ما هو فقه الموازنات الشرعية ؟ وما هو فقه حديث عائشة : " لولا أن قومك حديث عهد بإسلام لهدمت الكعبة ... " ؟
A-
A=
A+
السائل : ننتقل شيئًا ما إلى - أيضًا - فقه الدعوة ؛ ما هو فقه الموازنات الشرعية ؟
الشيخ : الموازنات الشرعية .
السائل : وما هو فقه حديث : ( يا عائشة ، لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لَهدمت الكعبة ) ؟ وهل يمكن أن يتخذ هذا الحديث قاعدة لترجيح المفسدة والمصلحة ؟ مثلًا كمثال يعني : إنسان يريد أن يطبِّق سنة المصافحة ، أو يعني لا يصافح النساء ، لا يريد أن يصافح النساء ؛ لعلمه أن ذلك لا يجوز ، فبذلك تقف أمامه مشكلة عظيمة ؛ وهي أنه لا يستطيع ، إما أنه - وهو أمام أمرين - إما أن يصل رحمه وإما أن يصافح ، ويقول البعض له : قطع الرحم مفسدة عظيمة ، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح ؛ لذلك عليك أن تصل رحمك وأن تصافح .
الشيخ : نعم ، أقول هذا كلام مُسلَّم به ، وأن هذا الحديث دليل على هذه القاعدة ، لكن المشكلة هو التطبيق ، فحينما يقول قائل : إنه إذا امتنع من مصافحة النساء لَزِمَ من ذلك الوقوع في قطع الرحم ؛ تُرى أذلك صحيح ؟ أم هو من باب المبالغة واتخاذ أدنى الأسباب ... لارتكاب بعض المخالفات بدعوى أنُّو هذه تؤدِّي إلى مفسدة أكبر من هذه المخالفة ، فالقاعدة من الناحية النظرية لا شك في صحتها ، ولكن المهم صحَّة تطبيقها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هذا الباب إذا لم يُتقن تطبيقه بدقَّة متناهية فتح على الداعية بابًَا من هو من الخطورة بمكان ، وسيترك الشرع في هذه المسألة ، ثم في الثانية ، ثم في الثالثة ؛ فينقلب الأمر أنه فعل ذلك لكي يدعوَ الناس إلى الإسلام ، وإذا به هو ينجرف عن الإسلام في كثير من أحكامه مُسايرةً منه للجمهور الذي يعيش بين ظهرانيه ، أنا الآن لا أتصوَّر هذا المثال بخصوصه ، لا أتصوَّر مسلمًا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقع بين مفسدتين كبرى وصغرى ، الصغرى المصافحة والكبرى قطع الرحم ، أنا لا أتصور أن هذه المقاطعة ستقع لا من طرفه هو مباشرة كما هو واضح ؛ لأنه يطبق الشرع ، ولا من طرف الآخرين الذين اعتادوا أنه لا شيء في المصافحة ، وأذكر الآن أنني لما كنتُ في الجامعة الإسلامية أدرِّس فيها منذ نحو قرابة ثلاثين سنة ؛ علمت أنَّ في بعض البلاد العربية المجاورة لهذه البلاد عادة في بعض القبائل ؛ أن الرجل الغريب إذا زارَ دارَ أخٍ له وتخرج مرأة وتسلم عليه ، ويكون تمام السلام أن يقبِّلها ، وأن تقبيل الرجل للمرأة الغريبة عنه لا شيء في ذلك أبدًا ؛ لأنُّو من عادات تلك القبيلة .
والشيء بالشيء يُذكر أن هناك حزبًا إسلاميًّا معروفًا في البلاد السورية والأردنية وربما في بلاد أخرى ؛ ألا وهو حزب التحرير قد أنكر باب سدِّ الذريعة مطلقًا ، وبناءً على هذا الإنكار أنكر كلَّ الوسائل ولو كان يغلب على الظَّنِّ ؛ لأنها تؤدي إلى منكر أكبر ، وعلى ذلك فقد أجازوا للمسلِّم على المرأة الأجنبية أن يصافحوها ، وأجازوا - أيضًا - عند السلام عليها بالسلام الإسلامي أن يقبِّلها ، لكن قالوا - وأرجو ألا تضحكوا - : يجوز له أن يقبِّلها بشرط أن لا يقبِّلها بشهوة !! ( الجميع يضحك ! ) .
الشاهد : فالقاعدة في أصلها صحيحة ، لكن الحقيقة تطبيقها فيها دقَّة متناهية ، ولذلك لا يسمح بتطبيق هذه القاعدة إلا لرجلٍ عالمٍ بالإسلام وورع وتقي ، وإلا قد تزلُّ به القدم - لا سمح الله - ، وعلى هذا فالجواب :
الحديث بلا شك قاعدة ، لكن من الذي طبَّق هذه القاعدة ؟ هو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لا يقاس به كلُّ عالم ، ولا أقول كل طالب علم ، وبالأولى لا أقول : كل مسلم ، بل هل يقاس العالم والعالم بالكتاب والسنة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟ إن قيل بهذا القياس فهو من باب قياس الحدَّادين على الملائكة ، وهذا - كما يقول ابن حزم في أمثاله - القياس كله باطل ، ولو كان منه حقٌّ لَكان هذا منه عين الباطل ، هذا كلام سليم في آخره لا في أوله .
لعلي أتممت الجواب عن السؤال ؟
السائل : جزاك الله خير .
الشيخ : الموازنات الشرعية .
السائل : وما هو فقه حديث : ( يا عائشة ، لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لَهدمت الكعبة ) ؟ وهل يمكن أن يتخذ هذا الحديث قاعدة لترجيح المفسدة والمصلحة ؟ مثلًا كمثال يعني : إنسان يريد أن يطبِّق سنة المصافحة ، أو يعني لا يصافح النساء ، لا يريد أن يصافح النساء ؛ لعلمه أن ذلك لا يجوز ، فبذلك تقف أمامه مشكلة عظيمة ؛ وهي أنه لا يستطيع ، إما أنه - وهو أمام أمرين - إما أن يصل رحمه وإما أن يصافح ، ويقول البعض له : قطع الرحم مفسدة عظيمة ، ودرء المفاسد أولى من جلب المصالح ؛ لذلك عليك أن تصل رحمك وأن تصافح .
الشيخ : نعم ، أقول هذا كلام مُسلَّم به ، وأن هذا الحديث دليل على هذه القاعدة ، لكن المشكلة هو التطبيق ، فحينما يقول قائل : إنه إذا امتنع من مصافحة النساء لَزِمَ من ذلك الوقوع في قطع الرحم ؛ تُرى أذلك صحيح ؟ أم هو من باب المبالغة واتخاذ أدنى الأسباب ... لارتكاب بعض المخالفات بدعوى أنُّو هذه تؤدِّي إلى مفسدة أكبر من هذه المخالفة ، فالقاعدة من الناحية النظرية لا شك في صحتها ، ولكن المهم صحَّة تطبيقها ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى هذا الباب إذا لم يُتقن تطبيقه بدقَّة متناهية فتح على الداعية بابًَا من هو من الخطورة بمكان ، وسيترك الشرع في هذه المسألة ، ثم في الثانية ، ثم في الثالثة ؛ فينقلب الأمر أنه فعل ذلك لكي يدعوَ الناس إلى الإسلام ، وإذا به هو ينجرف عن الإسلام في كثير من أحكامه مُسايرةً منه للجمهور الذي يعيش بين ظهرانيه ، أنا الآن لا أتصوَّر هذا المثال بخصوصه ، لا أتصوَّر مسلمًا يقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيقع بين مفسدتين كبرى وصغرى ، الصغرى المصافحة والكبرى قطع الرحم ، أنا لا أتصور أن هذه المقاطعة ستقع لا من طرفه هو مباشرة كما هو واضح ؛ لأنه يطبق الشرع ، ولا من طرف الآخرين الذين اعتادوا أنه لا شيء في المصافحة ، وأذكر الآن أنني لما كنتُ في الجامعة الإسلامية أدرِّس فيها منذ نحو قرابة ثلاثين سنة ؛ علمت أنَّ في بعض البلاد العربية المجاورة لهذه البلاد عادة في بعض القبائل ؛ أن الرجل الغريب إذا زارَ دارَ أخٍ له وتخرج مرأة وتسلم عليه ، ويكون تمام السلام أن يقبِّلها ، وأن تقبيل الرجل للمرأة الغريبة عنه لا شيء في ذلك أبدًا ؛ لأنُّو من عادات تلك القبيلة .
والشيء بالشيء يُذكر أن هناك حزبًا إسلاميًّا معروفًا في البلاد السورية والأردنية وربما في بلاد أخرى ؛ ألا وهو حزب التحرير قد أنكر باب سدِّ الذريعة مطلقًا ، وبناءً على هذا الإنكار أنكر كلَّ الوسائل ولو كان يغلب على الظَّنِّ ؛ لأنها تؤدي إلى منكر أكبر ، وعلى ذلك فقد أجازوا للمسلِّم على المرأة الأجنبية أن يصافحوها ، وأجازوا - أيضًا - عند السلام عليها بالسلام الإسلامي أن يقبِّلها ، لكن قالوا - وأرجو ألا تضحكوا - : يجوز له أن يقبِّلها بشرط أن لا يقبِّلها بشهوة !! ( الجميع يضحك ! ) .
الشاهد : فالقاعدة في أصلها صحيحة ، لكن الحقيقة تطبيقها فيها دقَّة متناهية ، ولذلك لا يسمح بتطبيق هذه القاعدة إلا لرجلٍ عالمٍ بالإسلام وورع وتقي ، وإلا قد تزلُّ به القدم - لا سمح الله - ، وعلى هذا فالجواب :
الحديث بلا شك قاعدة ، لكن من الذي طبَّق هذه القاعدة ؟ هو رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ، لا يقاس به كلُّ عالم ، ولا أقول كل طالب علم ، وبالأولى لا أقول : كل مسلم ، بل هل يقاس العالم والعالم بالكتاب والسنة على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ؟ إن قيل بهذا القياس فهو من باب قياس الحدَّادين على الملائكة ، وهذا - كما يقول ابن حزم في أمثاله - القياس كله باطل ، ولو كان منه حقٌّ لَكان هذا منه عين الباطل ، هذا كلام سليم في آخره لا في أوله .
لعلي أتممت الجواب عن السؤال ؟
السائل : جزاك الله خير .