الجمع بين الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - في ضمير واحد .
A-
A=
A+
السائل : ... الحاكم المسلم في قضايا الخروج عليه ، هذه القضايا مجملها قد - وغيرها كثير مما يتعلق في أمور - قد أجيب عنها في حلق سابقة كستر الوجه مثلًا ، الوجه عورة ، وما يتعلق في وضع اليدين ، كل هذه الأمور قد أُجيب عنها في لقاءات سابقة ، ولذلك فـ - إن شاء الله - يعني حذفنا المكرَّر ، ونحاول - إن شاء الله - في هذه الحلقة - أيضًا - أن نسأل فضيلة الشيخ أسئلة ما سُئلها في لقاءات سابقة .
أول هذه الأسئلة سؤال يقول : هل يجوز الجمع بين الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - في ضمير واحد ؟
الشيخ : أما بالنسبة إلينا ؛ فلا يجوز ، وإن كان وقع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا مثال بعثه الله إليكم تأكيدًا لما ذكرناه آنفًا من وجوب دراسة علم أصول الفقه لكي لا يُشكل على المسلم بعض الأحاديث مع بعض آخر ؛ لقد جاء في حديث مسلم أن خطيبًا خطب بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال في خطبته : (( من يطع الله ورسوله ؛ فقد رشد ، ومن يعصهما ؛ فقد غوى )) فقال - عليه الصلاة والسلام - بئس الخطيب أنت قل : (( من يطع الله ورسوله ؛ فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله ؛ فقد غوى )) ، لا تقل ومن يعصهما فقد غوى ، بينما قد ثبت في غير ما حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد فعل هذا الشيء الذي نهى عنه في هذا الحديث ، ففي الحديث في " الصحيحين " من حديث أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : (( ثلاث من كنَّ فيه فقد وجد طعم الإيمان ، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما )) ؛ أي : هذا الرسول جمع الله والرسول في ضمير واحد ، الذي نهى الخطيب عنه هو نفسه فعله الرسول - عليه السلام - بذاته ؛ فقال : ( من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما ) ، على طريقة تعليمه لذلك الخطيب كان ينبغي أن يقول : من كان الله ورسوله أحبَّ إليه سوى الله والرسول ، من سوى الله والرسول لا يجمعهما في ضمير واحد ؛ فكيف التوثيق ؟ هل هناك تعارض ؟ هنا يتدخَّل ذلك العلم الذي لفتنا نظركم إلى ضرورة دراسته ليساعدكم على التفقه في كتاب الله وفي حديث نبيِّه ، التوفيق بقاعدة بل أكثر من قاعدة أصولية ، يقول الحافظ بن حجر العسقلاني - رحمه الله - في كتابه القيِّم " شرح نخبة الفكر " - هذا في مصطلح حديث ، وهو من أحسن الكتب التي أُلِّفت في هذا العلم ، لطافةَ حجمٍ وغزارةَ علمٍ- يقول فيه : إذا جاء الحديثان من قسم المقبول متعارضان ؛ فما العمل ؟ قال : يجب التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق ، ويختصر هو ؛ لأن كتابه - كما قلنا - جدًّا مكثَّف ، لكن المبسوطات من كتب المصطلح والفقه ذكروا أن هناك أكثر من مائة وجه يُمكن الجمع بوجهٍ منها أو أكثر بين حديثين مقبولين ، يعني ثابتين يُمكن التوفيق بينهما بوجهٍ من تلك الوجوه . إلى آخر كلامه ولست الآن في صدده ، إنما قال أولًا يجب التوفيق بين الحديثين المتعارضين ، الآن هنا بماذا نوثق ؟ نرجع إلى القواعد الأصولية ؛ فنجدهم يقولون : إذا جاء نصَّان متعارضان أحدهما مُبيح والآخر حاظرٌ - يعني محرِّم مانع - ؛ حينئذ يُقدَّم الحاظر على المبيح ، المانع يُقدَّم النَّصُّ المانع على النَّصِّ المبيح ، الآن النص المانع هنا هو هذا الخطاب الذي وجَّهه الرسول - عليه السلام - للخطيب وقال له : ( بئس الخطيب أنت ) ، وقال له : كيف ينبغي أن يفصل ويُظهر المضمرين باسميهما ، ولا يجمعها تحت ضمير واحد فقال له : ( قل : ومن يعصِ الله ورسوله ؛ فقد غوى ) ، بينما في حديث : ( ثلاثة من كنَّ فيه ) قد جمع الرسول - عليه السلام - هذا الجمع يدل على ماذا ؟ يدل على الإباحة ، لو لم يأت حديث الخطيب ؛ وعندنا هذا الحديث الذي فيه جمع الرسول - عليه السلام - بين الله ورسوله ؛ لَقُلنا إنه جائز ؛ لأن الرسول فعل ذلك ، لكن ما دام وُجد معارض له من حيث الحكم ؛ الحديث الذي فعله الرسول مبيح ، أي : مجيز لهذا الفعل بطبيعة الحال ، ولكن الحديث الآخر حاظر ومانع ؛ فيُقدَّم الحاظر على المبيح ، هذه قاعدة أسلوبية ، خذوا هذه وسترون أنكم تستريحون كثيرًا في مئات الأحاديث التي قد تشكل على بعضكم .
كذلك هناك قاعدة أخرى ؛ إذا جاء فعل عن الرسول - عليه السلام - ، وقولٌ يُخالف فعلَه ؛ حينئذٍ ندع الفعل له ونأخذ بقوله ؛ لمَ ؟ لأنَّ قوله تشريع للأمة ، تشريع عام للأمة ، أما فعله فيتحمل أن يكون خصوصية له ، والواقع أن الأمر كذلك في هذا المثال ، ذلك أن نهي الرسول - عليه السلام - ذلك الخطيب عن قوله : " ومن يعصِ الله ، ومن يعصهما قد غوى " هو خشية أن يكون يقصد تعظيم الرسول - عليه السلام - الذي جمعه مع الله بضمير واحد ، فيكون ذلك ذريعة إلى الغلوِّ ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - غلوًّا نهى عنه ربُّنا في القرآن ، وهو نفسه - عليه الصلاة السلام - في غير ما حديث ، إذا كان هذا هو السبب في نهيه - عليه السلام - أمته ذلك ، أما هو ... .
أول هذه الأسئلة سؤال يقول : هل يجوز الجمع بين الله والرسول - صلى الله عليه وسلم - في ضمير واحد ؟
الشيخ : أما بالنسبة إلينا ؛ فلا يجوز ، وإن كان وقع ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا مثال بعثه الله إليكم تأكيدًا لما ذكرناه آنفًا من وجوب دراسة علم أصول الفقه لكي لا يُشكل على المسلم بعض الأحاديث مع بعض آخر ؛ لقد جاء في حديث مسلم أن خطيبًا خطب بين يدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال في خطبته : (( من يطع الله ورسوله ؛ فقد رشد ، ومن يعصهما ؛ فقد غوى )) فقال - عليه الصلاة والسلام - بئس الخطيب أنت قل : (( من يطع الله ورسوله ؛ فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله ؛ فقد غوى )) ، لا تقل ومن يعصهما فقد غوى ، بينما قد ثبت في غير ما حديث أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد فعل هذا الشيء الذي نهى عنه في هذا الحديث ، ففي الحديث في " الصحيحين " من حديث أنس ابن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : (( ثلاث من كنَّ فيه فقد وجد طعم الإيمان ، من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما )) ؛ أي : هذا الرسول جمع الله والرسول في ضمير واحد ، الذي نهى الخطيب عنه هو نفسه فعله الرسول - عليه السلام - بذاته ؛ فقال : ( من كان الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما ) ، على طريقة تعليمه لذلك الخطيب كان ينبغي أن يقول : من كان الله ورسوله أحبَّ إليه سوى الله والرسول ، من سوى الله والرسول لا يجمعهما في ضمير واحد ؛ فكيف التوثيق ؟ هل هناك تعارض ؟ هنا يتدخَّل ذلك العلم الذي لفتنا نظركم إلى ضرورة دراسته ليساعدكم على التفقه في كتاب الله وفي حديث نبيِّه ، التوفيق بقاعدة بل أكثر من قاعدة أصولية ، يقول الحافظ بن حجر العسقلاني - رحمه الله - في كتابه القيِّم " شرح نخبة الفكر " - هذا في مصطلح حديث ، وهو من أحسن الكتب التي أُلِّفت في هذا العلم ، لطافةَ حجمٍ وغزارةَ علمٍ- يقول فيه : إذا جاء الحديثان من قسم المقبول متعارضان ؛ فما العمل ؟ قال : يجب التوفيق بينهما بوجهٍ من وجوه التوفيق ، ويختصر هو ؛ لأن كتابه - كما قلنا - جدًّا مكثَّف ، لكن المبسوطات من كتب المصطلح والفقه ذكروا أن هناك أكثر من مائة وجه يُمكن الجمع بوجهٍ منها أو أكثر بين حديثين مقبولين ، يعني ثابتين يُمكن التوفيق بينهما بوجهٍ من تلك الوجوه . إلى آخر كلامه ولست الآن في صدده ، إنما قال أولًا يجب التوفيق بين الحديثين المتعارضين ، الآن هنا بماذا نوثق ؟ نرجع إلى القواعد الأصولية ؛ فنجدهم يقولون : إذا جاء نصَّان متعارضان أحدهما مُبيح والآخر حاظرٌ - يعني محرِّم مانع - ؛ حينئذ يُقدَّم الحاظر على المبيح ، المانع يُقدَّم النَّصُّ المانع على النَّصِّ المبيح ، الآن النص المانع هنا هو هذا الخطاب الذي وجَّهه الرسول - عليه السلام - للخطيب وقال له : ( بئس الخطيب أنت ) ، وقال له : كيف ينبغي أن يفصل ويُظهر المضمرين باسميهما ، ولا يجمعها تحت ضمير واحد فقال له : ( قل : ومن يعصِ الله ورسوله ؛ فقد غوى ) ، بينما في حديث : ( ثلاثة من كنَّ فيه ) قد جمع الرسول - عليه السلام - هذا الجمع يدل على ماذا ؟ يدل على الإباحة ، لو لم يأت حديث الخطيب ؛ وعندنا هذا الحديث الذي فيه جمع الرسول - عليه السلام - بين الله ورسوله ؛ لَقُلنا إنه جائز ؛ لأن الرسول فعل ذلك ، لكن ما دام وُجد معارض له من حيث الحكم ؛ الحديث الذي فعله الرسول مبيح ، أي : مجيز لهذا الفعل بطبيعة الحال ، ولكن الحديث الآخر حاظر ومانع ؛ فيُقدَّم الحاظر على المبيح ، هذه قاعدة أسلوبية ، خذوا هذه وسترون أنكم تستريحون كثيرًا في مئات الأحاديث التي قد تشكل على بعضكم .
كذلك هناك قاعدة أخرى ؛ إذا جاء فعل عن الرسول - عليه السلام - ، وقولٌ يُخالف فعلَه ؛ حينئذٍ ندع الفعل له ونأخذ بقوله ؛ لمَ ؟ لأنَّ قوله تشريع للأمة ، تشريع عام للأمة ، أما فعله فيتحمل أن يكون خصوصية له ، والواقع أن الأمر كذلك في هذا المثال ، ذلك أن نهي الرسول - عليه السلام - ذلك الخطيب عن قوله : " ومن يعصِ الله ، ومن يعصهما قد غوى " هو خشية أن يكون يقصد تعظيم الرسول - عليه السلام - الذي جمعه مع الله بضمير واحد ، فيكون ذلك ذريعة إلى الغلوِّ ، فالرسول - عليه الصلاة والسلام - غلوًّا نهى عنه ربُّنا في القرآن ، وهو نفسه - عليه الصلاة السلام - في غير ما حديث ، إذا كان هذا هو السبب في نهيه - عليه السلام - أمته ذلك ، أما هو ... .
- فتاوى الكويت - شريط : 9
- توقيت الفهرسة : 00:37:06
- نسخة مدققة إملائيًّا