شرح حديث ( إن الاسلام بدأغريباً وسيعود غريباً كما بدأ ) .
A-
A=
A+
الشيخ : أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا ، فطوبى للغرباء ) ليس كلامنا الآن في هؤلاء الغرباء الذين يتفقهون في كتاب الله وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقلتهم وغربتهم ، وإنما كلامنا في جماهير العلماء الذين قنعوا بتقليد مذهبٍ من المذاهب ، هذا التقليد هل هو العلم الذي نحن في صدد التحدث عنه ؟ الجواب لا ، ذلك أن العلم باتفاق علماء المسلمين ، لا فرق بين مجتهديهم ومتبعيهم ومقلديهم ، أنه العلم بكتاب الله وبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقول لا فرق في تعريف العلم بهذا بين كل علماء المسلمين ، سواء كانوا مجتهدين أو متبعين أومقلدين ، ومن الأدلة الصريحة في ذلك : ما جاء في كتاب القضاء ، من كتاب الهداية من كتب الحنفية المعتمدة حيث قال : ( ولا يجوز تولية الجاهل على القضاء ) قال الشارح ابن الهُمام - رحمه الله - في كتابه المسمى بـ " فتح القدير " شرحًا لكلمة الجاهل ، قال : " أي المقلد " ، وهذا شيء مهم جدًا ، لا يجوز نصب الجاهل على القضاء ، إلا أن يكون عالمًا ، فمن هو العالم ؟ العارف بالكتاب والسنة ، من هو الجاهل ؟ هو المقلد لمذهب من المذاهب المتبعة للأئمة المجتهدين ، لماذا كان هذا التقليد ليس علمًا ؟ لسببين اثنين : أولهما نقلي ، والآخر عقلي واقعي . أما الأمر النقلي فهو حين قال تعالى في القرآن الكريم : (( فاعلم أنه لا إله إلا الله )) فالعلم بالشيء ليس له علاقة بالتقليد لأنه يستلزم القطع بالمعلوم والجزم به ، وبخاصة ما كان متعلقًا بالعقيدة ، وبصورة أخص ما كان منها متعلقًا بأس العقيدة وأصلها ألا وهو التوحيد " لا إله إلا الله " فالعلم إذًا لا يعني إلا المعرفة الجازمة بما جاء عن الله ورسوله ؛ لأن ما سوى ذلك لا يكون عالمًا يكون ظنًا ، والظن قد يخطئ وقد يصيب .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 340
- توقيت الفهرسة : 00:15:13
- نسخة مدققة إملائيًّا