الكلام على وقت قول المأموم : ( آمين ) .
A-
A=
A+
الشيخ : ... ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيِّئات أعمالنا ، مَن يهده الله فلا مضلَّ له ، ومَن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمَّدًا عبده ورسوله ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) ، (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا )) ، (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )) ، أما بعد :
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمَّد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :
فقد أخرج الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ؛ فإنه مَن وافقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ) . في هذا الحديث أمرٌ بحكم شرعي ، وبيان لثواب مَن يأتمر بهذا الأمر النبويِّ الكريم ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ، وقد اختلف شرَّاح هذا الحديث في بيان المراد من هذا الأمر النبويِّ الكريم ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ فمنهم مَن ذهب إلى أن المعنى إذا شَرَعَ الإمام في التأمين فاشرعوا أنتم معه في التأمين ؛ أي : فهموا أن المقصود من الحديث أن يقارِنَ المقتدي بتأمينه تأمين إمامه ، فيقول مع الإمام : ( آمين ) في آنٍ واحدٍ ، ومنهم مَن يذهب بأن المقصود به أن يأتي تأمين المقتدي بعد فراغ الإمام من تأمينه ، ومنهم مَن يفصِّل تفصيلًا لا وجه له ، فيقول : مَن كان قريبًا من الإمام قارنه ، ومن كان بعيدًا عنه تأخَّر عنه وعقَّب بتأمينه على تأمينه .
والذي تبيَّن لي بعد تأمُّل في هذه الأقوال المختلفة في هذا الحديث الصحيح في برهة سنين طويلة هو ترجيح القول الثاني ؛ وهو أن يكون تأمين المقتدي عقب تأمين الإمام ؛ أوَّلًا لأن ظاهر الحديث لا يدل إلا على هذا ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ لأن حقيقة هذا اللفظ ( إذا أمَّن ) أي : قال : ( آمين ) ، فتفسيره على رأي القائلين بالقول الأول " إذا شرع " هذا مجاز ، ومعلوم لغةً وشرعًا أنه لا يجوز المصير إلى المجاز إلا إذا تعذَّرت الحقيقة ولم يُمكن تفسيرها وفهمها ؛ حينَ ذاك يُصار إلى الجواز وتُترك الحقيقة ، وهذا الشرط مفقود ههنا ؛ لأنه من الواضح أن هذا أمر ميسور ؛ إذا قال الإمام : ( آمين ) ؛ يقول المقتدي : ( آمين ) ؛ فلا ينبغي تفسير النَّص حين ذاك بخلاف الحقيقة إلى المجاز ؛ لأن الأصل حقيقة ، هذا شيء .
وشيء ثانٍ أن قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) هو على وزان قوله : ( إذا كبَّر الإمام فكبِّروا ) ، وعلى وزان قوله : ( إذا ركع فاركعوا ، إذا سجد فاسجدوا ) ، ( إذا قال : سمع الله لِمَن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، كلُّ هذه النصوص تفيد أن ما أُمِرَ به المقتدي من القول إنما هو بعد فراغ الإمام مما أُمِرَ به من القول ، فلا ينبغي على هذا الحديث أن يقولَ المقتدي مع الإمام : ( الله أكبر ) ، وإنما ينتظر فراغ تكبير الإمام فيشرع هو على الفور بتكبيره ؛ كذلك لا يركع حتى يكون الإمام قد تلبَّس بالركوع ، بل ولا يسجد المقتدي حتى يرى الإمام قد تلبَّس بالسجود على الرغم من المسافة الطويلة بين سجود الإمام وبين مُتابعة المقتدي للإمام في السجود كما جاء في " صحيح مسلم " من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : " كنَّا إذا صلينا وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يرفَعْ أحدٌ منَّا رأسَه من الركوع حتى يجد الإمام - أو الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد وضع رأسه على الأرض ساجدًا " .
فهذا الحديث بصورة خاصَّة والأوامر السابقة بصورة عامَّة تؤكد أن السنة والخطَّة التي ينبغي على المقتدي أن يجرِيَ مع الإمام في أذكاره وفي أوراده ليست هي مقارنته فيها ، وإنما متابعته ، وقد أكَّد هذا - عليه الصلاة والسلام - بقوله : ( إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتمَّ به ) ؛ أي : يُقتدى به ؛ فقولك معه : ( الله أكبر ) ليس اقتداء به ، وإنما هو اقتران معه ، وهكذا كل الأركان .
وهكذا أخيرًا قولك مع الإمام : ( آمين ) ليس اقتداءً به ، وإنما مقارنة منك له ، فقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) قلنا ظاهره من الناحية العربية أوَّلًا ، ثم من ناحية الاعتبار بالأوامر السابقة الذكر ؛ إنما يقتضي أن يؤمِّن المقتدي بعد فراغ الإمام من تأمينه ، وليس يؤمِّن معه مقترنًا بتأمينه هذا الشيء الثاني .
الشيء الثالث أنه إذا كان هناك في تفسير هذا الحديث قولان كما ذكرنا ؛ فليس هناك أيُّ قائل يقول بجواز مسابقة المقتدي للإمام بالتأمين ، وهذه المسابقة واقعة لا أقول في سوريا ؛ بل ربما في كل العالم الإسلامي إذا صحَّ القياس بالغائب على الشاهد ، فقد ذهبْتُ إلى كثير من البلاد ، ففي الأردن - مثلًا - ، في الحجاز ، في السعودية بصورة عامة ، في مصر ، في المغرب ، وأخيرًا في بريطانيا المسلمين الذين هناك كلهم يسابقون الإمام في قولهم : ( آمين ) ؛ حتى أنصار السنة في عقر دار السنة في مصر في القاهرة يقعون في هذه المخالفة ، وحتى في هذا المكان فلا يكاد الإمام ينتهي من قوله : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) إلا وسابَقَ المقتدين إلى قولهم : ( آمين ) قبل أن ينتهي هو من المدِّ العارض للسكون ، وقبل أن يتنفَّس حتى يتمكَّن من قوله : ( آمين ) ، هذه المسابقة لا أحد يقول بها إطلاقًا ، فأنا أتَّخذ من هذا الشاهد الواقع دليلًا ثالثًا على ترجيح القول الذي نحن في صدد ترجيحه ... .
... لا يمكن تحقيقه إلا بشقِّ الأنفس ، وإلا بالنسبة لأفراد قليلين جدًّا جدًّا من المصلين ، وهم الذين يتابعون الإمام آية آية ، وهذا طبعًا مما لا يتَّصف به جماهير المصلين ، فلما كان من القواعد الشرعية ما يسمَّى بقاعدة سدِّ الذريعة فتقتضي حينَ ذاك حكمة التشريع ترجيح القول الثاني على القول الأول ؛ لأنَّ الأخذ بالقول الأول أي بالمقارنة في تأمين المقتدي مع الإمام تعريض للمقتدي لمسابقة الإمام ، تقدُّمًا من جهة وهذه هي المسابقة ، وتقدُّمًا في الابتداء ، وتقدُّمًا في الانتهاء ؛ ذلك لأن الإمام يقول : ( آمين ) على وزان ما كان يقرأ ، فإذا كان يقرأ بسرعة فهو لا يمدُّ نفسه وصوته بـ ( آمين ) ، وإذا كان يقرأ كما أمر الله - عز وجل - في قوله : (( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )) فهو إذا قال - مثلًا - : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) مدَّها ستة حركات ؛ فهو سيقول : ( آمين ) ، بينما يبتدئ هو وينتهي بيكونوا المقتدين انتهوا ، فسابقوا الإمام مسابقةً لا يكاد يقول بها إنسان عالم مسلم ، فإذا ما لُقِّنَ المصلون هذا القول الذي يدل عليه ظاهر قوله - عليه السلام - : ( إذا أمَّن فأمِّنوا ) حينَ ذاك حيلَ بينهم وبين مسابقتهم للإمام المسابقة التي جاءت نصوص كثيرة تنهى المقتدي عن مخالفة الإمام وعن مسابقته ؛ فكيف وهو يقول بصراحة : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ هذا هو الأمر الأول الذي أردت أن أنبِّهَ عليه من هذا الحديث .
والشيء الآخر أن هذا ... .
فإنَّ خير الكلام كلام الله ، وخير الهدي هدي محمَّد - صلى الله عليه وآله وسلم - ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ، وبعد :
فقد أخرج الإمام البخاري ومسلم في " صحيحيهما " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ؛ فإنه مَن وافقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه ) . في هذا الحديث أمرٌ بحكم شرعي ، وبيان لثواب مَن يأتمر بهذا الأمر النبويِّ الكريم ؛ ألا وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ، وقد اختلف شرَّاح هذا الحديث في بيان المراد من هذا الأمر النبويِّ الكريم ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ فمنهم مَن ذهب إلى أن المعنى إذا شَرَعَ الإمام في التأمين فاشرعوا أنتم معه في التأمين ؛ أي : فهموا أن المقصود من الحديث أن يقارِنَ المقتدي بتأمينه تأمين إمامه ، فيقول مع الإمام : ( آمين ) في آنٍ واحدٍ ، ومنهم مَن يذهب بأن المقصود به أن يأتي تأمين المقتدي بعد فراغ الإمام من تأمينه ، ومنهم مَن يفصِّل تفصيلًا لا وجه له ، فيقول : مَن كان قريبًا من الإمام قارنه ، ومن كان بعيدًا عنه تأخَّر عنه وعقَّب بتأمينه على تأمينه .
والذي تبيَّن لي بعد تأمُّل في هذه الأقوال المختلفة في هذا الحديث الصحيح في برهة سنين طويلة هو ترجيح القول الثاني ؛ وهو أن يكون تأمين المقتدي عقب تأمين الإمام ؛ أوَّلًا لأن ظاهر الحديث لا يدل إلا على هذا ؛ حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ لأن حقيقة هذا اللفظ ( إذا أمَّن ) أي : قال : ( آمين ) ، فتفسيره على رأي القائلين بالقول الأول " إذا شرع " هذا مجاز ، ومعلوم لغةً وشرعًا أنه لا يجوز المصير إلى المجاز إلا إذا تعذَّرت الحقيقة ولم يُمكن تفسيرها وفهمها ؛ حينَ ذاك يُصار إلى الجواز وتُترك الحقيقة ، وهذا الشرط مفقود ههنا ؛ لأنه من الواضح أن هذا أمر ميسور ؛ إذا قال الإمام : ( آمين ) ؛ يقول المقتدي : ( آمين ) ؛ فلا ينبغي تفسير النَّص حين ذاك بخلاف الحقيقة إلى المجاز ؛ لأن الأصل حقيقة ، هذا شيء .
وشيء ثانٍ أن قوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) هو على وزان قوله : ( إذا كبَّر الإمام فكبِّروا ) ، وعلى وزان قوله : ( إذا ركع فاركعوا ، إذا سجد فاسجدوا ) ، ( إذا قال : سمع الله لِمَن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد ) ، كلُّ هذه النصوص تفيد أن ما أُمِرَ به المقتدي من القول إنما هو بعد فراغ الإمام مما أُمِرَ به من القول ، فلا ينبغي على هذا الحديث أن يقولَ المقتدي مع الإمام : ( الله أكبر ) ، وإنما ينتظر فراغ تكبير الإمام فيشرع هو على الفور بتكبيره ؛ كذلك لا يركع حتى يكون الإمام قد تلبَّس بالركوع ، بل ولا يسجد المقتدي حتى يرى الإمام قد تلبَّس بالسجود على الرغم من المسافة الطويلة بين سجود الإمام وبين مُتابعة المقتدي للإمام في السجود كما جاء في " صحيح مسلم " من حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال : " كنَّا إذا صلينا وراء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يرفَعْ أحدٌ منَّا رأسَه من الركوع حتى يجد الإمام - أو الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد وضع رأسه على الأرض ساجدًا " .
فهذا الحديث بصورة خاصَّة والأوامر السابقة بصورة عامَّة تؤكد أن السنة والخطَّة التي ينبغي على المقتدي أن يجرِيَ مع الإمام في أذكاره وفي أوراده ليست هي مقارنته فيها ، وإنما متابعته ، وقد أكَّد هذا - عليه الصلاة والسلام - بقوله : ( إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتمَّ به ) ؛ أي : يُقتدى به ؛ فقولك معه : ( الله أكبر ) ليس اقتداء به ، وإنما هو اقتران معه ، وهكذا كل الأركان .
وهكذا أخيرًا قولك مع الإمام : ( آمين ) ليس اقتداءً به ، وإنما مقارنة منك له ، فقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) قلنا ظاهره من الناحية العربية أوَّلًا ، ثم من ناحية الاعتبار بالأوامر السابقة الذكر ؛ إنما يقتضي أن يؤمِّن المقتدي بعد فراغ الإمام من تأمينه ، وليس يؤمِّن معه مقترنًا بتأمينه هذا الشيء الثاني .
الشيء الثالث أنه إذا كان هناك في تفسير هذا الحديث قولان كما ذكرنا ؛ فليس هناك أيُّ قائل يقول بجواز مسابقة المقتدي للإمام بالتأمين ، وهذه المسابقة واقعة لا أقول في سوريا ؛ بل ربما في كل العالم الإسلامي إذا صحَّ القياس بالغائب على الشاهد ، فقد ذهبْتُ إلى كثير من البلاد ، ففي الأردن - مثلًا - ، في الحجاز ، في السعودية بصورة عامة ، في مصر ، في المغرب ، وأخيرًا في بريطانيا المسلمين الذين هناك كلهم يسابقون الإمام في قولهم : ( آمين ) ؛ حتى أنصار السنة في عقر دار السنة في مصر في القاهرة يقعون في هذه المخالفة ، وحتى في هذا المكان فلا يكاد الإمام ينتهي من قوله : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) إلا وسابَقَ المقتدين إلى قولهم : ( آمين ) قبل أن ينتهي هو من المدِّ العارض للسكون ، وقبل أن يتنفَّس حتى يتمكَّن من قوله : ( آمين ) ، هذه المسابقة لا أحد يقول بها إطلاقًا ، فأنا أتَّخذ من هذا الشاهد الواقع دليلًا ثالثًا على ترجيح القول الذي نحن في صدد ترجيحه ... .
... لا يمكن تحقيقه إلا بشقِّ الأنفس ، وإلا بالنسبة لأفراد قليلين جدًّا جدًّا من المصلين ، وهم الذين يتابعون الإمام آية آية ، وهذا طبعًا مما لا يتَّصف به جماهير المصلين ، فلما كان من القواعد الشرعية ما يسمَّى بقاعدة سدِّ الذريعة فتقتضي حينَ ذاك حكمة التشريع ترجيح القول الثاني على القول الأول ؛ لأنَّ الأخذ بالقول الأول أي بالمقارنة في تأمين المقتدي مع الإمام تعريض للمقتدي لمسابقة الإمام ، تقدُّمًا من جهة وهذه هي المسابقة ، وتقدُّمًا في الابتداء ، وتقدُّمًا في الانتهاء ؛ ذلك لأن الإمام يقول : ( آمين ) على وزان ما كان يقرأ ، فإذا كان يقرأ بسرعة فهو لا يمدُّ نفسه وصوته بـ ( آمين ) ، وإذا كان يقرأ كما أمر الله - عز وجل - في قوله : (( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا )) فهو إذا قال - مثلًا - : (( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ )) مدَّها ستة حركات ؛ فهو سيقول : ( آمين ) ، بينما يبتدئ هو وينتهي بيكونوا المقتدين انتهوا ، فسابقوا الإمام مسابقةً لا يكاد يقول بها إنسان عالم مسلم ، فإذا ما لُقِّنَ المصلون هذا القول الذي يدل عليه ظاهر قوله - عليه السلام - : ( إذا أمَّن فأمِّنوا ) حينَ ذاك حيلَ بينهم وبين مسابقتهم للإمام المسابقة التي جاءت نصوص كثيرة تنهى المقتدي عن مخالفة الإمام وعن مسابقته ؛ فكيف وهو يقول بصراحة : ( إذا أمَّن الإمام فأمِّنوا ) ؛ هذا هو الأمر الأول الذي أردت أن أنبِّهَ عليه من هذا الحديث .
والشيء الآخر أن هذا ... .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 128
- توقيت الفهرسة : 01:06:14
- نسخة مدققة إملائيًّا