بيان العلاج الناجع الذي لا بد أن يسلكه المسلمون اليوم .
A-
A=
A+
الشيخ : أظن هذا الكلام مفهوم و لكن يحتاج إلى شيء من التوضيح وهنا بيت القصيد وهنا يبدأ الجواب عن ذاك السؤال الهام كلنا يقرأ آية من آيات الله عز و جل بل إن هذه الآية قد تزين بها صدور بعض المجالس أو جدر بعض البيوت و هي قوله تعالى: (( إن تنصروا الله ينصركم )) لافتات توضع و تكتب بخط ذهبي جميل رقعي أو فارسي إلى آخره و توضع على الجدر مع الأسف الشديد هذه الآية أصبحت الجدر مزينة بها أما قلوب المسلمين فهي منها خاوية على عروشها لا نكاد نشعر ما هو الهدف الذي ترمي إليه هذه الآية (( إن تنصروا الله ينصركم )) و لذلك أصبح وضع العالم الإسلامي اليوم في بلبلة و قلقلة لا يكاد يجد لها مخرجا مع أن المخرج مذكور في كثير من الآيات وهذه الآية من تلك الآيات إذا ما ذكّرنا المسلمين بهذه الآية أظن أن الأمر لا يحتاج إلى كبير شرح و بيان و إنما هو فقط التذكير و الذكرى تنفع المؤمنين كلنا يعلم إن شاء الله أن قوله تبارك و تعالى: ((إن تنصروا)) الله شرط جوابه ((ينصركم)) إن تأكل إن تشرب إن إن الجواب تحيا إن لم تأكل إن لم تشرب ماذا ؟ تموت كذلك تماما المعنى في هذه الآية (( إن تنصروا الله ينصركم )) المفهوم و كما يقول الأصوليون مفهوم المخالفة إن لم تنصروا الله لم ينصركم هذا هو واقع المسلمين اليوم توضيح هذه الآية جاءت في السنة في عديد من النصوص الشرعية و بخاصة منها الأحاديث النبوية إن تنصروا الله معلوم بداهة أن الله لا يعني أن ننصره على عدوه بجيوشنا و أساطيلنا و قواتنا المادية ؟ لا إن الله عز و جل غالب على أمره فهو ليس بحاجة إلى أن ينصره أحد نصرا ماديا هذا أمر معروف بدهيا لذلك كان معنى إن تنصروا الله أي إن تتبعوا أحكام الله فذلك نصركم لله تبارك و تعالى و الآن هل المسلمون قد قاموا بهذا الشرط قد قاموا بهذا الواجب أولا ثم هو شرط لتحقيق نصر الله للمسلمين ثانيا الجواب عند كل واحد منكم ما قام المسلمون بنصر الله عز و جل و أريد أن أذكر هنا كلمة أيضا من باب التذكير و ليس من باب التعليم على الأقل بالنسبة لبعض الحاضرين إن عامة المسلمين اليوم قد انصرفوا عن معرفتهم أو عن تعرفهم على دينهم عن تعلمهم لأحكام دينهم فأكثرهم لا يعلمون الإسلام و كثير أو الأكثرون منهم إذا ما عرفوا من الإسلام شيئا عرفوه ليس إسلاما حقيقيا عرفوه إسلاما منحرفا عما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه لذلك فنصر الله الموعود به من نصر الله يقوم على معرفة الإسلام أولا معرفة صحيحة كما جاء في القرآن و السنة ثم على العمل به ثانيا و إلا كانت المعرفة وبالا على صاحبها كما قال تعالى: (( يا أيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون )) إذن نحن بحاجة إلى تعلم الإسلام و إلى العمل بالإسلام فالذي أريد أن أذكر به كما قلت آنفا هو أن عادة جماهير المسلمين اليوم هو أن يصبوا اللوم كل اللوم بسبب ما ران على المسلمين قاطبة من ذل و هوان على الحكام أن يصبوا اللوم كل اللوم على حكامهم الذين لا ينتصرون لدينهم و هم مع الأسف كذلك لا ينتصرون لدينهم لا ينتصرون للمسلمين المذلين من كبار الكفار من اليهود والنصارى و غيرهم هكذا العرف القائم بين المسلمين اليوم صب اللوم كل اللوم على الحكام و مع ذلك أن المحكومين كأنهم لا يشملهم اللوم الذي يوجهونه إلى الحاكمين و الحقيقة أن هذا اللوم ينصب على جميع الأمة حكاما ومحكومين و ليس هذا فقط بل هناك طائفة من أولئك اللائمين للحكام المسلمين بسبب عدم قيامهم بتطبيق أحكام دينهم وهم محقون في هذا اللوم ولكن قد خالفوا قوله تعالى: (( إن تنصروا الله )) أعني نفس اللائمين للحاكمين حينما يخصونهم باللوم قد خالفوا أحكام الإسلام حينما يسلكون سبيل تغيير هذا الوضع المحزن المحيط بالمسلمين بالطريقة التي تخالف طريقة الرسول صلى الله عليه و آله و سلم حيث أنهم يعلنون تكفير حكام المسلمين هذا أولا ثم يعلنون وجوب الخروج عليهم ثانيا فتقع هنا فتنة عمياء صماء بكماء بين المسلمين أنفسهم حيث ينشق المسلمون بعضهم على بعض فمنهم وهم هؤلاء الذين أشرت إليهم الذين يظنون أن تغيير هذا الوضع الذليل المصيب للمسلمين إنما تغييره بالخروج على الحاكمين ثم لا يقف الأمر عند هذه المشكلة و إنما تتسع و تتسع حتى يصبح الخلاف بين المسلمين أنفسهم و يصبح الحكام في معزل عن هذا الخلاف بدأ الخلاف من غلو بعض الإسلاميين في معالجة هذا الواقع الأليم أنه لا بد من محاربة الحكام المسلمين لإصلاح الوضع و إذا بالأمر ينقلب إلى أن هؤلاء المسلمين يتخاصمون مع المسلمين الآخرين الذين يرون أن معالجة الواقع الأليم ليس هو بالخروج على الحاكمين و إن كان كثيرون منهم يستحقون الخروج عليهم بسبب أنهم لا يحكمون بما أنزل الله و لكن هل يكون العلاج كما يزعم هؤلاء الناس هل يكون إزالة الذل الذي أصاب المسلمين من الكفار أن نبدأ بمحاكمة الحاكمين في بلاد الإسلام من المسلمين ولو أن بعضهم نعتبرهم مسلمين جغرافيين كما يقال في العصر الحاضر هنا نحن نقول:
" أوردها سعد و سعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
مما لا شك فيه أن موقف أعداء الإسلام أصالة و هم اليهود و النصارى و الملاحدة من خارج بلاد الإسلام هم أشد بلا شك ضررا من بعض هؤلاء الحكام الذين لا يتجاوبون مع رغبات المسلمين أن يحكموهم بما أنزل الله فماذا يستطيع هؤلاء المسلمون و أعني طرفا أو جانبا منهم وهم الذين يعلنون وجوب محاربة الحاكمين من المسلمين ماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء لو كان الخروج على الحكام واجبا قبل البدء بإصلاح نفوسنا نحن كما هو العلاج الذي بدأ به الرسول عليه السلام إن هؤلاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا إطلاقا و الواقع أكبر دليل على ذلك مع أن العلاج الذي يبتغونه وهو أن يبدؤوا بمحاربة الحكام المسلمين لا يثمر الثمرة المرجوة لأن العلة كما قلت آنفا ليست في الحاكمين فقط بل و في المحكومين أيضا فعليهم جميعا أن يصلحوا أنفسهم و الإصلاح هذا له بجث آخر قد تكلمنا عليه مرارا و تكرارا وقد نتكلم إن شاء الله قريبا عنه , المهم الآن المسلمون كلهم متفقون على أن وضعهم أمر لا يحسدون عليه و لا يغبطون عليه بل هو من الذل و الهوان بحيث لا يعرفون الإسلام فمن أين نبدأ هل يكون البدء بمحاربة الحاكمين الذين يحكمون المسلمين أو يكون البدء بمحاربة الكفار أجمعين من كل البلاد أم يكون البدء بمحاربة النفس الأمارة بالسوء ؟ من هنا يجب البدء ذلك أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم إنما بدء بإصلاح نفوس أفراد من المسلمين المدعوين في أول دعوة الإسلام كما ذكرنا في أول هذا الكلام بدأت الدعوة في مكة ثم انتقلت إلى المدينة ثم بدأت المناوشة بين الكفار و المسلمين ثم بين المسلمين و الروم ثم بين المسلمين و فارس و هكذا كما قلنا آنفا التاريخ يعيد نفسه فالآن المسلمون عليهم أن ينصروا الله لمعالجة هذا الواقع الأليم و ليس بأن يعالجوا جانبا لا يثمر الثمرة المرجوة فيها لو استطاعوا القيام بها ما هو هذا الجانب ؟ محاربة الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله هذا أولا كما قلت آنفا و لا بد من وقفة قصيرة غير مستطاع اليوم محاربة هؤلاء الحكام ذلك لأن هؤلاء الحكام لو كانوا كفارا كاليهود و النصارى فهل المسلمون اليوم يستطيعون محاربة اليهود و النصارى ؟ الجواب لا الأمر تماما كما كان المسلمون الأولون في العهد المكي كانوا مستضعفين أذلاء محاربين معذبين مقتلين لماذا لأنهم كانوا ضعفاء لا حول لهم و لا قوة إلا إيمانهم الذي حل في صدورهم بسبب اتباعهم لدعوة نبيهم صلى الله عليه و آله و سلم هذا الاتباع مع الصبر على الأذى هو الذي أثمر الثمرة المرجوة التي نحن ننشدها اليوم فما هو سبيل الوصول إلى هذه الثمرة؟ نفس السبيل الذي سلكه الرسول عليه الصلاة و السلام مع أصحابه الكرام إذن اليوم لا يستطيع المسلمون محاربة الكفار على اختلاف ضلالاتهم فماذا عليهم ؟ عليهم أن يؤمنوا بالله و رسوله حقا ولكن المسلمين اليوم كما قال رب العالمين: (( و لكن أكثر الناس لا يعلمون )) المسلمون اليوم مسلمون اسما و ليسوا مسلمين حقا أظنكم تشعرون معي بالمقصود من هذا النفي و لكني أذكركم بقوله تعالى: (( قد أفلح المؤمنون 1 الذين هم في صلاتهم خاشعون 2 و الذين هم عن اللغو معرضون 3 والذين هم للزكاة فاعلون 4 و الذين هم لفروجهم حافظون 5 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 6 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 7 )) أي الباغون الظالمون فإذا أخذنا هذه الخصال فقط و لم نتعد هذه الآيات المتضمنة لهذه الخصال إلى آيات أخرى التي فيها ذكر لبعض الصفات و الخصال التي لم تذكر في هذه الآية و هي كلها تدور حول العمل بالإسلام فمن تحققت هذه الصفات المذكورة في هذه الآيات المتلوة آنفا و في آيات أخرى أولئك هم الذين قال الله عز و جل في حقهم: (( أولئك هم المؤمنون حقا )) فهل نحن مؤمنون حقا؟ الجواب لا إذن يا إخوانا لاتضطربوا ولا تجهلوا و تذكروا لتعرفوا داءكم فتعرفوا دواءكم المسلمون اليوم ليسوا مؤمنين حقا لأن الإيمان الحق يتطلب العمل بالحق فنحن المصلين اليوم هذه الخصلة ((قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)) هل نحن خاشعون في صلاتنا أنا ما أتكلم عن فرد اثنين خمسة عشرة مئة مئتين ألف ألفين لا أتكلم عن المسلمين الذين على الأقل الذين يتساءلون ما هو الحل لما أصاب المسلمين ؟ لا أعني أولئك المسلمين اللاهيين الفاسقين الذين لا يهمهم آخرتهم و إنما يهمهم شهواتهم و بطونهم لا أنا أتكلم عن المسلمين المصلين فهل هؤلاء المصلون قد اتصفوا بهذه الصفات المذكورة في أول سورة المؤمنون ؟ الجواب كجماعة كأمة لا إذن
" ترجو النجاة و لم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس "
فلا بد من اتخاذ الأسباب التي هي من تمام السنن الشرعية بعد السنن الكونية حتى يرفع ربنا عز و جل هذا الذل الذي ران علينا جميعا أنا ذكرت هذه الأوصاف من صفات المؤمنين المذكورة في أول هذه السورة لكن هناك في الأحاديث النبوية التي نذكر بها إخواننا دائما ما يذكر بسوء حال المسلمين اليوم و أنهم لو تذكروا هذا السوء لكان من العار عليهم أن يتساءلوا لماذا أصابنا هذا الذل؟ لأنهم قد غفلوا عن مخالفتهم لشريعة الله من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة و السلام: ( إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) هذا الحديث تكلمت عليه كثيرا و كثيرا جدا و بمناسبات عديدة و إنما أنا أقف فقط عند قوله: ( إذا تبايعتم بالعينة ) العينة نوع من الأعمال الربوية و لا أريد أيضا أن أدخل فيها بالذات فهل منكم من يجهل تعامل المسلمين بأنواع من الربا وهذه البنوك الربوية قائمة على ساق و قدم في كل بلاد الإسلام و معترف بها بكل الأنظمة القائمة في بلاد الإسلام و أعود لأقول ليس فقط من الحكام بل و من المحكومين لأن هؤلاء المحكومين هم الذين يتعاملون مع هذه البنوك و هم الذين إذا نوقشوا و قيل لهم: أنتم تعلمون أن الربا حرام و أن الأمر كما قال عليه السلام: ( درهم ربا يأكله الرجل أشد عند الله عز وجل من ست و ثلاثين زنية ) لماذا يا أخي تتعامل بالربا يقول لك: شو بدنا نساوي بدنا نعيش إذن القضية ما لها علاقة بالحكام إلا علاقة قبل الحكام بالمحكومين المحكومون هم في حقيقة أمرهم يليق بهم مثل هؤلاء الحكام و كما يقولون: " دود الخل منه و فيه " " دود الخل منه و فيه " هؤلاء الحكام ما نزلوا علينا من المريخ و إنما نبعوا منا و فينا فإذا أردنا صلاح أوضاعنا فلا يكون ذلك بأن نعلن الحرب الشعواء على حكامنا و أن ننسى أنفسنا و نحن من تمام مشكلة الوضع القائم اليوم في العالم الإسلامي لذلك نحن ننصح المسلمين أن يعودوا إلى دينهم و أن يطبقوا ما عرفوه من دينهم و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله كل المشاكل القائمة اليوم و التي يتحمس بعض الشباب و يقول: ما العمل؟ سواء قلنا: ما هو بجانبنا من المصيبة التي حلت بالعالم الإسلامي و العالم العربي وهو احتلال اليهود لفلسطين أو قلنا مثلا محاربة الصليبيين للمسلمين في أرتيريا و في الصومال في البوسنة و الهرسك والهرسك في في إلى آخر البلاد المعروفة اليوم هذه المشاكل كلها لا يمكن أن تعالج بالعاطفة و إنما تعالج بالعلم و العمل (( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) وقل اعملوا الآن نقف عند هذه النقطة العمل للإسلام اليوم في الساحة الإسلامية له صور كثيرة و كثيرة جدا وفي جماعات و أحزاب متعددة والحقيقة أن هذه الأحزاب من مشكلة العالم الإسلامي التي تكبر المشكلة أكثر مما يراها بعضهم بعضهم يرى أن المشكلة احتلال اليهود لفلسطين أن المشكلة ما ذكرناه آنفا محاربة الكفار لكثير من البلاد الإسلامية و أهلها لا نحن نقول المشكلة أكبر وهو تفرق المسلمين ، المسلمون أنفسهم متفرقون شيعا و أحزابا خلاف قول الله تبارك و تعالى: (( و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) الآن الجماعات الإسلامية مختلفون في طريقة معالجة المشكلة التي يشكو منها كل الجماعات الإسلامية وهي الذل الذي ران على المسلمين و كيف السبيل للخلاص منه هناك طرق الطريقة الأولى وهي الطريقة المثلى التي لا ثاني لها وهي التي ندعو إليها دائما أبدا و هي فهم الإسلام فهما صحيحا و تطبيقه و تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى تلك هي سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كما ذكرنا و نذكر دائما و أبدا فرسول الله بدأ بأصحابه أن دعاهم إلى الإيمان بالله و رسوله أن علمهم بأحكام الإسلام و أمرهم بتطبيقها و حينما كانوا يشكون إليه ما يصيبهم من ظلم المشركين و تعذيبهم إياهم كان يأمرهم بالصبر يأمرهم بالصبر و أن هكذا سنة الله في خلقه أن يحارب الحق بالباطل و أن يحارب المؤمنون بالمشركين و هكذا فالطريق الأولى لمعاجة هذا الأمر الواقع العلم النافع و العمل الصالح هناك حركات و دعوات أخرى كلها تلتقي على خلاف الطريقة الأولى و المثلى و التي لا ثاني لها وهي اتركوا الإسلام الآن جانبا من حيث وجوب فهمه و من حيث وجوب العمل به الأمر الآن أهم من هذا الأمر وهو أن نتجمع و أن نتوحد على محاربة الكفار سبحان الله كيف يمكن محاربة الكفار بدون سلاح كل إنسان عنده ذرة من عقل أنه أنه إذا لم يكن لديه سلاح مادي فهو لا يستطيع أن يحارب عدوه المسلح ليس بسلاح مادي بل بأسلحة مادية فإذا أراد أن يحارب عدوه هذا المسلح وهو غير مسلح ماذا يقال له؟ حاربه حاربه دون أن تتسلح أم تسلح ثم حارب لا خلاف في هذه المسألة أن الجواب تسلح ثم حارب هذا من الناحية المادية لكن من الناحية المعنوية الأمر أهم بكثير من هذا إذا أردنا أن نحارب الكفار فسوف لا يمكننا أن نحارب الكفار بأن ندع الإسلام جانبا لأن هذا خلاف ما أمر الله عز و جل و رسوله المؤمنين في مثل آيات كثيرة منها قوله تعالى: (( و العصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر 3 )) إن الإنسان لفي خسر نحن الآن بلا شك في خسر لماذا؟ لأننا لم نأخذ بما ذكر الله عز و جل من الاستثناء حين قال: (( إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) نحن الآن نقول آمنا بالله و رسوله لكن حينما ندعو المسلمين المتحزبين المتجمعين المتكتلين على خلاف دعوة الحق الرجوع إلى الكتاب و السنة يقولون :هذا ندعه الآن جانبا الأمر الأهم و هو محاربة الكفار فنقول بسلاح أم بدون سلاح؟
" أوردها سعد و سعد مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل "
مما لا شك فيه أن موقف أعداء الإسلام أصالة و هم اليهود و النصارى و الملاحدة من خارج بلاد الإسلام هم أشد بلا شك ضررا من بعض هؤلاء الحكام الذين لا يتجاوبون مع رغبات المسلمين أن يحكموهم بما أنزل الله فماذا يستطيع هؤلاء المسلمون و أعني طرفا أو جانبا منهم وهم الذين يعلنون وجوب محاربة الحاكمين من المسلمين ماذا يستطيع أن يفعل هؤلاء لو كان الخروج على الحكام واجبا قبل البدء بإصلاح نفوسنا نحن كما هو العلاج الذي بدأ به الرسول عليه السلام إن هؤلاء لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا إطلاقا و الواقع أكبر دليل على ذلك مع أن العلاج الذي يبتغونه وهو أن يبدؤوا بمحاربة الحكام المسلمين لا يثمر الثمرة المرجوة لأن العلة كما قلت آنفا ليست في الحاكمين فقط بل و في المحكومين أيضا فعليهم جميعا أن يصلحوا أنفسهم و الإصلاح هذا له بجث آخر قد تكلمنا عليه مرارا و تكرارا وقد نتكلم إن شاء الله قريبا عنه , المهم الآن المسلمون كلهم متفقون على أن وضعهم أمر لا يحسدون عليه و لا يغبطون عليه بل هو من الذل و الهوان بحيث لا يعرفون الإسلام فمن أين نبدأ هل يكون البدء بمحاربة الحاكمين الذين يحكمون المسلمين أو يكون البدء بمحاربة الكفار أجمعين من كل البلاد أم يكون البدء بمحاربة النفس الأمارة بالسوء ؟ من هنا يجب البدء ذلك أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم إنما بدء بإصلاح نفوس أفراد من المسلمين المدعوين في أول دعوة الإسلام كما ذكرنا في أول هذا الكلام بدأت الدعوة في مكة ثم انتقلت إلى المدينة ثم بدأت المناوشة بين الكفار و المسلمين ثم بين المسلمين و الروم ثم بين المسلمين و فارس و هكذا كما قلنا آنفا التاريخ يعيد نفسه فالآن المسلمون عليهم أن ينصروا الله لمعالجة هذا الواقع الأليم و ليس بأن يعالجوا جانبا لا يثمر الثمرة المرجوة فيها لو استطاعوا القيام بها ما هو هذا الجانب ؟ محاربة الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله هذا أولا كما قلت آنفا و لا بد من وقفة قصيرة غير مستطاع اليوم محاربة هؤلاء الحكام ذلك لأن هؤلاء الحكام لو كانوا كفارا كاليهود و النصارى فهل المسلمون اليوم يستطيعون محاربة اليهود و النصارى ؟ الجواب لا الأمر تماما كما كان المسلمون الأولون في العهد المكي كانوا مستضعفين أذلاء محاربين معذبين مقتلين لماذا لأنهم كانوا ضعفاء لا حول لهم و لا قوة إلا إيمانهم الذي حل في صدورهم بسبب اتباعهم لدعوة نبيهم صلى الله عليه و آله و سلم هذا الاتباع مع الصبر على الأذى هو الذي أثمر الثمرة المرجوة التي نحن ننشدها اليوم فما هو سبيل الوصول إلى هذه الثمرة؟ نفس السبيل الذي سلكه الرسول عليه الصلاة و السلام مع أصحابه الكرام إذن اليوم لا يستطيع المسلمون محاربة الكفار على اختلاف ضلالاتهم فماذا عليهم ؟ عليهم أن يؤمنوا بالله و رسوله حقا ولكن المسلمين اليوم كما قال رب العالمين: (( و لكن أكثر الناس لا يعلمون )) المسلمون اليوم مسلمون اسما و ليسوا مسلمين حقا أظنكم تشعرون معي بالمقصود من هذا النفي و لكني أذكركم بقوله تعالى: (( قد أفلح المؤمنون 1 الذين هم في صلاتهم خاشعون 2 و الذين هم عن اللغو معرضون 3 والذين هم للزكاة فاعلون 4 و الذين هم لفروجهم حافظون 5 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 6 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 7 )) أي الباغون الظالمون فإذا أخذنا هذه الخصال فقط و لم نتعد هذه الآيات المتضمنة لهذه الخصال إلى آيات أخرى التي فيها ذكر لبعض الصفات و الخصال التي لم تذكر في هذه الآية و هي كلها تدور حول العمل بالإسلام فمن تحققت هذه الصفات المذكورة في هذه الآيات المتلوة آنفا و في آيات أخرى أولئك هم الذين قال الله عز و جل في حقهم: (( أولئك هم المؤمنون حقا )) فهل نحن مؤمنون حقا؟ الجواب لا إذن يا إخوانا لاتضطربوا ولا تجهلوا و تذكروا لتعرفوا داءكم فتعرفوا دواءكم المسلمون اليوم ليسوا مؤمنين حقا لأن الإيمان الحق يتطلب العمل بالحق فنحن المصلين اليوم هذه الخصلة ((قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون)) هل نحن خاشعون في صلاتنا أنا ما أتكلم عن فرد اثنين خمسة عشرة مئة مئتين ألف ألفين لا أتكلم عن المسلمين الذين على الأقل الذين يتساءلون ما هو الحل لما أصاب المسلمين ؟ لا أعني أولئك المسلمين اللاهيين الفاسقين الذين لا يهمهم آخرتهم و إنما يهمهم شهواتهم و بطونهم لا أنا أتكلم عن المسلمين المصلين فهل هؤلاء المصلون قد اتصفوا بهذه الصفات المذكورة في أول سورة المؤمنون ؟ الجواب كجماعة كأمة لا إذن
" ترجو النجاة و لم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس "
فلا بد من اتخاذ الأسباب التي هي من تمام السنن الشرعية بعد السنن الكونية حتى يرفع ربنا عز و جل هذا الذل الذي ران علينا جميعا أنا ذكرت هذه الأوصاف من صفات المؤمنين المذكورة في أول هذه السورة لكن هناك في الأحاديث النبوية التي نذكر بها إخواننا دائما ما يذكر بسوء حال المسلمين اليوم و أنهم لو تذكروا هذا السوء لكان من العار عليهم أن يتساءلوا لماذا أصابنا هذا الذل؟ لأنهم قد غفلوا عن مخالفتهم لشريعة الله من تلك الأحاديث قوله عليه الصلاة و السلام: ( إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) هذا الحديث تكلمت عليه كثيرا و كثيرا جدا و بمناسبات عديدة و إنما أنا أقف فقط عند قوله: ( إذا تبايعتم بالعينة ) العينة نوع من الأعمال الربوية و لا أريد أيضا أن أدخل فيها بالذات فهل منكم من يجهل تعامل المسلمين بأنواع من الربا وهذه البنوك الربوية قائمة على ساق و قدم في كل بلاد الإسلام و معترف بها بكل الأنظمة القائمة في بلاد الإسلام و أعود لأقول ليس فقط من الحكام بل و من المحكومين لأن هؤلاء المحكومين هم الذين يتعاملون مع هذه البنوك و هم الذين إذا نوقشوا و قيل لهم: أنتم تعلمون أن الربا حرام و أن الأمر كما قال عليه السلام: ( درهم ربا يأكله الرجل أشد عند الله عز وجل من ست و ثلاثين زنية ) لماذا يا أخي تتعامل بالربا يقول لك: شو بدنا نساوي بدنا نعيش إذن القضية ما لها علاقة بالحكام إلا علاقة قبل الحكام بالمحكومين المحكومون هم في حقيقة أمرهم يليق بهم مثل هؤلاء الحكام و كما يقولون: " دود الخل منه و فيه " " دود الخل منه و فيه " هؤلاء الحكام ما نزلوا علينا من المريخ و إنما نبعوا منا و فينا فإذا أردنا صلاح أوضاعنا فلا يكون ذلك بأن نعلن الحرب الشعواء على حكامنا و أن ننسى أنفسنا و نحن من تمام مشكلة الوضع القائم اليوم في العالم الإسلامي لذلك نحن ننصح المسلمين أن يعودوا إلى دينهم و أن يطبقوا ما عرفوه من دينهم و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله كل المشاكل القائمة اليوم و التي يتحمس بعض الشباب و يقول: ما العمل؟ سواء قلنا: ما هو بجانبنا من المصيبة التي حلت بالعالم الإسلامي و العالم العربي وهو احتلال اليهود لفلسطين أو قلنا مثلا محاربة الصليبيين للمسلمين في أرتيريا و في الصومال في البوسنة و الهرسك والهرسك في في إلى آخر البلاد المعروفة اليوم هذه المشاكل كلها لا يمكن أن تعالج بالعاطفة و إنما تعالج بالعلم و العمل (( و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله ثم تردون إلى عالم الغيب و الشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )) وقل اعملوا الآن نقف عند هذه النقطة العمل للإسلام اليوم في الساحة الإسلامية له صور كثيرة و كثيرة جدا وفي جماعات و أحزاب متعددة والحقيقة أن هذه الأحزاب من مشكلة العالم الإسلامي التي تكبر المشكلة أكثر مما يراها بعضهم بعضهم يرى أن المشكلة احتلال اليهود لفلسطين أن المشكلة ما ذكرناه آنفا محاربة الكفار لكثير من البلاد الإسلامية و أهلها لا نحن نقول المشكلة أكبر وهو تفرق المسلمين ، المسلمون أنفسهم متفرقون شيعا و أحزابا خلاف قول الله تبارك و تعالى: (( و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) الآن الجماعات الإسلامية مختلفون في طريقة معالجة المشكلة التي يشكو منها كل الجماعات الإسلامية وهي الذل الذي ران على المسلمين و كيف السبيل للخلاص منه هناك طرق الطريقة الأولى وهي الطريقة المثلى التي لا ثاني لها وهي التي ندعو إليها دائما أبدا و هي فهم الإسلام فهما صحيحا و تطبيقه و تربية المسلمين على هذا الإسلام المصفى تلك هي سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم كما ذكرنا و نذكر دائما و أبدا فرسول الله بدأ بأصحابه أن دعاهم إلى الإيمان بالله و رسوله أن علمهم بأحكام الإسلام و أمرهم بتطبيقها و حينما كانوا يشكون إليه ما يصيبهم من ظلم المشركين و تعذيبهم إياهم كان يأمرهم بالصبر يأمرهم بالصبر و أن هكذا سنة الله في خلقه أن يحارب الحق بالباطل و أن يحارب المؤمنون بالمشركين و هكذا فالطريق الأولى لمعاجة هذا الأمر الواقع العلم النافع و العمل الصالح هناك حركات و دعوات أخرى كلها تلتقي على خلاف الطريقة الأولى و المثلى و التي لا ثاني لها وهي اتركوا الإسلام الآن جانبا من حيث وجوب فهمه و من حيث وجوب العمل به الأمر الآن أهم من هذا الأمر وهو أن نتجمع و أن نتوحد على محاربة الكفار سبحان الله كيف يمكن محاربة الكفار بدون سلاح كل إنسان عنده ذرة من عقل أنه أنه إذا لم يكن لديه سلاح مادي فهو لا يستطيع أن يحارب عدوه المسلح ليس بسلاح مادي بل بأسلحة مادية فإذا أراد أن يحارب عدوه هذا المسلح وهو غير مسلح ماذا يقال له؟ حاربه حاربه دون أن تتسلح أم تسلح ثم حارب لا خلاف في هذه المسألة أن الجواب تسلح ثم حارب هذا من الناحية المادية لكن من الناحية المعنوية الأمر أهم بكثير من هذا إذا أردنا أن نحارب الكفار فسوف لا يمكننا أن نحارب الكفار بأن ندع الإسلام جانبا لأن هذا خلاف ما أمر الله عز و جل و رسوله المؤمنين في مثل آيات كثيرة منها قوله تعالى: (( و العصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر 3 )) إن الإنسان لفي خسر نحن الآن بلا شك في خسر لماذا؟ لأننا لم نأخذ بما ذكر الله عز و جل من الاستثناء حين قال: (( إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين ءامنوا و عملوا الصالحات و تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) نحن الآن نقول آمنا بالله و رسوله لكن حينما ندعو المسلمين المتحزبين المتجمعين المتكتلين على خلاف دعوة الحق الرجوع إلى الكتاب و السنة يقولون :هذا ندعه الآن جانبا الأمر الأهم و هو محاربة الكفار فنقول بسلاح أم بدون سلاح؟
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 760
- توقيت الفهرسة : 00:16:24
- نسخة مدققة إملائيًّا