هل هناك ضابط لمعرفة الأصول من غيرها أم نقول أن الشرع كله أصول.؟
A-
A=
A+
السائل : في الإجابة عن عدم القيام للداخل من الأصول لأنه فهم للصحابة لتوقير الرسول عليه الصلاة والسلام ، السؤال هل هناك ضابط بمعرفة الأصول من غيرها أم أننا نستطيع أن نقول أن الشرع كله أصول ؟
الشيخ : لا هذه مسألة اصطلاحية محضة لكن كأنه أشكل علي ما قلت آنفاً ، أعد علي حتى أستوعب السؤال ثم أتبين هل هو صحيح أم ليس بصحيح ؟
السائل : قال بعض المشايخ الأفاضل في حضرتكم في جلسة علم عدم القيام للداخل من الأصول لأنه فهم الصحابة لتوقير الرسول ؟
الشيخ : هذا تعبير إذا كان روعي فيه الاصطلاح العلمي هذه مسألة فرعية وليست مسألة أصولية لكن لعل الناقل أو السامع أو الناطق تساهل هذا أو ذاك إما في التعبير أو في الفهم ، فأنا أقول الآن إن مسألة القيام للداخل هي مسألة فرعية في اصطلاح العلماء وليست أصولية لأنهم يعنون بالأصول هي القواعد وتارة يعنون بالأصول العقائد ، ثم في الحالة الأولى حينما يعنون بالأصول القواعد فيعنون بما يقابلها بقولهم الفروع وإذا عنوا بالأصول العقائد فيعنون بما يقابلها الأحكام ، فمسألتنا هذه هي ليست من الأصول على الاصطلاحين لا هو قاعدة ولا هي عقيدة وإنما هو فرع ثم هو حكم ، لكن لعل الذي قال أنه من الأصول العلمية أنه ينبغي علينا حينما نفسر حديثاً ما كما جاء في سؤال الأخ آنفا ، أن يفسر هذا الحديث على ضوء فهم السلف وتطبيق السلف إياه , فأظن أن كلمة الأصول جاءت في مثل هذه المناسبة لا أن المسألة نفسها وهو عدم القيام للداخل هي من الأصول ، لا لكن طريقة فهمها أنه لا يشرع القيام للداخل هو الرجوع إلى أصل من أصول الشريعة وهو فهم هذه الأصول من الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الصالح ولذلك نحن نلح إلحاحاً حاراً على كل الدعاة الإسلاميين حقاً المتمسكين بالكتاب والسنة صدقاً أن لا يكتفوا في الدعوة إلى الكتاب والسنة دون أن يضموا إلى ذلك قولهم وعلى منهج السلف الصالح ، ذلك لأنني قلت مراراً وتكراراً وأعتقد أن هذا أمر لازم جداً جداً لكل داعية مسلم حقاً وهو أنه في كل الفرق التي شملها حديث الفرق أي الاثنين وسبعين فرقة الهالكة لا يوجد فيها فرقة تقول نحن لسنا على الكتاب والسنة ، كل فرقة من هذه الفرق تقول نحن على الكتاب والسنة ، إذاً ماهو الفرق الجوهري بين هذه الفرق التي تلتقي مع الفرقة الناجية في أنهم أيضاً يتمسكون بالكتاب والسنة ؟ الفرق وكما قال الشاعر :
" فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بما فيه ينضح "
، الفرق هو أنك لا تجد حتى اليوم فرقة من تلك الفرق تقول نحن على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح إلا الفرقة الناجية ، فهي التي تميزت منهجاً وتطبيقاً بالانتماء إلى السلف الصالح ونحن نقول هذا ليس رأياً اجتهادياً استنباطياً محضا بل هو النص الصريح في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة أما القرآن الكريم فقول رب العالمين: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً )) ولا شك ولا ريب أن أول ما يتبادر إلى الذهن أن المقصود بهذه الكلمة سبيل المؤمنين إنما هم السلف الأول الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنهم خير القرون كما تعلمون في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر عندي وفي بحثي ونقدي ( خير الناس قرني ) ومن الخطأ ما تسمعونه من التعبير بخير القرون ، لا إنما قوله عليه السلام: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) فهؤلاء أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بهذه الشهادة النبوية الطيبة هم الذين يقصدون أول ما يقصد بقوله تعالى: (( سبيل المؤمنين )) طبعاً ويشمل سبيل المؤمنين من ساروا على سبيلهم ونحن نرجو الله عز وجل أن نكون من هؤلاء ، إذا كان الأمر كذلك فينبغي نحن أن نلتزم هذا المنهج دعوة وعملاً وتطبيقاً ولعله ما بلغتكم فيحسن أن أسمعكم مناقشة طريفة جرت بيني وبين من يشترك معنا في ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة ولكن ذهنه كان فارغاً خالياً من ضرورة الضميمة هذه (( سيبل المؤمنين )) ، كان قد زارني في داري و أنزلته ضيفاً عندي لأنني رجوت من الاهتمام به أن يهديه الله عز وجل أن يهدي الله قوماً من ورائه لما كاد الوقت لانصرافه بعد أيام أجريت المحاورة التالية بيني وبينه ، قلت له لو سألك سائل: ما مذهبك ماذا تقول ؟ قال: مسلم ، قلت: هذه حيدة عن الجواب ، مسلم لو سألك ما دينك فيقول: أنا مسلم هذا جواب صحيح لكن السؤال كان ما مذهبك ؟ فحينما تقول: أنا مسلم أعتبرها أنا حيدة ، والدليل أنني سأقول لك: لو أننا سألنا أي طائفة أو أي فرقة من الفرق الضالة التي أنت تعرفها اليوم ، سألناه هذا السؤال وأجابك بهذا الجواب أترضاه منه ؟ اسأل الإباضي واسأل الخارجي والمرجئي والمعتزلي والشيعي والرافضي ووإلى آخره ما مذهبك ؟ فيستعمل التقية معك كما فعلت أنت معي يقول: لك أنا مسلم لكنك لا تقنع بهذا الجواب ، إذاً ما هو الصواب في الجواب ؟ عرف ما وراء الأكمة فأجاب أخيراً لكن بجواب أيضاً غير صحيح ، قال: أنا مسلم على الكتاب والسنة أضاف جملة الكتاب والسنة قلت على التعبير العسكري في بعض البلاد " مكانك راوح " ، تعرفون مكانك راوح ؟ يعني في حركة لكن ما في تقدم ، قال: لم ؟ قلت: لو سألنا أولئك الذين لم ترض جوابهم الذي كان هو جوابك ألا يقولون لك أيضاً كما قلت أنت في المرة الثانية ؟ على الكتاب والسنة يتفتح هو قال: إذاً لا بد من القول على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، هو معنا فكراً ولكن ليس معنا تعبيراً وأسلوباً ، قلت: حسناً الآن اتفقنا من حيث المنهج لكن الآن نريد أن نعبر ، لو عدنا من حيث بدأنا وسألك سائل ما مذهبك ؟ ماذا تقول ؟ قال: أقول على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، قلت: ألا يوجد في اللغة العربية ما يمكننا من تلخيص هذه الجملة الطويلة؟ ، كل ما سألك سائل بدك تعطيه كليشة طويلة ، لو أنا رجل ألباني والعرق دساس فقد أخطئ في التعبير فأنا أستعين بك إذا لخصنا هاي الجملة كلها وسألك سائل ما مذهبك ؟ قلت: أنا سلفي ، ألا يعبر عن هذه العبارة الطويلة ؟ فأقر بهذا الجواب إذا نحن لماذا انتسبنا إلى السلف ؟ ولماذا نسمي أنفسنا بالسلف أو السلفي ؟ لأننا نريد أن نفهم اللناس دعوتنا لفظاً وتطبيقاً ، هذا القيام الذي اعتاده الناس الآن ، كيف نفهمه ؟ نفهمه على ما جرى عليه سلفنا الصالح ، إلى اليوم ما يزال كثير من العلماء يفسرون قوله عليه السلام: ( من أحب أن يمثل له الناس ) وفي لفظ ( أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) في تفسير هذا الحديث قولان , الأول من أحب أن يتمثل له الناس قياماً وهو جالس فعل فارس بعظمائها ، والقول الثاني ، لا ، من أحب إذا دخل مجلساً أن يقوم الناس له قياماً كما لو أمرهم أن يقوموا له فامتثلوا لأمره ، إلى اليوم هذا التفسير بهالوجهين موجود ، إذا جئنا إلى تطبيق الصحابة والرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام لمعنى هذا الحديث كيف كان ؟ إذا قيل بالقول الأول أي هو جالس وهم قيام ، معنى ذلك أنه إذا دخل وقاموا لم يشمله الحديث ، أليس كذلك ؟ أنتم معي أم لستم معي ؟ طيب لكن السلف لم يفهموا الحديث هكذا والدليل أن سبب رواية الصحابي لهذا الحديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً ) ليس لأنه كان جالساً وقاموا أي فعلوا به فعل فارس والروم لعظمائها وإنما روى هذا الحديث حين دخل مجلسا ً كهذا المجلس فقام له بعض الناس فنهاهم عن ذلك ، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) إذاً هذا الصحابي الذي سمع هذا الحديث من الرسول فهمه بالمعنى الثاني وليس بالمعنى الأول وهكذا كانت حياة السلف الصالح لا يعرفون هذا القيام الذي تعرفونه في بلادكم مع أهل العلم والفضل وغيرهم أيضاً ولا أزيد على هذا فهذا القيام لم يكن معروفاً في عهد الرسول عليه السلام بل قد حدثنا بمن صحب النبي عليه الصلاة والسلام عشر سنين يخدمه لله ، قال: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رؤية وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك ". وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو سيد البشر وأصحابه أفضل أصحاب نبي على وجه الأرض فهم أعرف الناس بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) فنبينا هو كبيرهم وهو عالمهم ومع ذلك كان عليه السلام إذا دخل عليهم لا يقومون له فمن سيكون أحق بالقيام منه ؟ ومن سيكون أعرف بحق العلماء من أصحابه ؟ لا هذا ولا هذا ، إذاً نحن أي حديث جاءنا وتأوله العلماء ببعض التآويل نعود في فهمه إلى ما كان عليه سلفنا الصالح هذا أحد الأحاديث وهو ( من أحب يتمثل ... ) في تفسيره قولان ، هناك حديث آخر وظاهره أمس بموضوع هذا القيام وإن كان بعيداً عنه بعد أن يتبين صواب فهمه ، ( قوموا إلى سيدكم ) حديث معاذ فقد ذكره كثير من الشراح والعلماء في أدلة القائلين باستحباب القيام للعالم والإمام النووي رحمه الله له رسالة في هذا الموضوع ويستدل بهذا الحديث وهذا مع الأسف في اعتقادي من زلات العلماء في تفسير بعض النصوص من الناحيتين من ناحية الرواية ومن ناحية الدراية أما الرواية الحديث بلفظ ( قوموا إلى سيدكم ) هو ليس قوموا لسيدكم ، الحديث في صحيح البخاري وغيره ( قوموا إلى سيدكم ) هو ليس بلفظ: قوموا لسيدكم وأظنكم أقول هذا حتى لا نتوسع في البدهيات من الأمور فأقول ، فأقول: نقول بأنكم تفرقون معي أيضاً بين ما عليه رواية الحديث ( قوموا إلى سيدكم ) وبين ما يحرفه بعضهم دون قصد الى قوموا لسيدكم فأنتم معي في الفرق بين التعبيرين بين التعبير الصحيح ( قوموا إلى سيدكم ) وبين التعبير المحرف قوموا لسيدكم أليس كذلك ؟ هناك فرق ظاهر ، وبناءً على هذا الفرق الظاهر الحديث ( قوموا إلى سيدكم ) ليس له علاقة بموضوع الداخل يدخل فيقوم الناس له إكراماً وتعظيماً ، لأن هذا القيام قيام له وليس إليه ، ولهذا نحن نقول: القيام إليه جائز لأن الحديث جاء نصاً صريحاً في ذلك ولكن من الذي يقوم إلى الداخل ؟ أهل المجلس كلهم ؟ إنما يقوم صاحب المجلس فهو الذي يذهب إليه ويستقبله ويجلسه في المنزل أو في المكان المناسب له ، إذا عرفنا هذه الحقيقة ساعدنا معرفنتا لما كان عليه سلفنا الصالح الى أن نفهم هذا الحديث كما جاء ( قوموا إلى سيدكم ) و ليس قوموا لسيدكم وبخاصة أن إمام السنة الإمام أحمد رحمه الله قد روى هذا الحديث في مسنده من رواية السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في قصة طويلة بلفظ: ( قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ) ، هذه الزيادة كما يقولون اليوم في العصر الحاضر تضع النقاط على الحروف وتبطل تأويل الحديث بأنه لإكرام الداخل ويدل ويؤكد أن الأمر إنما قام للذهاب إلى السيد وهو سعد بن معاذ لإنزاله من دابته لأنه كان مريضاً مصاباً في أكحله فإذاً الإنزال هنا للحاجة وليس للإكرام والاحترام على هذا الضوء نفهم نحن القيام هذا أصله ، لكن المسألة هي نفسها ليست أصلاً فهي فرع ، لعل في هذا ما يكفي إن شاء الله .
الشيخ : لا هذه مسألة اصطلاحية محضة لكن كأنه أشكل علي ما قلت آنفاً ، أعد علي حتى أستوعب السؤال ثم أتبين هل هو صحيح أم ليس بصحيح ؟
السائل : قال بعض المشايخ الأفاضل في حضرتكم في جلسة علم عدم القيام للداخل من الأصول لأنه فهم الصحابة لتوقير الرسول ؟
الشيخ : هذا تعبير إذا كان روعي فيه الاصطلاح العلمي هذه مسألة فرعية وليست مسألة أصولية لكن لعل الناقل أو السامع أو الناطق تساهل هذا أو ذاك إما في التعبير أو في الفهم ، فأنا أقول الآن إن مسألة القيام للداخل هي مسألة فرعية في اصطلاح العلماء وليست أصولية لأنهم يعنون بالأصول هي القواعد وتارة يعنون بالأصول العقائد ، ثم في الحالة الأولى حينما يعنون بالأصول القواعد فيعنون بما يقابلها بقولهم الفروع وإذا عنوا بالأصول العقائد فيعنون بما يقابلها الأحكام ، فمسألتنا هذه هي ليست من الأصول على الاصطلاحين لا هو قاعدة ولا هي عقيدة وإنما هو فرع ثم هو حكم ، لكن لعل الذي قال أنه من الأصول العلمية أنه ينبغي علينا حينما نفسر حديثاً ما كما جاء في سؤال الأخ آنفا ، أن يفسر هذا الحديث على ضوء فهم السلف وتطبيق السلف إياه , فأظن أن كلمة الأصول جاءت في مثل هذه المناسبة لا أن المسألة نفسها وهو عدم القيام للداخل هي من الأصول ، لا لكن طريقة فهمها أنه لا يشرع القيام للداخل هو الرجوع إلى أصل من أصول الشريعة وهو فهم هذه الأصول من الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الصالح ولذلك نحن نلح إلحاحاً حاراً على كل الدعاة الإسلاميين حقاً المتمسكين بالكتاب والسنة صدقاً أن لا يكتفوا في الدعوة إلى الكتاب والسنة دون أن يضموا إلى ذلك قولهم وعلى منهج السلف الصالح ، ذلك لأنني قلت مراراً وتكراراً وأعتقد أن هذا أمر لازم جداً جداً لكل داعية مسلم حقاً وهو أنه في كل الفرق التي شملها حديث الفرق أي الاثنين وسبعين فرقة الهالكة لا يوجد فيها فرقة تقول نحن لسنا على الكتاب والسنة ، كل فرقة من هذه الفرق تقول نحن على الكتاب والسنة ، إذاً ماهو الفرق الجوهري بين هذه الفرق التي تلتقي مع الفرقة الناجية في أنهم أيضاً يتمسكون بالكتاب والسنة ؟ الفرق وكما قال الشاعر :
" فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل إناء بما فيه ينضح "
، الفرق هو أنك لا تجد حتى اليوم فرقة من تلك الفرق تقول نحن على الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح إلا الفرقة الناجية ، فهي التي تميزت منهجاً وتطبيقاً بالانتماء إلى السلف الصالح ونحن نقول هذا ليس رأياً اجتهادياً استنباطياً محضا بل هو النص الصريح في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة أما القرآن الكريم فقول رب العالمين: (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً )) ولا شك ولا ريب أن أول ما يتبادر إلى الذهن أن المقصود بهذه الكلمة سبيل المؤمنين إنما هم السلف الأول الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنهم خير القرون كما تعلمون في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر عندي وفي بحثي ونقدي ( خير الناس قرني ) ومن الخطأ ما تسمعونه من التعبير بخير القرون ، لا إنما قوله عليه السلام: ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) فهؤلاء أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بهذه الشهادة النبوية الطيبة هم الذين يقصدون أول ما يقصد بقوله تعالى: (( سبيل المؤمنين )) طبعاً ويشمل سبيل المؤمنين من ساروا على سبيلهم ونحن نرجو الله عز وجل أن نكون من هؤلاء ، إذا كان الأمر كذلك فينبغي نحن أن نلتزم هذا المنهج دعوة وعملاً وتطبيقاً ولعله ما بلغتكم فيحسن أن أسمعكم مناقشة طريفة جرت بيني وبين من يشترك معنا في ضرورة الرجوع إلى الكتاب والسنة ولكن ذهنه كان فارغاً خالياً من ضرورة الضميمة هذه (( سيبل المؤمنين )) ، كان قد زارني في داري و أنزلته ضيفاً عندي لأنني رجوت من الاهتمام به أن يهديه الله عز وجل أن يهدي الله قوماً من ورائه لما كاد الوقت لانصرافه بعد أيام أجريت المحاورة التالية بيني وبينه ، قلت له لو سألك سائل: ما مذهبك ماذا تقول ؟ قال: مسلم ، قلت: هذه حيدة عن الجواب ، مسلم لو سألك ما دينك فيقول: أنا مسلم هذا جواب صحيح لكن السؤال كان ما مذهبك ؟ فحينما تقول: أنا مسلم أعتبرها أنا حيدة ، والدليل أنني سأقول لك: لو أننا سألنا أي طائفة أو أي فرقة من الفرق الضالة التي أنت تعرفها اليوم ، سألناه هذا السؤال وأجابك بهذا الجواب أترضاه منه ؟ اسأل الإباضي واسأل الخارجي والمرجئي والمعتزلي والشيعي والرافضي ووإلى آخره ما مذهبك ؟ فيستعمل التقية معك كما فعلت أنت معي يقول: لك أنا مسلم لكنك لا تقنع بهذا الجواب ، إذاً ما هو الصواب في الجواب ؟ عرف ما وراء الأكمة فأجاب أخيراً لكن بجواب أيضاً غير صحيح ، قال: أنا مسلم على الكتاب والسنة أضاف جملة الكتاب والسنة قلت على التعبير العسكري في بعض البلاد " مكانك راوح " ، تعرفون مكانك راوح ؟ يعني في حركة لكن ما في تقدم ، قال: لم ؟ قلت: لو سألنا أولئك الذين لم ترض جوابهم الذي كان هو جوابك ألا يقولون لك أيضاً كما قلت أنت في المرة الثانية ؟ على الكتاب والسنة يتفتح هو قال: إذاً لا بد من القول على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، هو معنا فكراً ولكن ليس معنا تعبيراً وأسلوباً ، قلت: حسناً الآن اتفقنا من حيث المنهج لكن الآن نريد أن نعبر ، لو عدنا من حيث بدأنا وسألك سائل ما مذهبك ؟ ماذا تقول ؟ قال: أقول على الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، قلت: ألا يوجد في اللغة العربية ما يمكننا من تلخيص هذه الجملة الطويلة؟ ، كل ما سألك سائل بدك تعطيه كليشة طويلة ، لو أنا رجل ألباني والعرق دساس فقد أخطئ في التعبير فأنا أستعين بك إذا لخصنا هاي الجملة كلها وسألك سائل ما مذهبك ؟ قلت: أنا سلفي ، ألا يعبر عن هذه العبارة الطويلة ؟ فأقر بهذا الجواب إذا نحن لماذا انتسبنا إلى السلف ؟ ولماذا نسمي أنفسنا بالسلف أو السلفي ؟ لأننا نريد أن نفهم اللناس دعوتنا لفظاً وتطبيقاً ، هذا القيام الذي اعتاده الناس الآن ، كيف نفهمه ؟ نفهمه على ما جرى عليه سلفنا الصالح ، إلى اليوم ما يزال كثير من العلماء يفسرون قوله عليه السلام: ( من أحب أن يمثل له الناس ) وفي لفظ ( أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) في تفسير هذا الحديث قولان , الأول من أحب أن يتمثل له الناس قياماً وهو جالس فعل فارس بعظمائها ، والقول الثاني ، لا ، من أحب إذا دخل مجلساً أن يقوم الناس له قياماً كما لو أمرهم أن يقوموا له فامتثلوا لأمره ، إلى اليوم هذا التفسير بهالوجهين موجود ، إذا جئنا إلى تطبيق الصحابة والرسول عليه الصلاة والسلام مع أصحابه الكرام لمعنى هذا الحديث كيف كان ؟ إذا قيل بالقول الأول أي هو جالس وهم قيام ، معنى ذلك أنه إذا دخل وقاموا لم يشمله الحديث ، أليس كذلك ؟ أنتم معي أم لستم معي ؟ طيب لكن السلف لم يفهموا الحديث هكذا والدليل أن سبب رواية الصحابي لهذا الحديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً ) ليس لأنه كان جالساً وقاموا أي فعلوا به فعل فارس والروم لعظمائها وإنما روى هذا الحديث حين دخل مجلسا ً كهذا المجلس فقام له بعض الناس فنهاهم عن ذلك ، وقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ( من أحب أن يتمثل له الناس قياماً فليتبوأ مقعده من النار ) إذاً هذا الصحابي الذي سمع هذا الحديث من الرسول فهمه بالمعنى الثاني وليس بالمعنى الأول وهكذا كانت حياة السلف الصالح لا يعرفون هذا القيام الذي تعرفونه في بلادكم مع أهل العلم والفضل وغيرهم أيضاً ولا أزيد على هذا فهذا القيام لم يكن معروفاً في عهد الرسول عليه السلام بل قد حدثنا بمن صحب النبي عليه الصلاة والسلام عشر سنين يخدمه لله ، قال: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رؤية وكانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك ". وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو سيد البشر وأصحابه أفضل أصحاب نبي على وجه الأرض فهم أعرف الناس بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقّر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) فنبينا هو كبيرهم وهو عالمهم ومع ذلك كان عليه السلام إذا دخل عليهم لا يقومون له فمن سيكون أحق بالقيام منه ؟ ومن سيكون أعرف بحق العلماء من أصحابه ؟ لا هذا ولا هذا ، إذاً نحن أي حديث جاءنا وتأوله العلماء ببعض التآويل نعود في فهمه إلى ما كان عليه سلفنا الصالح هذا أحد الأحاديث وهو ( من أحب يتمثل ... ) في تفسيره قولان ، هناك حديث آخر وظاهره أمس بموضوع هذا القيام وإن كان بعيداً عنه بعد أن يتبين صواب فهمه ، ( قوموا إلى سيدكم ) حديث معاذ فقد ذكره كثير من الشراح والعلماء في أدلة القائلين باستحباب القيام للعالم والإمام النووي رحمه الله له رسالة في هذا الموضوع ويستدل بهذا الحديث وهذا مع الأسف في اعتقادي من زلات العلماء في تفسير بعض النصوص من الناحيتين من ناحية الرواية ومن ناحية الدراية أما الرواية الحديث بلفظ ( قوموا إلى سيدكم ) هو ليس قوموا لسيدكم ، الحديث في صحيح البخاري وغيره ( قوموا إلى سيدكم ) هو ليس بلفظ: قوموا لسيدكم وأظنكم أقول هذا حتى لا نتوسع في البدهيات من الأمور فأقول ، فأقول: نقول بأنكم تفرقون معي أيضاً بين ما عليه رواية الحديث ( قوموا إلى سيدكم ) وبين ما يحرفه بعضهم دون قصد الى قوموا لسيدكم فأنتم معي في الفرق بين التعبيرين بين التعبير الصحيح ( قوموا إلى سيدكم ) وبين التعبير المحرف قوموا لسيدكم أليس كذلك ؟ هناك فرق ظاهر ، وبناءً على هذا الفرق الظاهر الحديث ( قوموا إلى سيدكم ) ليس له علاقة بموضوع الداخل يدخل فيقوم الناس له إكراماً وتعظيماً ، لأن هذا القيام قيام له وليس إليه ، ولهذا نحن نقول: القيام إليه جائز لأن الحديث جاء نصاً صريحاً في ذلك ولكن من الذي يقوم إلى الداخل ؟ أهل المجلس كلهم ؟ إنما يقوم صاحب المجلس فهو الذي يذهب إليه ويستقبله ويجلسه في المنزل أو في المكان المناسب له ، إذا عرفنا هذه الحقيقة ساعدنا معرفنتا لما كان عليه سلفنا الصالح الى أن نفهم هذا الحديث كما جاء ( قوموا إلى سيدكم ) و ليس قوموا لسيدكم وبخاصة أن إمام السنة الإمام أحمد رحمه الله قد روى هذا الحديث في مسنده من رواية السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في قصة طويلة بلفظ: ( قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ) ، هذه الزيادة كما يقولون اليوم في العصر الحاضر تضع النقاط على الحروف وتبطل تأويل الحديث بأنه لإكرام الداخل ويدل ويؤكد أن الأمر إنما قام للذهاب إلى السيد وهو سعد بن معاذ لإنزاله من دابته لأنه كان مريضاً مصاباً في أكحله فإذاً الإنزال هنا للحاجة وليس للإكرام والاحترام على هذا الضوء نفهم نحن القيام هذا أصله ، لكن المسألة هي نفسها ليست أصلاً فهي فرع ، لعل في هذا ما يكفي إن شاء الله .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 782
- توقيت الفهرسة : 00:06:44
- نسخة مدققة إملائيًّا