نصيحة الشيخ بعدم إقحام الدعوة السلفية والشباب السلفي في السِّياسة ومواجهة الحكام . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
نصيحة الشيخ بعدم إقحام الدعوة السلفية والشباب السلفي في السِّياسة ومواجهة الحكام .
A-
A=
A+
السائل : ما رأيت رأيًا نقلت كلامًا .

الشيخ هاشم : كويس ... .

السائل : أما الرأي ؛ لا رأي لنا أمام الشيخ ، فالشيخ هو بيكلمنا عن الموضوع السياسي ؛ هل ندخل ونختلط معه ... ؟ لعلنا نسمع الرأي منه ؟

الشيخ هاشم : كويس نسمع الرأي من الشيخ .

الشيخ : هو على كل حال الحقيقة أنُّو كل بلد لها مشاكلها .

الشيخ هاشم : كلام طيِّب .

الشيخ : والعمل في السياسة إذا كان مقصود بها السياسة الشرعية ؛ فهذا جزء لا يتجزَّأ من الدعوة الإسلامية .

الشيخ هاشم : بارك الله فيك .

الشيخ : ولكن التدخل هذا لا يتيسَّر في كل مكان وفي كل إقليم وفي كل دولة .

الشيخ هاشم : صحيح ، صحيح .

الشيخ : ونحن الحقيقة لا ندري ، نحن لا ندري الوضع الدقيق في السودان من هذه الحيثيَّة ، لكن لا شك الوضع عندكم والوضع في الكويت غير الوضع في سوريا ، وغير الوضع في الأردن ، وفي كثير من البلاد .

الشيخ هاشم : صحيح ، نعم .

الشيخ : والعمل السياسي كما تعلمون جميعًا الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الدعوة المكية لم يشتغل بشيء اسمه سياسة ، لكنه اشتغل بما تعلمون من الدعوة ، وترسيخ قواعد التوحيد أولًا ، ثم تربية الأصحاب الذين حوله على الأخلاق الإسلامية ، وتهيئتهم للجهاد في سبيل الله إذا ما دعا الداعي ، لكن في كثير من البلاد الإسلامية يتكتَّلون أولًا على أساس الحزبية ، وليس على أساس من التربية الإسلامية ، تصحيح العقيدة ، وتصحيح العبادة ، وتصحيح السلوك ، ونحو ذلك ، ونحن نرجو أن يكون الوضع في السودان كأنَّهم قاموا بهذه المرحلة ونسمِّيها الآن مؤقتًا المرحلة المكية ، قاموا بها ثمَّ ساعدتهم الظروف إلى أن يعملوا للدَّعوة حتى في نطاق السياسة ، لكن هذا الوضع ليس بالمُستطاع في كل البلاد .

الشيخ هاشم : نحن عارفينو .

الشيخ : من ناحيتين ، أولًا : قسم من البلاد لا يوجد فيها علماء من أمثالكم يقومون بواجب " التصفية والتربية " التي أعني عنهما في كثير من كلماتي ؛ تصفية الإسلام مما دخل فيه ، وتربية المسلمين على أساس هذا الإسلام المُصفَّى ، فلذلك يقومون بثورات وبانقلابات ثم تعود عليهم يعني شرًّا ، كما وقع هنا في الحرم مثلًا ، كما وقع في سوريا ، وكما وقع في مصر ، وهكذا ؛ فإذًا السياسة يُراعى فيها كما أشرت بالنسبة لبعض إخواننا هناك من الدعاة أنُّو يشوف المجتمع ، ويتصرَّف فيما يساعده عليه المجتمع ، وإلا فقد طلب السياسية أن يقوم المسلمون هناك في السودان بانقلاب ضد الحاكم هذا الجديد الذي قام هو على من قبله ، لكن هذا في اعتقادي ليس من الإسلام ، وإنما الإسلام تهيئة النفوس بأن يتقبَّلوا نظام الإسلام فيما إذا وُجد من يطبِّقه كما أنزله الله على قلب محمد - عليه الصلاة والسلام - .

نحن في سوريا كنا لا نستطيع أن نعمل شيئًا من ذلك إطلاقًا حتى في الدعوة ، كانت دعوتنا محصورة بين جدران أربعة ؛ لأننا في المساجد ما كنَّا نستطيع أن ننطلق فيها ، لغلبة الخرافيِّين والصوفيِّين والطُّرقيِّين إلى آخره ، وكان المشايخ كانوا يثورون ضدَّنا أكثر من الحكام أنفسهم ، مع أنهم بعثيُّون ، وربما أكثرهم أو كثيرون منهم يكونوا ملاحدة ، مع ذلك كانوا لا يثورون ضدَّنا كما يثور المشايخ .



[ زائر : السلام عليكم ، يا إخوان الاستعداد لركوب الباصات ... .

الشيخ : الاستعداد لإيش ؟

سائل : ركوب الباصات .

الشيخ : آ ، منشان الرمي يعني ] .



الشيخ : كان هؤلاء المشايخ هم الذين يحرِّكون الدولة ضدنا ، فكنَّا نضطرُّ أن نلجأ إلى بعض الزوايا ، ولكن ليست الزوايا الصوفية ، إنما هي أماكن ليست من المساجد ؛ لأنُّو المساجد في يد الوزارة ، والوزارة في يد الأوقاف ، والأوقاف في يد الدولة ، وهكذا ، فكنَّا نبتعد عنهم ، ونعمل في حدود ما نستطيع .

الشيخ هاشم : جميل .

الشيخ : وأنا لا أكتمكم بأنني دُعيت أكثر من مرَّة للمخابرات ، ولما دُعيت مرَّة استجوبَني واستنطقَني طويلًا كما هي عادتهم ، يريد أن يجعلَني في مأزق من جهة أنو أنا رجل وهابي ، وأعمل لحساب الدولة السعودية .

الشيخ هاشم : الوهابية في السعودية ، نعم .

الشيخ : وأنا ذكرت له بكل صراحة نحن دعوتنا تلتقي مع جماعة التوحيد ، لكن دعوتنا أعمُّ وأشمل ؛ لأننا نريد أن نتعبَّد الله كما جاء في الكتاب والسنة ، وليس بمذهب من المذاهب المتَّبعة ، ووظيفتنا اليوم دعوة إصلاحيَّة ، أنا أقول هذا مع المُستنطق البعثي ، دعوتنا الآن دعوة إصلاحيَّة تبدأ من العقيدة ، وتنتهي بالسلوك ، ولذلك فنحن ليس عندنا الآن من الوقت ومن الاستعداد ما يُساعدنا بأن نعمل بالسياسة ، هكذا نقول له .

الشيخ هاشم : كويس هذا .

الشيخ : بعد أخذ ورد طويلين ... قال : إذًا مادام أنت هكذا فارجع وألقي دروسك ، لأنُّو كانت شكوى أنُّو هذا يُلقي دروس ضد الإيش ؟

الشيخ هاشم : الدولة .

الشيخ : المسلمين ، إذًا أنت ارجع ألقِ دروسك ، بس لا تتعرض للسياسة .

الشيخ هاشم : كلام كويس ، جميل .

الشيخ : هنا الشاهد : قلت له : أنا قلت لك آنفًا نحن لا نعمل للسياسة ، لأنُّو ما عندنا مما يشغلنا عن السياسة أهم بكثير ، وهو إصلاح العقائد وإصلاح العبادات والأخلاق ، وأنا أكرِّر الآن على مسامعك لا تفهمنَّ مني أنُّو السياسة ليست من الإسلام ، لأ السياسة من الإسلام ، وعندنا كتب أُلِّفت في ذلك ، كالسياسة الشرعية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، لكني هنا الشاهد بالنسبة إليه قلت له : لكني أرى الآن ، " الآن أرى من السياسة ترك السياسة " ؛ لأننا ننشغل بما هو أهم من ذلك ، ومع ذلك قضينا ما شاء الله من سنين طويلة ، ولم نستطيع أن نشكِّل أمة تتجاوب معنا وتتحرَّك معنا ، إلا في مثل هذه اللي سميتها إيش ؟ تبع الصوفية ؟ الزوايا ، يعني أماكن صغيرة وصغيرة جدًّا ، يجتمع فيها أحيانًا من الشباب الخمسين والستين إلى آخره ، والحمد لله شاعت الدعوة في سوريا ، وانتقلت إلى الأردن إلى آخره ، لكن مشايخ السُّوء كانوا لنا بالمرصاد ، ولذلك من السياسة أن يتحرَّك الأنسان حسب الجوِّ الذي يعيش فيه ، ويبدو أنكم - والحمد لله - أنشط منَّا في هذا المجال ، وأكثر منا ، وربنا - عز وجل - وفقكم أكثر وأكثر بكثير ، ونرجو لنا ولكم الزيادة من التوفيق .

الشيخ هاشم : جزاكم الله كل خير يا فضيلة شيخ ، لكن أنا يعني بس عايز أقدم حاجة بسيطة ؛ إحنا كهيئة التصديق اللي واخدينوا من الدولة هيئة دينية ، مهمَّتنا الأولى أن نصحح مفهوم الدين في أذهان الناس حتى لا يُستغلُّوا باسم الدين .

الشيخ : هذا هو .

الشيخ هاشم : لأن عندنا طواغيت كبار مستغلين هؤلاء البسطاء .

الشيخ : تمام .

الشيخ هاشم : وكان على الإنجليز كنَّا عاملين حسابنا أن لا نصطدم بالإنجليز ، ولا نصطدم بأهل الطوائف ، لما جاء الاستقلال تركنا الحرية لكل فرد يختار الحزب السياسي البيساعد على إخراج المستعمر من البلد .

الشيخ : جميل .

الشيخ هاشم : إذا جينا إلى الدار إلى الزاوية بتاعتنا نترك السياسة برَّة ، ونجلس نستمع إلى درس الحديث ودرس التفسير ، وماشين الحمد لله كويس ، لما خلاص البلد استقلت وكل إنسان كان في حزب ؛ قلنا خلاص أنت مهمَّتك أن تقنع رئيس الحزب واللجنة التنفيذية يعملوا لتنفيذ الشريعة الإسلامية ، ويصحِّحوا حتى لا يستغلُّوا باسم الدين ، لكن - مع الأسف - كان كلهم متأثِّرين بالطواغيت الكبار ، يعني القواعد الشَّعبية كلها كانت قواعد الطواغيت الكبار ، وأراد الله أن يختار الطاغوت الكبير مع حزب له وزنه ، كان حزب الأغلبية .

الشيخ : الله أكبر .

الشيخ هاشم : ولكن في وزير بيرى رأينا .

الشيخ : ما شاء الله .

الشيخ هاشم : أيوا ، وزير كان بيجينا في حلقات القرآن بيسمع الدروس وكل حاجة ، فده في ليلة سياسية واحدة أخرج من الطاغوت مئات الأتباع .

الشيخ : ما شاء الله .

الشيخ هاشم : لأنه يتناول الطاغوت في سوئه وكشفَه للناس ؛ لأنه في منصب قوة ، لذلك نحن بنرى صلاحية الدولة في إصلاح الأمة أوسع وأقوى من صلاحية الأفراد .

الشيخ : لا شك .

الشيخ هاشم : فهذا الوزير وقف ، وتناول هذا الطاغوت ، وعلى مسمع من أذنه ؛ على أنه رجل جاسوس دخل السودان ، وأدخل المستعمر إلى السودان ، وعمل واستغل واستغل واستغل ، فهمت ؟ وما في حد كلَّمه ، ولا ضربوه ولا شتموه ولا شاكلوه ولا أي حاجة .

الشيخ : ما شاء الله !

الشيخ هاشم : بكرة أصبحت الأرض كل الناس زحموا علينا الدور ، عايزين يبقوا سلفيين ؛ لأنه خلاص عرفوا الطاغوت على حقيقته ، ولو كنَّا في منأى منهم ما كنا حصلنا على دي ؛ النتائج دي ، ولذلك - يا فضيلة الشيخ - إحنا بنقول : كل أهل بلد أدرى بشؤون بلدهم .

الشيخ : صح .

الشيخ هاشم : ويعالجوا هذه الشؤون وفق استطاعتهم وإمكانياتهم ، نحن ما بنقول ننغمس في السياسة كليًّا ونترك الدعوة ، لأ ، نحن نتخذ هذه السياسة لتقوية الدعوة وتوسعة الدعوة ، إذا استطعنا أن نُقنع الدولة تعمل شريعة إسلامية ده مكسب كبير ، يعني عندنا - يا فضيلة الشيخ - في السودان لمَّا يموت زيد من الناس فالناس بيجلسوا عطالا في الفروش عشرة أيام ، سبع أيام للبكا علشان فلان مات ، قالوا لنا ابعدوا منهم ، لأ ، ندخل فيهم عشان نصحِّح الوضع ، إلى أن أصبح النهار ده ينتهي العزاء بالدفن ، ينتهي العزاء بمراسم الدفن ، لولا أننا دخلنا فيهم واختلطنا بهم وناقشناهم ما كنَّا وصلوا إلى هذه النتيجة ، كذلك الحكام ، كذلك الحكام نحن ندخل فيهم برفق ، إذا فتح لنا المجال يعني نناقشهم في رفق ونريهم ، يعني مثلًا رجل سياسي في الحكومة الحالية دعاني ومشيت له ، بعدين قال لي : عايز منك نصيحة ، قلت له : كويس أنا أنصحك نصيحة أرجو أن تعمل بها ، أنا بَرَى أنكم دا الوقت بتفصلوا الإنسان من الخدمة بدون ما تورُّوه سببه ، يقولون للمصلحة العامة ، ده خطأ ده خطأ المصلحة العامة يعني بتاع واسع ، المجال واسع جدًّا ما معروف .

الشيخ : كلمة سياسية مطاطة .

الشيخ هاشم : كلمة سياسية مطاطة ، فأنتو أدينوه ، عمل خطأ اعملوا مجلس تأديب ، الإنجليز عندنا زمان لما الموظف يخطىء يعملون مجلس تأديب ، ينقصوه علاوة ، يحرموه من ترقية ، إذا رأوا ما إنه صالح يخلوه يروح يتقاعد وهكذا ، ثم هيجوك ناس متشنجين يقولك اعمل الشريعة الإسلامية بكل عنترية ، إذا قلت ما بعملها كفرت ! مش كده ؟

الشيخ : صحيح .

الشيخ هاشم : وإذا قلت بعملها قوَّمت الدنيا عليك ! قوَّمت الدنيا عليك !

الشيخ : صحيح .

الشيخ هاشم : فالسياسة بنقول مهلًا الشريعة في طريقنا إلى إقامتها ، وأنت الآن بنقول يا سعادة الوزير ، الخمرة عندنا ممنوعة ، الربا ممنوع ، الدعارة ممنوعة ، كل الحاجات اللِّي بيقرها الإسلام دي شريعة ، الشريعة ... تطبيق .

الشيخ : صح .

الشيخ هاشم : بعدين بيجي الوقت ... سيدنا عمر بن العزيز - رحمه الله ورضي الله عنه - ، تجد سيدنا عمر بن عبد العزيز وهو الخليفة الكبير لما جاؤوا أحبابه اللي عاطفين عليه ، وقالوا : كيف تقيم الدولة الإسلامية في هذا الجو الفاسد ؟ قال : " كل يوم أُميت بدعة وأُحيي سنة حتى ألقى الله " .

الشيخ : ما شاء الله !

الشيخ هاشم : كلام موجز وموفي ، أنت مو أحسن من عمر بن العزيز .

الشيخ : ما شاء الله ! لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها .

الشيخ هاشم : مش كده ؟ فأمشي بالطريقة دي ، نصيحتنا اللِّي بنقدمها لهم لولا فتحوا لنا المجال كنا نقدر نقوله ؟ ما بنقوله ، ما بكان بيخلونا ، والآن بحمد الله - تعالى - الدَّعوة شاقَّة طريقها جدًّا ، عايزين أن نغطِّي مطالبها ، عايزة دُعاة ، دُعاتنا قليلين جدًّا ، فتحنا معاهد ما قادرين نستمر ؛ لأن ميزانياتنا ضعيفة ، الدعاة عايزين داخلية يأكلوا ويشربوا ويترحَّلوا ، ده عايز له آلاف الجنيهات وهكذا ، فنحن - الحمد لله - ماشيين كويس ، ما منغمسين في السياسة انغماس كُلِّي ، ولا تخلِّينا عنها ، نحن ندخل فيها وفق مصلحة الدعوة .

الشيخ : هذا هو السياسة .

الشيخ هاشم : ... .

الشيخ : ما في كلام ، التوسط في الأمور هو الحق .

الشيخ هاشم : صحيح .

الشيخ : نسأل الله - عز وجل - أن يمكِّننا أن ندعو إلى الإسلام ، وأن نطبِّقه بحذافيره في كلِّ مكان - إن شاء الله - .

الشيخ هاشم : والله نحن سعداء يا فضيلة الشيخ .

الشيخ : الله يبارك فيك .

الشيخ هاشم : والله هذا المجلس ... الشيخ يعني حضر الكلام ده !

الشيخ : هذا من فضلك .

الشيخ هاشم : الله يجزيك كل خير .

الشيخ : الله يحفظك .

مواضيع متعلقة