في بعض المجتمعات الإسلامية لايزال الخير ظاهرا فما هي نصيحتكم للدعاة هناك للحفاظ على هذا الخير ؟
A-
A=
A+
السائل : شيخنا سلمك الله.
الشيخ : وإياك.
السائل : بعض المجتمعات الإسلامية أو المجتمعات الإسلامية تختلف أحوالهم من فترة إلى فترة ، فبعضها قد وصل الحضيض وبعضها قد أرفع منه بقليل ، وبعضها ما زال الخير فيه ظاهرًا ، وسؤالي ما كان فيه الخير ظاهرًا والناس بدؤوا يتهاونون في التمسك بدينهم وقد منَّ الله عليهم بعقيدة سليمة وبدءوا يفرطون في السلوك وفي المعاملات ما نصيحتك للدعاة هناك في المحافظة على هذا المجتمع ؟ وما هي الطريقة المنشودة في الحفاظ عليها على ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ؟.
الشيخ : لا شك أن الدعاة يجب أن يبينوا للأمة بأجمعها وعلى مراتبها التي أشرت إليها في سؤالك أن يبينوا لهم بأن الإسلام والإيمان قول وعمل ، وأنه يزيد وينقص ، وأن زيادته إنما هي بالعمل الصالح ونقصانه إنما هو بترك العمل الصالح وارتكاب ما نهى الله - تبارك وتعالى - عنه .
وهذا في الواقع يتعلق بطرف من أطراف العقيدة الصحيحة ، ذلك لأن الإيمان لا يزال كثير من المسلمين اليوم يتبنون مذهبًا قديمًا يقول : بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وهذا خلاف ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة ، وإن كان أصحاب ذلك المذهب لا يُنكرون وجوب العمل الصالح ولكنهم لا يجعلونه من الإيمان ، فحينما يأمر ربنا عز وجل الناس بأن يدخلوا في السلم كافة وأن يؤمنوا بالله ورسوله فهو لا يعني فقط أن يظل المسلم يقتصر على قوله : لا إله إلا الله محمد رسول الله . ثم هو لا يقوم بحق هذه الشهادة أو بحق هاتين الشهادتين !.
الشهادة الأولى : " لا إله إلا الله " هذه كما تعلمون ولا أفيض في هذا الجانب تستلزم فهم المسلم للتوحيد بأقسامه الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية أو العبادة ، وتوحيد الأسماء و الصفات .
لكن الشهادة الثانية : وهي " أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تستلزم أولًا : الفهم الصحيح لرسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم العمل بها كما جاء في قصة غزو أبي بكر الصديق ومحاربته لأهل الردة وشو اسمه هذا مدعي النبوة؟
السائل: مسيلمة
الشيخ: مسيلمة الكذاب فكان هناك وقفة من بعض الصحابة أن هؤلاء فيهم من يشهد أن لا إله إلا الله فكيف تقاتلهم والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث كما تعلمون : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) فناقش أبا بكر الصديق كيف تقاتلهم وهم يشهدون ؟ فذكره بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إلا بحقها ) ومن حق الشهادة القيام بمتطلباتها من أركان ومنها إعطاء الزكاة ، ولذلك انشرح قلب عمر لهذه اللفتة التي لفت أبو بكر نظره واتفقوا والحمد لله جميعًا على مقاتلة أهل الردة ونصرهم الله عز وجل .
فإذًا من مقتضيات هذه الشهادة : هو أن نفهم من لوازم الإيمان العمل بأركان الإسلام بل وبكل فضيلة جاء بها الإسلام فذلك العمل الصالح هو الذي يغذي الإيمان ويقويه والعكس بالعكس تمامًا ، ولهذا فذاك المذهب الذي يقول : بأن الأعمال الصالحة لا تدخل في مسمى الإيمان يكون من آثاره عدم الاهتمام بالأعمال الصالحة ، فلذلك فحمل المسلمين على العناية بالأعمال الصالحة يبدأ من شرح الإيمان الصحيح أنه قول وعمل وأنه يزيد وينقص وليس فقط قول بـ " لا إله إلا الله محمدًا رسول الله " مع الإقرار بها ثم الأعمال الصالحة ، هذه أمور واجبة ليس لها علاقة بمسمى الإيمان .
ولذلك فقبل كل شيء يجب على الدعاة الإسلاميين أن يربطوا الأعمال الصالحة بالعقيدة ، وأُسُّ هذه العقيدة ألا وهو الإيمان ، وأن الأعمال الصالحة هي من مسمى الإيمان ، وهذا بحث قام في شرحه وتفصيل الكلام فيه أهل العلم وبخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه المعروفة بهذا الاسم " الإيمان " .
فربنا عز وجل حينما يذكر الإيمان يقرنه دائمًا وأبدًا بالعمل الصالح ، وأشهر سورة في ذلك هي سورة " العصر " (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . )) فهكذا يجب أن يدندن الدعاة دائمًا وأبدًا إلى دعوة المسلمين إلى أن يعملوا وألا يقتصروا على معرفتهم للتوحيد وللعقيدة الصحيحة إن كان هناك فعلًا قد عرف المكلفون جميعًا العقيدة الصحيحة لأنها في الواقع لا تقتصر على معرفة التوحيد بأقسامه الثلاثة كما ذكرنا ، بل يجب أن يُضم إلى ذلك كل ما جاء في الكتاب والسنة ، فقد نجد كثيرًا من الناس ممن لا علم عندهم ينكرون كثيرًا من الحقائق الشرعية الغيبية وهم موحدون يشهدون بأن لا إله إلا الله بالمعنى الصحيح ولكن لجهلهم قد ينكرون أشياء هي ثابتة في الكتاب والسنة خاصة في هذا العصر الحاضر عصر الفتن ، عصر رجوع الفرق الإسلامية بأفكارها ولو كانت بعيدة عن أسمائها فكالقدرية مثلًا ، فالمعتزلة هم الآن أفكارهم سائدة ومسيطرة على كثير من المسلمين وإن كانت ليس باسم الاعتزال واسم القدرية ونحو ذلك .
ويجب أن يذكر هؤلاء الذين يهملون العمل متواكلين على الإيمان الذي وقر في القلب بزعمهم أن يُذكروا بالحقيقة السابقة أن الإيمان يزيد بالعمل الصالح زائد أن يحذروا من نتيجة الإهمال للقيام بما فرض الله عز وجل من العبادات كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالصلاة : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ، فمن ترك الصلاة فقد كفر ) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، ولا ينتهب النهبة وهو مؤمن . . ) وهكذا يجب أن يُذكروا بالأحاديث التي تأمر المسلمين بما فرض الله عليهم وبالأحاديث التي تحذرهم من أن يواقعوا فيما نهاهم الله عنه - تبارك وتعالى - .
من ذلك مثلا : ما نراه في كثير من البلاد سواء كانت من الطبقة العليا وفيها الخير الكثير فضلًا عمن دونها من تبرج النساء وخروجهم عن الآداب الإسلامية الواجبة كمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( صنفان من الناس لم أرهما بعد : رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، العنهن فإنهن ملعونات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
كذلك مثلًا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا خرجت المرأة من بيتها متطيبة ليجد الرجال رائحتها فهي زانية ) ولو أن امرأة خرجت من بيتها متجلببة الجلباب الشرعي لا يُرى منها شيء لا وجهها ولا كفاها لكنها ريحُها ملأت الطريق والرجال إذا مروا من هنا ولو لم يروا المرأة يخطر في بالهم أن هناك امرأة مرت في هذا المكان ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في حقها : إنها زانية . هذا مثلًا من الأمثلة التي نهى الرسول فيها النساء .
الرجال، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كتب على ابن آدم حظه من الدنيا فهو مدركه لا محالة ، العين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والرِّجل تزني وزناها المشي , والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) .
فهذه كلها ظواهر مشاهدة اليوم من كثير من المسلمين والمسلمات حيث أنهم أهملوا القيام بما أمر الله من جهة أو واقعوا الحرمات التي نهى الله - تبارك وتعالى - عنها .
مثلًا : بدأ ينتشر في العصر الحاضر في بلاد كان من هديها ومن عادتها اتباع سنة نبيها - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو إعفاؤهم للحى، فالآن بدأت هذه الظاهرة في بعض البلاد التي كانت تلك عادتها طيبة انعكس الأمر فيها ، فبدأ حلق اللحية ينتشر فيها انتشارًا مريعًا جدًا وهذا أيضًا فيه مخالفات للكتاب وللسنة في نصوصها الكثيرة والكثيرة جدًا بحيث أن العالم المسلم إذا وقف عليها امتلأ قلبه قناعة لأنها ليست من المحرمات فقط بل هي من الكبائر ولذلك فعلى هؤلاء الدعاة أن يبينوا هذه المفاسد التي بدأت تنتشر ، منها مثلًا : حلق اللحية .
منها مثلا : نتف النساء لحواجبهن ، لخدودهن ، لسواعدهن ، لسوقهن ، كل هذه الأشياء محرمة بنص الكتاب والسنة .
فالقرآن الكريم يحكي عن إبليس الرجيم بأنه حينما صار لعينًا من رب العالمين قال وهو يروي غيظ قلبهم : ( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغرن خلق الله ) فتغيير خلق الله ، هذه الآية تنص على أنه فيه طاعة للشيطان ومعصية للرحمن .
فالآية قاعدة أنه لا يجوز تغيير خلق الله عز وجل ثم جاءت بعض الأحاديث لتؤكد أن تغيير خلق الله هو معصية لله وطاعة للشيطان .
من ذلك : ما أشرت إليه آنفًا من حلق اللحية ونتف للحواجب وغيرها حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ، وخالفوا اليهود والنصارى ) .
وفي الحديث الآخر الذي جاء في " طبقات ابن سعد " المعروفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رسول كسرى حينما جاء المدينة وقد حلق لحيته فقال : ( من أمرك بهذا ؟ ) قال: أمرني ربي . يعني: كسرى ، قال - عليه السلام - : (أما ربي فأمرني بإعفاء اللحية وقص الشارب ) .
فالآن هذه الظاهرة انتشرت في كثير من البلاد ، فعلى الدعاة أن ينبهوا إلى سوئها ونكارتها وأنها من المعاصي الكبار وليس كما يظن الجماهير أنها سنة ، فهي إذًا سنة ، والسنة تعريفها عندهم من فعلها أثيب عليها ومن تركها لم يعاقب عليها ، هذه فريضة من الفرائض على كل مسلم أن يعفو عن لحيته وألا يحلقها ، كذلك مثلًا فيما يتعلق بقضية خلق الله النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات ، والفالجات ) ، وفي رواية أخرى في هذا الحديث ( والواصلات والمستوصلات ، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن ) هذه الأشياء ونحوها كثير وكثير جدًا ، ومرجعها الكتب التي أُلفت تحت عنوان الكبائر ككتاب الذهبي وكتاب الزواجر للهيثمي ونحو ذلك ، فلا يجوز إذًا أن يسكت الدعاة عن تنبيه الناس إلى أنه يجب العمل الصالح ويجب عليهم الانتهاء عمَّا حرم الله عز وجل حتى يتمكنوا في ذلك من المحافظة على إيمانهم أولًا وعلى زيادته لأنه ليس من طبيعة الشيء إذا لم يزدد إلا أن ينقص وأن يرجع إلى الوراء .
هذا ما يحضرني الآن من الكلام حول ذاك سؤال
الشيخ : وإياك.
السائل : بعض المجتمعات الإسلامية أو المجتمعات الإسلامية تختلف أحوالهم من فترة إلى فترة ، فبعضها قد وصل الحضيض وبعضها قد أرفع منه بقليل ، وبعضها ما زال الخير فيه ظاهرًا ، وسؤالي ما كان فيه الخير ظاهرًا والناس بدؤوا يتهاونون في التمسك بدينهم وقد منَّ الله عليهم بعقيدة سليمة وبدءوا يفرطون في السلوك وفي المعاملات ما نصيحتك للدعاة هناك في المحافظة على هذا المجتمع ؟ وما هي الطريقة المنشودة في الحفاظ عليها على ضوء الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح ؟.
الشيخ : لا شك أن الدعاة يجب أن يبينوا للأمة بأجمعها وعلى مراتبها التي أشرت إليها في سؤالك أن يبينوا لهم بأن الإسلام والإيمان قول وعمل ، وأنه يزيد وينقص ، وأن زيادته إنما هي بالعمل الصالح ونقصانه إنما هو بترك العمل الصالح وارتكاب ما نهى الله - تبارك وتعالى - عنه .
وهذا في الواقع يتعلق بطرف من أطراف العقيدة الصحيحة ، ذلك لأن الإيمان لا يزال كثير من المسلمين اليوم يتبنون مذهبًا قديمًا يقول : بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وهذا خلاف ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة المتواترة ، وإن كان أصحاب ذلك المذهب لا يُنكرون وجوب العمل الصالح ولكنهم لا يجعلونه من الإيمان ، فحينما يأمر ربنا عز وجل الناس بأن يدخلوا في السلم كافة وأن يؤمنوا بالله ورسوله فهو لا يعني فقط أن يظل المسلم يقتصر على قوله : لا إله إلا الله محمد رسول الله . ثم هو لا يقوم بحق هذه الشهادة أو بحق هاتين الشهادتين !.
الشهادة الأولى : " لا إله إلا الله " هذه كما تعلمون ولا أفيض في هذا الجانب تستلزم فهم المسلم للتوحيد بأقسامه الثلاثة : توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية أو العبادة ، وتوحيد الأسماء و الصفات .
لكن الشهادة الثانية : وهي " أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " تستلزم أولًا : الفهم الصحيح لرسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم العمل بها كما جاء في قصة غزو أبي بكر الصديق ومحاربته لأهل الردة وشو اسمه هذا مدعي النبوة؟
السائل: مسيلمة
الشيخ: مسيلمة الكذاب فكان هناك وقفة من بعض الصحابة أن هؤلاء فيهم من يشهد أن لا إله إلا الله فكيف تقاتلهم والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الحديث كما تعلمون : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ) فناقش أبا بكر الصديق كيف تقاتلهم وهم يشهدون ؟ فذكره بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إلا بحقها ) ومن حق الشهادة القيام بمتطلباتها من أركان ومنها إعطاء الزكاة ، ولذلك انشرح قلب عمر لهذه اللفتة التي لفت أبو بكر نظره واتفقوا والحمد لله جميعًا على مقاتلة أهل الردة ونصرهم الله عز وجل .
فإذًا من مقتضيات هذه الشهادة : هو أن نفهم من لوازم الإيمان العمل بأركان الإسلام بل وبكل فضيلة جاء بها الإسلام فذلك العمل الصالح هو الذي يغذي الإيمان ويقويه والعكس بالعكس تمامًا ، ولهذا فذاك المذهب الذي يقول : بأن الأعمال الصالحة لا تدخل في مسمى الإيمان يكون من آثاره عدم الاهتمام بالأعمال الصالحة ، فلذلك فحمل المسلمين على العناية بالأعمال الصالحة يبدأ من شرح الإيمان الصحيح أنه قول وعمل وأنه يزيد وينقص وليس فقط قول بـ " لا إله إلا الله محمدًا رسول الله " مع الإقرار بها ثم الأعمال الصالحة ، هذه أمور واجبة ليس لها علاقة بمسمى الإيمان .
ولذلك فقبل كل شيء يجب على الدعاة الإسلاميين أن يربطوا الأعمال الصالحة بالعقيدة ، وأُسُّ هذه العقيدة ألا وهو الإيمان ، وأن الأعمال الصالحة هي من مسمى الإيمان ، وهذا بحث قام في شرحه وتفصيل الكلام فيه أهل العلم وبخاصة شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في كتابه المعروفة بهذا الاسم " الإيمان " .
فربنا عز وجل حينما يذكر الإيمان يقرنه دائمًا وأبدًا بالعمل الصالح ، وأشهر سورة في ذلك هي سورة " العصر " (( والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات . . )) فهكذا يجب أن يدندن الدعاة دائمًا وأبدًا إلى دعوة المسلمين إلى أن يعملوا وألا يقتصروا على معرفتهم للتوحيد وللعقيدة الصحيحة إن كان هناك فعلًا قد عرف المكلفون جميعًا العقيدة الصحيحة لأنها في الواقع لا تقتصر على معرفة التوحيد بأقسامه الثلاثة كما ذكرنا ، بل يجب أن يُضم إلى ذلك كل ما جاء في الكتاب والسنة ، فقد نجد كثيرًا من الناس ممن لا علم عندهم ينكرون كثيرًا من الحقائق الشرعية الغيبية وهم موحدون يشهدون بأن لا إله إلا الله بالمعنى الصحيح ولكن لجهلهم قد ينكرون أشياء هي ثابتة في الكتاب والسنة خاصة في هذا العصر الحاضر عصر الفتن ، عصر رجوع الفرق الإسلامية بأفكارها ولو كانت بعيدة عن أسمائها فكالقدرية مثلًا ، فالمعتزلة هم الآن أفكارهم سائدة ومسيطرة على كثير من المسلمين وإن كانت ليس باسم الاعتزال واسم القدرية ونحو ذلك .
ويجب أن يذكر هؤلاء الذين يهملون العمل متواكلين على الإيمان الذي وقر في القلب بزعمهم أن يُذكروا بالحقيقة السابقة أن الإيمان يزيد بالعمل الصالح زائد أن يحذروا من نتيجة الإهمال للقيام بما فرض الله عز وجل من العبادات كمثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بالصلاة : ( بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ، فمن ترك الصلاة فقد كفر ) .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، ولا ينتهب النهبة وهو مؤمن . . ) وهكذا يجب أن يُذكروا بالأحاديث التي تأمر المسلمين بما فرض الله عليهم وبالأحاديث التي تحذرهم من أن يواقعوا فيما نهاهم الله عنه - تبارك وتعالى - .
من ذلك مثلا : ما نراه في كثير من البلاد سواء كانت من الطبقة العليا وفيها الخير الكثير فضلًا عمن دونها من تبرج النساء وخروجهم عن الآداب الإسلامية الواجبة كمثل قوله - عليه الصلاة والسلام - في الحديث الصحيح : ( صنفان من الناس لم أرهما بعد : رجال بأيديهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، العنهن فإنهن ملعونات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وأن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا ) .
كذلك مثلًا قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا خرجت المرأة من بيتها متطيبة ليجد الرجال رائحتها فهي زانية ) ولو أن امرأة خرجت من بيتها متجلببة الجلباب الشرعي لا يُرى منها شيء لا وجهها ولا كفاها لكنها ريحُها ملأت الطريق والرجال إذا مروا من هنا ولو لم يروا المرأة يخطر في بالهم أن هناك امرأة مرت في هذا المكان ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول في حقها : إنها زانية . هذا مثلًا من الأمثلة التي نهى الرسول فيها النساء .
الرجال، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ( كتب على ابن آدم حظه من الدنيا فهو مدركه لا محالة ، العين تزني وزناها النظر ، والأذن تزني وزناها السمع ، واليد تزني وزناها البطش ، والرِّجل تزني وزناها المشي , والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه ) .
فهذه كلها ظواهر مشاهدة اليوم من كثير من المسلمين والمسلمات حيث أنهم أهملوا القيام بما أمر الله من جهة أو واقعوا الحرمات التي نهى الله - تبارك وتعالى - عنها .
مثلًا : بدأ ينتشر في العصر الحاضر في بلاد كان من هديها ومن عادتها اتباع سنة نبيها - صلى الله عليه وسلم - ألا وهو إعفاؤهم للحى، فالآن بدأت هذه الظاهرة في بعض البلاد التي كانت تلك عادتها طيبة انعكس الأمر فيها ، فبدأ حلق اللحية ينتشر فيها انتشارًا مريعًا جدًا وهذا أيضًا فيه مخالفات للكتاب وللسنة في نصوصها الكثيرة والكثيرة جدًا بحيث أن العالم المسلم إذا وقف عليها امتلأ قلبه قناعة لأنها ليست من المحرمات فقط بل هي من الكبائر ولذلك فعلى هؤلاء الدعاة أن يبينوا هذه المفاسد التي بدأت تنتشر ، منها مثلًا : حلق اللحية .
منها مثلا : نتف النساء لحواجبهن ، لخدودهن ، لسواعدهن ، لسوقهن ، كل هذه الأشياء محرمة بنص الكتاب والسنة .
فالقرآن الكريم يحكي عن إبليس الرجيم بأنه حينما صار لعينًا من رب العالمين قال وهو يروي غيظ قلبهم : ( ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغرن خلق الله ) فتغيير خلق الله ، هذه الآية تنص على أنه فيه طاعة للشيطان ومعصية للرحمن .
فالآية قاعدة أنه لا يجوز تغيير خلق الله عز وجل ثم جاءت بعض الأحاديث لتؤكد أن تغيير خلق الله هو معصية لله وطاعة للشيطان .
من ذلك : ما أشرت إليه آنفًا من حلق اللحية ونتف للحواجب وغيرها حيث قال - عليه الصلاة والسلام - : ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ، وخالفوا اليهود والنصارى ) .
وفي الحديث الآخر الذي جاء في " طبقات ابن سعد " المعروفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رسول كسرى حينما جاء المدينة وقد حلق لحيته فقال : ( من أمرك بهذا ؟ ) قال: أمرني ربي . يعني: كسرى ، قال - عليه السلام - : (أما ربي فأمرني بإعفاء اللحية وقص الشارب ) .
فالآن هذه الظاهرة انتشرت في كثير من البلاد ، فعلى الدعاة أن ينبهوا إلى سوئها ونكارتها وأنها من المعاصي الكبار وليس كما يظن الجماهير أنها سنة ، فهي إذًا سنة ، والسنة تعريفها عندهم من فعلها أثيب عليها ومن تركها لم يعاقب عليها ، هذه فريضة من الفرائض على كل مسلم أن يعفو عن لحيته وألا يحلقها ، كذلك مثلًا فيما يتعلق بقضية خلق الله النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات ، والفالجات ) ، وفي رواية أخرى في هذا الحديث ( والواصلات والمستوصلات ، والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن ) هذه الأشياء ونحوها كثير وكثير جدًا ، ومرجعها الكتب التي أُلفت تحت عنوان الكبائر ككتاب الذهبي وكتاب الزواجر للهيثمي ونحو ذلك ، فلا يجوز إذًا أن يسكت الدعاة عن تنبيه الناس إلى أنه يجب العمل الصالح ويجب عليهم الانتهاء عمَّا حرم الله عز وجل حتى يتمكنوا في ذلك من المحافظة على إيمانهم أولًا وعلى زيادته لأنه ليس من طبيعة الشيء إذا لم يزدد إلا أن ينقص وأن يرجع إلى الوراء .
هذا ما يحضرني الآن من الكلام حول ذاك سؤال
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 571
- توقيت الفهرسة : 00:28:14
- نسخة مدققة إملائيًّا