تتمة شرح الحديث السابق رقم ( 45 ) : كان رجلان من بليٍّ - حي من قضاعة - أسلما مع رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
A-
A=
A+
الشيخ : ... فحَمَلَه تعجُّبُه ذلك أَنْ ذكر الأمر للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ، فشرح له القضيَّة حتى زال تعجُّبُه بقوله : ( أَليسَ قد صام بعده رمضان ؟ ) ؛ أي : إنه عاش سنة فاكتسب فيها فضيلة صيام هذا الشهر المبارك ، ثم أَليس - أيضًا - قد صلَّى ستة آلاف ركعة لم يُصلِّها ذاك الذي مات شهيدًا ؟ فهذا أجر كبير ، وهو - عليه السلام - في قوله : ( صلى ستة آلاف ركعة ) يشير إلى عدد ركعات الفرائض الخمس التي لا بدَّ للمسلم أن يصلِّيَها في كلِّ يوم وليلة ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - عطفًا على قوله : ( وصلى ستَّة آلاف ركعة ، وكذا وكذا ركعة صلاة سنة ) ، إما أن يعني بهذا العطف وهو قوله : ( وكَذا وكذا ركعة ) على الستة آلاف هو تحرير الضَّرب والجمع لمجموع الصلوات الخمس ضرب بعدد 365 يومًا ، وضرب هذا الحاصل بعدد الركعات اللي هي 17 ركعة ، فيكون الحاصل ستة آلاف ومائتان ركعة وزيادة ، فإما أن يعني بقوله : ( ستة آلاف وكذا وكذا ) هذه الزيادة ، وإما أن يعني أكثر من ذلك بأنَّ المسلم لا يقتصر أو المفروض أنَّه لا يقتصر على أن يصلِّيَ فقط الخمس صلوات المفروضة ، بل هو يضيف إلى ذلك شيئًا من السُّنن ؛ لا سيَّما ما كان منها من الرواتب ، وذلك من باب الاحتياط كما دلَّ على ذلك حديث الرسول - عليه الصلاة والسلام - أنَّ المسلم يوم القيامة حينما يُحاسَب فأوَّل ما يُحاسب عليه الصلاة ، فإذا تمَّت صلاته تمَّت كمًّا وكيفًا فقد أفلح وأنجح ، أما إذا نقصت - أيضًا - كمًّا أو كيفًا فقد خاب وخسر ، في هذه الحالة الأخرى ربُّنا - عز وجل - بفضله ورحمته بعباده يأمر الملائكة أن ينظروا في صحيفة هذا العبد الخاسر بسبب نقصان وقع في صلاته الفريضة أن ينظروا إذا كان له من التطوُّع من التنفُّل فيُتمِّوا له بهذا التنفُّل فريضته .
لذلك فينبغي على المسلم ألَّا يكون قنوعًا على مذهب ذلك الأعرابي الذي لمَّا سأل الرسول - عليه الصلاة والسلام - عمَّا فرض الله عليه في كلِّ يوم وليلة ؟ فلمَّا أجابه بأنها خمس صلوات قال : والله يا رسول الله ، لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . ومع أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال مشجِّعًا لهذا الإنسان على الثبات في قوله : والله يا رسول الله ، لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . قال - عليه السلام - : ( أفلح الرجل إن صدق ، دخل الجنة إن صدق ) ؛ فهذا لا يُنافي أن يحتاطَ الإنسان لصلاته ولعبادته ، فيكثر ما استطاع من التطوُّع خشيةَ أن يقعَ في فريضته من ذلك النقص الذي سبقت الإشارة إليه ؛ فقوله - عليه الصلاة والسلام - في هذا الذي تأخَّر موتًا وتقدَّم إلى الجنة دخولًا : ( أليس قد صلى ستَّة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة ؟! ) ؛ إما أن يعني مجموع فقط ركعات الفرائض ، وإما أن يعني زيادة أخرى على ذلك من التطوُّع والنوافل ، وهذا هو الأفضل بالنسبة لكلِّ مسلم ؛ لا سيَّما في زماننا هذا ؛ حيث أن المفاتن والمفاسد والمهلكات من أنواع شتَّى تتكاثر على الإنسان ، فتفسد عليه كثيرًا من عبادته وطاعته ؛ فلا بد أن يكون عنده شيء من الاحتياطي من العبادة حتَّى ينجح يوم القيامة ولو بتسديد شيء بدل شيء مما ضيَّعه أو تهاون فيه ؛ فإذًا هذا الحديث يوضِّح للمسلم كيف أنَّ حياة الإنسان المسلم الطويلة إذا أحسن عَمَلًا هي خير له من حياته القصيرة ، ومن أجل ذلك سيأتي بعدُ أحاديث تنهى المسلم عن أن يتمنَّى الموت .
ومن هنا يظهر كيف أن الإسلام يعالج في أتباعه الأمراض النفسية التي تجلَّى في عصرنا هذا أثرُها في الناس مع توفُّر كلِّ أسباب الحياة المادية والرفاهية فيها ، ومع ذلك فتجدهم مضطربين في حياتهم أشدَّ الاضطراب ؛ مصداقًا لقول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا )) ، فمعيشة الضَّنك ليست في شظف العيش كما يتوهَّم كثير من قاصري العقل والفكر وناقصي الدين ، وإنما الضَّنك يأتي ولو كان صاحبه يعيش في أهنأ حياة مادية .
الإسلام في مثل هذه الأحاديث يُطمئِنُ المسلم أن حياته الطويلة هي خيرٌ له ما دام أنه يحسن عملًا ؛ ولو كانت حياته من الناحية المادية ضنكًا ؛ فستنقلب هذه الحياة بالنسبة إليه يوم القيامة حياةً رفاهيَّة على عكس حياة الكفار في هذه البلاد ؛ فهم يعيشون الآن في رفاهية ، ولكنهم في الآخرة كما سمعتم في الآية السابقة : (( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )) إلى آخر الآية .
لذلك فينبغي على المسلم ألَّا يكون قنوعًا على مذهب ذلك الأعرابي الذي لمَّا سأل الرسول - عليه الصلاة والسلام - عمَّا فرض الله عليه في كلِّ يوم وليلة ؟ فلمَّا أجابه بأنها خمس صلوات قال : والله يا رسول الله ، لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . ومع أن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قد قال مشجِّعًا لهذا الإنسان على الثبات في قوله : والله يا رسول الله ، لا أزيد عليهنَّ ولا أنقص . قال - عليه السلام - : ( أفلح الرجل إن صدق ، دخل الجنة إن صدق ) ؛ فهذا لا يُنافي أن يحتاطَ الإنسان لصلاته ولعبادته ، فيكثر ما استطاع من التطوُّع خشيةَ أن يقعَ في فريضته من ذلك النقص الذي سبقت الإشارة إليه ؛ فقوله - عليه الصلاة والسلام - في هذا الذي تأخَّر موتًا وتقدَّم إلى الجنة دخولًا : ( أليس قد صلى ستَّة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة ؟! ) ؛ إما أن يعني مجموع فقط ركعات الفرائض ، وإما أن يعني زيادة أخرى على ذلك من التطوُّع والنوافل ، وهذا هو الأفضل بالنسبة لكلِّ مسلم ؛ لا سيَّما في زماننا هذا ؛ حيث أن المفاتن والمفاسد والمهلكات من أنواع شتَّى تتكاثر على الإنسان ، فتفسد عليه كثيرًا من عبادته وطاعته ؛ فلا بد أن يكون عنده شيء من الاحتياطي من العبادة حتَّى ينجح يوم القيامة ولو بتسديد شيء بدل شيء مما ضيَّعه أو تهاون فيه ؛ فإذًا هذا الحديث يوضِّح للمسلم كيف أنَّ حياة الإنسان المسلم الطويلة إذا أحسن عَمَلًا هي خير له من حياته القصيرة ، ومن أجل ذلك سيأتي بعدُ أحاديث تنهى المسلم عن أن يتمنَّى الموت .
ومن هنا يظهر كيف أن الإسلام يعالج في أتباعه الأمراض النفسية التي تجلَّى في عصرنا هذا أثرُها في الناس مع توفُّر كلِّ أسباب الحياة المادية والرفاهية فيها ، ومع ذلك فتجدهم مضطربين في حياتهم أشدَّ الاضطراب ؛ مصداقًا لقول الله - عز وجل - : (( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا )) ، فمعيشة الضَّنك ليست في شظف العيش كما يتوهَّم كثير من قاصري العقل والفكر وناقصي الدين ، وإنما الضَّنك يأتي ولو كان صاحبه يعيش في أهنأ حياة مادية .
الإسلام في مثل هذه الأحاديث يُطمئِنُ المسلم أن حياته الطويلة هي خيرٌ له ما دام أنه يحسن عملًا ؛ ولو كانت حياته من الناحية المادية ضنكًا ؛ فستنقلب هذه الحياة بالنسبة إليه يوم القيامة حياةً رفاهيَّة على عكس حياة الكفار في هذه البلاد ؛ فهم يعيشون الآن في رفاهية ، ولكنهم في الآخرة كما سمعتم في الآية السابقة : (( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى )) إلى آخر الآية .
- تسجيلات متفرقة - شريط : 27
- توقيت الفهرسة : 00:06:04
- نسخة مدققة إملائيًّا