الاستدلال بحديث أبي هريرة في " صحيح مسلم " عن الثلاثة الذين تُسعر بهم جهنم وما جرى في قصة الحديث .
A-
A=
A+
الشيخ : والأدلة في هذا - أيضًا - معروفة في السنة الصحيحة ، ومن أخوفها وأشدِّها ترهيبًا لقلب المؤمن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في " صحيح مسلم " ، جاء فيه أنَّ أحدهم طلب من أبي هريرة أن يروي له حديث الثلاثة : العالم والمجاهد والغني ، فاستعدَّ أبو هريرة - رضي الله عنه - لرواية الحديث ، ولكنه لم يستطع لأنه أجهش بالبكاء من هَولِ ما استحضر مما في الحديث من وعيد شديد ومؤاخذة بالغة لأصناف ثلاثة هم تقريبًا خير الناس ؛ مع ذلك فهم مُعذَّبون ، ولم يُفِقْ أبو هريرة من غشيَتِه إلا بعد أن نُضِحَ الماء على وجهه ، فاستأنف شيئًا من نشاطه وتهيَّأَ لإلقاء حديثه ، ولكن سرعان ما غُشِيَ عليه المرة الثانية ، وهكذا المرة الثالثة حتى استجمَعَ نفسه وقوَّته فبدأ يقرأ الحديث ، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : ( أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة : عالمٌ ومجاهدٌ وغنيٌّ ؛ يُؤتى بالعالم يوم القيامة فيُقال له : ماذا عملْتَ فيما علمْتَ ؟ فيقول : يا ربِّ ، نشرته بين الناس في سبيلك . يُقال له : كذبْتَ ؛ إنما فعلت ذلك ليقول الناس : فلان عالم ، وقد قيل ؛ خُذُوا به إلى النار ) .
من هذا ؟ هذا الذي هو من الجنس الذي قال الله - عز وجل - في الثَّناء عليهم : (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) ، هذا العالم الذي أُلقِيَ في النار كان من المفروض أن يكون من هؤلاء العلماء الذين يرفعهم ربُّهم - تبارك وتعالى - إليه درجات ، لكنه أُلقِيَ في النار ؛ لماذا ؟ لأنه أخَلَّ بشرط العمل الصالح المذكور في خاتمة الآية : (( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ، فهذا أشرَكَ مع الله في علمه الذي طلبه العباد والناس ؛ لأنه لم يطلب العلم لينجوَ من الجهل ولِيُصلح عقيدته وليُحسِّن عبادته وليعلِّم إخوانه ما كان قصده من طلب العلم شيء من ذلك ، وإنما ليقول الناس : فلان عالم ؛ ليتصدَّر المجالس كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن طلب العلم لِيُباري به العلماء ، ويماري به السفهاء ، ويتصدَّر المجالس ؛ حرَّم الله عليه الجنة ) أو قال : ( دخل النار ) .
السائل : ويجاري .
الشيخ : وإنما . نعم ؟
السائل : ( ويجاري به السفهاء ) .
الشيخ : ( ويجاري به السفهاء ) ، لعل هناك رواية أخرى : ( ويماري ) .
أو طلب العلم لِيُحسِّن الناس ظنَّهم به ، ويتبرَّكوا به ، ويطلبوا الدعاء منه ، ويقبِّلوا يده ، بل ربما يديه أحيانًا ، وتارةً رجله ورجليه ؛ هذا أمر مُشاهد اليوم ، كلُّ ذلك يدل على أن هذا الجنس من العلماء ما كانوا مخلصين في علمهم لله ، فيكون مصيرهم عند الله أن يقول لزبانية جهنَّم : ( خذوه إلى النار ) ، فيُلقى في النار .
وفي الحديث إشارة لقوله : ( وقد قيل ) ؛ أي : إن الذي ابتغَيْتَه وطلبته بعلمك قد حصَّلْتَ عليه ؛ أي : إنك قد أخذت الأجر عاجلًا ؛ فخُذْ أجرك - أي : وزرك - آجلًا - أي : في الآخرة - ؛ ( خذوا به إلى النار ) . هذا الأول من الثلاثة . فحُقَّ لأبي هريرة أن يُغشى عليه من البكاء المرة الأولى والثانية والثالثة لِهَول ولِعاقبة هذا العالم الذي ما أخلَصَ في علمه لله - تبارك وتعالى - .
( ثم يُؤتى بمجاهد فيُقال له : ماذا عملْتَ فيما أعطيتُك من قوَّة ؟ فيقول : يا ربِّ ، جاهدت في سبيلك . فيُقال له : كذبْتَ ؛ إنما جاهدت ليقول الناس : فلان بطل أو فلان شجاع ، وقد قيل ) ، أيضًا أنت أخذت أجرك ؛ ( خذوا به إلى النار فيُلقى في النار ، ثم يؤتى بالغنيِّ ، فيُقال له : ماذا عملت فيما أنعمْتُ عليك من مال ؟ فيقول : يا ربِّ ، أنفقته في سبيلك . فيُقال له : كذبْتَ ؛ إنما فعلت ليقول الناس : فلان كريم ، وقد قيل ؛ خذوا به إلى النار ) .
فهؤلاء الثلاثة هم أول مَن تُسعر بهم النار يوم القيامة ؛ فهذا حديث من أحاديث كثيرة يدلكم على أن الإخلاص في العمل الصالح لله هو شرط لا بد منه ، فإذا اختَلَّ بطل العمل ، وليس فقط كما ذكرنا آنفًا بطل ؛ بل انقلَبَ إلى وزرٍ يُعذَّب عليه يوم القيامة كما دل هذا الحديث الصريح .
ومن تلك الأحاديث حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رجل : يا رسول الله ، الرجل يقاتل حميَّةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : الرجل يقاتل شجاعةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : الرجل يقاتل عصبيَّةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : فَمَن في سبيل الله ؟ قال : ( مَن قاتل لتكونَ كلمة الله هي العليا ؛ فهو في سبيل الله ) . وهكذا فالأحاديث كثيرة ، ولا أريد أن أطيل - أيضًا - ؛ لأن علينا الكلام حول العمل الصالح متى يكون صالحًا ، مع افتراض وجود الإخلاص فيه ؛ من أجل هذه الأحاديث قال العلماء : لا يكون العمل صالحًا إلا إذا كان خالصًا لوجه الله - عز وجل - لم يشرك فيه شيئًا .
من هذا ؟ هذا الذي هو من الجنس الذي قال الله - عز وجل - في الثَّناء عليهم : (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )) ، هذا العالم الذي أُلقِيَ في النار كان من المفروض أن يكون من هؤلاء العلماء الذين يرفعهم ربُّهم - تبارك وتعالى - إليه درجات ، لكنه أُلقِيَ في النار ؛ لماذا ؟ لأنه أخَلَّ بشرط العمل الصالح المذكور في خاتمة الآية : (( وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) ، فهذا أشرَكَ مع الله في علمه الذي طلبه العباد والناس ؛ لأنه لم يطلب العلم لينجوَ من الجهل ولِيُصلح عقيدته وليُحسِّن عبادته وليعلِّم إخوانه ما كان قصده من طلب العلم شيء من ذلك ، وإنما ليقول الناس : فلان عالم ؛ ليتصدَّر المجالس كما قال - عليه الصلاة والسلام - : ( مَن طلب العلم لِيُباري به العلماء ، ويماري به السفهاء ، ويتصدَّر المجالس ؛ حرَّم الله عليه الجنة ) أو قال : ( دخل النار ) .
السائل : ويجاري .
الشيخ : وإنما . نعم ؟
السائل : ( ويجاري به السفهاء ) .
الشيخ : ( ويجاري به السفهاء ) ، لعل هناك رواية أخرى : ( ويماري ) .
أو طلب العلم لِيُحسِّن الناس ظنَّهم به ، ويتبرَّكوا به ، ويطلبوا الدعاء منه ، ويقبِّلوا يده ، بل ربما يديه أحيانًا ، وتارةً رجله ورجليه ؛ هذا أمر مُشاهد اليوم ، كلُّ ذلك يدل على أن هذا الجنس من العلماء ما كانوا مخلصين في علمهم لله ، فيكون مصيرهم عند الله أن يقول لزبانية جهنَّم : ( خذوه إلى النار ) ، فيُلقى في النار .
وفي الحديث إشارة لقوله : ( وقد قيل ) ؛ أي : إن الذي ابتغَيْتَه وطلبته بعلمك قد حصَّلْتَ عليه ؛ أي : إنك قد أخذت الأجر عاجلًا ؛ فخُذْ أجرك - أي : وزرك - آجلًا - أي : في الآخرة - ؛ ( خذوا به إلى النار ) . هذا الأول من الثلاثة . فحُقَّ لأبي هريرة أن يُغشى عليه من البكاء المرة الأولى والثانية والثالثة لِهَول ولِعاقبة هذا العالم الذي ما أخلَصَ في علمه لله - تبارك وتعالى - .
( ثم يُؤتى بمجاهد فيُقال له : ماذا عملْتَ فيما أعطيتُك من قوَّة ؟ فيقول : يا ربِّ ، جاهدت في سبيلك . فيُقال له : كذبْتَ ؛ إنما جاهدت ليقول الناس : فلان بطل أو فلان شجاع ، وقد قيل ) ، أيضًا أنت أخذت أجرك ؛ ( خذوا به إلى النار فيُلقى في النار ، ثم يؤتى بالغنيِّ ، فيُقال له : ماذا عملت فيما أنعمْتُ عليك من مال ؟ فيقول : يا ربِّ ، أنفقته في سبيلك . فيُقال له : كذبْتَ ؛ إنما فعلت ليقول الناس : فلان كريم ، وقد قيل ؛ خذوا به إلى النار ) .
فهؤلاء الثلاثة هم أول مَن تُسعر بهم النار يوم القيامة ؛ فهذا حديث من أحاديث كثيرة يدلكم على أن الإخلاص في العمل الصالح لله هو شرط لا بد منه ، فإذا اختَلَّ بطل العمل ، وليس فقط كما ذكرنا آنفًا بطل ؛ بل انقلَبَ إلى وزرٍ يُعذَّب عليه يوم القيامة كما دل هذا الحديث الصريح .
ومن تلك الأحاديث حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : قال رجل : يا رسول الله ، الرجل يقاتل حميَّةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : الرجل يقاتل شجاعةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : الرجل يقاتل عصبيَّةً ؛ هل هو في سبيل الله ؟ قال : ( لا ) . قال : فَمَن في سبيل الله ؟ قال : ( مَن قاتل لتكونَ كلمة الله هي العليا ؛ فهو في سبيل الله ) . وهكذا فالأحاديث كثيرة ، ولا أريد أن أطيل - أيضًا - ؛ لأن علينا الكلام حول العمل الصالح متى يكون صالحًا ، مع افتراض وجود الإخلاص فيه ؛ من أجل هذه الأحاديث قال العلماء : لا يكون العمل صالحًا إلا إذا كان خالصًا لوجه الله - عز وجل - لم يشرك فيه شيئًا .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 161
- توقيت الفهرسة : 00:43:22
- نسخة مدققة إملائيًّا