حديث ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) ما مدى صحته وفقهه؟ - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
حديث ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) ما مدى صحته وفقهه؟
A-
A=
A+
السائل : الحديث ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) مدى صحته وفقهه بارك الله فيكم?
الشيخ : أما حديث ( تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس ) الحديث بهذا التمام ضعيف لا يصح ولكن الطرف الأول منه ( تخيروا لنطفكم ) فهو بمجموع طرقه هو ثابت قوي وحينما يقول قائلنا الحديث الفلاني بمجموع طرقه ثابت أو قوي أو صحيح فإنما يعني أنه ليس له طريق تقوم به الحجة إلاّ أنّ مجموع هذه الطرق هذا المجموع هو الذي أعطى للحديث القوة الطّرف الأول من الحديث وجدنا له طرقا أما الطرف الآخر فإن العرق دساس لم نجد له طرقا تقويه فأبقيناه على أصله ألا وهو الضّعف نقول هذا من حيث الرواية أمّا من حيث المعنى فالواقع أن الطرف الأول هو يؤكد معنى الطرف الآخر فإذا ثبت رواية ودراية قوله صلى الله عليه وسلم ( تخيروا لنطفكم ) كان التعليل هو ما جاء في الطرف الثاني ( فإن العرق دسّاس ) أي إنّ المسلم إذا تزوج مثلا من بيت غير شريف, من بيت معلوم أهله بأنّ أخلاقهم ليسوا على وفق اليسر والسماحة ونحو ذلك فقد يكون أو تكون الذرية الناتجة من هذا الزواج يعود إلى أصله أي العرق دساس وهنا يحسن أن نذكر حديثا في " صحيح مسلم " أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم رزق ولدا من زوجته أسود فرابه أمره وجاء يشكو إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كأنه يدور في ذهنه أن يتهم زوجته من أين جاء هذا الغلام أسود ليس هو بالأسود ولا زوجته بالسوداء فقرّب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأمر بأمر معهود عند العرب الذين هم من أهل الإبل والنوق قال له ( أليس عندك إبل؟ ) قال نعم قال (أليس فيها جمل ) أظن قال أورق قال بلى قال ( من أين جاء ؟) قال نزعه عرق قال ( فكذلك هذا نزعه عرق ) فهذا معنى العرق دساس.
وخلاصة الكلام عن الطرف الثاني من الحديث هو تنبيه إخواننا طلاب العلم أن لا يستلزموا من صحة معنى الجملة صحة مبناها أي صحة نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما أنه لا يلزم وانتبهوا لما أقول جيدا كما أنه لا يلزم من صحة حديث ما صحة الحكم به ولا أقول صحة معناه وأرجو أن يفهم جميع الحاضرين, لا يلزم من عدم صحة حديث ما أو طرف حديث ما أن لا يكون معناه صحيحا موافقا للشرع بل قد وقد قد يكون معناه صحيحا وقد لا يكون معناه صحيحا ولأنّ الأمر دين ولا يجوز لمسلم أن يحكم بالظنّ فطريق أخذ الدين ليس هو أن ترى جملة ما نسبت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأعجبك معنى هذه الجملة فتقول قال رسول الله والجملة لم تثبت نسبتها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما عليك أن تتثبت على طريقة علماء الحديث هذه الجملة ثبتت نسبتها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أم لا ثبتت قل قال رسول الله, لم تثبت لا تقل قال رسول الله ولو كان المعنى يوجد ما يشهد له كما قلنا نحن في الفقرة الثانية من هذا الحديث, يقابل هذا ما قلته آنفا لا يلزم أيضا من صحة حديث ما أن يصح حكمه شرعا أو أن يصح الأخذ بحكمه شرعا ولا أريد أن أقول كما قد تسمعون من بعض المشتغلين بهذا العلم في العصر الحاضر اعتمادا منهم على بعض النقول في المصطلح أنه لا يلزم يقال لا يلزم من صحة السند صحة المتن إياكم حذاري أن تقولوا هذا الكلام أن يقال لا يلزم من صحة السند صحة المتن هذا خطأ, لكن الذين قالوا كابن الصلاح وغيره الذين قالوا هذه القولة إنما قالوه متسامحين بها ذلك لأنهم يعنون قد يكون السند صحيحا ظاهرا لكن عند التحقيق يتبين فيه علة وقد تكون هذه العلة علة خفية فنقول إسناده صحيح لكن في الحقيقة يتبين أن إسناده غير صحيح لأن فيه علة لكن إذا تبيّن أن فيه علة لا يصح حينئذ أن يقال لا يلزم من صحة السند صحة المتن لا, نحن ندين الله تبارك وتعالى بصحة كل متن صح إسناده ما لم يتبين له علة فإذا تبينت له العلة حينئذ لا يقال إسناده صحيح فالحديث الشاذ مثلا وهو من أشهر الأمثلة التي تذكر بهذه المناسبة فالحديث الشاذ هو الذي إذا نظرت إلى إسناده من أوله إلى آخره وما بين كل راو وشيخه لم تجد فيه علة فتقول إسناده صحيح لكن إذا تابعت البحث وتحرّيت وتابعت وتابعت فإذا بك تنتهي إلى القول السّند صحيح لكن المتن شاذ.

مواضيع متعلقة