شرح حديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوء مقعده من النار ) . وفيه كيف يقرب الداعية الدعوة السلفية للناس . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
شرح حديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوء مقعده من النار ) . وفيه كيف يقرب الداعية الدعوة السلفية للناس .
A-
A=
A+
الشيخ : إذًا حديث (من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا ) هذا الحديث يتعلق بالذي يحبه ، ولكن الذين يقومون بهذا المحب هل هم يساعدونه على الخير أم على الشر ؟ لا شك يساعدونه على الشر ، هذا إذا عرفنا بأنه يحبه ، نقطع بأنهم إذا قاموا له ساعدوه على الشر على أن يكون من أهل النار ( فليتبوأ مقعده من النار ) .

وليس كل عالم مثلًا نستطيع أن نقول : فلان متكبر ، فلان متعجرف ، القيام له مساعدة له بأن يتبوأ مقعده من النار .

ليس كل العلماء بطبيعة الحال هكذا ، فهل يجوز القيام له ؟ نقول : لا ، لم ؟

أولًا : أولًا : اقتداء بالرسول وأصحابه .

ثانيًا : من باب سد الذريعة .

أي : إذا العالم اعتاد الناس أن يقوموا له تشوفت نفسه لهذا القيام .

فقد يأتي زمن حينما يرى تلميذه البار المحب له المخلص له كان يقوم له ثم إذا به لا يقوم ، فستجري مناقشة ثم معاتبة ثم ربما أكثر من ذلك بين العالم وبين التلميذ ، لماذا ؟ لأن هذا العالم اعتادت نفسه حب هذا القيام فأوقعه في هذا الحب المكروه المحرم اعتياد الناس له .

والبحث في هذا طويل أيضًا لكني أردت أن أذكر بأن العلماء وطلاب العلم يجب ألا يسايروا المجتمعات . لأن هذه المسايرة ليس لها حدود ، اليوم مثلًا تخرج بدعة ، أنا أقول : معلهش هناك ما هو أهم من ذلك ، وغدًا بدعة أخرى ونقول : معلش ، معلش ؛ حتى يصبح المجتمع بعيدًا عن العمل بما جاء به الإسلام بمثل هذه التأويلات وهذه التفسيرات .

واجب الداعية فقط أن يبين على منهج الآية الكريمة (( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )) .

يعجبني مناسبة حديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا ) فقهًا دقيقًا جدًا قرأته في " سنن الترمذي " من معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - حيث دخل مجلسًا فيه رجلان : أحدهما صحابي بن صحابي ، والآخر تابعي ، وكلاهما من العبادلة ، الصحابي هو عبد الله بن الزبير بن العوام - رضي الله عنهما - .

التابعي عبد الله بن عامر ، فقام عبد الله بن عامر لمعاوية ولم يقم لعبد الله بن الزبير ، ومن فقه معاوية أنه نهى عبد الله بن عامر عن القيام له محتجًا بحديث ( من أحب أن يتمثل له الناس قيامًا ) هذا الاحتجاج قد لا يتنبه له بعض الناس ؛ لأن المقام له هو معاوية ، وهو يقول له : لا تقوم ؛ لأن الرسول قال : ( من أحب ) ليش هو عم يعني يحب القيام ؟ لا هو رمى إلى المعنى الذي قلناه أخيرًا وهو من باب سد الذريعة ، أي : إذا اعتدتم على القيام فسأعتاد على هذا القيام ثم سيشغف قلبي بحبه وسيأتي يوم إذا ما قمتم وقعتم في الإثم الذي ذكرته الرسول - عليه السلام - في هذا الحديث .

لذلك قال له : لا تقم محتجا بالحديث الذي قد يعود أثره على نفسه في يوم مما يأتي من الأيام ، ولذلك سد هذا الباب هو من واجب الدعاة الإسلاميين عملًا لأن الداعية إذا تفرد فقط بدعوة الناس إلى أن يعملوا بالشرع سواء ما كان منه واجبًا أو كان سنة مستحبة وهو نفسه لم يطبق هذه الأحكام بين الناس في نفسه فسوف لا يكون له ذلك الأثر المرجو ؛ لأن عامة الناس كما نعلم جميعًا يتأثرون بفعل العالم أكثر مما يتأثرون بقوله وتوجيهه ونصيحته .

أيضًا أختم هذه الكلمة بما جاء في ترجمة ابن بطة المحدث الحنبلي المعروف ، كان يشتد في مسألة القيام ويصرح بتحريمه ، أما أنا شخصيًا لا أصل إلى مرتبة التحريم لكني أقل ما أقول : إنه مكروه لمخالفته للسنة إلا في حالة أن نعلم أن رجل يحب القيام فحينئذ يجب الجلوس ، هذا كان يقول : بتحريم هذا القيام ، فذات يوم كان يمشي في بعض الأزقة ومعه تلميذ له شاعر ، فمر بعالم يبدو أن له رأيًا بجواز هذا القيام ويعلم أن ابن بطة يكرهه أشد الكراهة فقام له ، واعتذر له ببيتين من الشعر :

لا تلمني على القيام فحقي *** حين تبدو ألا أمل القيام

أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجل الكرامَ

فقال له ابن بطة لصاحبه : أجبه عني .

المهم يا إخوانا أن الشاعر تلميذ ابن بطة يقول : من تمام الأبيات يقول له : فسأجزيك بالقيامِ القيام ، يعني : لا تقم لي وإن كنت تحب احترام الكرام

فستضطرني أن أجزيك بالقيام القيام *** وأنا كاره لذلك جدًا

إن فيه تملقًا وآثامًا *** لا تكلف أخاف أن يتلقاك بما يستحل به لحرامَ

وإذا صحت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجسام

كلنا واثق بود أخيه *** ففيم إزعاجنا وعلامَ

هذا المعنى الإسلامي الصافي ، كلنا واثق بحب أخيه ففيم انزعاجنا وعلامَ ، لأن هذا الحب خرج من القلوب وتلبس الأبدان عارية عن هذه القلوب مثل هذا النفاق في هذه المجتمعات .

الحديث طويل ، فيه هناك في الشام في دمشق مكتبة اسمها "المكتبة العربية الهاشمية" كانت المكتبة لثلاثة من الإخوة طيبين صالحين لكن حسب البلد كلهم حليقين ، لكن متدينين يحافظون على الصلاة وكل شيء طيب ، أحدهم استجاب للدعوة لأني كنت أتردد عليهم بحكم عندهم مكتبة للبيع كبيرة جدًا ، هذا الرجل اسمه حمدي عبيد ، فيه أحمد وهذا أعلمهم أديب وشاعر ، وفيه حمدي ، وفيه توفيق .

حمدي هذا كان أقربهم للدعوة السلفية يحدثني بما يأتي ، قال : حضرنا حفل كبير واسع وفيه باب من الأبواب القديمة الخشبية العالية قال : بعد ما جلسنا وتكامل الحفل سرت إشاعة الآن يدخل الأمير الفلاني وتوجهت الأنظار إلى الباب طلع الأمير الفلاني قام المجلس ، فاستمروا قيامًا حتى جلس حضرة الأمير ، قال : فجلسنا ، قال : ما كدنا أن نجلس سرت إشاعة إنه الآن يأتي الآن الباشا الفلاني ، طلع الباشا الفلاني قمنا ، انتظرنا حتى جلس جلسنا ، ما كدنا نجلس سرت إشاعة الآن يأتي الوزير الفلاني وهكذا ، يقول صاحبي : قال ما شفت غير قائم وقاعد كأن فيها نابض يسمونها "زمبراك" تحت مني قائم وقاعد ، قلنا : والله ما يخلصنا من الشغلة هذه إلا نأخذ بالسنة التي يحدثنا فيها الشيخ الألباني فبقيت جالس.

يعني : هذه الصورة تمثل هذا النفاق الاجتماعي هذا ، هذا واقع في أهل العلم ، مع ما نتكلم عن الأمراء والوزراء وإلى آخره ، ولذلك فأنا أقول في كثير من الأحيان أهم شيء يجب تنبيه الناس هو ما اعتادوه على أنه لا شيء فيه ، كثير من الخطباء خاصة جماعة التبليغ الذين لا علم عندهم يدندنوا حول تذكير بأشياء محرمة لا يكاد مسلم يجهلها ، إياكم والزنا والسرقة ، والغيبة ، هذا شيء طيب التذكير فيه ، لكن ما لكم لا تبحثون العقيدة ، الشركيات ، الوثنيات ، الحلف بغير الله ، الحلف برأس أبوه ، وشوارب أبوه . . وإلى آخره ؟ هذه أشياء تُقَرِّص الناس وتنفر الناس ، سنة صلاة النبي ، حجة النبي ، كل هذه الأشياء لا تُثار وإنما الأشياء التي هم يعلمونها هم بحاجة إلى التذكير نعم ، لكن هناك أشياء بحاجة للتعليم .

فإذًا على طلاب العلم فضلًا عن العلماء الذين من آثارهم طلاب العلم هم أن ينبهوا عامة المسلمين على ما يصدر منهم من مخالفات شرعية حتى ما تصبح معهم عادي وتقليد لا يشعرون بآثارها السيئة في المجتمع الإسلامي .

طيب وإيش عندك يا عبد الله ؟

السائل : بالنسبة لو كان الوقت تأخر لكن بإيجاز غير مخل - حفظك الله -

مواضيع متعلقة