الكلام على كتاب الثقات ( لابن حبان ) ، وما قيل في توثيقه ؟
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا ، كتاب " رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل " الأخ عداب الحمش ردَّ على أبي غدة في فصل من الفصول ، قضية الإمام ابن حبان وكتابه الثقات هو رسالته في الماجستير عن ابن حبان .
الشيخ : أيوا .
الحلبي : فيقول مراتب الرواة المترجمين في كتاب " الثقات " يقول : قال الشيخ المحدث عبد الرحمن المعلمي اليماني - وهو يتحدث عن مراتب المترجمين في كتاب " الثقات " - ، يقول : " والتحقيق أن توثيقه على درجات :
الأولى : أن يصرح بالتوثيق كأن يقول كان متقنًا أو مستقيم الحديث أو نحو ذلك .
الثانية : أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم .
الثالثة : أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يُعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة .
الرابعة : أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذاك الرجل معرفة جيدة .
الخامسة : ما دون ذلك .
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة ، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم ، والثانية قريب منها ، والثالثة مقبولة ، والرابعة صالحة ، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل ، والله أعلم .
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني تعقيبًا على كلام الشيخ المعلمي : هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف المعلمي - رحمه الله تعالى - وتمكنه من علم الجرح والتعديل ، وهو مما لم أره لغيره فجزاه الله خيرًا ، غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة ؛ فهو على الغالب مجهول لا يعرف ، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحقِّقين ، فإنهم نادرًا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة ، بل والتي قبلها أحيانًا ، بعد هذا الكلام كله يقول : " قلت : إن هذا الكلام على إطلاقه من الشيخين فيه نظر ، فالرواة المترجمون في كتاب الثقات قسمان :
قسم انفرد ابن حبان بالترجمة له ، أو كان اعتماده من ترجمه بعده عليه ، وهؤلاء يزيد عددهم على ألفي ترجمة من الكتاب .
والقسم الثاني الرواة الذين اشترك مع غيره في الترجمة لهم ، وهؤلاء صنفان :
- أولًا : الرواة الذين أطلق عليهم ألفاظ الجرح والتعديل ، وهؤلاء يقرب عددهم من ثلاثة آلاف راوٍ ، وقد تعدَّدت ألفاظ النقد وتباينت دلالاتها كما قدمت بعض ذلك ، فبينما تجده يصف الرجل بالحفظ أو الإتقان أو الوثاقة أو الصدق أو استقامة الحديث ؛ إذا بك تجده يصف الرجل بأنه قد يخطئ ، أو يخطئ أحيانًا ، أو يخطئ كثيرًا ، أو يخطئ ويخالف ، أو يخطئ ويغرب ويدلس ويخالف ، والرواة الذين يصرح فيهم بالتوثيق ليسوا على درجة واحدة في نفس الأمر في كل مصطلحات التوثيق ، فقد وجدت وصف خمسة وخمسين رجلًا بالإتقان ، بيد أنني لم أجد لغيره كلامًا في ثمانية منهم ، والذين وجدت لهم تراجم كانوا جميعًا من الحفاظ أو الثقات ، أما لفظ مستقيم الحديث وما دار في فلكه ؛ فقد أطلقه ابن حبان على ستَّة وخمسين راويًا ومئتي راوٍ ، وقد جاءت ألفاظه الدالة على الاستقامة متعددة ، فتارةً يصف الراوي بأنه مستقيم الحديث جدًّا ، وتارةً يصفه بأنه مستقيم الأمر في الحديث ، وتارةً يقيد الاستقامة بشروط ، فيقول - مثلًا - : مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات أو إذا روى عنه الثقات ، وتارة يقول روى أحاديث مستقيمة وأنه مستقيم الحديث يغرب ، ومستقيم الحديث ربما أخطأ ، كما أطلق عبارات أوضحت لنا مقصوده من الاستقامة ، ولكنه أكثر ما أطلق في هذا المصطلح بلفظ مستقيم الحديث مجردًا ، وله ألفاظ أخرى مشابهة ولكنها قليلة ، وقد وجدت فيمن وصفه ابن حبان بأنه مستقيم الحديث الحافظ والثقة والصدوق ، ووجدت فيهم المجروح والمضعَّف والمجهول حسب اصطلاح المتأخرين ، وقد كانت ألفاظ النقد التي أطلقها ابن حبان في كتابيه " الثقات " و " المجروحين " تسعة عشر لفظًا ومائتي لفظ ، درستها جميعًا دراسة نقدية في الرسالة سالفة الذكر ، وأعددت لها ملاحق خاصة بألفاظها ، ولذلك فإنني أرى أن هذه الإطلاقات من فضيلة الشيخ اليماني - رحمه الله - عامَّة وعائمة ، وما ذكره فضيلة الشيخ الألباني من أن كلام الشيخ المعلمي تفصيل دقيق غير دقيق ، ولا مفيد في التحقيق العلمي شيئًا .
- ثانيًا : الصنف الثاني الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان ، ويزيد عددهم على عشرة آلاف راوٍ ، فهؤلاء على طبقات متباينة ، ولا يمكن إعطاء حكم دقيق ولا تقريبي عنهم ، ففيهم الثقة الحافظ ، وفيهم الصدوق ، وفيهم المستور ، وفيهم المجهول ومجهول الحال ، وفيهم الضعيف ومنكر الحديث إلى آخره .
نعم قد تفيدنا ترجمة ابن حبان للرجل في تعيين شخصه ، فقد ينفرد ابن حبان بمعلومات عن رجل تُذهب عنه جهالة العين ، وبل جهالة الحال أحيانًا ، بيد أن سكوته عن الرجل لا يعني أنه ثقة عنده ، ولا يرد على قولي هذا أن ابن حبان قد ذكر في مقدمة كتابه أن كلَّ من أودعه كتابه " الثقات " فهو صدوق يحتج به إذا توفرت فيه الشروط الخمسة التي ذكرها ؛ لأن هذا الكلام نظري ، وقد نقضه ونصَّ على نقضه في مواضع ، وقد وجدناه نصَّ في مواضع كثيرة من الثقات على أن فلانًا لم يذكره للاحتجاج ، وإنما ذكره للمعرفة ، ونصَّ في كتابه " المجروحين " على أن كل شيخ لم يرو عنه غير راو ضعيف أو ضعفاء ، أو لم يحدث هو إلا عن ضعيف أو ضعفاء أنه مجهول عنده ، ومع ذلك وجدناه حشر في الثقات مئات التراجم التي لا يُعرف أصحابها إلا من طريق راو مجهول أو ضعيف ، أو لم يرووا إلا عن مجهول أو ضعيف أو مبهم ، والفصل في الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان هو عرضهم على كتب النقد الأخرى ، فإن وجدنا فيها كلامًا أخذنا بما نراه صوابًا مما قاله أصحاب كتب النقد ، وإن لم نجد فيها كلامًا شافيًا طبَّقنا قواعد النُّقَّاد عليهم وقواعد ابن حبان نفسه ، وأغلب الرواة الذين يسكت عليهم ابن حبان ويكون الواحد منهم قد روى عنه ثقة ، وروى عن ثقة ؛ يكونون مستورين يُقبلون في المتابعات والشواهد ، ولذلك فإنني قلت في رسالتي عن ابن حبان في الرواة الذين ترجمهم ساكتًا عليهم بأنهم على ثلاث درجات :
- واحد من أهل الثقة وأهل الصدق .
- ثانيًا رواة مرتبة الاعتبار .
ثالثًا الرواة الذين لا تنطبق عليهم شروط ابن حبان النقدية في المقبول ، وهؤلاء ذكرهم المعرفة ، والله أعلم " .
نريد شيخنا تعقيب على هذا مجمل ؟
الشيخ : هذا لا يمكن التعقيب عليه ؛ لأن هذا يحتاج إلى تأليف رسالة ، ولكن أنا أتساءل أنُّو ما مناسبة تلاوة أو قراءة هذا التعليق من المؤلف هذا بالنسبة لموضوعنا السابق ؟
الحلبي : نعم .
الشيخ : لأن موضوعنا السابق كان محصورًا جدًّا كما أعتقد أنه ثنائي على الشيخ المعلمي - رحمه الله - - أيضًا - هو في دائرة محدودة النطاق .
الحلبي : نعم .
الشيخ : كان كلامنا بالنسبة لما تفرَّد به ابن حبان من التوثيق ، وليس هناك ما يؤيده أو يعارضه ، فهو نقل الكلام الآن إلى خلاف ما كنَّا في صدده ، فنحن نعلم بأن ابن حبان في كثير من الأحيان يورد الراوي في الثقات ، ثم يورده - أيضًا - في كتابه " الضعفاء " ، هذا أمر معروف ، وبخاصة في الآونة الأخيرة حيث توجَّهتُ منذ بضع سنين إلى وضع فهرس خاص لذاتي ولشخصي ، ولأستعين به على بحثي وتحقيقي حول الأحاديث ، بدأت في وضع فهرس لـ " الثقات " لابن حبان ؛ لأن من كان على علم ودراسة لأسلوب ابن حبان في كتابه " الثقات " يتعب كثيرًا للحصول على ترجمة الراوي ، المطلوب البحث عنه ترى هل أورده ابن حبان في ثقاته أم لا ؟ فبدا لي يومئذ أن أضع فهرسًا يسهِّل وييسِّر لي الوصول إلى الرجل الذي يُراد ترجمته بأقرب وبأيسر طريق ، ثم شاء الله - عز وجل - لي الزيادة في الخير أن فتح أمامي طريق من البحث والتحقيق حول كثير من هؤلاء الرواة ، فمن ابتداءً كان المشروع هو فهرس لتيسير الحصول على التراجم ، فإذا به يتحوَّل مع الزمن إلى تحقيق حول كثير من الرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتابه " الثقات " ، من ذلك ما ذكرته آنفًا أنه يُورد الراوي الواحد في الكتابين المتناقضين منهجًا ، يورده في " الثقات " ويورده في " الضعفاء " ، كذلك تبيَّنت لي الصورة التي تكلمت عنها آنفًا إنه يورد الراوي في كتابه ويقول روى عنه فلان ، لا يسمي إلا راويًا واحدًا ، لكنني مع التتبُّع وجدت هذا الذي ترجمه ابن حبان في كتابه " الثقات " برواية ثقة واحد ؛ وجدنا له رواة آخرين في مثل " الجرح والتعديل " ، ومثل " تهذيب ابن حجر " ، ونحو ذلك ، فحينئذٍ وجدت نفسي لا بد من التعليق على أمثال هؤلاء الرواة أنه قد روى عنه فلان وفلان وفلان زيادة على الراوي الذي ذكره ابن حبان في " ثقاته " .
الذي أريد أن أقول تعليقًا مجملًا على هذا الكلام ، نحن نعرف أن هناك مؤاخذات كثيرة على ابن حبان في كتابه " الثقات " ، لكن البحث كان فيما تفرَّد ابن حبان في توثيقه دون أن يُخالفَ في ذلك من هو أعلم منه بالجرح وبالتعديل ، لا يوجد لدينا إلا أن ابن حبان وثَّقه ؛ فما قيمة هذا التوثيق ؟ كان بحثنا الأصل أن يقال أن ما تفرَّد به ابن حبان بالتوثيق ؛ فهو مجهول ، ولكن قد وجدنا ما ذكرته أخيرًا بأن هناك كثيرًا من الرواة قد روى عنه جمعٌ من الثقات ، من أجل ذلك قال الذهبي وقال العسقلاني في أمثال هؤلاء مؤيِّدين توثيق ابن حبان إما أن يقولوا فيه ثقة ، أو أن يقولوا فيه هو صدوق ، فما كان بحثي فيه هذا الشمول وهذا التعميم الذي تطرَّق له المؤلف ، اسمه إيش هذا ؟
الحلبي : عداب .
الشيخ : أه
الحلبي : عداب .
الشيخ : عذاب ، نسأل الله أن يخلِّصنا من أيِّ عذاب .
الحلبي : عداب بالدال المهملة .
الشيخ : بالدال عداب .
الحلبي : عداب .
الشيخ : عداب .
الشيخ : أيوا .
الحلبي : فيقول مراتب الرواة المترجمين في كتاب " الثقات " يقول : قال الشيخ المحدث عبد الرحمن المعلمي اليماني - وهو يتحدث عن مراتب المترجمين في كتاب " الثقات " - ، يقول : " والتحقيق أن توثيقه على درجات :
الأولى : أن يصرح بالتوثيق كأن يقول كان متقنًا أو مستقيم الحديث أو نحو ذلك .
الثانية : أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم .
الثالثة : أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يُعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة .
الرابعة : أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذاك الرجل معرفة جيدة .
الخامسة : ما دون ذلك .
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة ، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم ، والثانية قريب منها ، والثالثة مقبولة ، والرابعة صالحة ، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل ، والله أعلم .
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني تعقيبًا على كلام الشيخ المعلمي : هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف المعلمي - رحمه الله تعالى - وتمكنه من علم الجرح والتعديل ، وهو مما لم أره لغيره فجزاه الله خيرًا ، غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة ؛ فهو على الغالب مجهول لا يعرف ، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحقِّقين ، فإنهم نادرًا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة ، بل والتي قبلها أحيانًا ، بعد هذا الكلام كله يقول : " قلت : إن هذا الكلام على إطلاقه من الشيخين فيه نظر ، فالرواة المترجمون في كتاب الثقات قسمان :
قسم انفرد ابن حبان بالترجمة له ، أو كان اعتماده من ترجمه بعده عليه ، وهؤلاء يزيد عددهم على ألفي ترجمة من الكتاب .
والقسم الثاني الرواة الذين اشترك مع غيره في الترجمة لهم ، وهؤلاء صنفان :
- أولًا : الرواة الذين أطلق عليهم ألفاظ الجرح والتعديل ، وهؤلاء يقرب عددهم من ثلاثة آلاف راوٍ ، وقد تعدَّدت ألفاظ النقد وتباينت دلالاتها كما قدمت بعض ذلك ، فبينما تجده يصف الرجل بالحفظ أو الإتقان أو الوثاقة أو الصدق أو استقامة الحديث ؛ إذا بك تجده يصف الرجل بأنه قد يخطئ ، أو يخطئ أحيانًا ، أو يخطئ كثيرًا ، أو يخطئ ويخالف ، أو يخطئ ويغرب ويدلس ويخالف ، والرواة الذين يصرح فيهم بالتوثيق ليسوا على درجة واحدة في نفس الأمر في كل مصطلحات التوثيق ، فقد وجدت وصف خمسة وخمسين رجلًا بالإتقان ، بيد أنني لم أجد لغيره كلامًا في ثمانية منهم ، والذين وجدت لهم تراجم كانوا جميعًا من الحفاظ أو الثقات ، أما لفظ مستقيم الحديث وما دار في فلكه ؛ فقد أطلقه ابن حبان على ستَّة وخمسين راويًا ومئتي راوٍ ، وقد جاءت ألفاظه الدالة على الاستقامة متعددة ، فتارةً يصف الراوي بأنه مستقيم الحديث جدًّا ، وتارةً يصفه بأنه مستقيم الأمر في الحديث ، وتارةً يقيد الاستقامة بشروط ، فيقول - مثلًا - : مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات أو إذا روى عنه الثقات ، وتارة يقول روى أحاديث مستقيمة وأنه مستقيم الحديث يغرب ، ومستقيم الحديث ربما أخطأ ، كما أطلق عبارات أوضحت لنا مقصوده من الاستقامة ، ولكنه أكثر ما أطلق في هذا المصطلح بلفظ مستقيم الحديث مجردًا ، وله ألفاظ أخرى مشابهة ولكنها قليلة ، وقد وجدت فيمن وصفه ابن حبان بأنه مستقيم الحديث الحافظ والثقة والصدوق ، ووجدت فيهم المجروح والمضعَّف والمجهول حسب اصطلاح المتأخرين ، وقد كانت ألفاظ النقد التي أطلقها ابن حبان في كتابيه " الثقات " و " المجروحين " تسعة عشر لفظًا ومائتي لفظ ، درستها جميعًا دراسة نقدية في الرسالة سالفة الذكر ، وأعددت لها ملاحق خاصة بألفاظها ، ولذلك فإنني أرى أن هذه الإطلاقات من فضيلة الشيخ اليماني - رحمه الله - عامَّة وعائمة ، وما ذكره فضيلة الشيخ الألباني من أن كلام الشيخ المعلمي تفصيل دقيق غير دقيق ، ولا مفيد في التحقيق العلمي شيئًا .
- ثانيًا : الصنف الثاني الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان ، ويزيد عددهم على عشرة آلاف راوٍ ، فهؤلاء على طبقات متباينة ، ولا يمكن إعطاء حكم دقيق ولا تقريبي عنهم ، ففيهم الثقة الحافظ ، وفيهم الصدوق ، وفيهم المستور ، وفيهم المجهول ومجهول الحال ، وفيهم الضعيف ومنكر الحديث إلى آخره .
نعم قد تفيدنا ترجمة ابن حبان للرجل في تعيين شخصه ، فقد ينفرد ابن حبان بمعلومات عن رجل تُذهب عنه جهالة العين ، وبل جهالة الحال أحيانًا ، بيد أن سكوته عن الرجل لا يعني أنه ثقة عنده ، ولا يرد على قولي هذا أن ابن حبان قد ذكر في مقدمة كتابه أن كلَّ من أودعه كتابه " الثقات " فهو صدوق يحتج به إذا توفرت فيه الشروط الخمسة التي ذكرها ؛ لأن هذا الكلام نظري ، وقد نقضه ونصَّ على نقضه في مواضع ، وقد وجدناه نصَّ في مواضع كثيرة من الثقات على أن فلانًا لم يذكره للاحتجاج ، وإنما ذكره للمعرفة ، ونصَّ في كتابه " المجروحين " على أن كل شيخ لم يرو عنه غير راو ضعيف أو ضعفاء ، أو لم يحدث هو إلا عن ضعيف أو ضعفاء أنه مجهول عنده ، ومع ذلك وجدناه حشر في الثقات مئات التراجم التي لا يُعرف أصحابها إلا من طريق راو مجهول أو ضعيف ، أو لم يرووا إلا عن مجهول أو ضعيف أو مبهم ، والفصل في الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان هو عرضهم على كتب النقد الأخرى ، فإن وجدنا فيها كلامًا أخذنا بما نراه صوابًا مما قاله أصحاب كتب النقد ، وإن لم نجد فيها كلامًا شافيًا طبَّقنا قواعد النُّقَّاد عليهم وقواعد ابن حبان نفسه ، وأغلب الرواة الذين يسكت عليهم ابن حبان ويكون الواحد منهم قد روى عنه ثقة ، وروى عن ثقة ؛ يكونون مستورين يُقبلون في المتابعات والشواهد ، ولذلك فإنني قلت في رسالتي عن ابن حبان في الرواة الذين ترجمهم ساكتًا عليهم بأنهم على ثلاث درجات :
- واحد من أهل الثقة وأهل الصدق .
- ثانيًا رواة مرتبة الاعتبار .
ثالثًا الرواة الذين لا تنطبق عليهم شروط ابن حبان النقدية في المقبول ، وهؤلاء ذكرهم المعرفة ، والله أعلم " .
نريد شيخنا تعقيب على هذا مجمل ؟
الشيخ : هذا لا يمكن التعقيب عليه ؛ لأن هذا يحتاج إلى تأليف رسالة ، ولكن أنا أتساءل أنُّو ما مناسبة تلاوة أو قراءة هذا التعليق من المؤلف هذا بالنسبة لموضوعنا السابق ؟
الحلبي : نعم .
الشيخ : لأن موضوعنا السابق كان محصورًا جدًّا كما أعتقد أنه ثنائي على الشيخ المعلمي - رحمه الله - - أيضًا - هو في دائرة محدودة النطاق .
الحلبي : نعم .
الشيخ : كان كلامنا بالنسبة لما تفرَّد به ابن حبان من التوثيق ، وليس هناك ما يؤيده أو يعارضه ، فهو نقل الكلام الآن إلى خلاف ما كنَّا في صدده ، فنحن نعلم بأن ابن حبان في كثير من الأحيان يورد الراوي في الثقات ، ثم يورده - أيضًا - في كتابه " الضعفاء " ، هذا أمر معروف ، وبخاصة في الآونة الأخيرة حيث توجَّهتُ منذ بضع سنين إلى وضع فهرس خاص لذاتي ولشخصي ، ولأستعين به على بحثي وتحقيقي حول الأحاديث ، بدأت في وضع فهرس لـ " الثقات " لابن حبان ؛ لأن من كان على علم ودراسة لأسلوب ابن حبان في كتابه " الثقات " يتعب كثيرًا للحصول على ترجمة الراوي ، المطلوب البحث عنه ترى هل أورده ابن حبان في ثقاته أم لا ؟ فبدا لي يومئذ أن أضع فهرسًا يسهِّل وييسِّر لي الوصول إلى الرجل الذي يُراد ترجمته بأقرب وبأيسر طريق ، ثم شاء الله - عز وجل - لي الزيادة في الخير أن فتح أمامي طريق من البحث والتحقيق حول كثير من هؤلاء الرواة ، فمن ابتداءً كان المشروع هو فهرس لتيسير الحصول على التراجم ، فإذا به يتحوَّل مع الزمن إلى تحقيق حول كثير من الرواة الذين ذكرهم ابن حبان في كتابه " الثقات " ، من ذلك ما ذكرته آنفًا أنه يُورد الراوي الواحد في الكتابين المتناقضين منهجًا ، يورده في " الثقات " ويورده في " الضعفاء " ، كذلك تبيَّنت لي الصورة التي تكلمت عنها آنفًا إنه يورد الراوي في كتابه ويقول روى عنه فلان ، لا يسمي إلا راويًا واحدًا ، لكنني مع التتبُّع وجدت هذا الذي ترجمه ابن حبان في كتابه " الثقات " برواية ثقة واحد ؛ وجدنا له رواة آخرين في مثل " الجرح والتعديل " ، ومثل " تهذيب ابن حجر " ، ونحو ذلك ، فحينئذٍ وجدت نفسي لا بد من التعليق على أمثال هؤلاء الرواة أنه قد روى عنه فلان وفلان وفلان زيادة على الراوي الذي ذكره ابن حبان في " ثقاته " .
الذي أريد أن أقول تعليقًا مجملًا على هذا الكلام ، نحن نعرف أن هناك مؤاخذات كثيرة على ابن حبان في كتابه " الثقات " ، لكن البحث كان فيما تفرَّد ابن حبان في توثيقه دون أن يُخالفَ في ذلك من هو أعلم منه بالجرح وبالتعديل ، لا يوجد لدينا إلا أن ابن حبان وثَّقه ؛ فما قيمة هذا التوثيق ؟ كان بحثنا الأصل أن يقال أن ما تفرَّد به ابن حبان بالتوثيق ؛ فهو مجهول ، ولكن قد وجدنا ما ذكرته أخيرًا بأن هناك كثيرًا من الرواة قد روى عنه جمعٌ من الثقات ، من أجل ذلك قال الذهبي وقال العسقلاني في أمثال هؤلاء مؤيِّدين توثيق ابن حبان إما أن يقولوا فيه ثقة ، أو أن يقولوا فيه هو صدوق ، فما كان بحثي فيه هذا الشمول وهذا التعميم الذي تطرَّق له المؤلف ، اسمه إيش هذا ؟
الحلبي : عداب .
الشيخ : أه
الحلبي : عداب .
الشيخ : عذاب ، نسأل الله أن يخلِّصنا من أيِّ عذاب .
الحلبي : عداب بالدال المهملة .
الشيخ : بالدال عداب .
الحلبي : عداب .
الشيخ : عداب .
- رحلة الخير - شريط : 4
- توقيت الفهرسة : 00:35:48
- نسخة مدققة إملائيًّا