حكم قضاء السنن الرواتب .
A-
A=
A+
السائل : شيخ ، في من السنن ما تقضى ؟
الشيخ : كيف ؟ في من السنن إيش ؟
السائل : السنن السنن ، الصلاة .
الشيخ : فهمت ، بس الكلمة الثانية ما فهمتها ؟
السائل : انقضى يعني ، بعد فوات وقتها .
الشيخ : آ ، في من السنن تقضى تقول ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : القول في السنن الرواتب قضاءً ونفيًا للقضاء كالقول في الفرائض ، فإذا كان عندك علم سابق بالتفصيل المتعلِّق بقضاء الصلوات الفرائض فانقله - أيضًا - إلى السنن الرواتب ، فإن كان لم يسبق لك أن سمعت أو قرأت ؛ فلا بد حينئذٍ لي من البيان ، قطعًا ستقول بيِّن ولو كنتَ على علم !
فالسنن الرواتب مربوطة بالفرائض ، فإذا المسلم تعمَّد إخراج صلاة من الصلوات الخمس عن وقتها تعمَّد ذلك عامدًا متعمِّدًا ، حينئذٍ لا سبيل له إلى قضائها ، لا الفرض ولا السنة ، مثلًا الظهر لم يصلِّها في الوقت وهو ذاكر وغير نائم ، بل هو مستيقظ ، ولكن ألهته الدُّنيا عن طاعة الله - عز وجل - والقيام إلى عبادته في الوقت المشروع حتى دخل الوقت الثاني ، فهنا لا يستطيع شرعًا - وإن كان يستطيع عملًا - أن يصلي السنة القبلية ثم الفريضة ثم السنة البعدية ، لا مجال له أن يصلي شرعًا ؛ لأن هذه الصلاة سينوي فيها سنة الظهر القبلية ، ثم سنة الظهر البعدية ، ثم الفريضة بينهما ؛ فهو يصلي ذلك في وقت العصر ، كيف يكون سنة الظهر ، وفرض الظهر ، وسنة الظهر ؟ هذا نيَّته تُصادم الواقع ، سيقول نعم ، بس أنا أصلِّي قضاءً ، نقول القضاء في لغة الشرع هو بمعنى الأداء ، وإنما القضاء بمعنى أداء العبادة في غير وقتها هو اصطلاح فقهي متأخر ، وإلا فالقضاء هو بمعنى الأداء ، وذلك صريح في أكثر من آية ، فكلُّكم يذكر قول الله - عز وجل - في يوم الجمعة في صلاة الجمعة : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) ، هل يعني قُضيت الصلاة خارج وقتها أم يعني في وقتها ؟ لا شكَّ أن هذا الثاني هو المقصود بصريح الآية نفسها ؛ (( يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعَوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) ، فإذا قُضيت الصلاة بعد أن سمعتم النداء ، وحضرتم الذكر والخطبة ثم الصلاة (( فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) ، فهذا لفظ للقضاء فيه أنَّ المقصود به هو الأداء تمامًا ، وكذلك آيات أخرى ، منها قوله - تبارك وتعالى - : (( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا )) ، (( قضيتم مناسككم )) ليس المعنى أنكم حججتم والناس راجعة ، يقولون عندنا مثل في الشام : " فلان حجَّ والناس راجعة " ، يعني ما حج ! فالمقصود بالآية واضح ، إذا انتهيتم من قضاء المناسك ؛ أي أدائها في أوقاتها المعروفة شرعًا ؛ فلا تغفلوا عن ذكر الله ، بل اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا .
وهذا التفريق بين معنى اللفظ شرعًا وبين معناه اصطلاحًا أمر هام جدًّا بالنسبة للنصوص الشرعية ؛ لأنُّو في كثير من الأحيان تُفسَّر النصوص الشرعية بالمصطلحات الفقهية الطارئة ، فيخرج عن المعنى الذي أراده الله - عز وجل - أو نبيه - عليه الصلاة والسلام - ، والأمثلة في هذا غير قليلة ، وأكتفي الآن بذكر مثال واحد ، وهي أو هو مما جرى فيه الخلاف مع الأسف بين بعض المذاهب بسبب الغفلة عن كون المُراد في لفظ من الألفاظ التي جاءت في الحديث الآتي المعنى الشرعي ، ففهمه البعض أو فسَّره بالمعنى الاصطلاحي ، مثلًا إذا دخل الداخل المسجد ، فوجد الإمام في الركعة الثانية ، وهبْ أن الصلاة ثنائيَّة ، فإذا قام هذا المسبوق بالركعة الأولى ؛ هل يقرأ دعاء الاستفتاح أم لا يقرأ دعاء الاستفتاح ؟ كذلك إذا دخل في صلاة المغرب ثلاثية ، وأدرك منها ركعة واحدة وراء الإمام ، فقام ؛ هل يجهر بالركعتين أم يجهر بركعة واحدة ؟ الجواب : فيه خلاف ، وسأذكر لكم سبب الخلاف ، منهم من يقول أنَّ ما أدرك من صلاته وراء الإمام هي أوَّل صلاته .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
وعلى هذا فإذا قام فهو يتمِّم الصلاة ، فما دام أنه أدرك الركعة الأولى في الثُّنائية ، فحينما يأتي بالركعة فإنما هي الثانية ، وحينئذٍ ليس هناك دعاء استفتاح ، وفي الصورة والمثال الثاني صلاة المغرب قد أدرك الركعة الأخيرة من صلاة المغرب ، فإذا قام قرأ الفاتحة لم يستفتح ، قرأ الفاتحة والسورة ، وجهر ثم جلس للتشهد ، ثم قام للركعة الثالثة ؛ لم ؟ لأنُّو ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي أوَّل صلاته ، وهذا مذهب الجمهور ، مذهب الحنفيَّة على العكس من ذلك تمامًا ، يقولون : ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي آخر صلاته ، وما سيقوم هو إليه من بقية الصلاة فهي أول صلاته ، ولذلك يختلف الحكم عندهم بالنسبة للصورتين السابقتين تمامًا ، ففي صلاة الفجر يقوم ويقرأ دعاء الإستفتاح والفاتحة ، ويقرأ سورة ؛ لأنُّو هذه أول الصلاة ، في المثال الثاني صلاة المغرب يقوم - أيضًا - يقرأ دعاء الاستفتاح والسورة ويركع ويسجد ، ثم يقوم للركعة الثانية ؛ لأنُّو هذه أول صلاته ، فيقرأ - أيضًا - الفاتحة والسورة جهرًا ، ما سبب هذا الخلاف وفيه تفريعات أخرى ؟ اختلافهم في فهم قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ، ولا تأتوها وأنتم تسعَون ، فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا ) ، تمسَّك بهذا الحديث الجمهور ، حيث صرَّح الرسول بأنُّو ما سيأتي من الصلاة بعد انفكاكه من الإمام سمَّاه تمامًا ، فقال : ( فأتمِّوا ) ، وأجاب الحنفية بقولهم أن المقصود هنا إتمام الصلاة على طريقة القضاء ، بدليل أن هناك رواية وهي صحيحة فعلًا : ( ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا ) ، هنا الشاهد ، فسَّروا القضاء هنا بالمعنى الفقهي ، لكننا لو تذكرنا الآيات السابقة لوجدنا أن قول الرسول - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) هي بمعنى قوله في الرواية الأولى : ( فأتموا ) ، والأصل - كما هو مقرَّر في علم أصول الحديث وأصول الفقه - إذا جاء حديثان بلفظين أو روايتين يبدو بينهما الاختلاف ؛ فلا بد من التوفيق بينهما ، وأحسن توفيق هو أن نوفِّق بين اللفظين اللذين هما في لغة العرب لفظان مترادفان ، ولا ننصب الخلاف بينهما والتنافر بينهما ، ( فاقضوا ) قد علمنا بنصوص الآيات أنَّ معناها فأتمُّوا ، إذًا قوله في الرواية الأولى : ( فأتمُّوا ) هو بمعنى قوله - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) ، فانتقل الخبران في الدلالة على المعنى ، والشاهد من هذا هو أننا يجب أن نتنبَّه للاصطلاحات ، ولا نعتبرها أنها أصل في اللغة العربية نفسِّر بها النصوص الشرعية .
الشيخ : كيف ؟ في من السنن إيش ؟
السائل : السنن السنن ، الصلاة .
الشيخ : فهمت ، بس الكلمة الثانية ما فهمتها ؟
السائل : انقضى يعني ، بعد فوات وقتها .
الشيخ : آ ، في من السنن تقضى تقول ؟
السائل : إي نعم .
الشيخ : القول في السنن الرواتب قضاءً ونفيًا للقضاء كالقول في الفرائض ، فإذا كان عندك علم سابق بالتفصيل المتعلِّق بقضاء الصلوات الفرائض فانقله - أيضًا - إلى السنن الرواتب ، فإن كان لم يسبق لك أن سمعت أو قرأت ؛ فلا بد حينئذٍ لي من البيان ، قطعًا ستقول بيِّن ولو كنتَ على علم !
فالسنن الرواتب مربوطة بالفرائض ، فإذا المسلم تعمَّد إخراج صلاة من الصلوات الخمس عن وقتها تعمَّد ذلك عامدًا متعمِّدًا ، حينئذٍ لا سبيل له إلى قضائها ، لا الفرض ولا السنة ، مثلًا الظهر لم يصلِّها في الوقت وهو ذاكر وغير نائم ، بل هو مستيقظ ، ولكن ألهته الدُّنيا عن طاعة الله - عز وجل - والقيام إلى عبادته في الوقت المشروع حتى دخل الوقت الثاني ، فهنا لا يستطيع شرعًا - وإن كان يستطيع عملًا - أن يصلي السنة القبلية ثم الفريضة ثم السنة البعدية ، لا مجال له أن يصلي شرعًا ؛ لأن هذه الصلاة سينوي فيها سنة الظهر القبلية ، ثم سنة الظهر البعدية ، ثم الفريضة بينهما ؛ فهو يصلي ذلك في وقت العصر ، كيف يكون سنة الظهر ، وفرض الظهر ، وسنة الظهر ؟ هذا نيَّته تُصادم الواقع ، سيقول نعم ، بس أنا أصلِّي قضاءً ، نقول القضاء في لغة الشرع هو بمعنى الأداء ، وإنما القضاء بمعنى أداء العبادة في غير وقتها هو اصطلاح فقهي متأخر ، وإلا فالقضاء هو بمعنى الأداء ، وذلك صريح في أكثر من آية ، فكلُّكم يذكر قول الله - عز وجل - في يوم الجمعة في صلاة الجمعة : (( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض )) ، هل يعني قُضيت الصلاة خارج وقتها أم يعني في وقتها ؟ لا شكَّ أن هذا الثاني هو المقصود بصريح الآية نفسها ؛ (( يا أيها الذين آمنوا إذا نُودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعَوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )) ، فإذا قُضيت الصلاة بعد أن سمعتم النداء ، وحضرتم الذكر والخطبة ثم الصلاة (( فإذا قُضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )) ، فهذا لفظ للقضاء فيه أنَّ المقصود به هو الأداء تمامًا ، وكذلك آيات أخرى ، منها قوله - تبارك وتعالى - : (( فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا )) ، (( قضيتم مناسككم )) ليس المعنى أنكم حججتم والناس راجعة ، يقولون عندنا مثل في الشام : " فلان حجَّ والناس راجعة " ، يعني ما حج ! فالمقصود بالآية واضح ، إذا انتهيتم من قضاء المناسك ؛ أي أدائها في أوقاتها المعروفة شرعًا ؛ فلا تغفلوا عن ذكر الله ، بل اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرًا .
وهذا التفريق بين معنى اللفظ شرعًا وبين معناه اصطلاحًا أمر هام جدًّا بالنسبة للنصوص الشرعية ؛ لأنُّو في كثير من الأحيان تُفسَّر النصوص الشرعية بالمصطلحات الفقهية الطارئة ، فيخرج عن المعنى الذي أراده الله - عز وجل - أو نبيه - عليه الصلاة والسلام - ، والأمثلة في هذا غير قليلة ، وأكتفي الآن بذكر مثال واحد ، وهي أو هو مما جرى فيه الخلاف مع الأسف بين بعض المذاهب بسبب الغفلة عن كون المُراد في لفظ من الألفاظ التي جاءت في الحديث الآتي المعنى الشرعي ، ففهمه البعض أو فسَّره بالمعنى الاصطلاحي ، مثلًا إذا دخل الداخل المسجد ، فوجد الإمام في الركعة الثانية ، وهبْ أن الصلاة ثنائيَّة ، فإذا قام هذا المسبوق بالركعة الأولى ؛ هل يقرأ دعاء الاستفتاح أم لا يقرأ دعاء الاستفتاح ؟ كذلك إذا دخل في صلاة المغرب ثلاثية ، وأدرك منها ركعة واحدة وراء الإمام ، فقام ؛ هل يجهر بالركعتين أم يجهر بركعة واحدة ؟ الجواب : فيه خلاف ، وسأذكر لكم سبب الخلاف ، منهم من يقول أنَّ ما أدرك من صلاته وراء الإمام هي أوَّل صلاته .
السائل : السلام عليكم .
الشيخ : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
وعلى هذا فإذا قام فهو يتمِّم الصلاة ، فما دام أنه أدرك الركعة الأولى في الثُّنائية ، فحينما يأتي بالركعة فإنما هي الثانية ، وحينئذٍ ليس هناك دعاء استفتاح ، وفي الصورة والمثال الثاني صلاة المغرب قد أدرك الركعة الأخيرة من صلاة المغرب ، فإذا قام قرأ الفاتحة لم يستفتح ، قرأ الفاتحة والسورة ، وجهر ثم جلس للتشهد ، ثم قام للركعة الثالثة ؛ لم ؟ لأنُّو ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي أوَّل صلاته ، وهذا مذهب الجمهور ، مذهب الحنفيَّة على العكس من ذلك تمامًا ، يقولون : ما أدرك من الصلاة وراء الإمام هي آخر صلاته ، وما سيقوم هو إليه من بقية الصلاة فهي أول صلاته ، ولذلك يختلف الحكم عندهم بالنسبة للصورتين السابقتين تمامًا ، ففي صلاة الفجر يقوم ويقرأ دعاء الإستفتاح والفاتحة ، ويقرأ سورة ؛ لأنُّو هذه أول الصلاة ، في المثال الثاني صلاة المغرب يقوم - أيضًا - يقرأ دعاء الاستفتاح والسورة ويركع ويسجد ، ثم يقوم للركعة الثانية ؛ لأنُّو هذه أول صلاته ، فيقرأ - أيضًا - الفاتحة والسورة جهرًا ، ما سبب هذا الخلاف وفيه تفريعات أخرى ؟ اختلافهم في فهم قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أتيتم الصلاة فأتوها وعليكم السكينة والوقار ، ولا تأتوها وأنتم تسعَون ، فما أدركتم فصلُّوا ، وما فاتكم فأتمُّوا ) ، تمسَّك بهذا الحديث الجمهور ، حيث صرَّح الرسول بأنُّو ما سيأتي من الصلاة بعد انفكاكه من الإمام سمَّاه تمامًا ، فقال : ( فأتمِّوا ) ، وأجاب الحنفية بقولهم أن المقصود هنا إتمام الصلاة على طريقة القضاء ، بدليل أن هناك رواية وهي صحيحة فعلًا : ( ما أدركتم فصلوا ، وما فاتكم فاقضوا ) ، هنا الشاهد ، فسَّروا القضاء هنا بالمعنى الفقهي ، لكننا لو تذكرنا الآيات السابقة لوجدنا أن قول الرسول - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) هي بمعنى قوله في الرواية الأولى : ( فأتموا ) ، والأصل - كما هو مقرَّر في علم أصول الحديث وأصول الفقه - إذا جاء حديثان بلفظين أو روايتين يبدو بينهما الاختلاف ؛ فلا بد من التوفيق بينهما ، وأحسن توفيق هو أن نوفِّق بين اللفظين اللذين هما في لغة العرب لفظان مترادفان ، ولا ننصب الخلاف بينهما والتنافر بينهما ، ( فاقضوا ) قد علمنا بنصوص الآيات أنَّ معناها فأتمُّوا ، إذًا قوله في الرواية الأولى : ( فأتمُّوا ) هو بمعنى قوله - عليه السلام - في الرواية الأخرى : ( فاقضوا ) ، فانتقل الخبران في الدلالة على المعنى ، والشاهد من هذا هو أننا يجب أن نتنبَّه للاصطلاحات ، ولا نعتبرها أنها أصل في اللغة العربية نفسِّر بها النصوص الشرعية .
- فتاوى الكويت - شريط : 8
- توقيت الفهرسة : 00:29:08
- نسخة مدققة إملائيًّا