حديث عمرو بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم ؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم ) .
A-
A=
A+
الشيخ : الحديث الذي بعده وهو حديث صحيح ، وبه ننهي الدرس هذا .
يقول عن عمرو بن عوف الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعثَ أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها ، فقَدِمَ بماله من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة ، فواصلوا صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلمَّا صلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ... فتعرَّضوا له - وقفوا في طريقه - ، فتبسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم ثم قال : ( أظنُّكم سمعتم أنَّ أبا عبيدة قَدِمَ بشيء من البحرين ؟! ) . قالوا : أجل يا رسول الله . فقال : ( أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم ؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تُبسَطَ الدنيا عليكم كما بُسِطَت على مَن كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ؛ فتهلككم كما أهلكتهم ) رواه البخاري ومسلم .
في هذا الحديث فوائد :
منها إشارة إلى ما جُبلت عليه النفوس من حبِّ المال ، (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) ، وهذا خير الناس أصحاب الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يتعرَّضون للرسول - عليه السلام - يُلمحون إليه بأنَّ الله - عز وجل - قد أرسل إليك هذا الخير الكثير ، فلعلك تخصُّنا بشيءٍ منه ، هذا فيه إشارة قويَّة إلى هذه الآية الكريمة : (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) ، فهل في هذا ما يُؤخذ على هؤلاء الصحابة الكِرام ؟
الجواب : لا ، حبُّ المال حبُّ الطعام حبُّ الشراب حبُّ النساء حبُّ كلِّ شيء لذيذ في هذه الدنيا هو أمر غريزي في الإنسان ، لكن الإنسان المسلم هو الذي يُقيِّد ويضبط هذا الحبَّ بضوابط وقواعد الشرع ، أو بحبِّ النساء لكن ما يتلطَّف على النساء ، ولا ينظر إلى النساء المحرَّمة عليه ، وهو يحبُّ المال لكن ما يتعدَّى على مال الآخرين ، وهكذا ، هذا المال الذي جاء إلى الرسول - عليه السلام - هو مالٌ اكتسبه هؤلاء الصحابة بفتحهم لتلك البلاد ، أو بفرضهم عليها حين أَبَوا أن يؤمنوا ويسلموا الجزيةَ ؛ فهم السبب في كسب هذا المال ، ولهم حقٌّ شرعي فيه ؛ فإذًا هم لا يسمعون في ما ليس لهم فيه حقٌّ ، ولا عيب في ذلك عليهم ؛ ولذلك نجد الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يُنكر عليهم هذا الذي لاحَظَه منهم ، وإنما قال : ( أبشروا وأمِّلوا خير ) ، وقال لهم - عليه السلام - إنه ما الفقر يخشى عليهم ؛ لأن الله - عز وجل - كان قد بشَّر نبيه - عليه السلام - بأن الدنيا ستُفتح على الصحابة ، وسيملكون كنوز كِسرى وقيصر ، فقد كان هذا كما يعلم الجميع في التاريخ الإسلامي ؛ وخاصَّة في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، ولكن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد حذَّرهم من هذا المال الذي سيأتيهم ألَّا يتنافسوا فيه وألَّا يتقاتلوا في سبيل الحصول عليه ؛ حتَّى يصيبهم ما أصاب مَن قبلهم فهلكوا بسبب الدنيا ، فقال - عليه السلام - : ( أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم ؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على مَن كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
لذلك كان أصحاب الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يخافون من المال القليل الذي توفَّر لهم ، ولعل الكثيرين منكم لا يزالون يذكرون قصة سلمان الفارسي حينما دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده في مرض موته ، فرآه يبكي ، سأله عن البكاء ؟ قال : والله ليس خوفًا من الموت ، وإنما إن الرسول - عليه السلام - عَهِدَ إلينا عهدًا فأخشى أن نكون قد أخلَفْنا معه بالعهد ، ما هو العهد ؟ قال : إن الرسول - عليه السلام - قال لنا : ( ليكُنْ زاد أحدكم في الدنيا كزاد الراكب ) . قال : وأنا أرى هذه الأشياء والأشخاص في مكانه في بيته ، يقول الراوي : فلم يكن هناك سوى أجانة ووعاء للغسل ووعاء للطبخ ونحو ذلك - يعني أربع خمس أوعية - ؛ فهو يخاف أن يكون قد نَقَضَ العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنُّو زاد الراكب ما يحمل يومئذٍ طناجر وأوعية ، يحمل شويَّة تمر شويَّة مياة ويقطع الفيافي والقِفار البعيدة المدى على هذا القوت القليل ، فسلمان يخشى على نفسه أن يكونَ نقض العهد مع نبيِّه وهو لم يملك أشياء - كما جاء في بعض الروايات - تبلغ العشرين درهم أو تكاد ، من أجل هذا التوقير للرسول - عليه السلام - كان يخشى سلمان أن يكونَ قد نقض العهد مع الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
لذلك نسأل الله - عز وجل - ألَّا يجعل الدنيا في قلوبنا ولا يجعلها أكبر همِّنا ، وإنما يجعلها وسيلةً تُساعدنا على الاقتراب والانقياد لطاعة الله - عز وجل - وعبادته .
والآن نبدأ بالإجابة عن الأسئلة السابقة .
يقول عن عمرو بن عوف الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بعثَ أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها ، فقَدِمَ بماله من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة ، فواصلوا صلاة الفجر مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فلمَّا صلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - في ... فتعرَّضوا له - وقفوا في طريقه - ، فتبسَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهم ثم قال : ( أظنُّكم سمعتم أنَّ أبا عبيدة قَدِمَ بشيء من البحرين ؟! ) . قالوا : أجل يا رسول الله . فقال : ( أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم ؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تُبسَطَ الدنيا عليكم كما بُسِطَت على مَن كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ؛ فتهلككم كما أهلكتهم ) رواه البخاري ومسلم .
في هذا الحديث فوائد :
منها إشارة إلى ما جُبلت عليه النفوس من حبِّ المال ، (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) ، وهذا خير الناس أصحاب الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يتعرَّضون للرسول - عليه السلام - يُلمحون إليه بأنَّ الله - عز وجل - قد أرسل إليك هذا الخير الكثير ، فلعلك تخصُّنا بشيءٍ منه ، هذا فيه إشارة قويَّة إلى هذه الآية الكريمة : (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) ، فهل في هذا ما يُؤخذ على هؤلاء الصحابة الكِرام ؟
الجواب : لا ، حبُّ المال حبُّ الطعام حبُّ الشراب حبُّ النساء حبُّ كلِّ شيء لذيذ في هذه الدنيا هو أمر غريزي في الإنسان ، لكن الإنسان المسلم هو الذي يُقيِّد ويضبط هذا الحبَّ بضوابط وقواعد الشرع ، أو بحبِّ النساء لكن ما يتلطَّف على النساء ، ولا ينظر إلى النساء المحرَّمة عليه ، وهو يحبُّ المال لكن ما يتعدَّى على مال الآخرين ، وهكذا ، هذا المال الذي جاء إلى الرسول - عليه السلام - هو مالٌ اكتسبه هؤلاء الصحابة بفتحهم لتلك البلاد ، أو بفرضهم عليها حين أَبَوا أن يؤمنوا ويسلموا الجزيةَ ؛ فهم السبب في كسب هذا المال ، ولهم حقٌّ شرعي فيه ؛ فإذًا هم لا يسمعون في ما ليس لهم فيه حقٌّ ، ولا عيب في ذلك عليهم ؛ ولذلك نجد الرسول - عليه الصلاة والسلام - لم يُنكر عليهم هذا الذي لاحَظَه منهم ، وإنما قال : ( أبشروا وأمِّلوا خير ) ، وقال لهم - عليه السلام - إنه ما الفقر يخشى عليهم ؛ لأن الله - عز وجل - كان قد بشَّر نبيه - عليه السلام - بأن الدنيا ستُفتح على الصحابة ، وسيملكون كنوز كِسرى وقيصر ، فقد كان هذا كما يعلم الجميع في التاريخ الإسلامي ؛ وخاصَّة في زمن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، ولكن النبي - عليه الصلاة والسلام - قد حذَّرهم من هذا المال الذي سيأتيهم ألَّا يتنافسوا فيه وألَّا يتقاتلوا في سبيل الحصول عليه ؛ حتَّى يصيبهم ما أصاب مَن قبلهم فهلكوا بسبب الدنيا ، فقال - عليه السلام - : ( أبشروا وأمِّلوا ما يسرُّكم ؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى أن تُبسط الدنيا عليكم كما بُسطت على مَن كان قبلكم ؛ فتنافسوها كما تنافسوها ، فتهلككم كما أهلكتهم ) .
لذلك كان أصحاب الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يخافون من المال القليل الذي توفَّر لهم ، ولعل الكثيرين منكم لا يزالون يذكرون قصة سلمان الفارسي حينما دخل عليه سعد بن أبي وقاص يعوده في مرض موته ، فرآه يبكي ، سأله عن البكاء ؟ قال : والله ليس خوفًا من الموت ، وإنما إن الرسول - عليه السلام - عَهِدَ إلينا عهدًا فأخشى أن نكون قد أخلَفْنا معه بالعهد ، ما هو العهد ؟ قال : إن الرسول - عليه السلام - قال لنا : ( ليكُنْ زاد أحدكم في الدنيا كزاد الراكب ) . قال : وأنا أرى هذه الأشياء والأشخاص في مكانه في بيته ، يقول الراوي : فلم يكن هناك سوى أجانة ووعاء للغسل ووعاء للطبخ ونحو ذلك - يعني أربع خمس أوعية - ؛ فهو يخاف أن يكون قد نَقَضَ العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنُّو زاد الراكب ما يحمل يومئذٍ طناجر وأوعية ، يحمل شويَّة تمر شويَّة مياة ويقطع الفيافي والقِفار البعيدة المدى على هذا القوت القليل ، فسلمان يخشى على نفسه أن يكونَ نقض العهد مع نبيِّه وهو لم يملك أشياء - كما جاء في بعض الروايات - تبلغ العشرين درهم أو تكاد ، من أجل هذا التوقير للرسول - عليه السلام - كان يخشى سلمان أن يكونَ قد نقض العهد مع الرسول - عليه الصلاة والسلام - .
لذلك نسأل الله - عز وجل - ألَّا يجعل الدنيا في قلوبنا ولا يجعلها أكبر همِّنا ، وإنما يجعلها وسيلةً تُساعدنا على الاقتراب والانقياد لطاعة الله - عز وجل - وعبادته .
والآن نبدأ بالإجابة عن الأسئلة السابقة .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 33
- توقيت الفهرسة : 00:44:32
- نسخة مدققة إملائيًّا