ما رأيكم فيمن يقول : إن الأشاعرة هم من أهل السنة ؛ لكنهم ليسوا من أهل السنة المحضة ؟
A-
A=
A+
السائل : يسأل أحد السائلين فيقول : ما هو رأيكم في قول بعضهم : إن الأشاعرة من أهل السنة ، ولكنم ليسوا من أهل السنة المحضة . وهناك قول آخر يقول : الأشاعرة من أهل القبلة لا من أهل السنة ؛ فما هو رأيكم في هذين القولين ؟
الشيخ : نحن نقول الأشاعرة مع أهل السنة في بعض الأفكار والعقائد ، وليسوا معهم في كثير منها ، وفي اعتقادي أن مثل هذا القول بالتفصيل في مثل هذه المسألة لا يفيدنا لا قليلًا ولا كثيرًا ؛ لأننا إن قلنا إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة مطلقًا ، أو قلنا إنهم من أهل السنة مطلقًا ، أو جئنا بالتفصيل الذي يشهد له الواقع ؛ ما هو المقصود من النفي والإثبات ؟ إذا قلنا إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة ؛ فسنقيم مقامهم ناس نقطع بأنهم ليسوا من أهل السنة ؛ ألا وهم المعتزلة مثلًا ، المعتزلة لا يختلف فيهم اثنان ولا ينتطح فيهم عنزان ، أنهم ليسوا من أهل السنة ، هَيْ اتفقنا في طائفة من الفرق الإسلامية أنهم ليسوا من أهل السنة ، ألا وهم المعتزلة ، ما الفرق حينئذٍ بين من اتفقنا على أنهم ليسوا من أهل السنة ، وبين من قد نختلف فنقول إنهم من أهل السنة مطلقًا ، أو إنهم ليسوا من أهل السنة مطلقًا ، أو - كما أعتقد أنا وأراه واقعًا - إنهم في بعض المسائل من أهل السنة ، وفي بعض المسائل من أهل الاعتزال ؛ ما ثمرة هذا الاختلاف ؟
إن كان المقصود حينما نقول إنهم من أهل السنة أنهم على هدًى من ربهم في كل ما اعتقدوه وما سطَّروه ؛ فهذا خطأ لا شك ولا ريب فيه ، وإن قيل - أيضًا - بأنهم هكذا مطلقًا في الطرف المقابل إنهم ليسوا من أهل السنة ، أو إنهم أخطؤوا في كلِّ ما تحدَّثوا به في ما يتعلق بالعقيدة ؛ قلنا - أيضًا - هذا خطأ ، لأنهم يوافقون أهل السنة في كثير من المسائل التي خالف أهلُ السنة فيها أهلَ الاعتزال ، وإذا كان المقصود إذًا هو بيان واقع هذه الطائفة التي تشمل أكثر من عُرفوا بأهل السنة والجماعة ، نفهم المقصود هو تعريف المسلمين بعامة عن واقعهم قربهم وبعدهم من أهل السنة حقًّا ، وعلينا أن نقول بالتفصيل الذي يشهد له الواقع إنهم مع أهل السنة في كثير من إيمانهم بأحاديث الصفات وآيات الصفات ، وإنهم ليسوا معهم في كثير من آيات وأحاديث الصفات أخرى ، حينئذ نكون قد قلنا العدل ، ولم نظلم هؤلاء الناس ، لم نبالغ فيهم ، ولم نتسامح معهم ، ما قلنا إنهم ليسوا من أهل السنة مطلقًا كالمعتزلة ، ولا قلنا إنهم من أهل السنة كأهل الحديث ، وإنما قلنا هم في بعض ما يذهبون إليه مع أهل السنة ، وفي بعض ما يذهبون إليه هم ضدَّ أهل السنة ، وحينئذٍ ما نظلمهم من جهة ، وما نضلِّل الناس بهم إذا قلنا إنهم من أهل السنة ، فسيأخذون بالتأويل الذي ... على الأشاعرة حتى في هذا الزمان ، ففي ذلك إضلال لجماهير المسلمين ، أما إذا توسَّطنا وفهَّمنا الناس واقعهم ؛ فحينذاك جمعنا بين العدل معهم وعدم الظلم ، وبين بيان الحق للنَّاس حتى ما يتورَّطوا ويصبحوا أشاعرة معهم في بعض ما يذهبون إليه من العقائد المخالفة للسنة الصحيحة .
سائل آخر : نقول إنهم من أهل السنة بالمعنى العام وليس بالمعنى الخاص ؟
الشيخ : نعم هكذا أعتقد .
السائل : كان دقيقًا لما قال ليسوا من أهل السنة المحضة .
الشيخ : جميل ، نعم .
سائل آخر : إذا نظرنا للأشاعرة من ناحية العقيدة في الله - تبارك وتعالى - واليوم الآخر وخلق القرآن وما شاكل ذلك ، إذا نظرنا من هذه الزاوية الأشعرية يمكن أن نصنِّفهم بأنهم يشاركوا أهل السنة في كثير من الأشياء ، ويخالفون في الأشياء المعروفة ، لكن المصيبة والبلاء الذي دهى الأشعرية أن كثيرًا منهم اعتنقوا المذاهب الصوفية ، فأنا أرى أن كثيرًا من الأشاعرة الذين تصوَّفوا على طريقة ابن عربي على طريقة التيجاني في العصر الحاضر على طريقة البريليوية ، فنظري أنهم أخسُّ من الخوارج والمعتزلة ، ولا يجوز أن يُحسبوا إذا كانوا بهذه الحالة من الغلوِّ في التصوف الذي فيه أن الأولياء يعلمون الغيب ، يتصرَّفون في الكون ، يُستغاث بهم ، إلى آخره ، إذا ضمُّوا إلى أشعريتهم هذه البدع الخبيثة ، ففي نظري هم شرٌّ من المعتزلة والخوارج ، ولا يجوز أن يُنسبوا إلى السنة بحال من الأحوال ، والله أعلم .
الشيخ : لا ما فيه تعارض ، بس أريد أن ألفت نظر الدكتور ، أنت الآن - بارك الله فيك - لا تتكلم عن مذهب الأشاعرة ، وكلامنا في مذهب الأشاعرة ، أنت تتكلم عن أفراد منهم ، ونحن موضوعنا مخصوص بمذهب الأشاعرة ، مذهب الأشاعرة كمذهب هل هو مذهب صوفي ؟ الجواب لا ، لكن ألا يوجد في الأشاعرة صوفيون ومتحزِّبون ومتعصِّبون لابن عربي ؟ الجواب نعم ، لكن - أيضًا - يأتي سؤال ثاني تُرى الماتريدية لا يوجد فيهم من هو صوفي - أيضًا - ؟ الجواب نعم يوجد ، لكن هل من مذهب الماتريدية في العقيدة التصوف ؟ الجواب لا ، فإذًا يجب أن نحدِّد الكلام حينما نتحدَّث عن مذهب طائفة من المسلمين نصفهم بما فيه ، أما أفراد من المسلمين هؤلاء لهم انحرافات أخرى ، لا نقول هذا مذهب الطائفة التي ينتمي إليها ، يعني مثلًا الآن ؛ ألا يوجد في من يدَّعي السلفية يرتكب مخالفات شرعية ؟
السائل : بلى .
الشيخ : لا بد أنه يوجد شيء من ذلك ، لكن ارتكابهم لمثل هذه المخالفات لا يصح أن ينسب إلى المذهب السلفي .
سائل آخر : لا بس السلفي لا يتديَّن بهذا الباطل الذي ارتكبه ، يرى أنه فسق وحرام !
الشيخ : صحيح صحيح .
سائل آخر : لكن هذا يتديَّن بهذه الطرق الضالة على أنها دين .
الشيخ : هو - بارك الله فيك - القصد يعني هل هذا مذهب أم هذا تصرُّف فرد من الأفراد أو أفراد ؟
سائل آخر : لا صارت مذاهب ، صار التصوف مذاهب .
الشيخ : لا نتكلَّم عن التصوف ، نتكلم عن الأشعرية كمذهب ؛ هل هو صوفي ؟ الجواب لا ، أم هل يوجد في الأشاعرة متصوفة ؟ نعم يوجد ، هذا هو ينبغي .
سائل آخر : لا أنا أقول هذه التساؤلات منشؤها أن بعض الناس يجمِّعون هذه الجماعات ، ويريدون أن يعدُّوهم من أهل السنة ولو كانوا صوفية ، ويقول إن هذه الجماعة الأشعرية عندنا يعني هم من أهل السنة ؛ فلا نتكلم عليهم ، فلا نفرِّق في المسجد ، ويضيع المسلمين ؟
الشيخ : شوف يا دكتور .
سائل آخر : يريدوا أن يصبغوا هؤلاء بصبغة أهل السنة ، دون أن يعني يتركوا مجالًا للناقد والمتكلم والداعي إلى ما عندهم - بارك الله فيك - .
الشيخ : خلِّينا نقول كلمة سواء ، الآن هل يصح أن نقول إن المتصوفة من أهل السنة ؟
سائل آخر : يقولوا من أهل السنة .
الشيخ : لا ليسوا ، نحن هل يجوز لنا أن نقول عن المتصوفة إنهم من أهل السنة ؟ العرف يعني المعروف عند المسلمين أن الصوفية هم مذهبهم مذهب أهل السنة ؟
سائل آخر : فيه كثير من الصوفية عدَّهم ابن تيمية أنهم من أهل السنة .
الشيخ : نحن نتكلم عن الجماعة ما بنتكلم عن الأفراد ، بتكلم عن الجماعة الصوفية مذهبهم مذهب أهل السنة ؟ الجواب لا ، أمَّا يوجد أفراد منهم متمسِّكون بالسنة ؟ ممكن أن يوجد هذا ، كذلك الأشاعرة ؛ هل الأشاعرة كمذهب هو من مذاهب أهل السنة أم لا ؟ الجواب : قلنا آنفًا هم في بعض ما يذهبون إليه يوافقون أهل السنة ، وفي البعض الآخر يخالفون أهل السنة ، ويلتقون مع المعتزلة ، أما أن يوجد في هؤلاء الأشاعرة صوفية ؛ هذا تصرف شخصي وليس هو تبنِّي مذهبي ، ليس من مذهب الأشاعرة هذا ، إنما هو أمر يطرأ على الأفراد ، كما قلنا آنفًا : إن بعض السلفيين يتصرَّفون بتصرفات تخالف الشريعة ؛ فما نقول هذا مذهب السلفيين ، إنما هذا تصرف أفراد منهم .
سائل آخر : شيخ - بارك الله فيك - ، الآن هذه أمور منهجية ، ما هي تصرفات أفراد ، الآن لا تجد ... نيوبندي أو برويلي إلا وهو صوفي ، هذا الشيخ عبد الصمد والإخوان يعرفونهم ، لا تجد - مثلًا - في المغرب غير سلفي إلا وهو على طريقة أشعري صوفي في نفس الوقت ، نادر من ينجو من حبائل الصوفية من الأشعرية .
الشيخ : يا شيخ - بارك الله فيك - ، في الفقه الحنفي أن الصوفية إذا ذكروا الله في مكان وجب حفر هذا المكان ، وإخراج التراب إلى الخارج ، هؤلاء أحناف ، هؤلاء ماتوريدية ، ومع ذلك فهم ضد الأشاعرة - عفوًا - ضد الصوفية ، وقال قائلهم :
" أيا جيل ابتداع شر جيل *** لقد جئتم بأمر مستحيلِ
أفي القرآن قال لكم إلهي *** كلوا مثل البهائم وارقصوا لي ؟! "
وأحد هؤلاء الحنفية - وهو الشيخ محمد إبراهيم الحلبي - ألَّف رسالة في الرد على هؤلاء ، عنوانها يغنيك عن مضمونها " الرهص والوقص لمستحلِّي الرقص " ، يعني الذكر ، فهؤلاء أحناف ، وهم يحاربون الصوفية أشدَّ محاربة ، لكن يوجد منهم من هو صوفي ، أنا بقول لك يوجد ، لكن ليس مذهبًا لهم ، والدي - مثلًا - حنفي - مع الأسف - متعصِّب ، وربما بلغكم ما كان يقع بيني وبينه ، لكن ماكان صوفيًّا ، كان عنده انحرافات طبعًا تميل إلى البدعة وما شابه ذلك ، لكن ماكان صوفيًّا ، فإذًا هذه تصرفات فردية ، وليست نابعة من نفس المذهب ، مَن كان أشعريًّا فلا بد أن من لوازمه مثلًا أن يؤوِّل مثلًا الرحمن على العرش استوى ، هذا مذهبه ، لكن من كان أشعريًّا ؛ ليس بالضروري أن يكون صوفيًّا ؛ لأن هذا ليس من لوازم المذهب .
الشيخ : نحن نقول الأشاعرة مع أهل السنة في بعض الأفكار والعقائد ، وليسوا معهم في كثير منها ، وفي اعتقادي أن مثل هذا القول بالتفصيل في مثل هذه المسألة لا يفيدنا لا قليلًا ولا كثيرًا ؛ لأننا إن قلنا إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة مطلقًا ، أو قلنا إنهم من أهل السنة مطلقًا ، أو جئنا بالتفصيل الذي يشهد له الواقع ؛ ما هو المقصود من النفي والإثبات ؟ إذا قلنا إن الأشاعرة ليسوا من أهل السنة ؛ فسنقيم مقامهم ناس نقطع بأنهم ليسوا من أهل السنة ؛ ألا وهم المعتزلة مثلًا ، المعتزلة لا يختلف فيهم اثنان ولا ينتطح فيهم عنزان ، أنهم ليسوا من أهل السنة ، هَيْ اتفقنا في طائفة من الفرق الإسلامية أنهم ليسوا من أهل السنة ، ألا وهم المعتزلة ، ما الفرق حينئذٍ بين من اتفقنا على أنهم ليسوا من أهل السنة ، وبين من قد نختلف فنقول إنهم من أهل السنة مطلقًا ، أو إنهم ليسوا من أهل السنة مطلقًا ، أو - كما أعتقد أنا وأراه واقعًا - إنهم في بعض المسائل من أهل السنة ، وفي بعض المسائل من أهل الاعتزال ؛ ما ثمرة هذا الاختلاف ؟
إن كان المقصود حينما نقول إنهم من أهل السنة أنهم على هدًى من ربهم في كل ما اعتقدوه وما سطَّروه ؛ فهذا خطأ لا شك ولا ريب فيه ، وإن قيل - أيضًا - بأنهم هكذا مطلقًا في الطرف المقابل إنهم ليسوا من أهل السنة ، أو إنهم أخطؤوا في كلِّ ما تحدَّثوا به في ما يتعلق بالعقيدة ؛ قلنا - أيضًا - هذا خطأ ، لأنهم يوافقون أهل السنة في كثير من المسائل التي خالف أهلُ السنة فيها أهلَ الاعتزال ، وإذا كان المقصود إذًا هو بيان واقع هذه الطائفة التي تشمل أكثر من عُرفوا بأهل السنة والجماعة ، نفهم المقصود هو تعريف المسلمين بعامة عن واقعهم قربهم وبعدهم من أهل السنة حقًّا ، وعلينا أن نقول بالتفصيل الذي يشهد له الواقع إنهم مع أهل السنة في كثير من إيمانهم بأحاديث الصفات وآيات الصفات ، وإنهم ليسوا معهم في كثير من آيات وأحاديث الصفات أخرى ، حينئذ نكون قد قلنا العدل ، ولم نظلم هؤلاء الناس ، لم نبالغ فيهم ، ولم نتسامح معهم ، ما قلنا إنهم ليسوا من أهل السنة مطلقًا كالمعتزلة ، ولا قلنا إنهم من أهل السنة كأهل الحديث ، وإنما قلنا هم في بعض ما يذهبون إليه مع أهل السنة ، وفي بعض ما يذهبون إليه هم ضدَّ أهل السنة ، وحينئذٍ ما نظلمهم من جهة ، وما نضلِّل الناس بهم إذا قلنا إنهم من أهل السنة ، فسيأخذون بالتأويل الذي ... على الأشاعرة حتى في هذا الزمان ، ففي ذلك إضلال لجماهير المسلمين ، أما إذا توسَّطنا وفهَّمنا الناس واقعهم ؛ فحينذاك جمعنا بين العدل معهم وعدم الظلم ، وبين بيان الحق للنَّاس حتى ما يتورَّطوا ويصبحوا أشاعرة معهم في بعض ما يذهبون إليه من العقائد المخالفة للسنة الصحيحة .
سائل آخر : نقول إنهم من أهل السنة بالمعنى العام وليس بالمعنى الخاص ؟
الشيخ : نعم هكذا أعتقد .
السائل : كان دقيقًا لما قال ليسوا من أهل السنة المحضة .
الشيخ : جميل ، نعم .
سائل آخر : إذا نظرنا للأشاعرة من ناحية العقيدة في الله - تبارك وتعالى - واليوم الآخر وخلق القرآن وما شاكل ذلك ، إذا نظرنا من هذه الزاوية الأشعرية يمكن أن نصنِّفهم بأنهم يشاركوا أهل السنة في كثير من الأشياء ، ويخالفون في الأشياء المعروفة ، لكن المصيبة والبلاء الذي دهى الأشعرية أن كثيرًا منهم اعتنقوا المذاهب الصوفية ، فأنا أرى أن كثيرًا من الأشاعرة الذين تصوَّفوا على طريقة ابن عربي على طريقة التيجاني في العصر الحاضر على طريقة البريليوية ، فنظري أنهم أخسُّ من الخوارج والمعتزلة ، ولا يجوز أن يُحسبوا إذا كانوا بهذه الحالة من الغلوِّ في التصوف الذي فيه أن الأولياء يعلمون الغيب ، يتصرَّفون في الكون ، يُستغاث بهم ، إلى آخره ، إذا ضمُّوا إلى أشعريتهم هذه البدع الخبيثة ، ففي نظري هم شرٌّ من المعتزلة والخوارج ، ولا يجوز أن يُنسبوا إلى السنة بحال من الأحوال ، والله أعلم .
الشيخ : لا ما فيه تعارض ، بس أريد أن ألفت نظر الدكتور ، أنت الآن - بارك الله فيك - لا تتكلم عن مذهب الأشاعرة ، وكلامنا في مذهب الأشاعرة ، أنت تتكلم عن أفراد منهم ، ونحن موضوعنا مخصوص بمذهب الأشاعرة ، مذهب الأشاعرة كمذهب هل هو مذهب صوفي ؟ الجواب لا ، لكن ألا يوجد في الأشاعرة صوفيون ومتحزِّبون ومتعصِّبون لابن عربي ؟ الجواب نعم ، لكن - أيضًا - يأتي سؤال ثاني تُرى الماتريدية لا يوجد فيهم من هو صوفي - أيضًا - ؟ الجواب نعم يوجد ، لكن هل من مذهب الماتريدية في العقيدة التصوف ؟ الجواب لا ، فإذًا يجب أن نحدِّد الكلام حينما نتحدَّث عن مذهب طائفة من المسلمين نصفهم بما فيه ، أما أفراد من المسلمين هؤلاء لهم انحرافات أخرى ، لا نقول هذا مذهب الطائفة التي ينتمي إليها ، يعني مثلًا الآن ؛ ألا يوجد في من يدَّعي السلفية يرتكب مخالفات شرعية ؟
السائل : بلى .
الشيخ : لا بد أنه يوجد شيء من ذلك ، لكن ارتكابهم لمثل هذه المخالفات لا يصح أن ينسب إلى المذهب السلفي .
سائل آخر : لا بس السلفي لا يتديَّن بهذا الباطل الذي ارتكبه ، يرى أنه فسق وحرام !
الشيخ : صحيح صحيح .
سائل آخر : لكن هذا يتديَّن بهذه الطرق الضالة على أنها دين .
الشيخ : هو - بارك الله فيك - القصد يعني هل هذا مذهب أم هذا تصرُّف فرد من الأفراد أو أفراد ؟
سائل آخر : لا صارت مذاهب ، صار التصوف مذاهب .
الشيخ : لا نتكلَّم عن التصوف ، نتكلم عن الأشعرية كمذهب ؛ هل هو صوفي ؟ الجواب لا ، أم هل يوجد في الأشاعرة متصوفة ؟ نعم يوجد ، هذا هو ينبغي .
سائل آخر : لا أنا أقول هذه التساؤلات منشؤها أن بعض الناس يجمِّعون هذه الجماعات ، ويريدون أن يعدُّوهم من أهل السنة ولو كانوا صوفية ، ويقول إن هذه الجماعة الأشعرية عندنا يعني هم من أهل السنة ؛ فلا نتكلم عليهم ، فلا نفرِّق في المسجد ، ويضيع المسلمين ؟
الشيخ : شوف يا دكتور .
سائل آخر : يريدوا أن يصبغوا هؤلاء بصبغة أهل السنة ، دون أن يعني يتركوا مجالًا للناقد والمتكلم والداعي إلى ما عندهم - بارك الله فيك - .
الشيخ : خلِّينا نقول كلمة سواء ، الآن هل يصح أن نقول إن المتصوفة من أهل السنة ؟
سائل آخر : يقولوا من أهل السنة .
الشيخ : لا ليسوا ، نحن هل يجوز لنا أن نقول عن المتصوفة إنهم من أهل السنة ؟ العرف يعني المعروف عند المسلمين أن الصوفية هم مذهبهم مذهب أهل السنة ؟
سائل آخر : فيه كثير من الصوفية عدَّهم ابن تيمية أنهم من أهل السنة .
الشيخ : نحن نتكلم عن الجماعة ما بنتكلم عن الأفراد ، بتكلم عن الجماعة الصوفية مذهبهم مذهب أهل السنة ؟ الجواب لا ، أمَّا يوجد أفراد منهم متمسِّكون بالسنة ؟ ممكن أن يوجد هذا ، كذلك الأشاعرة ؛ هل الأشاعرة كمذهب هو من مذاهب أهل السنة أم لا ؟ الجواب : قلنا آنفًا هم في بعض ما يذهبون إليه يوافقون أهل السنة ، وفي البعض الآخر يخالفون أهل السنة ، ويلتقون مع المعتزلة ، أما أن يوجد في هؤلاء الأشاعرة صوفية ؛ هذا تصرف شخصي وليس هو تبنِّي مذهبي ، ليس من مذهب الأشاعرة هذا ، إنما هو أمر يطرأ على الأفراد ، كما قلنا آنفًا : إن بعض السلفيين يتصرَّفون بتصرفات تخالف الشريعة ؛ فما نقول هذا مذهب السلفيين ، إنما هذا تصرف أفراد منهم .
سائل آخر : شيخ - بارك الله فيك - ، الآن هذه أمور منهجية ، ما هي تصرفات أفراد ، الآن لا تجد ... نيوبندي أو برويلي إلا وهو صوفي ، هذا الشيخ عبد الصمد والإخوان يعرفونهم ، لا تجد - مثلًا - في المغرب غير سلفي إلا وهو على طريقة أشعري صوفي في نفس الوقت ، نادر من ينجو من حبائل الصوفية من الأشعرية .
الشيخ : يا شيخ - بارك الله فيك - ، في الفقه الحنفي أن الصوفية إذا ذكروا الله في مكان وجب حفر هذا المكان ، وإخراج التراب إلى الخارج ، هؤلاء أحناف ، هؤلاء ماتوريدية ، ومع ذلك فهم ضد الأشاعرة - عفوًا - ضد الصوفية ، وقال قائلهم :
" أيا جيل ابتداع شر جيل *** لقد جئتم بأمر مستحيلِ
أفي القرآن قال لكم إلهي *** كلوا مثل البهائم وارقصوا لي ؟! "
وأحد هؤلاء الحنفية - وهو الشيخ محمد إبراهيم الحلبي - ألَّف رسالة في الرد على هؤلاء ، عنوانها يغنيك عن مضمونها " الرهص والوقص لمستحلِّي الرقص " ، يعني الذكر ، فهؤلاء أحناف ، وهم يحاربون الصوفية أشدَّ محاربة ، لكن يوجد منهم من هو صوفي ، أنا بقول لك يوجد ، لكن ليس مذهبًا لهم ، والدي - مثلًا - حنفي - مع الأسف - متعصِّب ، وربما بلغكم ما كان يقع بيني وبينه ، لكن ماكان صوفيًّا ، كان عنده انحرافات طبعًا تميل إلى البدعة وما شابه ذلك ، لكن ماكان صوفيًّا ، فإذًا هذه تصرفات فردية ، وليست نابعة من نفس المذهب ، مَن كان أشعريًّا فلا بد أن من لوازمه مثلًا أن يؤوِّل مثلًا الرحمن على العرش استوى ، هذا مذهبه ، لكن من كان أشعريًّا ؛ ليس بالضروري أن يكون صوفيًّا ؛ لأن هذا ليس من لوازم المذهب .
- رحلة الخير - شريط : 3
- توقيت الفهرسة : 01:19:24
- نسخة مدققة إملائيًّا