معنى السنة حقيقة ( من رغب عن سنتي ) .
A-
A=
A+
الشيخ : السبب في ذلك هام جدّا و هو أن ما كان عليه الرسول صلى الله عليه و آله و سلم وهو الذي يسمّى بالسنة , السّنّة التي جاء ذكرها في أكثر من حديث واحد من ذلك قوله عليه الصلاة و السلام في حديث الرهط الذين سألوا نساء النبي صلى الله عليه و سلم عن عبادته , عن صيامه و قيامه و إتيانه لنسائه و القصة معروفة و لا أريد أن أطيل أكثر مما يقتضيه الوقت جوابا عن هذا السؤال و إلا فهذا الحديث وحده يستحق محاضرة كاملة لا أقلّ ساعة من الزمن حسبي فيه أو منه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في آخر هذا الحديث المعروف بحديث الرهط بعد أن ذكر قوله عليه السلام ( أما إني أخشاكم لله و أتقاكم لله أما إني أصوم و أفطر و أقوم الليل و أنام و أتزوّج النساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ) ( فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ) سنّته صلى الله عليه و سلّم لا تعني المعنى الإصطلاحي عند الفقهاء الذي يعني بالسنّة ما ليس بفريضة لا يعني الرسول عليه السلام في أي حديث ذكر فيه لفظة السنة معنى السنّة المصطلح عليها في فروع الفقه حيث يقولون مثلا فرائض الصلاة , سنن الصلاة و يعرّفون السنّة " ما يثاب فاعلها و لا يعاقب تاركها " ليس هذا المعنى هو المقصود في مثل قوله عليه الصلاة و السلام ( فمن رغب عن سنّتي فليس منّي ) و إنما المقصود به المنهج و النّظام و الطريق الذي سار عليه الرسول عليه السلام منذ بدءه بالدعوة إلى الله إلى آخر رمق من حياته هذا النظام و هذا المنطلق و هذا الطريق الذي سار عليه الرسول عليه السلام هو المقصود بالسّنّة فيما إذا ذكر في حديث من أحاديث النبي صلى الله عليه و آله و سلم و من الواضح أن السّنّة بهذا المعنى المقصود من حديث الرسول عليه السلام يعني الإسلام كلاًّ لا يتجزّأ سواء بفرائضه أو بسننه أو بمستحبّاته أو مندوباته أو مباحاته سواء في أسلوب الدعوة أو في جوهر الدعوة هذا هو معنى السنّة ( فن رغب عن سنّتي فليس منّي ) من ذلك حديث العرباض بن سارية الذي أيضا أظنّ أنّكم جميعا قرأتموه أو سمعتموه على الأقل و هو الذي قال فيه العرباض بن سارية " وعظنا رسول الله صلى الله عليه و سلم موعظة وجلت منها القلوب و ذرفت منها العيون فقلنا أوصنا يا رسول الله " قال ( أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و إن ولّي عليكم عبد حبشي و إنه من يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي ) إلخ الحديث و هو معروف إن شاء الله فهل يعني رسولنا صلوات الله و سلامه عليه في هذا الحديث ( فعليكم بسنّتي ) يعني مثلا السنن القبلية و البعدية في الصلوات الخمس و غير ذلك ؟ الجواب لا . هذا جزء مما يعنيه عليه السلام بلفظة السّنّة كلما ذكرها في حديث من أحاديثه عليه السلام جزء و الكلّ كما ذكرنا المنهج و الطريق الذي سار عليه الرسول عليه السلام و ليتّضح لكم هذا المعنى أضرب لكم مثلين لهما مساس في واقع كثير ممن يدّعي أنه يدعو إلى الإسلام سواء كان حزبا أو كان طائفة أو كان جماعة . قد سمعتم أو قرأتم في بعض المقالات أو في بعض الكتب أن حديث الآحاد لا تثبت به العقيدة , حديث الآحاد لا تثبت به العقيدة هذا الكلام يعني معنى إصطلاحيّا فلا بدّ من توضيحه العقيدة هو كلّ ما يتعلّق بعالم الغيب مما لا يرتبط به حكم عملي بخلاف الأحكام و العبادات فهي تتعلّق بأعمال المكلفين من العباد , الإيمان بالغيب دائرته واسعة جدّا لنضرب على ذلك مثلا عذاب القبر , عذاب القبر عقيدة لا يترتب من وراءه حكم شرعي حتى تعرف الكيفية و لذلك فالإسلام يأمرنا أن نؤمن بالغيب و لا نتكلف و لا نتعمّق في معرفة هذه الكيفية الغائبة عنّا .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 686
- توقيت الفهرسة : 00:17:51