ما معنى الحديث ( إن ربك ليعجب لأقوام يُجَرُّون إلى الجنة بالسلاسل ) ؟
A-
A=
A+
الشيخ : انظروا هذه الملاحظة فإن فيها دقة . يقول الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح: ( إن ربك ليعجب من أقوام يجرون إلى الجنة في السلاسل ) من هم ؟ الأسرى من الكفار يصبحون أرقاء فيوزعون على المسلمين الذين انتصروا عليهم فيصبح خادما رقيقا في بيت المسلم ؛ لكن هذا الرق يعود عليه بالسعادة في الدنيا قبل الآخرة لأنه يصبح مسلما عارفا بالله وبرسوله فيسعد السعادة التي كان يشقاها من قبل كما يشهد بذلك قوله تعالى أولا ثم واقع الكفار اليوم ثانيا (( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى )) ، فالغرب اليوم يعيش هذه الحياة الضنك ، وهكذا طبيعة الكفار في كل زمان وفي كل مكان ؛ فحينما ينتقل الرقيق بطريق لا يعجبهم بطبيعة الحال مأسور مغلل في الأصفاد ينتقل إلى بلاد الإسلام ويعيش رقيقا خادما رغم أنفه لا يأخذ أجرا وإن حصل هو أجرا بمهنة له فهذا الأجر يعود إلى سيده ؛ لكن مع ذلك و التاريخ يشهد أن من كبار علماء المسلمين من كان أصله رقيقا فصاروا من العلماء الصالحين الأتقياء ، نحن الأحرار نأخذ علما عن أولئك العبيد لكنهم هم في الحقيقة هم الأحرار ؛ من أين جاء هذا ؟ من الرق ، احفظوا هذا أولا حديث آخر يقول عليه السلام وهذا من عجائب بلاغة الرسول عليه السلام: ( استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوان عندكم ) أيش عوان عندكم ؟ يعني أسيرات يعني مثل أولئك الذين جروا بالسلاسل كمان هؤلاء النساء اللواتي تزوجتموهن استوصوا بهن خيرا فإنهن عوان عندكم ؛ ليش عوان ليش أسيرات ؟ لأنها مأمورة أن تطيع زوجها (( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض )) ، فإذا هذا الرق يعود بالفائدة إلى من ؟ الزوجة ، لو كانت مسلمة فما بالكم إذا كانت كتابية ؛ فشأنها شأن الرقيق الأول الكافر حينما يأتي مغللا إلى بلاد الإسلام شأن هذه المرأة النصرانية أو اليهودية حينما يتزوجها المسلم أنها بطريق الزواج تصبح تتعرف على الإسلام عن كثب وعن قرب فينشرح قلبها للإسلام ، بينما وهي بيعدة عن هذا الجو الخاص كانت أكبر عدو للإسلام ؛ وهذا يذكرني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والحديث كما يقال ذو شجون لكن الحقيقة من عجائب أحاديث الرسول عليه السلام وسيرته الكريمة يذكرني بأنه عليه السلام حينما استصفى لنفسه صفية اليهودية وكانت وقعت أسيرة وخرجت من نصيب رجل من الصحابة فقال بعض الناس قال إنها لا تصلح إلا لك ، الخلاصة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم استصفاها لنفسه وأعطى من كانت من حصته خمس أو ست رؤوس من الأسرى أو من العبيد ؛ الشاهد تقول صفية إنه كنت قبل ذلك أبغض الرسول كأشد ما أبغض إنسان على وجه الأرض لكنها لما دخلت في عصمة الرسول وشافت لطفه وتحققت من وصف الله له (( وإنك لعلى خلق عظيم )) ، صار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحب إليها ممن على وجه الأرض كلهم ؛ إذا لاحظنا هذه المعاني حينئذ نعرف السر لماذا أباح الله عزوجل للمسلمين أن يتزوجوا الكتابيات لأنه كما يعبرون اليوم باللغة الأجنبية بالبوتقة يعني الظرف الذي ستوجد فيه ستدمغها وتطبعها بطابعها ؛ أما اليوم فالأمر اختلف أشد الاختلاف ، اليوم لا يوجد هذا الطابع الإسلامي ، وهذا الظرف المسلم الذي يطبع هذه المرأة اليهودية أو النصرانية بطابع الإسلام بل على العكس من ذلك كما هو مشاهد في كثير من الأزواج الذين يتزوجون بكتابيات يأتون بفساد يدخلونه إلى دارهم وإلى بيتهم فتقوم هي تربي الأولاد التربية الأوروبية وربما تتولى تربية الزوج أيضا لأنه ليس عنده تلك الحصانة من التربية الإسلامية .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 219
- توقيت الفهرسة : 00:46:38
- نسخة مدققة إملائيًّا