ما هو الطريق للحصول على عدالة الراوي ؟
A-
A=
A+
السائل : في سؤال يا شيخ ، بالنسبة الذهبي - رحمه الله - ذكر في ترجمة مالك أبي الخير في " ميزان الاعتدال " .
الشيخ : ذكر ؟
السائل : في ترجمة مالك أبي الخير .
الشيخ : مالك أبي الخير .
السائل : إي .
الشيخ : نعم .
السائل : في " ميزان الاعتدال " .
الشيخ : أيوا .
السائل : قال : إن الراوي إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يؤثر بما ينكر عليه ؛ فحديث حديث صحيح .
الشيخ : نعم .
السائل : ففي هذا يعني تعديل لهذا الراوي ، في حين أن هذا الراوي لم تُعرف عدالته إنما عرفت عن طريق من روى عنه ، فلو تبيِّن لنا هذه المسألة ؟ وهل هي خاصة بالتابعين فقط أم من بعدهم ؟
الشيخ : لا ، ومن بعدهم - أيضًا - لأن طريق الحصول على العدالة إما أن تكون بطريق المخالطة ومباشرة الاتصال بالراوي ، وإما أن يكون من طرق أخرى ، ونحن نعلم يقينًا أن الأئمة السابقين حينما يوثِّقون الراوي وهو غير معاصر لهم ، ولا هم معاصرون له ، إنما وصلوا إلى تعديلهم وإلى الاعتماد على حفظهم وعلى ضبطهم من طريق الاستقصاء والتَّتبُّع لرواياتهم من جهة ، وتتبُّع الرواة الثقات عنهم من جهة أخرى ؛ لأنه من المستحيل أن يتمكَّن المتأخر الاتصال بالمتقدم ، وبينهما ما شاء الله من السنين التي تحول بطبيعة الواقع بين الباحث والاتصال بالذي يُراد تعديله أو تجريحه ، فإذًا ما هي الطريقة التي - مثلًا - يقول الإمام أحمد ويحيى بن معين وأمثالهما من الأئمة المعدِّلين والجارحين للحكم على تابعي بأنه عدل ، أو أنه ليس بعدل ، ثقة ضابط ، أو ليس كذلك ؟
لا شك أن الطريق في ذلك هو أحد سبيلين ، إما أن يكون هؤلاء أخذوا بالرواية كما يروون الحديث عمَّن كان معاصرًا لذلك التابعي فاتَّبعوه ، لأنه عارف بحاله ، وهذا نادر جدًّا فيما نعلم ، وإما أن يكون بالطريقة الأخرى التي ذكرتها آنفًا ، وهي مدار الحديث آنيًّا ، وهي أن يسبروا أحاديث هذا الراوي الذي لم يعاصروه ، ثم يحكمون عليه بما تدلُّ عليه تتبُّعهم لأحاديث هذا الراوي .
في اعتقادي إذا عُرف هذا أن الإمام الذهبي وتبعه في ذلك - أيضًا - ابن حجر العسقلاني أنهما اقتديا بمن تقدَّمهما من أئمة الجرح والتعديل حينما كانوا يوثِّقون أو يجرِّحون من لم يتصلوا به مباشرة ، ذلك من دراستهم لأحاديث هذا الراوي والرواة عنه ، فهم إذًا اقتبسوا هذه الطريق من أسلوب الأئمة المتقدمين في التجريح وفي التعديل ، وعلى ذلك جريتُ منذ سنين وعدَّلت القاعدة التي كان الله - عز وجل - وفَّقني لنشرها في العصر الحاضر بين طلاب العلم ؛ ألا وهي أن توثيق ابن حبان لا يُعتدُّ به لأنه يوثِّق المجهولين عند غيره ، وفي الأغلب يكون القول الراجح معهم ، وليس معه ، بعد الصبر والدأب على طلب العلم وتتبُّع أقوال العلماء في الجرح والتعديل ، ورواية الرواة عمَّن وثَّقهم ابن حبان ؛ أدخلت تعديلًا رأيتُ من الواجب عليَّ أن أنشره - أيضًا - بين الطلاب ، ولو بعد لَأْيٍ ؛ لأنه من العلم الذي وصلنا إليه أخيرًا ؛ ألا وهو أن ابن حبان - رحمه الله - إذا وثَّق رجلًا تفرَّد بالتوثيق هو دون غيره من أئمة الجرح والتعديل ؛ نقول - كما قلنا سابقًا - إنه لا يُوثق بتوثيقه إلا - هنا الاستثناء - إلا إذا كان هذا الراوي الذي وثَّقه ابن حبان وحدَه وُجِدَ له من الرواة الثقات المعروفين كثرة يغلب على قلب الباحث أن هذه الكثرة من الرواة حينما رووا هذا عن هذا الراوي الذي تفرَّد بتوثيقه ابن حبان - رحمه الله - ؛ كان ابن حبان مُصيبًا في التوثيق لكثرة الرواة عنه ، أمَّا إذا تفرد بتوثيق راوٍ ليس له عنه إلا راوٍ واحد ؛ فحينئذٍ نطبِّق القاعدة العامة أننا نحشره في زمرة المجهولين الذين وثَّقهم ابن حبان .
لقد رأيت عمليًّا من الذهبي وابن حجر العسقلاني بعد أن وصلتُ إلى هذا الاستثناء ، لقد وجدتهما يتفرَّدان بتوثيق بعض الرواة ولو لم يجدوا مَن نصَّ على التوثيق ، ولو كان مثل ابن حبان في التساهل ، لقد صرَّحوا بتوثيق بعض الرواة وإن لم يوثِّقه ابن حبان ، أو من كان مثله في التساهل كالعجلي أو كالحاكم ، لا يوجد في تراجم هؤلاء من وثَّقه ، مع ذلك - لاحظوا القاعدة التي نقلتها أنت آنفًا عن الذهبي - فلما وجدوا من العدول كثرة رووا عن ذاك الراوي الذي الأصل فيه أن يُقال إنه مجهول لم يوثقه أحد ؛ مع ذلك فقد وجدتُهم يقولون - أعني الذهبي والعسقلاني - تارةً يقولون في مثل هذا الراوي إنه ثقة ، وإذا ألانوا القول فيه قالوا صدوق ، مع أنه لم يقل أحد ممَّن قبلهم من أئمة الجرح والتعديل قولتهم هذه أو تلك ، فإذًا هم سبروا طريقة الأئمة المتقدمين كيف كانوا يحكمون بثقة أو عدم ثقة الراوي وهم لم يعاصروه ولم يخالطوه ؟
من دراستهم لأحاديث هذا الراوي وللرواة عنه ؛ فإذًا العدالة نستطيع أن نصلَ إليها بمعرفة عدالة الرواة عن ذاك الراوي الذي الأصل فيه أنه مجهول لدينا ، فإذا كثر الرواة العدول في الرواية عن من لم نعرف عنه توثيقًا أو تجريحًا اعتبرنا رواية هؤلاء الثقات عنه تعديلًا لهم ، على هذا رأينا ما قال الذهبي صوابًا ؛ لأنه سلك في ذلك سبيل أئمة الجرح والتعديل .
في عندك شيء هنا ؟ تفضَّل .
الشيخ : ذكر ؟
السائل : في ترجمة مالك أبي الخير .
الشيخ : مالك أبي الخير .
السائل : إي .
الشيخ : نعم .
السائل : في " ميزان الاعتدال " .
الشيخ : أيوا .
السائل : قال : إن الراوي إذا روى عنه جمع من الثقات ولم يؤثر بما ينكر عليه ؛ فحديث حديث صحيح .
الشيخ : نعم .
السائل : ففي هذا يعني تعديل لهذا الراوي ، في حين أن هذا الراوي لم تُعرف عدالته إنما عرفت عن طريق من روى عنه ، فلو تبيِّن لنا هذه المسألة ؟ وهل هي خاصة بالتابعين فقط أم من بعدهم ؟
الشيخ : لا ، ومن بعدهم - أيضًا - لأن طريق الحصول على العدالة إما أن تكون بطريق المخالطة ومباشرة الاتصال بالراوي ، وإما أن يكون من طرق أخرى ، ونحن نعلم يقينًا أن الأئمة السابقين حينما يوثِّقون الراوي وهو غير معاصر لهم ، ولا هم معاصرون له ، إنما وصلوا إلى تعديلهم وإلى الاعتماد على حفظهم وعلى ضبطهم من طريق الاستقصاء والتَّتبُّع لرواياتهم من جهة ، وتتبُّع الرواة الثقات عنهم من جهة أخرى ؛ لأنه من المستحيل أن يتمكَّن المتأخر الاتصال بالمتقدم ، وبينهما ما شاء الله من السنين التي تحول بطبيعة الواقع بين الباحث والاتصال بالذي يُراد تعديله أو تجريحه ، فإذًا ما هي الطريقة التي - مثلًا - يقول الإمام أحمد ويحيى بن معين وأمثالهما من الأئمة المعدِّلين والجارحين للحكم على تابعي بأنه عدل ، أو أنه ليس بعدل ، ثقة ضابط ، أو ليس كذلك ؟
لا شك أن الطريق في ذلك هو أحد سبيلين ، إما أن يكون هؤلاء أخذوا بالرواية كما يروون الحديث عمَّن كان معاصرًا لذلك التابعي فاتَّبعوه ، لأنه عارف بحاله ، وهذا نادر جدًّا فيما نعلم ، وإما أن يكون بالطريقة الأخرى التي ذكرتها آنفًا ، وهي مدار الحديث آنيًّا ، وهي أن يسبروا أحاديث هذا الراوي الذي لم يعاصروه ، ثم يحكمون عليه بما تدلُّ عليه تتبُّعهم لأحاديث هذا الراوي .
في اعتقادي إذا عُرف هذا أن الإمام الذهبي وتبعه في ذلك - أيضًا - ابن حجر العسقلاني أنهما اقتديا بمن تقدَّمهما من أئمة الجرح والتعديل حينما كانوا يوثِّقون أو يجرِّحون من لم يتصلوا به مباشرة ، ذلك من دراستهم لأحاديث هذا الراوي والرواة عنه ، فهم إذًا اقتبسوا هذه الطريق من أسلوب الأئمة المتقدمين في التجريح وفي التعديل ، وعلى ذلك جريتُ منذ سنين وعدَّلت القاعدة التي كان الله - عز وجل - وفَّقني لنشرها في العصر الحاضر بين طلاب العلم ؛ ألا وهي أن توثيق ابن حبان لا يُعتدُّ به لأنه يوثِّق المجهولين عند غيره ، وفي الأغلب يكون القول الراجح معهم ، وليس معه ، بعد الصبر والدأب على طلب العلم وتتبُّع أقوال العلماء في الجرح والتعديل ، ورواية الرواة عمَّن وثَّقهم ابن حبان ؛ أدخلت تعديلًا رأيتُ من الواجب عليَّ أن أنشره - أيضًا - بين الطلاب ، ولو بعد لَأْيٍ ؛ لأنه من العلم الذي وصلنا إليه أخيرًا ؛ ألا وهو أن ابن حبان - رحمه الله - إذا وثَّق رجلًا تفرَّد بالتوثيق هو دون غيره من أئمة الجرح والتعديل ؛ نقول - كما قلنا سابقًا - إنه لا يُوثق بتوثيقه إلا - هنا الاستثناء - إلا إذا كان هذا الراوي الذي وثَّقه ابن حبان وحدَه وُجِدَ له من الرواة الثقات المعروفين كثرة يغلب على قلب الباحث أن هذه الكثرة من الرواة حينما رووا هذا عن هذا الراوي الذي تفرَّد بتوثيقه ابن حبان - رحمه الله - ؛ كان ابن حبان مُصيبًا في التوثيق لكثرة الرواة عنه ، أمَّا إذا تفرد بتوثيق راوٍ ليس له عنه إلا راوٍ واحد ؛ فحينئذٍ نطبِّق القاعدة العامة أننا نحشره في زمرة المجهولين الذين وثَّقهم ابن حبان .
لقد رأيت عمليًّا من الذهبي وابن حجر العسقلاني بعد أن وصلتُ إلى هذا الاستثناء ، لقد وجدتهما يتفرَّدان بتوثيق بعض الرواة ولو لم يجدوا مَن نصَّ على التوثيق ، ولو كان مثل ابن حبان في التساهل ، لقد صرَّحوا بتوثيق بعض الرواة وإن لم يوثِّقه ابن حبان ، أو من كان مثله في التساهل كالعجلي أو كالحاكم ، لا يوجد في تراجم هؤلاء من وثَّقه ، مع ذلك - لاحظوا القاعدة التي نقلتها أنت آنفًا عن الذهبي - فلما وجدوا من العدول كثرة رووا عن ذاك الراوي الذي الأصل فيه أن يُقال إنه مجهول لم يوثقه أحد ؛ مع ذلك فقد وجدتُهم يقولون - أعني الذهبي والعسقلاني - تارةً يقولون في مثل هذا الراوي إنه ثقة ، وإذا ألانوا القول فيه قالوا صدوق ، مع أنه لم يقل أحد ممَّن قبلهم من أئمة الجرح والتعديل قولتهم هذه أو تلك ، فإذًا هم سبروا طريقة الأئمة المتقدمين كيف كانوا يحكمون بثقة أو عدم ثقة الراوي وهم لم يعاصروه ولم يخالطوه ؟
من دراستهم لأحاديث هذا الراوي وللرواة عنه ؛ فإذًا العدالة نستطيع أن نصلَ إليها بمعرفة عدالة الرواة عن ذاك الراوي الذي الأصل فيه أنه مجهول لدينا ، فإذا كثر الرواة العدول في الرواية عن من لم نعرف عنه توثيقًا أو تجريحًا اعتبرنا رواية هؤلاء الثقات عنه تعديلًا لهم ، على هذا رأينا ما قال الذهبي صوابًا ؛ لأنه سلك في ذلك سبيل أئمة الجرح والتعديل .
في عندك شيء هنا ؟ تفضَّل .
- رحلة الخير - شريط : 4
- توقيت الفهرسة : 00:26:32
- نسخة مدققة إملائيًّا