بيان أن الكفر ينقسم إلى قسمين : عملي ، واعتقادي . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أن الكفر ينقسم إلى قسمين : عملي ، واعتقادي .
A-
A=
A+
الشيخ : فمَن كان مِن حكَّام المسلمين بمنزلة اليهود والنصارى الذين لا يؤمنون بأحكام الإسلام فكفره كفر ردَّة ليس من الإسلام في شيء ، لكن مَن كان كفره كفرًا عمليًّا ؛ بمعنى هو يؤمن بأن هذه الأحكام هي حقٌّ وهي شرع ، وينبغي أن يحقِّقَها ، ولكن يجد لنفسه عذرًا وليس هو بعذر شرعًا ، لكن المهم أنه يعترف بهذه الأحكام الشرعية ، لكنه لا يطبِّقها ؛ فكفرُ هذا النوع من الحكَّام يسمِّيه ابن عباس كفر عملي ، لم ؟ وهذه حقيقة هامة جدًّا ؛ لأنه يختلف عن الذين يُنكرون الحكم بما أنزل الله بقلوبهم وبألسنتهم ، فإذا وجدنا إنسانًا من هذا النوع يجحَدُ شرع الله وأحكام الله بلسانه وقلبه فهذا ليس مسلمًا قطعًا ، وجدنا إنسانًا آخر يشهد ويعترف بأنُّو هذا إسلام ، وينبغي أن يُطبَّق ، ولكن عمليًّا لا يطبِّقه ؛ ففيه شبه بينه وبين القسم الأول من الناحية العملية ، هؤلاء كفروا بها بقلوبهم ، وأنكروها - أيضًا - بأعمالهم ، أما هذا المسلم أقرَّ بحكم الله - عز وجل - في قلبه ولكنه لم يطبِّقه بعمله ، فهو في عمله يعمل عمل الكافر ؛ ولذلك تتبيَّن لكم هذه الحقيقة حينما تسمعون في خطبة الرسول - عليه السلام - في حجة الوداع كان من جملة ما خَطَبَ به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعظَهم وذكَّرَهم ، قال لهم : ( لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقابَ بعضكم ) ، إيش معنى كفارًا يعني ملاحدة ؟ يعني تُنكرون شريعة الله بعد أن آمَنْتُم بها وعملتم بها ؟ لا ، ليس هذا هو المقصود ، وإنما يعني لا ترجعوا بعدي كفارًا بأعمالكم تعملون عمل الكفار يضرب بعضُكم رقابَ بعض ، هذا معنى كفار هنا في هذا الحديث .

كذلك - مثلًا - قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) ، ( قتاله كفر ) كقوله في الحديث الذي قبله : ( لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض ) ، قتاله كفر ؛ أي : عمل الكفار الذين لا يمنَعُهم أنهم في دين واحد أن يقتل بعضهم بعضًا ، فلا تفعلوا فعل الكفار ، ( لا ترجعوا بعدي كفَّارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعض ) ؛ لذلك يقول أهل العلم : " الكفر كفران : كفر اعتقادي ، وكفر عملي " ، فمَن كفر كفرًا اعتقاديًّا ، فليس من المسلمين ، ومَن كفر كفرًا عمليًّا ، أي : عمل بعمل الكفار ، لكنه لا يستحلُّه بقلبه ، ولا يقول : هذا حلال ، وإنما يعترف بأنه حرام ، لكن : " الله يلعن الشيطان " كما يقول العصاة .

لذلك يجب أن تعلموا أنَّنا إذا لم نفرِّق بين مَن يستحلُّ المعصية بقلبه وبين مَن يستحلُّ المعصية بعمله دون قلبه لا يبقى هناك مسلم إلا وينبغي أن تحكم عليه بالكفر ؛ ليه ؟ يوم يسرق السارق هل نكفِّره ؟ السرقة والزنى ونحو ذلك هو مثل القتل ؛ كلاهما محرَّم ، فإذا قال الرسول - عليه السلام - قتال المسلم لأخيه المسلم كفر ، ولا يُفسَّر بالكفر الاعتقادي ، وإنما يُفسَّر بالكفر العملي ؛ فهل إذا زنى المسلم هو كافر كفر ردَّة ؟ الجواب : لا بد من التفصيل ، هذا الزاني وذاك السارق وذاك الكاذب وكلُّ إنسان يرتكب معصية لا بد من التفريق بين ما إذا كان يستحلُّ ذلك بقلبه وهو كافر مرتدٌّ عن دينه ، وبين أن لا يستحلَّ ذلك بقلبه ، ولكنه يستحلُّه بعمله ؛ فهو يعمل عمل الكفار الذين لا يُحلِّلون ولا يحرِّمون ، فهذا الذي يستحلُّ المعصية بعمله ليس بقلبه فهذا مسلم فاسق وليس كافرًا ؛ لأنه ما كفَرَ بالله ورسوله في قلبه وفي اعتقاده ، هذا ممَّا يجب التفريق به حتى ما يصيبَنا ما أصاب الخوارج من قبل الذين قاتَلَهم علي بن أبي طالب لأنهم كفَّروا المسلمين بمجرَّد توهُّمهم ، ليتهم كانوا مصيبين أنهم حكموا بغير ما أنزل الله ، فقال - عليه السلام - في حقِّ هؤلاء : ( يحقر أحدُكم صلاتَه مع صلاته ) .

مواضيع متعلقة