كيف نقوم بالدعوة إلى الله تعالى في هذه الأزمنة المتأخرة .
A-
A=
A+
الشيخ : فإذن قضية الدعوة إلى التوحيد وتثبيتها في قلوب الناس ما يكفي أن نمرر آيات كما كان الأمر في العهد في الأول لأنهم أولا كانوا يفهمون العبارات العربية بيسر وثانيا لم يكن هناك زيغ وانحراف في العقيدة نبع من الفلسفة ومن علم الكلام فقام يعارض العقيدة السليمة فنحن أوضاعنا اليوم تختلف تماما فلا يجوز أن نتوهم بأن الدعوة إلى العقيدة الصحيحة هي اليوم من اليسر كما كان الأمر في ذلك اليوم من اليسر وأقرب لكم هذا بمثل لا يختلف فيه اثنان ولا ينتطح فيه عنزان إن شاء الله من اليسر المعروف يومئذ أن الصحابي يسمع الحديث من رسول الله صلى الله عليه وآله سلم مباشرة ثم التابعي يسمع الحديث من الصحابي مباشرة وهكذا نقف عند القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية هل كان هناك شيء اسمه علم الحديث؟ لم يكن هناك شيء اسمه علم الحديث ، علم الجرح والتعديل لم يكن شيء منه ، أما الآن فهذا أمر لا بد منه وهو فرض من فروض الكفاية العالم اليوم لكي يتمكن من معرفة هذا حديث صحيح أو ضعيف ليس هذا ميسر له كما كان الأمر بالنسبة للصحابة لأنه يتلقى الحديث من فم النبي صلى الله عليه وآله سلم غضا طريا ثم التابعي يتلقاه من الصحابة الذين زكوا بشهادة الله عز وجل لهم إلى آخره . فما كان ميسورا يومئذ ليس ميسورا اليوم لهذا ينبغي ملاحظة هذا الأمر والاهتمام كما ينبغي مما يتناسب مع المشاكل المحيطة بنا اليوم بصفتنا مسلمين ما لم يكن المسلمون الأولون قد أحاط بهم مما أحاط بنا من الإشكالات والشبهات وعلم الكلام من أجل ذلك أو يحسن بنا أن نذكر من أجل ذلك جاء في بعض الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله سلم لما ذكر الغرباء في بعضها قال: ( للواحد منهم خمسون من الأجر قالوا منا يا رسول الله أم منهم؟ قال: لا منكم ) ثم علل لذلك بقوله عليه السلام: ( إنكم تجدون على الحق أنصارا ولا يجدون على الحق أنصارا ) هذا من مقتضى الغربة الشديدة القائمة اليوم التي لم تكن في الزمن الأول لا شك أن الزمن الأول الغربة كانت بين شرك وتوحيد بين كفر وإيمان أما الآن المشكلة بين المسلمين أنفسهم فهذه قضية ينبغي الانتباه لها أولا ، ثانيا لا ينبغي أن يقول ناس من الناس ولنقل نحن مثلا معشر السلفيين محصورين في بلد ما نحن الآن ينبغي أن ننتقل إلى مرحلة أخرى غير مرحلة الدعوة إلى التوحيد وأعني بهذه المرحلة الأخرى هو العمل السياسي لا ينبغي أن نقول هذا لأن الإسلام دعوته دعوة حق أولا ، وعامة ثانيا ، نحن ما ندري من أين سينبع الحركة التي يبدأ منها تحقيق الحكم بالإسلام في أرض الله الواسعة ولذلك فيجب أن تكون دعوتنا عامة إن كانت مثلا دعوتنا في بلد عربي كمثل بلدنا هذا مثلا فما ينبغي أن نقول نحن عرب والقرآن نزل بلغة العرب مع أننا نذكر بأن العرب اليوم كبعض الأعاجم الذين استعربوا ، العرب اليوم استعجموا بسبب بعدهم عن لغتهم وهذا مما أبعدهم عن فهم كتاب ربهم وسنة نبيهم فهب أننا العرب هنا فهمنا الإسلام فهما صحيحا فلا نقنع بأننا نكفي نحن أن نعمل عملا سياسيا ونحرك الناس ونشغلهم بالسياسة عما يجب عليهم من الاشتغال في فهم الإسلام كما قلنا آنفا ليس محصورا بالعقيدة بل بالعبادة وفي المعاملات وفي السلوك أنا لا أعتقد أن هناك في الأرض الإسلامية العامة شعبا يعد الملايين يمكن أن يعتمد عليهم بأنهم فهموا الإسلام بهذه الأمور الثلاثة التي سبق ذكرها عقيدةً وعبادةً وسلوكاً ، ورُبّوا على هذه التربية لا أعتقد هذا موجود ولذلك نحن ندندن دائما وأبدا حول ونركز حول نقطتين أساسيتين وكثير من إخواننا الحاضرون يعلمون ذلك حينما نقول التربية فإنما نعني من هذه التربية التربية القائمة على التصفية فلا بد من الأمرين معا التصفية والتربية فإن كان هناك نوع من التصفية وهو في العقيدة وليس بصورة عامة وفي شعب قد يعد الملايين وإنما ذلك في أفراد منهم ضاعوا في هذا المجتمع الواسع فليس لهم كلمة وليس لهم ما يجمعهم حتى يكونوا كتلة واحدة بحيث يمكنهم أن يؤثروا في ذلك المجتمع الذي جزء من المجتمع الإسلامي الكبير أعني شعبا من الشعوب فقد يكون هناك أفراد فهموا الإسلام فهما صحيحا من كل الجوانب نفترض هذا وهذا بعيد جدا لأني أعتقد أن فردا بل و لا خمسة ولا عشرة ولا عشرين يستطيعون أن يقوموا بواجب التصفية ، تصفية الإسلام مما دخل فيه في كل جوانب الإسلام من عقيدة من عبادة من سلوك من معاملة وما شابه ذلك لا يستطيع أن ينهض بهذا الواقع أفراد قليلون خاصة في هذا المجتمع الذي يعد بالملايين لا بد أن يكون هناك المئات من الدعاة الذين فهموا الإسلام فهما صحيحا ثم قاموا بواجب تربية من حولهم التربية هذه الآن مفقودة فيكون للتحرك السياسي الآن آثار سيئة قبل تحقيق هاتين القضيتين الهامتين التصفية والتربية هل نعني بكلمة التحقيق تحقيق ذلك في المجتمع الإسلامي كله ؟ هذا مما لا نفكر فيه ولا مناما لأن هذا أمر مستحيل لأن الله عز وجل يقول في القرآن الكريم: (( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك )) هؤلاء المرحومون لا يتحقق فيهم أنهم مرحومون فعلا من ربنا تبارك وتعالى إلا إذا فهموا الإسلام فهما صحيحا وربّوا أنفسهم أيضا على هذا الإسلام الصحيح فالاشتغال الآن بما يسمى بالعمل السياسي ونحن لا ننكر العمل السياسي لكننا نعتقد بالتسلسل المنطقي الشرعي في آن واحد أن نبدأ بالعقيدة ونثني بالعبادة وبالسلوك تصليحا لكل هذه الأمور ثم لابد أن يأتي يوم لا بد من العمل السياسي فيه لأن السياسة معناها إدارة شؤون الأمة من الذي يدير شؤون الأمة ليس زيد وبكر وعمر الذي هو يتريس على جماعة أو يوجه جماعة هذا أمر الأمير الإمام الأول يعني الذي يبايع من قبل المسلمين فهذا هو الذي يجب أن يكون على معرفة بسياسة الواقع أما أن نشغل أنفسنا بأمور نحن لو عرفنا حق المعرفة لا نتمكن من إدارتها ، لنضرب مثلا واضحا جدا اليوم مع الأسف الشديد هذه الحروب القائمة ضد المسلمين اليوم في كثير من بلاد الإسلام هل يفيد تحريك وإثارة حماس المسلمين في كل بلاد الدنيا ونحن لا نملك الجهاد الواجب إثارته من إمام مسؤول لا فائدة من هذا العمل لا نقول هذا ليس بواجب هو واجب ولكنه أمر سابق لأوانه ولذلك فعلينا أن نشغل أنفسنا وأن نشغل غيرنا ممن ندعوهم إلى دعوتنا أن نفهم الإسلام الصحيح وأن نربيهم تربية صحيحة ، وإشغالهم بأمور حماسية فذلك مما سيصرفهم عن التمكن في الدعوة التي هي تجب أن يقوم بها أو أن تقوم في ذهن كل مكلف من المسلمين كتصحيح العقيدة وتصحيح العبادة وتصحيح السلوك هذه من الفروض العينية التي لا يعذر مقصر فيها أما الأمور الأخرى فهي بعضها يكون من الفروض الكفائية كما يقال اليوم من معرفة الفقه الواقع أو الاشتغال بالعمل السياسى أو ما شابه ذلك هذا إذا عرفه بعض الأفراد إذا كان بإمكانهم أن يستفيدوا من ذلك عملياً أما أن يشغلوا جمهور الناس به فذلك مما يشغلهم بالمهم عن الأهم وهذا هو الذي نراه ملموسا لمس اليد في كثير من الجماعات الإسلامية أو الأحزاب الإسلامية حيث نعرف أن بعضهم كان يهتم بتربية الشباب المسلم المتكتل والملتف حول هؤلاء الدعاة ليفهموا العقيدة الصحيحة والعبادة الصحيحة والسلوك الصحيح وإذا بهم بسبب الانشغال بالسياسة ومحاولة الدخول في البرلمانات التي تحكم بغير ما أنزل الله فقد صرفهم عن الجانب الأهم واشتغلوا بما هو مهم وقد لا يكون مهما في ظرف من الظروف القائمة الآن بظني أنه جاء في سؤالك شيء لعله صار بعيدا عن ذهني فتذكرني به إن شاء الله .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 750
- توقيت الفهرسة : 00:35:55
- نسخة مدققة إملائيًّا