هذا عايش في بلاد نائية وبعيدة عن العلماء ، فإذا كان لا يستطيع أن يأتي أهل العلم فهو معذور والحالة هذه ، واضح ؟
نعلم قول النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الذي كان يخطب به في كل خطبته ويفتتحها بعبارات جعلها - عليه الصلاة والسلام - دستورًا لهذه الأمة في حياتهم كلِّها المتعلقة في عبادة الله - تبارك تعالى - ؛ ألا وهو قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( خير الهدى هدى محمد ) ، وإذا كان الأمر كذلك فواجب المسلم أن يتعرَّف على هديه - صلى الله عليه وآله وسلم - في كلِّ شؤون حياته ليتبيَّن له ما يجب عليه أن يلتزمه فيما له علاقة بالدين أو مما لا يجب عليه ذلك ؛ لأنه ليس من أمور الدين ؛ ذلك لأن الدين قد كمل وأتمَّ الله بذلك نعمته على عباده كما هو معلوم من قول ربِّ العالمين : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينًا )) ، أما الدنيا فمن كمال هذا الدين وتمام صلاحه أنه أطلق للمسلمين مما ليس من الدين كل الإطلاق أن يفعلوا في دنياهم ما شاؤوا شريطة ألَّا يخالفوا الدين ، كما جاء في حديث تأبير النخيل الذي أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " أن النبيَّ - صلى الله عليه وآله وسلم - مرَّ ذات يوم بناسٍ يؤبِّرون النخل ، وأظنُّكم تعرفون بطبيعة الحال ... ما هو المقصود من تأبير النخل ؛ أليس كذلك ؟ تأبير النخل هو تلقيحه ، وضح الآن ؟ التأبير هو التقيح ، فمرَّ بطائفة من الأنصار يؤبِّرون النخل ، فسألهم عن ذلك ، فقالوا : إن هذا من شأنه أن يأتي التمر فحلًا مطعمًا ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : لو تركتموه كما هو ؛ يعني لم تؤبِّروه أو تلقِّحوه ، فتركوا النخيل كما هو ، لما جاء وقت الإطعام أو وقت الحصاد فُوجئوا بأن التمر خرج شيصًا ، والشِّيص هنا كناية عن أنه لا لحم ولا شحم له ، يعني جلد على نواة ، فأتوا الرسول - عليه الصلاة والسلام - فذكروا له ذلك ، فقال لهم - وهنا الشاهد - : ( إنما هو رأيٌ رأيته ، فما أمرتكم من أمور دينكم فأتوا منه ما استطعتم ، وما كان من أمر دنياكم فأنتم أعلم بأمور دنياكم ) .
الشاهد بمقدار ما أطلق النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - للمسلمين إطلاقًا صريحًا لا حدود له في أمور الدنيا ؛ لأنه لم يأتِ لإتمامها وتعليمها الناس ، بل قال : ( أنتم أعلم بأمور بدنياكم ) ؛ بقدر ما يعني صرَّح لهم وأباح لهم التوسُّع في أمور الدنيا بالشرط الذي يقتضيه الشرع ، والذي ذكرته آنفًا ؛ ألا يُخالف نصًّا شرعيًّا ؛ على العكس من ذلك ضيَّق لهم دائرة الدين فقال لهم في أحاديث كثيرة : ( وإياكم ومحدثات الأمور ؛ فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) ، وفي هذا جاء حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - موعظةً وجلت منها القلوب ، وذرفت منها العيون ؛ فقلنا : يا رسول الله ، أوصنا قال : ( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن وُلِّيَ عليكم عبدٌ حبشيٌّ ، وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا ؛ فعليكم بسنتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ؛ عضُّوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ) وفي حديث آخر : ( وكل ضلالة في النار ) ، وهذا بحث واسع جدًّا ، وتكلَّمنا فيه مرارًا وتكرارًا في بعض المحاضرات في هذه السفرة بخاصة ، فلا أريد أن أزيد على هذه الكلمات ، لأتابعَ الموضوع المشار إليه آنفًا .
- رحلة النور - شريط : 5
- توقيت الفهرسة : 00:35:43
- نسخة مدققة إملائيًّا