هل يجوز لجماعة من الشباب المسلم في بلد شيوعي أن يسعوا في إزالة حاكمه وقد أعدوا لذلك عدة بتكوين طائفة منهم متعلمة فتقووا بذلك وكثر عددهم بانضمام كثير من الناس إليهم في ذلك البلد.؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
هل يجوز لجماعة من الشباب المسلم في بلد شيوعي أن يسعوا في إزالة حاكمه وقد أعدوا لذلك عدة بتكوين طائفة منهم متعلمة فتقووا بذلك وكثر عددهم بانضمام كثير من الناس إليهم في ذلك البلد.؟
A-
A=
A+
الحلبي : ورد سؤال من بعض الإخوة يقول السّائل ما الحكم الشّرعيّ في جماعة من طلبة العلم في بلد حكمه شيوعيّ أمضوا سنوات في إعداد الشّباب في ذلك البلد لتغيير نظام الحكم الكافر الشّيوعي فاستطاعوا أن يجمعوا أعدادا كبيرة من الشّباب من مختلف أنحاء تلك البلاد نسبة كبيرة منهم تدرّبوا تدريبا عسكريّا جيّدا و يحملون العقيدة الصّحيحة وقد أعدّوا أسلحة لا بأس بها , هل يعلنون الجهاد ضدّ ذلك الحكم الكافر أو ينتظرون محكومين بالكفر ؟ وما هو حكم اغتيال رؤوس الكفر في ذلك البلد لإشعال جذوة الجهاد ؟

الشيخ : هذا السّؤال يمثّل حماسات و حرارات توضع في غير أماكنها. لا يمكن الإصلاح , أيّ إصلاح كان خاصّة إذا كان إصلاحا انقلابيّا خطيرا كهذا الّذي يلمح السّؤال إليه لا يمكن أن يكون إلاّ على طريقة محمّد صلّى الله عليه و آله وسلّم حيث أنّ المسلمين جميعا يقتدون أو على الأقلّ المفروض أن يقتدوا بالنّبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم في كلّ شيء , في كلّ حركة و سكون فإنّ الله عزّ و جلّ حينما قال: (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر و ذكر الله كثيرا )) يقصد أنّه هو عليه السّلام قدوتنا في كلّ شيء سواء كان عظيما أو كان صغيرا كذلك قوله عليه الصّلاة و السّلام في خطبه الّتي كان يجعل فاتحتها: ( أمّا بعد فإنّ خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمّد صلّى الله عليه و آله و سلّم ) إذا كان الأمر كذلك فيجب على كلّ مسلم أو طائفة مسلمة أو جماعة مسلمة أنّهم إذا أرادوا أمرا أن يضعوا أمامهم هدي النّبيّ صلّى الله عليه و آله و سلّم في ذلك الأمر الّذي هم قادمون عليه و مشرفون عليه هل هكذا فعل عليه الصّلاة و السّلام حتّى هم يفعلوا بمثل فعله و يقتدوا به صلّى الله عليه و آله و سلّم هذه المقدّمة لا بدّ ليس فقط أن تكون معلومة عند الشّباب بل يجب أن تكون راسخة كما يقال في سويداء قلوبهم وما ينطلقون و ما يتصرّفون تصرّفا ما إلاّ على هدي رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم , فالآن كما يقولون التّاريخ يعيد نفسه , نحن الآن نشكو من ظلم الحكّام و طغيان القوانين الّتي أخذت من الكفّار الّذين استعمروا البلاد الإسلاميّة برهة من الدّهر ثمّ لمّا خرجوا منها خلّفوا من ورائهم قوانينهم المخالفة لحكم الله تبارك وتعالى فهي لا يزال الحكّام يحكمون بها على مخالفتها لحكم الله و رسوله نشكو نحن هذه الشّكوى ونساق بأحكامهم المخالفة لشريعة الله و نظلم و نسجن و نقتل و و إلى آخره هذه فتن معروفة , نريد الخلاص من هذا الحكم الّذي هو حكم بغير ما أنزل الله سواء كان شيوعيّا أو كان ديمقراطيّا أو كان أيّ نظاما ليس هو نظام الإسلام فما هو طريق الخلاص ؟ طريق الخلاص هو طريق الرّسول عليه السّلام , لقد عاش النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في دعوته كما تعلمون جميعا ثلاثة عشر سنة في مكّة تحت حكم الطّاغوت فماذا فعل ؟ لم يفعل شيئا سوى أنّه دعا النّاس إلى عبادة الله وحده لا شريك له و إلى تثقيفهم و إلى تعريفهم بشريعة ربّهم , ثمّ لمّا اشتدّ الضّغط على المسلمين هناك أمرهم بأن يهاجروا إلى الحبشة لأنّه كان هناك رجل من ملوك الحبشة كان من الملوك العادلين وهو المعروف اسمه بأصحمة فأمر الرّسول عليه السّلام من كان لا يستطيع أن يصبر تحت ذلك الحكم الجائر أن يخرج من هذا الحكم إلى ذاك البلد الّذي فيه العدل و الحريّة و نحو ذلك ثمّ جاء هجرة ثانية إلى الحبشة ولهذا تاريخ معروف في السّيرة ثمّ أمر عليه الصّلاة و السّلام أن يهاجر هو بنفسه إلى المدينة بعد أن كان قد استصفى من أهل المدينة رجالا آمنوا بالله ورسوله كان قد اجتمع بهم في بيعة العقبة فلمّا شعر أو عرف النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم بأنّه قد قامت نواة من الرّجال المؤمنين في المدينة هاجر إليهم و هناك بدأت هذه النّواة تؤتي أكلها و ثمارها وتمتدّ دعوتها فتشمل كثير من بيوتات المدينة و أهلها و جرت بعد ذلك المعارك بين المسلمين الّذين غزوا في عقر دارهم في المدينة المنورّة من المشركين الّذين جاؤوا من مكّة إلى المدينة للقضاء على هذه الدّعوة إلى آخر ما هنالك من السّيرة المعروفة , فالآن نتعجّب نحن من هؤلاء الشّباب الّذين يخالفون طريقة النّبيّ صلّى الله عليه و آله وسلّم و يتعجّلون الأمر باستباق الأمور قبل أن يأتي أوان الجهاد الّذي لا بدّ منه يوما ما و لكن هذا الجهاد لا بدّ له من مقدّمات أوّل ذلك فهم الإسلام الصّحيح فهما صحيحا و تطبيقه على هؤلاء المسلمين تطبيقا كاملا فيوم يتجمّع طائفة من النّاس يبلغون اثني عشر ألفا من هؤلاء المسلمين الّذين فهموا الإسلام فهما صحيحا و طبّقوه في نفوسهم حينئذ فسوف لا يكون بهم حاجة أن يثوروا بل سيثار عليهم كما وقع مع الرّسول عليه الصّلاة و السّلام , سيضغط عليهم ربّما يضطرّون إلى أن يهاجروا ... من آخر إمّا ليعودوا إلى بلدهم أقوى ما كانوا أو أن يؤسّسوا جماعتهم و يكتّلوا جمعهم في بلد آخر و هذه الأمور بيد الله عزّ و جلّ و لكن المقصود هو أنّه يجب على أيّ طائفة تريد أن تحقّق ما جاء في السّؤال من الجهاد في سبيل الله عزّ و جلّ والقضاء على الّذين يحكمون بغير ما أنزل الله هذا لا بدّ له من الفهم الصّحيح للإسلام و التّطبيق الصّحيح لهذا الإسلام على الملتزمين به وفي اعتقادي أنّ هذا لا يوجد اليوم مع الأسف الشّديد في أيّ أرض من الأراضي الإسلاميّة و ذلك لأنّ الأمر إذا كان خفيّا فمعنى ذلك أنّه لم يتكوّن الجماعة و لم تظهر قوّتهم و إلاّ فما بالهم يعملون كما يقال في ليلة لا قمر فيها؟ و ما بالهم لا يستعينون بالمسلمين الآخرين الّذين قد يلتقون معهم في خطّهم المستقيم في العمل بالإسلام الصّحيح؟ , لعلّكم تذكرون بعض الجماعات الّتي قامت لتنفيذ مثل هذا الغرض في بعض البلاد الإسلاميّة , ثمّ كان عاقبة أمرهم أن رجعت الدّعوة إلى القهقرى , آخر شيء وقع في سوريّة مثلا و نحن من سكّان سوريّة بعد أن ثارت الثّورة السّوريّة ضدّ البعث و هو بلا شكّ يعني حكم غير إسلامي بل هو حكم كافر ما كان المسلمون في سوريّة فقط يعلمون بأن هناك جماعة يعملون سرّا , و إلاّ لو أعلنوها لتجاوب المسلمون معهم من كان يريد الحياة الآخرة فماذا كانت النتيجة ؟ كما تعلمون قضي على هذه الحركة و سفكت دماء ألوف من المسلمين من الشّبّان و الرّجال و النّساء و الأطفال وهدّمت البيوت بل و المساجد على من كان فيها إلى آخره لماذا ؟ لأنّهم لم يسلكوا طريق النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في القيام بدولة الإسلام لذلك أقول جواب هذا السّؤال باختصار أنّنا لاننصح بأيّ حركة انقلابيّة يراد إقامتها اليوم لسببين اثنين السّبب الأوّل لأنّه خلاف هدي الرّسول عليه السّلام و السّبب الثّاني لأنّ مثل هذه الانقلابات قد جرّبت فلم تفلح و لم تنجح ومن رأى العبرة بغيره فليعتبر . هذا جواب السّؤال .

مواضيع متعلقة