ما جوابكم على الذين يقولون : ما ذا قدم الشيخ بهذا المنهج الذي يدعو إليه منذ خمسين عاماً للمسلمين.؟
A-
A=
A+
الحلبي : شيخنا أيضا فيه إشكال يطرحه البعض في ظلّ هذه الظّروف الأليمة الّتي يشعر بها المسلمون كلّهم حقيقة , يقول بعض الإخوة الّذين نظنّ فيهم الخير و السّداد لكن غمرة العواطف قد تنسي أحيانا بعض الحقّ , يقولون ماذا فعل المنهج السّلفي و التّصفية و التّربية الّتي دعا الشيخ إليها أكثر من خمسين عاما في ظلّ هذه الظّروف و ماذا قدّمت للواقع الإسلامي و للشّارع الإسلامي و كذا و كذا ... .
الشيخ : ما شاء الله .
الحلبي : إلى آخر هذا الكلام , فأجبناهم يعني إجابة تليق بالحال لكن حبّذا لو نسمع كلام شيخنا في هذا .
الشيخ : و الله أنا أخجل أن أتكلّم في هذا الصّدد.
الحلبي : لأنّ هذا شيخنا شيء عامّ يعني .
الشيخ : مع الأسف .
الحلبي : الله المستعان .
الشيخ : لا أنت على كلّ حال تعرف , وإذا كان و لا بدّ فلتتحدّث لكن أنا أقول سبحان الله أنّ هؤلاء النّاس يعني إخواننا بلا شكّ مسلمون ولكنّهم قوم لا يعلمون , لا يرجعون إلى أصول الشّريعة و قواعدها ( تركتم فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب الله و سنّتي و لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ) هؤلاء ما أدري هل هم يعني يجهلون أم هم يتجاهلون ؟ هناك حقائق مرّة مؤسفة يعلمها كلّ المسلمين المثقّفين خلاصتها أن ّالإسلام اليوم هو غير ذاك الإسلام في ذاك اليوم الأوّل الأنور و لئن جادل جاهل في هذه الحقيقة المرّة فإنّنا نذكّره هل كان لذاك الإسلام في اليوم الأوّل مفاهيم متعدّدة و رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بين ظهرانيهم أم كان له مفهوم واحد ؟ لا شكّ سيكون الجواب ليس هناك إلاّ ما يقدّمه الرّسول عليه السّلام إلى أصحابه الكرام , يعود السؤال نفسه هل الأمر كذلك اليوم هل الأمر كما كان في ذلك اليوم في هذا اليوم ؟ أم الإسلام له مفاهيم عديدة و كثيرة ؟ أظنّ أيضا سيكون الجواب مطابقا للواقع ألا و هو أنّ للإسلام مفاهيم كثيرة و عديدة يكفي أنّ هناك ثلاثة مذاهب في العقيدة نجملها بمذهب أهل الحديث أهل السّنّة و مذهب الماتريديّة و مذهب الأشاعرة هذا في العقيدة و عندنا مذاهب لا تقولوا أربعة قولوا أربعين و أكثر في المذاهب الفقهيّة لأنّنا مثلا أنا لا أستطيع أن أقول إنّ أهل السّنّة و الجماعة في التّعبير العصري الّذين يمثّلهم المذاهب الأربعة إنّ هؤلاء فقط المسلمون و ما سواهم من الفرق الأخرى و إن كانت ضالّة عندنا لكنّنا ما نستطيع أن نصرّح بإخراجهم من دائرة الإسلام مثلا الزّيديّة اليمانيّة ما نقول هؤلاء ليسوا مسلمين لكن ليسوا على منهج السّنّة الّتي كان عليها السّلف الصّالح , كذلك مثلا ننتقل إلى الإباضيّة الّذين هم الآن في سلطنة عمان و غيرها في الجزائر يوجد منهم قسم كبير جدّا هؤلاء ما نخرجهم أيضا من دائرة الإسلام و قل بقى عن الإماميّة و عن الشّيعة و و إلى آخره , فالمذاهب الفقهيّة أكثر من الأربعة المعروفة اليوم عندنا ثمّ إذا انتقلنا من المذاهب الفقهيّة إلى المذاهب السّلوكيّة أو التّربويّة و نجمعها بكلمة الصّوفيّة أي الطّرق فحدّث عنها و لا حرج و بخاصّة بأنّهم يصرّحون أو على الأقلّ بعضهم يقول الطّرق الموصلة إلى الله هي بعدد أنفاس الخلائق , هي بعدد أنفاس الخلائق هذا هو الإسلام اليوم و لا نريد أن نذكّر أن ّ في المسلمين اليوم من يقول أنّ من يقول: "
و ما الله إلاّ راهب في كنيسة شو قال في الأوّل ؟
الحلبي : و ما الكلب و الخنزير .
الشيخ :
وما الكلب و الخنزير إلاّ إلهنا *** و ما الله إلاّ راهب في كنيسة فيه من يقول اليوم هذا مسلم . و لا نطيل الكلام و لكن حسبي أن أقول اليوم أكثر المسلمين من أهل السّنّة و الجماعة , أهل السّنّة و الجماعة و أعني ما أقول يعني من المذاهب الأربعة اليوم من يقولون دون أن يسألوا و لئن سئلوا أجابوا بما يقولون دون أن يسألوا الله في كلّ مكان , الله موجود في كلّ الوجود . هؤلاء الّذين يسألون هذا السّؤال هم إمّا جهلة أو متجاهلون و كما يقال أحلاهما مرّ , نضطرّ مع الأسف الشّديد أن نقول الآن جوابا عن سؤالك ماذا فعل الألباني و طبعا يعني ما يقصدون الألباني وحده هو و من جرّ مجراه و سار مسيرته إلى آخره , ماذا قدّموا للمسلمين ؟ ماذا ماذا إلى آخره . نحن جوابنا أوّلا جدلي و ثانيا علمي , جدلي بمعنى نقابلهم بالمثل كلّ من يقول فلان و فلان وفلان نقول له و ماذا فعل فلان و فلان ؟
الحلبي : غيره .
الشيخ : آه ، غيره , ماذا فعلوا لرجل الشّارع بالتّعبير الأوروبي أيضا هذا , هذا تعبير أوروبي نحن ما نستحبّه أبدا لأنّه رجل الشّارع عندنا يعني الفكر العامّ و هذا لا قيمة له في الإسلام , أمّا عند الأوروبيّين بيهمّهم لأن البرلمان , البرلمان قائم على ماذا ؟ على الفكر العام . شوف النّاس كيف يفكّروا
الحلبي: قائم على الشوارع
الشيخ: لذلك نحن لا نقول قولتهم هذا إلاّ تذكيرا ثمّ تنفيرا لكنّنا نقول ماذا قدّموا للمسلمين ؟ الحزب الفلاني صار له قرابة قرن من الزّمان و الحزب الثّاني صار له قرابة نصف قرن من الزّمان , ماذا قدّموا بتعبيرهم المستنكر عندنا لرجل الشّارع ؟ ما قدّموا سوى رغوة صابون , رغوة الصّابون فقاعات فارغة بدليل يضلّ أحدهم لا يدري معبوده أين هو و لئن سئل بسؤال الرّسول عليه السّلام للجارية أين الله ؟ قفّ شعر بدنهم قالوا هذا سؤال أعوذ بالله هذا ما بيجوز , و هم يجهلون أنّ النّبيّ الّذي لا تصحّ شهادة المسلم لله بالوحدانيّة إلاّ إذا قرن معها شهادته للنبيّ صلّى الله عليه و سلّم بالنّبوّة و الرّسالة , هو الّذي سنّ للمسلمين هذه الكلمة أين الله ؟ فأنت إذا وجّهت إليهم هذا السّؤال قالوا لقد قفّ شعري ممّا قلت إيش هذا السّؤال ؟ لأنّه يجهل أنّ الرّسول قال هذه الكلمة و لو أردنا أن نعاملهم حسب لفظهم لعاملناهم بالمذهب الحنفي , المذهب الحنفي له خاصيّة على المذاهب الأخرى وهو أنه واسع الخطو في التّكفير مجرّد ما مسلم يتكلّم بكلمة الكفر خلاص هذا كفر . أمّا هل يعرف أنّها كلمة كفر أو لا يعرف ؟ ما يدخلون في التّفاصيل , هل قصد أم لم يقصد ؟ ما يدخلون في التّفاصيل قلت لعاملناهم بالمذهب الحنفي , لكن لا . نحن حنِيفيّون و لسنا حنَفيّون , لماذا ؟ لأنّنا سنقول لهذا القائل أنت تستنكر على الرّسول و لا تدري يا مسكين . لو أنّك أنكرت عليّ أنا لفظا صدر منّي لم أكن متبّعا فيه لنبيّ لكان الأمر سهلا جدّا لأنّ أنا أتكلّم بألفاظ كثيرة و كثيرا ما أعترف فورا كما سمعتم آنفا أنّ هذا لفظ خطأ , لكن أنت تنكر على الرّسول عليه السّلام و هذا لبعدك عن الإسلام , فالآن جماهير المسلمين يقولون الله موجود في كلّ مكان , ماذا فعل الألباني و أمثاله ؟ لا يعلمون ماذا فعل لأنّهم بعيدون عن الحرص على معرفة الإسلام الّذي أنزله الله على قلب محمّد عليه الصّلاة و السّلام , أي فهو يدعو إلى تفهّم الإسلام على ما كان عليه سلفنا الصّالح , سلفنا الصّالح و من هذا السّلف الجيل الأوّل الّذي تربّى على يديّ الرّسول صلّى الله عليه و سلّم والذّي في تعبير العصر الحاضر و لا أرى حرجا منه تخرّج من مدرسة النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم . كانوا يقولون حتّى الجارية راعية الغنم كانت تقول كما يقول ربّ العالمين في القرآن: (( أأمنتم من في السّماء )) أم أأمنتم من في كلّ مكان ؟ لا قال: (( أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من السّماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلومن كيف نذير )) فالجارية راعية الغنم لمّا الرّسول عليه السّلام سألها أين الله ؟ قالت: الله في السّماء , اليوم اسأل هؤلاء الّذين يقولون ماذا قدّم الألباني و بقيّة كلام عرفتموه . قدّم أنّه حاول بهذا النصف قرن من الزّمان أن يقدّم للمسلمين العقيدة الصّحيحة الّتي كان عليها عليها سلفنا الصّالح و الحديث طويل في هذا ننتقل إلى نوع ثان , كلّ المسلمين على اختلاف حزبيّاتهم و تكتّلانهم و مذاهبهم و سلوكهم و و إلى آخره كلّهم يتفّقون أنّ سنّة الرّسول عليه السّلام قسمان , صحيح و غير صحيح , صحيح و ضعيف ثمّ يختلفون في طريقة تمييز الصّحيح من الضّعيف فكلّ المسلمين يقولون طريق تمييز الحديث الصّحيح من الضّعيف هو الرّجوع إلى علم يعرف بعلم الحديث أو علم مصطلح الحديث و يضمّ إليه علم الجرح و التّعديل , كلّ المسلمين هكذا يقولون و الحمد لله لكن لعلّ هؤلاء الّذين ينقمون علينا أنّنا لا نرفع أصواتنا بإثارة عواطف الجماهير ثمّ سرعان ما تنطفي ما نفعل فعلهم , فنقول نحن مع هؤلاء المسلمين في أنّ تمييز السّنّة الصّحيحة من الضّعيفة هو بالرّجوع إلى علم الحديث و قواعده , فأقول هؤلاء الّذين يسألون هذا السّؤال يجهلون أنّ فيمن يشهدون أنّه من المسلمين و قد يكون من المتعبّدين من المكثرين من النّوافل يقولون لا طّريق معرفة الصّحيح و الضّعيف من الحديث ليس هذا هو الطّريق و إنّما الطّريق هو طريق الكشف , طريق الكشف , أظنّ ما فيكم واحد يجهل ما هو طريق الكشف فكلّكم يعلم و قد يكون الجهل ببعض العلم هو العلم . الكشف هو أنّ الإنسان يغمّض عيونه و يطفئ نوره و يزيد المكان الّذي هو فيه ظلما أو ظلامة على ظلام بأن يلقي رأسه بين ركبتيه مغمضا عينيه مطفئا النّور المادّي هذا ثمّ يراقب و ينتظر ماذا ينزل عليه من الوحي الّذي يصرّحون بألسنتهم أنّه لا وحي بعد رسول الله و لكن يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم لأنّهم يسمّون هذا الوحي بالإلهام و هو ينتظر أنّه ينزل الإلهام عليه إنّ هذا الحديث صحيح أم لا ؟ و لذلك كثيرا ما يقولون هذا الحديث و إن كان ما صحّ عند علماء الحديث فقد صحّ عندنا كشفا هذا و أمثاله يجهلون هذه الحقيقة المرّة أنّها توجد في جماعات و مشائخ و يصلّون و يصومون و لكنّهم خرجوا عن دائرة الإسلام باتّخاذهم طريقا كيفيّا هوائيّا لا ضوابط له , تستطيع أنت أن تسأل من يشتغل بالحديث لماذا هذا الحديث صحيح ؟ الجواب المجمل الّلي ما يحتاج إلى تفصيل لأنّه يا أخي رواه البخاري و مسلم . الجواب التّفصيلي هل أنت درست علم المصطلح ؟ رجال الجرح و التّعديل إلى آخره ؟ إي و الله , آه هذا إسناده من كذا إلى كذا كلّ رجاله ثقات و عدول و ما فيه انقطاع و ما فيه إرسال إلى آخره . و إذا قيل هذا الحديث ضعيف. إيه ليش ضعيف ؟ و الله ضعّفه الإمام البخاري مثلا هذا كلام مجمل , تفصيلها في سنده فلان ابن لهيعة مثلا و هذا رجل فاضل و عالم لكن كان سيّئ الحفظ أمّا إذا سألت الّذي قال لك تلك الكلمة الخطيرة هذا الحديث و إن كان ضعيفا عند علماء الحديث فقد صحّ عندنا كشفا كيف بدّو يقنعك ؟ بيقول لك أنت يا أخي ادخل في الطّريق حتّى تصير مثل حكايتنا و حينئذ من ذاق عرف . هذا كلّه موجود في العالم الإسلامي و هؤلاء الّذين لا يشتغلون بالعلم الشّرعي لا يعلمون هذا الواقع ثمّ ينكرون أهميّة تصفية الإسلام من العقائد السّيّئة المخالفة لشريعة الإسلام الأولى و لا يهتمّون بتصفية هذا الإسلام من الأحاديث الضّعيفة و الموضوعة , فماذا فعل الألباني و أمثاله ؟ إنّهم قوم لا يعلمون . ثمّ هناك في التّصوّف انحرافات خطيرة جدّا تتعلّق بالعقيدة و تتعلّق بالعبادة و تتعلّق بالسّلوك فكثير منهم من يصوم الدّهر و الحديث الصّحيح يقول: ( من صام الدّهر فلا صام و لا أفطر ) كثير من هؤلاء الشّباب الّذين يقولون ماذا فعل الألباني و أمثاله يتعبّدون يجتمعون في المساجد ليلة الجمعة يحيونها و رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( لا تختصّوا ليلة الجمعة بقيام و لا نهارها بصيام ) إنّهم قوم يجهلون . ماذا فعل الألباني ما عرفوا ماذا فعل لأنّهم لا يريدون أن يفعلوا و أن يعلموا , فماذا يقول الإنسان و هو يتحدّث عمّ يفعل و هذا ما هو أمر مستحسن عادة و لكن كما قال تعالى: (( و إمّا بنعمة ربّك فحدّث )) و بخاصّة إذا جاء سؤال محرج كهذا فجوابنا أنّنا نحن نحاول أن نعود بأنفسنا أوّلا ثمّ بغيرنا ثانيا إلى ما كان عليه السّلف الأوّل من الفهم الصّحيح للإسلام بما فيه من عقائد و أحكام و سلوك و هذا لا يمكن إلاّ بوضع نظام لمعرفة الصّحيح من الضّعيف من الأحاديث و نحن على هذا ماضون و نسأل الله عزّ و جلّ أن يتقبّل منّا عملنا هذا المتواضع (( و لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها )) أمّا الآخرون فقد أشبعوا الأمّة صياحا و زعاقا ثمّ تعبيرا على النّظام العسكري " مكانك راوح " يعني ما فيه تقدّم إطلاقا , " مكانك راوح " لا تقدّموا علما و لا تقدّموا سلوكا سوى صياحا و زعاقا و الله المستعان .
الحلبي : قال إنّه في مقال في جريدة إنجليزيّة و أمريكيّة قبل سنة و نصف قالوا بتتحدّث عن خطط أمريكا للقضاء على العراق خشية أن تنقلب هذه القوّة إلى قوّة إسلاميّة أو شيئا من هذا , فأقول يعني حبّذا لو طلبنا منه أن يترجم هذا المقال و نقرأه على أستاذنا .
الشيخ : ما شاء الله .
الحلبي : إلى آخر هذا الكلام , فأجبناهم يعني إجابة تليق بالحال لكن حبّذا لو نسمع كلام شيخنا في هذا .
الشيخ : و الله أنا أخجل أن أتكلّم في هذا الصّدد.
الحلبي : لأنّ هذا شيخنا شيء عامّ يعني .
الشيخ : مع الأسف .
الحلبي : الله المستعان .
الشيخ : لا أنت على كلّ حال تعرف , وإذا كان و لا بدّ فلتتحدّث لكن أنا أقول سبحان الله أنّ هؤلاء النّاس يعني إخواننا بلا شكّ مسلمون ولكنّهم قوم لا يعلمون , لا يرجعون إلى أصول الشّريعة و قواعدها ( تركتم فيكم أمرين لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما كتاب الله و سنّتي و لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض ) هؤلاء ما أدري هل هم يعني يجهلون أم هم يتجاهلون ؟ هناك حقائق مرّة مؤسفة يعلمها كلّ المسلمين المثقّفين خلاصتها أن ّالإسلام اليوم هو غير ذاك الإسلام في ذاك اليوم الأوّل الأنور و لئن جادل جاهل في هذه الحقيقة المرّة فإنّنا نذكّره هل كان لذاك الإسلام في اليوم الأوّل مفاهيم متعدّدة و رسول الله صلّى الله عليه و سلّم بين ظهرانيهم أم كان له مفهوم واحد ؟ لا شكّ سيكون الجواب ليس هناك إلاّ ما يقدّمه الرّسول عليه السّلام إلى أصحابه الكرام , يعود السؤال نفسه هل الأمر كذلك اليوم هل الأمر كما كان في ذلك اليوم في هذا اليوم ؟ أم الإسلام له مفاهيم عديدة و كثيرة ؟ أظنّ أيضا سيكون الجواب مطابقا للواقع ألا و هو أنّ للإسلام مفاهيم كثيرة و عديدة يكفي أنّ هناك ثلاثة مذاهب في العقيدة نجملها بمذهب أهل الحديث أهل السّنّة و مذهب الماتريديّة و مذهب الأشاعرة هذا في العقيدة و عندنا مذاهب لا تقولوا أربعة قولوا أربعين و أكثر في المذاهب الفقهيّة لأنّنا مثلا أنا لا أستطيع أن أقول إنّ أهل السّنّة و الجماعة في التّعبير العصري الّذين يمثّلهم المذاهب الأربعة إنّ هؤلاء فقط المسلمون و ما سواهم من الفرق الأخرى و إن كانت ضالّة عندنا لكنّنا ما نستطيع أن نصرّح بإخراجهم من دائرة الإسلام مثلا الزّيديّة اليمانيّة ما نقول هؤلاء ليسوا مسلمين لكن ليسوا على منهج السّنّة الّتي كان عليها السّلف الصّالح , كذلك مثلا ننتقل إلى الإباضيّة الّذين هم الآن في سلطنة عمان و غيرها في الجزائر يوجد منهم قسم كبير جدّا هؤلاء ما نخرجهم أيضا من دائرة الإسلام و قل بقى عن الإماميّة و عن الشّيعة و و إلى آخره , فالمذاهب الفقهيّة أكثر من الأربعة المعروفة اليوم عندنا ثمّ إذا انتقلنا من المذاهب الفقهيّة إلى المذاهب السّلوكيّة أو التّربويّة و نجمعها بكلمة الصّوفيّة أي الطّرق فحدّث عنها و لا حرج و بخاصّة بأنّهم يصرّحون أو على الأقلّ بعضهم يقول الطّرق الموصلة إلى الله هي بعدد أنفاس الخلائق , هي بعدد أنفاس الخلائق هذا هو الإسلام اليوم و لا نريد أن نذكّر أن ّ في المسلمين اليوم من يقول أنّ من يقول: "
و ما الله إلاّ راهب في كنيسة شو قال في الأوّل ؟
الحلبي : و ما الكلب و الخنزير .
الشيخ :
وما الكلب و الخنزير إلاّ إلهنا *** و ما الله إلاّ راهب في كنيسة فيه من يقول اليوم هذا مسلم . و لا نطيل الكلام و لكن حسبي أن أقول اليوم أكثر المسلمين من أهل السّنّة و الجماعة , أهل السّنّة و الجماعة و أعني ما أقول يعني من المذاهب الأربعة اليوم من يقولون دون أن يسألوا و لئن سئلوا أجابوا بما يقولون دون أن يسألوا الله في كلّ مكان , الله موجود في كلّ الوجود . هؤلاء الّذين يسألون هذا السّؤال هم إمّا جهلة أو متجاهلون و كما يقال أحلاهما مرّ , نضطرّ مع الأسف الشّديد أن نقول الآن جوابا عن سؤالك ماذا فعل الألباني و طبعا يعني ما يقصدون الألباني وحده هو و من جرّ مجراه و سار مسيرته إلى آخره , ماذا قدّموا للمسلمين ؟ ماذا ماذا إلى آخره . نحن جوابنا أوّلا جدلي و ثانيا علمي , جدلي بمعنى نقابلهم بالمثل كلّ من يقول فلان و فلان وفلان نقول له و ماذا فعل فلان و فلان ؟
الحلبي : غيره .
الشيخ : آه ، غيره , ماذا فعلوا لرجل الشّارع بالتّعبير الأوروبي أيضا هذا , هذا تعبير أوروبي نحن ما نستحبّه أبدا لأنّه رجل الشّارع عندنا يعني الفكر العامّ و هذا لا قيمة له في الإسلام , أمّا عند الأوروبيّين بيهمّهم لأن البرلمان , البرلمان قائم على ماذا ؟ على الفكر العام . شوف النّاس كيف يفكّروا
الحلبي: قائم على الشوارع
الشيخ: لذلك نحن لا نقول قولتهم هذا إلاّ تذكيرا ثمّ تنفيرا لكنّنا نقول ماذا قدّموا للمسلمين ؟ الحزب الفلاني صار له قرابة قرن من الزّمان و الحزب الثّاني صار له قرابة نصف قرن من الزّمان , ماذا قدّموا بتعبيرهم المستنكر عندنا لرجل الشّارع ؟ ما قدّموا سوى رغوة صابون , رغوة الصّابون فقاعات فارغة بدليل يضلّ أحدهم لا يدري معبوده أين هو و لئن سئل بسؤال الرّسول عليه السّلام للجارية أين الله ؟ قفّ شعر بدنهم قالوا هذا سؤال أعوذ بالله هذا ما بيجوز , و هم يجهلون أنّ النّبيّ الّذي لا تصحّ شهادة المسلم لله بالوحدانيّة إلاّ إذا قرن معها شهادته للنبيّ صلّى الله عليه و سلّم بالنّبوّة و الرّسالة , هو الّذي سنّ للمسلمين هذه الكلمة أين الله ؟ فأنت إذا وجّهت إليهم هذا السّؤال قالوا لقد قفّ شعري ممّا قلت إيش هذا السّؤال ؟ لأنّه يجهل أنّ الرّسول قال هذه الكلمة و لو أردنا أن نعاملهم حسب لفظهم لعاملناهم بالمذهب الحنفي , المذهب الحنفي له خاصيّة على المذاهب الأخرى وهو أنه واسع الخطو في التّكفير مجرّد ما مسلم يتكلّم بكلمة الكفر خلاص هذا كفر . أمّا هل يعرف أنّها كلمة كفر أو لا يعرف ؟ ما يدخلون في التّفاصيل , هل قصد أم لم يقصد ؟ ما يدخلون في التّفاصيل قلت لعاملناهم بالمذهب الحنفي , لكن لا . نحن حنِيفيّون و لسنا حنَفيّون , لماذا ؟ لأنّنا سنقول لهذا القائل أنت تستنكر على الرّسول و لا تدري يا مسكين . لو أنّك أنكرت عليّ أنا لفظا صدر منّي لم أكن متبّعا فيه لنبيّ لكان الأمر سهلا جدّا لأنّ أنا أتكلّم بألفاظ كثيرة و كثيرا ما أعترف فورا كما سمعتم آنفا أنّ هذا لفظ خطأ , لكن أنت تنكر على الرّسول عليه السّلام و هذا لبعدك عن الإسلام , فالآن جماهير المسلمين يقولون الله موجود في كلّ مكان , ماذا فعل الألباني و أمثاله ؟ لا يعلمون ماذا فعل لأنّهم بعيدون عن الحرص على معرفة الإسلام الّذي أنزله الله على قلب محمّد عليه الصّلاة و السّلام , أي فهو يدعو إلى تفهّم الإسلام على ما كان عليه سلفنا الصّالح , سلفنا الصّالح و من هذا السّلف الجيل الأوّل الّذي تربّى على يديّ الرّسول صلّى الله عليه و سلّم والذّي في تعبير العصر الحاضر و لا أرى حرجا منه تخرّج من مدرسة النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم . كانوا يقولون حتّى الجارية راعية الغنم كانت تقول كما يقول ربّ العالمين في القرآن: (( أأمنتم من في السّماء )) أم أأمنتم من في كلّ مكان ؟ لا قال: (( أأمنتم من في السّماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم من السّماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلومن كيف نذير )) فالجارية راعية الغنم لمّا الرّسول عليه السّلام سألها أين الله ؟ قالت: الله في السّماء , اليوم اسأل هؤلاء الّذين يقولون ماذا قدّم الألباني و بقيّة كلام عرفتموه . قدّم أنّه حاول بهذا النصف قرن من الزّمان أن يقدّم للمسلمين العقيدة الصّحيحة الّتي كان عليها عليها سلفنا الصّالح و الحديث طويل في هذا ننتقل إلى نوع ثان , كلّ المسلمين على اختلاف حزبيّاتهم و تكتّلانهم و مذاهبهم و سلوكهم و و إلى آخره كلّهم يتفّقون أنّ سنّة الرّسول عليه السّلام قسمان , صحيح و غير صحيح , صحيح و ضعيف ثمّ يختلفون في طريقة تمييز الصّحيح من الضّعيف فكلّ المسلمين يقولون طريق تمييز الحديث الصّحيح من الضّعيف هو الرّجوع إلى علم يعرف بعلم الحديث أو علم مصطلح الحديث و يضمّ إليه علم الجرح و التّعديل , كلّ المسلمين هكذا يقولون و الحمد لله لكن لعلّ هؤلاء الّذين ينقمون علينا أنّنا لا نرفع أصواتنا بإثارة عواطف الجماهير ثمّ سرعان ما تنطفي ما نفعل فعلهم , فنقول نحن مع هؤلاء المسلمين في أنّ تمييز السّنّة الصّحيحة من الضّعيفة هو بالرّجوع إلى علم الحديث و قواعده , فأقول هؤلاء الّذين يسألون هذا السّؤال يجهلون أنّ فيمن يشهدون أنّه من المسلمين و قد يكون من المتعبّدين من المكثرين من النّوافل يقولون لا طّريق معرفة الصّحيح و الضّعيف من الحديث ليس هذا هو الطّريق و إنّما الطّريق هو طريق الكشف , طريق الكشف , أظنّ ما فيكم واحد يجهل ما هو طريق الكشف فكلّكم يعلم و قد يكون الجهل ببعض العلم هو العلم . الكشف هو أنّ الإنسان يغمّض عيونه و يطفئ نوره و يزيد المكان الّذي هو فيه ظلما أو ظلامة على ظلام بأن يلقي رأسه بين ركبتيه مغمضا عينيه مطفئا النّور المادّي هذا ثمّ يراقب و ينتظر ماذا ينزل عليه من الوحي الّذي يصرّحون بألسنتهم أنّه لا وحي بعد رسول الله و لكن يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم لأنّهم يسمّون هذا الوحي بالإلهام و هو ينتظر أنّه ينزل الإلهام عليه إنّ هذا الحديث صحيح أم لا ؟ و لذلك كثيرا ما يقولون هذا الحديث و إن كان ما صحّ عند علماء الحديث فقد صحّ عندنا كشفا هذا و أمثاله يجهلون هذه الحقيقة المرّة أنّها توجد في جماعات و مشائخ و يصلّون و يصومون و لكنّهم خرجوا عن دائرة الإسلام باتّخاذهم طريقا كيفيّا هوائيّا لا ضوابط له , تستطيع أنت أن تسأل من يشتغل بالحديث لماذا هذا الحديث صحيح ؟ الجواب المجمل الّلي ما يحتاج إلى تفصيل لأنّه يا أخي رواه البخاري و مسلم . الجواب التّفصيلي هل أنت درست علم المصطلح ؟ رجال الجرح و التّعديل إلى آخره ؟ إي و الله , آه هذا إسناده من كذا إلى كذا كلّ رجاله ثقات و عدول و ما فيه انقطاع و ما فيه إرسال إلى آخره . و إذا قيل هذا الحديث ضعيف. إيه ليش ضعيف ؟ و الله ضعّفه الإمام البخاري مثلا هذا كلام مجمل , تفصيلها في سنده فلان ابن لهيعة مثلا و هذا رجل فاضل و عالم لكن كان سيّئ الحفظ أمّا إذا سألت الّذي قال لك تلك الكلمة الخطيرة هذا الحديث و إن كان ضعيفا عند علماء الحديث فقد صحّ عندنا كشفا كيف بدّو يقنعك ؟ بيقول لك أنت يا أخي ادخل في الطّريق حتّى تصير مثل حكايتنا و حينئذ من ذاق عرف . هذا كلّه موجود في العالم الإسلامي و هؤلاء الّذين لا يشتغلون بالعلم الشّرعي لا يعلمون هذا الواقع ثمّ ينكرون أهميّة تصفية الإسلام من العقائد السّيّئة المخالفة لشريعة الإسلام الأولى و لا يهتمّون بتصفية هذا الإسلام من الأحاديث الضّعيفة و الموضوعة , فماذا فعل الألباني و أمثاله ؟ إنّهم قوم لا يعلمون . ثمّ هناك في التّصوّف انحرافات خطيرة جدّا تتعلّق بالعقيدة و تتعلّق بالعبادة و تتعلّق بالسّلوك فكثير منهم من يصوم الدّهر و الحديث الصّحيح يقول: ( من صام الدّهر فلا صام و لا أفطر ) كثير من هؤلاء الشّباب الّذين يقولون ماذا فعل الألباني و أمثاله يتعبّدون يجتمعون في المساجد ليلة الجمعة يحيونها و رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( لا تختصّوا ليلة الجمعة بقيام و لا نهارها بصيام ) إنّهم قوم يجهلون . ماذا فعل الألباني ما عرفوا ماذا فعل لأنّهم لا يريدون أن يفعلوا و أن يعلموا , فماذا يقول الإنسان و هو يتحدّث عمّ يفعل و هذا ما هو أمر مستحسن عادة و لكن كما قال تعالى: (( و إمّا بنعمة ربّك فحدّث )) و بخاصّة إذا جاء سؤال محرج كهذا فجوابنا أنّنا نحن نحاول أن نعود بأنفسنا أوّلا ثمّ بغيرنا ثانيا إلى ما كان عليه السّلف الأوّل من الفهم الصّحيح للإسلام بما فيه من عقائد و أحكام و سلوك و هذا لا يمكن إلاّ بوضع نظام لمعرفة الصّحيح من الضّعيف من الأحاديث و نحن على هذا ماضون و نسأل الله عزّ و جلّ أن يتقبّل منّا عملنا هذا المتواضع (( و لا يكلّف الله نفسا إلاّ وسعها )) أمّا الآخرون فقد أشبعوا الأمّة صياحا و زعاقا ثمّ تعبيرا على النّظام العسكري " مكانك راوح " يعني ما فيه تقدّم إطلاقا , " مكانك راوح " لا تقدّموا علما و لا تقدّموا سلوكا سوى صياحا و زعاقا و الله المستعان .
الحلبي : قال إنّه في مقال في جريدة إنجليزيّة و أمريكيّة قبل سنة و نصف قالوا بتتحدّث عن خطط أمريكا للقضاء على العراق خشية أن تنقلب هذه القوّة إلى قوّة إسلاميّة أو شيئا من هذا , فأقول يعني حبّذا لو طلبنا منه أن يترجم هذا المقال و نقرأه على أستاذنا .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 465
- توقيت الفهرسة : 00:26:05
- نسخة مدققة إملائيًّا