كلمة حول احترام العلماء و عدم جواز القيام لهم . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
كلمة حول احترام العلماء و عدم جواز القيام لهم .
A-
A=
A+
الشيخ : لكن نضيف إلى ما سبق من الأحاديث الواردة فيما يتعلق بعدم جواز الطعن من المسلمين بعضهم في بعض سواء كان هذا البعض من أهل العلم أو من طلاب العلم أو من عامة المسلمين فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع الأدب الجم في حديث واحد حينما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) فمعرفة حق العالم يستلزم التأدب معه في حضرته وفي الغيبة عنه ، لكن هذا لا يستلزم العبودية له كما هو شأن بعض الصوفية والغلاة من المشايخ ونحو ذلك ، ومن ذلك فيما أعتقد أنا القيام للعالم إذا دخل المجلس فهذا لا ينبغي أن يكون في المجتمع الإسلامي المنقى المصفى ، لأن جهد الدعاة الإسلاميين حقًا هو أن يقتربوا من المجتمع الإسلامي الأول الذي لا يمكن أن يعاد كما كان وإنما الأمر كما قيل : فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالكرام فلاح ، فنحن نحاول كأفراد أن نتشبه بأولئك الأفراد الأخيار، ولنحاول أن نوجد مجتمعًا يكون شبيهًا بذلك المجتمع ولا يكون له مثيلًا أبدًا - هذا مستحيل - وعلى هذا فحينما نتمثل شخصًا أو مجتمعًا فلا بد أن يكون دائمًا نصب أعيننا فلا نفعل إلا ما فعلوا إن استطعنا، لأن الحقيقة كما أشار إليها قوله - عليه السلام - في الحديث الصحيح : ( ما أمرتكم من شيء فائتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ) فالأشياء العملية محصورة لا تقبل الزيادة ، فمن الأعمال اليوم بعضها مشروع وبعضها ليس مشروع ، إكرام العلماء ببعض المظاهر ، منها ما لفت النظر إليه وجزاك الله خير : أن يبتعدوا عن الحديث وعن الفوضى وعن الكلام والدرس يُلقى ، هذا فعل يجب أن يوقف وأن يؤتى منه ما يُستطاع ، لكن هل من ذلك مثلًا أن هذا العالم إذا دخل مجلسًا كمجالس ما أقول : مجالس العلم ، هذا واضح جدًا أن طلاب العلم حين ذاك لا ينبغي أن يقوموا لهذا العالم ، لكن إذا دخل مجلسًا ليس مجلس علم هل من العلم النافع ومن العمل الصالح أن يقوم أهل المجلس لذلك العالم الداخل إلى المجلس ؟

الجواب : فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ، ومن هو الشخص الوحيد الفريد الذي هو ينبغي أن يحتوى به دون غيره ؟ هو كما نعلم جميعًا محمد رسول الله ، وأهل العلم يعلمون فليس هذا مما فيه يختلفون ، لكن تأويلات كما دخلت في علم الكلام المتعلق بالعقيدة دخل أيضًا باب التأويل في الأحكام العملية ، فكلهم يعلمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما روى الإمام البخاري في كتابه الأدب المفرد بالسند الصحيح عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا . قال:( ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك ) .

إذا دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - مجلسًا ما قاموا له ، لماذا ؟ لما يعلمون من كراهيته لذلك ، ثم أكَّد - صلى الله عليه وسلم - بقوله ما كان أصحابه حريصًا على فعله ، وهو ألا يقوموا له كما في حديث أنس فقال : ( من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار ) الآن العالم الإسلامي كله مخالف لهذا الحديث الصحيح والذي قبله .

أهل العلم لا ينُكرون على أصحابهم وعلى عامة الناس فيما إذا دخل مجلسًا وقاموا له ، لا يُنكرون ذلك وهذا خلاف السنة ، خلاف السنة من العالم والذين قاموا له إكرامًا وتعظيمًا ، ما هكذا كان المجتمع الأول ؟ إذًا علينا نحن أن نتوجه دائمًا إلى التشبه كما قلنا تشبيه مجتمعنا عمليًا بالمجتمع الأول .

قد يقال : إننا لا نستطيع كما ألمحت آنفًا أن نجعل مجتمعنا كذاك المجتمع ، فلنجعل كل فرد من أفرادنا كأفراد أولئك المجتمع ، لكن ( سددوا وقاربوا ) كما قال - عليه السلام - ومن المساددة والمقاربة أن نعترف أننا مقصرون ، أنا شيخ أدخل المجلس ثم يقومون ... ، وهم يقومون ولا مرشد لهم فإذا ما بحث الموضوع معي مثلًا أقول : لا حول ولا قوة إلا بالله ، أعترف بهذا الخطأ ، أما أن أحاول تبريره وتسويغه وتمريره وتمشيته هذه فتنة وهذه من الأمور التي يجب على أهل العلم بل على طلاب العلم أن يهتموا بها .

الحديث الثاني يُؤول كما أُول الحديث الأول من الذين ارتضوا هذه الظاهرة مع أن هذه مخالفة كافية ، الرسول سيد البشر يدخل المسجد لا أحد يقوم له ، لماذا واحد مثلي حقير بالنسبة للرسول - صلى الله عليه وسلم - يدخل المجلس فيقومون له ؟ ! مهما تؤول الحديث كما سأذكر فهذه الظاهرة مخالفة لتلك الظاهرة ، يقولون : هذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتواضعه ولكماله ما يحب ، كان يكره ذلك الشيء ، طيب وأنت يا فضيلة الشيخ ماذا تريد ؟ هل تريد أن تكون مقتديًا للرسول أم مخالفًا للرسول ؟ لا ، أعوذ بالله أنا أريد أن أتشبه به كما قلنا آنفًا ، طيب إذًا إذا كنت صادقًا في تشبهك بالرسول فانشر بين أصحابك أنك تكره هذه الظاهرة ، أي : تواضع كما تواضع الرسول - عليه السلام - سواء قلنا : هذا التواضع فرض عين أو هو مستحب ، لا ندخل في هذه التفصيلات لأن هذا لا يمكن الوصول إليه ، لكن الرسول كان يكره هذا القيام فتجاوب الناس معه لأنه كان حقيقة يكره هذا الشيء .

فإذا كان العالم مقتديًا بالرسول - عليه السلام - قد ينشر بين أصحابه يا إخوانا هذا ليس من السنة ، وتعظيم العالم لا يكون بهذه المظاهر المخالفة للسنة ، هذا تأويل للحديث الأول .

تأويل الحديث الثاني : ( من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا ) هذا الشيخ رجل عالم فاضل صالح أبعد ما يكون عن حب الظهور والتعجرف والتكبر . . إلى آخره ، إذًا هذا يجوز له القيام ؟ الجواب : لا ، لم ؟ قد نقول في زيد من أهل العلم : إنه لا تدور الشبه حوله بأن يقال : بأنه يحب القيام لأصحابه ، نقول : لا ، هو أبعد ما يكون ، سيان عنده قاموا أم لم يقوموا ، طيب هذا هو الرسول - عليه السلام - سيَّان عنده قاموا أو ما قاموا ، لأن نفسه زكية طاهرة إلى آخره فماذا كان أثر هذه النفس الزكية بالنسبة للذين يعظمونه ويوقرونه كما أُمروا به ؟ كانوا أنهم لا يقومون له .

إذًا حديث ( من أحب أن يُتمثل له الناس بالقيام ) هذا الحديث يتعلق بالذي يحبه ولكن الذين يقومون لهذا المحب هل هم يساعدونه على الخير أم على الشر ؟ لا شك يساعدون على الشر .

هذا إذا عرفنا أنه يحبه نقطع بأنهم إذا قاموا له ساعدوه على الشر ، على أن يكون من أهل النار ( فليتبوأ مقعده من النار ) .

طيب وليس كل عالم مثلًا نستطيع أن نقول : فلان متكبر ، فلان متعجرف ، القيام له مساعدًا له لأن يتبوأ مقعده من النار ، ليس كل العالم بطبيعة الحال هكذا ، فهل يجوز القيام له ؟ نقول : لا ، لم ؟

أولًا : اقتداء بالرسول وأصحابه .

ثانيًا : من باب سد الذريعة .

أي : إذا العالم اعتاد الناس أن يقوموا له تشوفت نفسه لهذا القيام .

إخوة الإيمان تتمة الكلام في الشريط التالي .

مواضيع متعلقة