كلام أبي مالك حول قاعدة ( الغاية تبرر الوسيلة ) .
A-
A=
A+
أبو مالك : الوسيلة ليست على إطلاقها حتى ولو أدت ولو كانت هي في باطنها فاسدة فإنها إذا صلح أمر بها فعليهم أن يسلكوها أو ينسوا أو لا يقولون بهذا الفهم أو هذا الفقه لهذه المقولة التي تنسب إلى ميكافيلي الغاية تبرر الواسطة فهم يقولون بتحريم الصور مثلا وينعون على الذين يقولون بإباحة التمثيل أو التصوير ويرون بأن التمثيل أو التصوير من الأمور المحرمة التي لا تجوز ولكن هناك وسيلة يمكن ابتداعها أو أخذها من هذا ونستغني عن التصوير والتمثيل المرئي فيكفي أن نتمثل أن نتصور الأشياء بأسماعنا وبأصواتنا وعندئذ نكون قد تجنبنا أو اجتنبنا الوسيلة المتفق على حرمتها ألا وهي التصوير والتمثيل ثم يأخذ هذه الجزئية يأخذونها و يرتبون و يركبون عليها هذا الأمر الفاحش السيء وأنا حقيقة كما تفضل شيخنا إنو نحن في أيام الفتن فيها تتداعى كتداعي الأكلة إلى قصعتها وشر الفتن ما يعجز الإنسان عن سماعه ليس عن قول فيه ليدفع فتنة أو فتنتين أو ثلاث لكن أقول بإن هذا علاجه طبعًا ليس في أيدينا ولا في أيديكم أنتم مهما حاولتم بإنه هناك أيضًا أمور فواحش كثيرة وربما تكون أشد فحشًا وأصعب من هذه ويسكت عنها فأقول العلاج عند هؤلاء أن يتصل بهم اتصالا مباشرًا الذين يصنعون هذا لا يغني أن نظل في نقد لهم من بعيد ولكن يجب علينا أن نذهب إليهم ونبين لهم الحكم الشرعي في هذه المسألة وأن الوصول إلى تحصيل الغاية بهذه الواسطة وبهذه الوسيلة لا شك أنها محرمة ولا يجوز مطلقًا وأن هذا مما يفتح بابًا أكبر وأوسع وستصبح التسجيلات الإسلامية في المستقبل ما دام أننا فتحنا هذا الباب وأجزناه يكون هناك شر أكبر وأكبر وربما يأتي اليوم الذي نرى فيه الفيديو الذي يبيح الفاحشة المنظورة والمسموعة معًا أمرًا ليس فيه محظور فهذا أولا يعني أن ينبه هؤلاء ويخوفون بالله وباليوم الآخر إلى غير ذلك وثم بعد ذلك أن يعمل على توعية الشباب بأن هذه وسيلة محرمة وبأنه لا يجوز شراء مثل هذا الشريط ولا التشجيع عليه وهناك أيضًا إن الله ليزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن
الشيخ: هذا هو الأصل
أبو مالك: لا بأس أن تتصلوا بالآمرين بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تبينوا لهم وتحصوا لهم هذه الدور أو هذه التسجيلات التي تقوم بمثل هذا التسجيل أن تصادر مثل هذه الأشرطة وهذه التسجيلات.
السائل : شيخنا حقيقة أن هذا السؤال لأن هناك شباب موسومون بالسلفيون بالسلفيين لا يسمع لنا يا شيخ كما قيل أنك لو وضعت الزر الرابع لقيل مبتدع لقال السلفيون أنك مبتدع فهم لا يسمعون لنا فأردنا النصيحة تكون منكم ومن الشيخ أبو مالك حتى تكون أوقع عليهم يعني هذا المراد من السؤال لا لقصد التشهير بهم .
الشيخ : على كل حال لعله في كلمة الشيخ أبو مالك ما فيه الغنية و الكفاية أما أنا فأقول ليس الأمر كما يشاع في هذا الزمان أن الوسائل تختلف شرعًا عن المقاصد وأن للدعاة المسلمين أو الداعية المسلم أن يتخذ أي وسيلة يتوصل بها إلى تحقيق غاية شرعية ذلك لأن هذا المنطلق من تسويغ كل وسيلة بزعم تحقيق غاية شرعية أولا ليس ذلك من المعروف شرعًا وثانيًا وهذا أهم أن الوسائل فيما يتعلق بتريبة النفوس وتهذيبها وتقريبها من طاعة باريها هي أيضًا منقولة كالغايات وكالمقاصد نحن لا ننكر أن بعض الوسائل المادية أنها تترقى مع الزمن وتصبح تحقق أمورًا لم يكن من الميسور تحقيقها بيسر في الزمن الماضي لا ننكر وجود مثل هذه الوسائل كما نحن الآن نسجل مكبر صوت ونحو ذلك مما أشرتم آنفا من تصوير بعض الحوادث دون أن تُرى هذه وسائل وجدت في العصر الحاضر ولكن لا يجوز أن نطلق الكلام بجواز استعمالها بدعوة أننا نقصد تحقيق غاية شرعية لأننا سنقول يجب أن تكون الوسيلة أيضًا وسيلة مشروعة . الواقع أن هذه المسألة لها علاقة بأصلين علميين أحدهما قوله عليه السلام: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) والآخر المعروف عند العلماء بالمصالح المرسلة المصالح المرسلة كثيرًا ما تختلط عند بعض الناس بالبدعة الضلالة ولذلك وجد من لم يقل بجواز تبني هذه القاعدة وهي المصالح المرسلة وواضح جدًا أن المقصود بالمصلحة المرسلة هو وجود سبب أو وسيلة تحقق غاية شرعية فهل يجوز اتخاذ هذه الوسيلة ما دامت أنها تحقق غاية شرعية أم لا ؟ منهم ومنهم من أخذ بالمصلحة المرسلة قال بجواز ذلك ومن لا فلا , لكن الواقع أن إطلاق القول في المصالح المرسلة إيجابًا أو سلبًا ليس بسليم وإنما لا بد من التفصيل وهذا التفصيل الذي اطمئنت إليه نفسي وانشرح له صدري كنت استفدته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأنا حينما أذكر هذه المسألة أرى لزامًا علي أن أذكر شيخ الإسلام بأنه يعود الفضل إليه في هذه المسالة من باب أن من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله وبخاصة إذا كان قولا يعني هامًا وعلميًّا عظيمًا ويضاف إلى ذلك أنه تجده نادرًا لا تجده في بطون كتب العلماء الفطاحل من العلماء هو يأتي بالتفصيل التالي الوسيلة التي حدثت ويرجى منها تحقيق مصلحة للمسلمين يجب أن تدرس هذه الوسيلة هل هي كانت قائمة في عهد الرسول عليه السلام المقتضي للأخذ بها أم لم يكن فإن كان المقتضي قائمًا للأخذ بها وهي وسيلة فعلا تحقق الغاية التي يرمي إليها المتمسك بها في ما بعد باسم المصالح المرسلة مع ذلك فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يأخذ بهذه الوسيلة وبالتالي لم يحقق تلك الغاية فلا يجوز لنا أن نأخذ بهذه الوسيلة ولو كانت تحقق غاية شرعية لماذا ؟ لأن في أخذنا إياها استدراكًا على الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: ( ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ) فلو كانت هذه وسيلة وهي متيسرة في عهده عليه السلام وممكنة لو كانت مقصودة لإيصال الغاية التي يقصد بها أخيرا بهذه الوسيلة لكان الرسول عليه السلام قد أخذ بها ومن هنا يقول علماء السلف: " لو كان خيرًا لسبقونا إليه " هذا كله فيما إذا كان السبب المقتضي للأخذ بتلك الوسيلة قائمًا والأمثلة على هذا معروفة لديكم ومنها ومن أشهرها الأذان للصلوات الخمس دون بقية الصلوات الأخرى ولا سيما الصلوات النادرة الوقوع كمثل صلاة العيدين مثلا أو صلاة الكسوف أو الخسوف حيث أن الناس بحاجة إلى الأذان المذكر لهم والمنبه لهم بدخول الوقت كما هو المقصود بالأذان للصلوات الخمس مع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بهذه الوسيلة فإذًا لا يجوز نحن أن نأخذ بهذه الوسيلة وهذا مقصود به التمثيل والتشبيه أي لما قد يحدث فيما بعد من وسائل ومن هنا تعرفون ضلالة من يقول بالبدعة الحسنة لإن الجواب يفهم مما سبق بوضوح وبتلخيص لو كان خيرًا لسبقونا إليه لكن الدقة في الموضوع قال ابن تيمية رحمه الله: أن هذا السبب أو هذه الوسيلة حدثت بعد أن لم تكن ما كانت في عهد الرسول حتى يقال: الرسول ما أخذ بها لماذا نحن نأخذ بها إذا قال ابن تيمية: فهل يؤخذ بهذه الوسيلة التي حدثت وهي تحقق مصلحة شرعية ؟ يقول: لا بد من التفصيل وهنا بيت القصيد كما يقال قال: إن كانت الوسيلة هذه أو الوازع أو الدافع إلى الأخذ بها هو إخلال المسلمين بالأخذ بالوسائل الشرعية التي تحقق تلك الغايات الشرعية أيضًا حينئذ لا يجوز الأخذ بهذه الوسيلة ولو كانت تحقق غاية شرعية من أوضح الأمثلة على ذلك وتشترك مع المصلحة المرسلة كما سيأتي بيانه هذه الضرائب والمكوس التي تفرض اليوم على الشعوب الإسلامية تقليدًا من هؤلاء الحكام للحكام الكفار في بلاد الكفر والضلال أولئك الكفار ليس عندهم من التشريع ما عند المسلمين ليس عندهم من الوسائل المشروعة لتغذية مال عفوًا لتغذية خزينة الدولة بالموارد المالية الكثيرة لا يوجد عند الأوروبيين كما يوجد عند المسلمين و لذلك هم اضطروا لوضع هذه المكوس وهذه الضرائب حتى يتمكنوا من تسيير دولتهم ولو على ضلالهم المبين أما أخذ المسلمون بهذه الوسائل بقصد تغذية بيت مال المسلمين ولإدارة شؤون المسلمين هل يجوز الأخذ بهذه المكوس وهذه الضرائب ؟ الجواب لا أولا ثم بلى في بعض الظروف الطارئة ثانيًا أما لا أولا لأن هذه الحكومات التي تبنت هذه الضرائب وهذه المكوس أعرضت عن النظام الإقتصادي الإسلامي الذي يغذي خزينة الدولة بالموارد الشرعية المالية مثلا جمع أموال الزكاة من الأغنياء هذا النظام غير مطبق اليوم في ظني كل الدول الإسلامية فهناك ليس هناك نظام الجباة لجمع زكاوات الثمار وجمع زكاوات المواشي ونحو ذلك هذا في علمي أما أكثر البلاد الإسلامية فيقينًا أن نظام جمع الأموال هذه أصبح نسيًا منسيًا فاستعاضوا بديلها فرض هذه المكوس والضرائب وسووا بين الأغنياء والفقراء فجمعوا بين ظلمين اثنين الظلم الأول الإعراض عن تطبيق أحكام الشريعة والظلم الثاني الذي صبوه على الفقراء والمساكين الذين ربنا عز وجل لم يفرض عليهم في أموالهم حق معلوما حتى يأتي هؤلاء الحكام الظلام فيفرضون على أموالهم حقًا معلومًا لذلك فهذه الوسيلة ولو أنها تحقق غاية مشروعة لا يجوز الأخذ بها لأن هناك وسائل شرعية تغنيهم عن اللجئ إلى هذه الوسائل الطارئة الحديثة قلت آنفًا أنه قد يمكن فرض ضرائب ويكون ذلك من باب المصلحة المشروعة حقًا فيما لو فجأ العالم الإسلامي أو الدولة المسلمة عدو غادر فهاجم طرفًا من بلاد المسلمين وتطلب ذلك من الحاكم المسلم إعداد قوة لقهر ذلك العدو وإرجاعه قهقرى فلم يجد في خزينة الدولة من المال ما يكفي للقيام بهذا الواجب حينذاك يشرع لذلك الحاكم أن يفرض ضرائب بقدر ما يصد هذا العدو عن البلد المسلم وليس بمثل ذاك النظام العام يستوي فيه الغني والفقير والقادر مع العاجز لا , وإنما كل بحسب قدرته وطاقته فإذا تحققت المصلحة ورد العدو القهقرى ألغي هذا النظام المالي لأن النظام المستقر شرعًا يغني البلاد المستقرة في الأوضاع الطبيعية عن أي فرض لضريبة طارئة إذا عرفنا هذا التفصيل فأين يكون هذا هذه الوسيلة التي حكيتموها لنا آنفًا إنها وسيلة أولا غير مشروعة وثانيًا في ذاتها فتنة في ذاتها لا تحقق مصلحة لأن المصلحة تتحقق بالآيات والأحاديث وآثار السلف التي فيها التذكير بعاقبة المذنبين والسارقين والزانين ونحو ذلك ولذلك فأنا أعتبر أن هذه الوسيلة التي سمعناها آنفًا تعتبر أنها أولا وسيلة محدثة لو كانت تحقق غاية شرعية فإنما أخذ بها هؤلاء لأنهم انصرفوا عن الأخذ بذكر الله عز وجل التي هي الوسيلة الوحيدة في تربية النفوس التي حادت عن الصراط المستقيم والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله الساعة الآن العاشرة والنصف لعلك تسمح إن شاء الله.
الشيخ: هذا هو الأصل
أبو مالك: لا بأس أن تتصلوا بالآمرين بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تبينوا لهم وتحصوا لهم هذه الدور أو هذه التسجيلات التي تقوم بمثل هذا التسجيل أن تصادر مثل هذه الأشرطة وهذه التسجيلات.
السائل : شيخنا حقيقة أن هذا السؤال لأن هناك شباب موسومون بالسلفيون بالسلفيين لا يسمع لنا يا شيخ كما قيل أنك لو وضعت الزر الرابع لقيل مبتدع لقال السلفيون أنك مبتدع فهم لا يسمعون لنا فأردنا النصيحة تكون منكم ومن الشيخ أبو مالك حتى تكون أوقع عليهم يعني هذا المراد من السؤال لا لقصد التشهير بهم .
الشيخ : على كل حال لعله في كلمة الشيخ أبو مالك ما فيه الغنية و الكفاية أما أنا فأقول ليس الأمر كما يشاع في هذا الزمان أن الوسائل تختلف شرعًا عن المقاصد وأن للدعاة المسلمين أو الداعية المسلم أن يتخذ أي وسيلة يتوصل بها إلى تحقيق غاية شرعية ذلك لأن هذا المنطلق من تسويغ كل وسيلة بزعم تحقيق غاية شرعية أولا ليس ذلك من المعروف شرعًا وثانيًا وهذا أهم أن الوسائل فيما يتعلق بتريبة النفوس وتهذيبها وتقريبها من طاعة باريها هي أيضًا منقولة كالغايات وكالمقاصد نحن لا ننكر أن بعض الوسائل المادية أنها تترقى مع الزمن وتصبح تحقق أمورًا لم يكن من الميسور تحقيقها بيسر في الزمن الماضي لا ننكر وجود مثل هذه الوسائل كما نحن الآن نسجل مكبر صوت ونحو ذلك مما أشرتم آنفا من تصوير بعض الحوادث دون أن تُرى هذه وسائل وجدت في العصر الحاضر ولكن لا يجوز أن نطلق الكلام بجواز استعمالها بدعوة أننا نقصد تحقيق غاية شرعية لأننا سنقول يجب أن تكون الوسيلة أيضًا وسيلة مشروعة . الواقع أن هذه المسألة لها علاقة بأصلين علميين أحدهما قوله عليه السلام: ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) والآخر المعروف عند العلماء بالمصالح المرسلة المصالح المرسلة كثيرًا ما تختلط عند بعض الناس بالبدعة الضلالة ولذلك وجد من لم يقل بجواز تبني هذه القاعدة وهي المصالح المرسلة وواضح جدًا أن المقصود بالمصلحة المرسلة هو وجود سبب أو وسيلة تحقق غاية شرعية فهل يجوز اتخاذ هذه الوسيلة ما دامت أنها تحقق غاية شرعية أم لا ؟ منهم ومنهم من أخذ بالمصلحة المرسلة قال بجواز ذلك ومن لا فلا , لكن الواقع أن إطلاق القول في المصالح المرسلة إيجابًا أو سلبًا ليس بسليم وإنما لا بد من التفصيل وهذا التفصيل الذي اطمئنت إليه نفسي وانشرح له صدري كنت استفدته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأنا حينما أذكر هذه المسألة أرى لزامًا علي أن أذكر شيخ الإسلام بأنه يعود الفضل إليه في هذه المسالة من باب أن من بركة العلم عزو كل قول إلى قائله وبخاصة إذا كان قولا يعني هامًا وعلميًّا عظيمًا ويضاف إلى ذلك أنه تجده نادرًا لا تجده في بطون كتب العلماء الفطاحل من العلماء هو يأتي بالتفصيل التالي الوسيلة التي حدثت ويرجى منها تحقيق مصلحة للمسلمين يجب أن تدرس هذه الوسيلة هل هي كانت قائمة في عهد الرسول عليه السلام المقتضي للأخذ بها أم لم يكن فإن كان المقتضي قائمًا للأخذ بها وهي وسيلة فعلا تحقق الغاية التي يرمي إليها المتمسك بها في ما بعد باسم المصالح المرسلة مع ذلك فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يأخذ بهذه الوسيلة وبالتالي لم يحقق تلك الغاية فلا يجوز لنا أن نأخذ بهذه الوسيلة ولو كانت تحقق غاية شرعية لماذا ؟ لأن في أخذنا إياها استدراكًا على الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: ( ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به ) فلو كانت هذه وسيلة وهي متيسرة في عهده عليه السلام وممكنة لو كانت مقصودة لإيصال الغاية التي يقصد بها أخيرا بهذه الوسيلة لكان الرسول عليه السلام قد أخذ بها ومن هنا يقول علماء السلف: " لو كان خيرًا لسبقونا إليه " هذا كله فيما إذا كان السبب المقتضي للأخذ بتلك الوسيلة قائمًا والأمثلة على هذا معروفة لديكم ومنها ومن أشهرها الأذان للصلوات الخمس دون بقية الصلوات الأخرى ولا سيما الصلوات النادرة الوقوع كمثل صلاة العيدين مثلا أو صلاة الكسوف أو الخسوف حيث أن الناس بحاجة إلى الأذان المذكر لهم والمنبه لهم بدخول الوقت كما هو المقصود بالأذان للصلوات الخمس مع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ بهذه الوسيلة فإذًا لا يجوز نحن أن نأخذ بهذه الوسيلة وهذا مقصود به التمثيل والتشبيه أي لما قد يحدث فيما بعد من وسائل ومن هنا تعرفون ضلالة من يقول بالبدعة الحسنة لإن الجواب يفهم مما سبق بوضوح وبتلخيص لو كان خيرًا لسبقونا إليه لكن الدقة في الموضوع قال ابن تيمية رحمه الله: أن هذا السبب أو هذه الوسيلة حدثت بعد أن لم تكن ما كانت في عهد الرسول حتى يقال: الرسول ما أخذ بها لماذا نحن نأخذ بها إذا قال ابن تيمية: فهل يؤخذ بهذه الوسيلة التي حدثت وهي تحقق مصلحة شرعية ؟ يقول: لا بد من التفصيل وهنا بيت القصيد كما يقال قال: إن كانت الوسيلة هذه أو الوازع أو الدافع إلى الأخذ بها هو إخلال المسلمين بالأخذ بالوسائل الشرعية التي تحقق تلك الغايات الشرعية أيضًا حينئذ لا يجوز الأخذ بهذه الوسيلة ولو كانت تحقق غاية شرعية من أوضح الأمثلة على ذلك وتشترك مع المصلحة المرسلة كما سيأتي بيانه هذه الضرائب والمكوس التي تفرض اليوم على الشعوب الإسلامية تقليدًا من هؤلاء الحكام للحكام الكفار في بلاد الكفر والضلال أولئك الكفار ليس عندهم من التشريع ما عند المسلمين ليس عندهم من الوسائل المشروعة لتغذية مال عفوًا لتغذية خزينة الدولة بالموارد المالية الكثيرة لا يوجد عند الأوروبيين كما يوجد عند المسلمين و لذلك هم اضطروا لوضع هذه المكوس وهذه الضرائب حتى يتمكنوا من تسيير دولتهم ولو على ضلالهم المبين أما أخذ المسلمون بهذه الوسائل بقصد تغذية بيت مال المسلمين ولإدارة شؤون المسلمين هل يجوز الأخذ بهذه المكوس وهذه الضرائب ؟ الجواب لا أولا ثم بلى في بعض الظروف الطارئة ثانيًا أما لا أولا لأن هذه الحكومات التي تبنت هذه الضرائب وهذه المكوس أعرضت عن النظام الإقتصادي الإسلامي الذي يغذي خزينة الدولة بالموارد الشرعية المالية مثلا جمع أموال الزكاة من الأغنياء هذا النظام غير مطبق اليوم في ظني كل الدول الإسلامية فهناك ليس هناك نظام الجباة لجمع زكاوات الثمار وجمع زكاوات المواشي ونحو ذلك هذا في علمي أما أكثر البلاد الإسلامية فيقينًا أن نظام جمع الأموال هذه أصبح نسيًا منسيًا فاستعاضوا بديلها فرض هذه المكوس والضرائب وسووا بين الأغنياء والفقراء فجمعوا بين ظلمين اثنين الظلم الأول الإعراض عن تطبيق أحكام الشريعة والظلم الثاني الذي صبوه على الفقراء والمساكين الذين ربنا عز وجل لم يفرض عليهم في أموالهم حق معلوما حتى يأتي هؤلاء الحكام الظلام فيفرضون على أموالهم حقًا معلومًا لذلك فهذه الوسيلة ولو أنها تحقق غاية مشروعة لا يجوز الأخذ بها لأن هناك وسائل شرعية تغنيهم عن اللجئ إلى هذه الوسائل الطارئة الحديثة قلت آنفًا أنه قد يمكن فرض ضرائب ويكون ذلك من باب المصلحة المشروعة حقًا فيما لو فجأ العالم الإسلامي أو الدولة المسلمة عدو غادر فهاجم طرفًا من بلاد المسلمين وتطلب ذلك من الحاكم المسلم إعداد قوة لقهر ذلك العدو وإرجاعه قهقرى فلم يجد في خزينة الدولة من المال ما يكفي للقيام بهذا الواجب حينذاك يشرع لذلك الحاكم أن يفرض ضرائب بقدر ما يصد هذا العدو عن البلد المسلم وليس بمثل ذاك النظام العام يستوي فيه الغني والفقير والقادر مع العاجز لا , وإنما كل بحسب قدرته وطاقته فإذا تحققت المصلحة ورد العدو القهقرى ألغي هذا النظام المالي لأن النظام المستقر شرعًا يغني البلاد المستقرة في الأوضاع الطبيعية عن أي فرض لضريبة طارئة إذا عرفنا هذا التفصيل فأين يكون هذا هذه الوسيلة التي حكيتموها لنا آنفًا إنها وسيلة أولا غير مشروعة وثانيًا في ذاتها فتنة في ذاتها لا تحقق مصلحة لأن المصلحة تتحقق بالآيات والأحاديث وآثار السلف التي فيها التذكير بعاقبة المذنبين والسارقين والزانين ونحو ذلك ولذلك فأنا أعتبر أن هذه الوسيلة التي سمعناها آنفًا تعتبر أنها أولا وسيلة محدثة لو كانت تحقق غاية شرعية فإنما أخذ بها هؤلاء لأنهم انصرفوا عن الأخذ بذكر الله عز وجل التي هي الوسيلة الوحيدة في تربية النفوس التي حادت عن الصراط المستقيم والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله الساعة الآن العاشرة والنصف لعلك تسمح إن شاء الله.
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 782
- توقيت الفهرسة : 00:41:20
- نسخة مدققة إملائيًّا