ما صحة تقسيم بعض الدعاة للسنة إلى سنة مألوفة وغير مألوفة وما ضابط المصلحة والمفسدة عند تطبيق السنة والدعوة إليها.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
ما صحة تقسيم بعض الدعاة للسنة إلى سنة مألوفة وغير مألوفة وما ضابط المصلحة والمفسدة عند تطبيق السنة والدعوة إليها.؟
A-
A=
A+
السائل : الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد. يقول السائل: قسم بعض الدعاة السنة إلى قسمين، سنة مألوفة لدى الناس وسنة غير مألوفة, ومن ثم دعا الناس دعا الشباب الذين يحثون الناس على الاتباع على اتباع السنة أن يراعوا مصلحة الدعوة والمفسدة وعدم تنفير الناس، فما رأيكم في هذا التقسيم؟. وما هو ضابط المصلحة والمفسدة عند تطبيق السنة ودعوة الناس إليها.؟

الشيخ: أقول بعد الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، في ظني أن هذا التقسيم إن كان صدر من أحدٍ من الدعاة الإسلاميين فهو أقل ما يقال فيه إنه تقسيم مبتدع، وحينما أقول إنه تقسيم مبتدع ينبغي علي أن أشير إلى أن البدعة عند العلماء قسمان، قسم متفق على أنه بدعة ضلالة، وهي البدعة التي تخالف السنة سواء كانت هذه السنة سنة قولية أو كانت سنة فعلية، فأي حادث أو بدعة خالفت السنة النبوية فهي باتفاق العلماء هي بدعة ضلالة، والقسم الآخر هو الذي اختلف فيه العلماء إذا كانت البدعة لا تخالف سنة صريحة كما قلنا في القسم الأول، فهنا للعلماء قولان معروفان، الأول وهو الصحيح الذي لا ريب فيه عند أهل العلم والتحقيق هو ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام الصريح الصحيح : ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) والقول الآخر وهو مرجوح يعلم من قولنا السابق ألا وهو الذي يقول بتقسيم البدعة إلى خمسة أقسام، هذا التقسيم أقول بلسان عربي مبين هو أيضًا بدعة, كذاك التقسيم الذي قلت إنه تقسيم مبتدع، ولكن هذا التقسيم أحدث في الابتداع من التقسيم القديم، تقسيم البدع إلى خمسة أقسام يقول به كثير من العلماء المعروفين ولهم اجتهادهم على خطئهم, أما تقسيم السنة إلى سنة.؟

السائل : مألوفة.

الشيخ : وغير مألوفة، هذا التقسيم من بدع هذا الزمن فأقول ما كان كذلك فلا شك أن اتفاق العلماء على أن كل محدثة وكل بدعة تخالف ما كان عليه الرسول عليه السلام فهي بدعة ضلالة، حتى الذين يقسمون البدعة إلى خمسة أقسام فهذا قولهم، الذي يقولون باستحباب بعض المحدثات وبعض الأمور الحادثات يشترطون أن تدخل هذه البدعة في بعض النصوص العامة بشرط ألا تعارض نصًا نبويًا سواء كان من قوله عليه السلام أو من فعله، فهذه السنة التي سموها بغير مألوفة هذا مخالف لسنن كثيرة وكثيرة جدًا، أول ذلك أن هناك حديث صحيح أو أن هناك حديثًا صحيحًا نذكره, وبذكرنا إياه كما يقولون نرمي عصفورين بحجر واحد, أول ذلك نضرب البدعة القديمة وهي تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام، ذلك لأن هؤلاء الذين يقولون بتقسيم البدعة إلى خمسة أقسام يحتجون بالحديث التالي, وهو أيضًا نرد به على هذه البدعة أو على هؤلاء القائلين بالبدعة الحديثة وهي السنة غير المألوفة، أعني بذاك الحديث ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبدالله البجلي رضي الله تعالى عنه قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالسين حوله لما جاءه أعراب مجتابي النمار، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فلما رءاهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تمعر وجهه أي تغيرت ملامح وجهه عليه السلام حزنًا على ما رأى فيهم من فقر مدقع، فخطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أصحابه ووعظهم وذكرهم وكان من ذلك أن قال لهم: قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أي يأتي أحدكم الموت فيقول ربي لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) ثم قال عليه السلام حديثا من قوله : ( تصدق رجل بدرهمه بديناره بصاع بره بصاع شعيره ) فما كان من أحد الجالسين الذين تأثروا بموعظته صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن انطلق مسرعًا إلى داره ليعود يحمل في طرف ثوبه ما تيسر له من الصدقة من طعام من دراهم أو دنانير فوضعها أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما رأى بقية الصحابة ما فعل صاحبهم قام أيضًا كل منهم ليعود حاملا ما تيسر له من الصدقات، يقول الراوي جرير رضي الله تعالى عنه : ( فاجتمع أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم كأمثال الجبال من الصدقات، فتنور وجهه عليه السلام كأنه مذهبة ) على خلاف الوضع الأول حيث تمعر وجهه عليه السلام حزنًا على فقرهم, ولكنه صلى الله عليه وآله وسلم حينما رأى أصحابه قد استجابوا لله وللرسول حينما دعاهم لما يحييهم كان ذلك مدعاة لأن تتغير ملامح وجه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرحًا وحبورًا وسرورًا باستجابتهم لموعظته وتصدقهم على هؤلاء الفقراء من العرب فقال عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة وهنا الشاهد : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجرهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) انتهى الحديث وهو كما قلنا في صحيح مسلم.

الشيخ : الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحض في هذا الحديث على إحياء سنة أماتها الناس لسبب أو آخر من هذه الأسباب الغفلة من هذه الأسباب الجهل من هذه الأسباب تكالب الناس على الدنيا فيقوم مسلم فيحيي سنة ويحيي عبادة من العبادات التي صارت مهملة متروكة ويحييها ويستن الناس به فيها فيكتب له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء, هذا الحديث صريح الدلالة في هذا المجال ...

مواضيع متعلقة