تتمة الكلام حول حكم زيادة ( النهار ) في حديث ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) وبيان متى يؤخذ بزيادة الثقة .
A-
A=
A+
فها أنت بحثت فيما يتعلق بالمتابعين وهم اثنان فيما علمت أما أنا لا أستحضر الآن هما اثنان هما واحد هما أكثر لكن في الجملة له متابعون ؛ فلم تدندن حول الشواهد وهذا أمر هام جددا لأني قد أسلم معك جدلا الآن بأن زيادة " النهار " في هذا الحديث شاذ لكني.. ابن عمر شاذ لكن نسبة هذا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس شاذا فما قيمة هذا الشذوذ حينذاك ، واضح هذا ؟
أبو اسحاق : نعم .
الشيخ : وأظن هذا الكلام ولا مؤاخذة من باب :(( وأما بنعمة ربك فحدث )) .. فهذا لا يوجد في بطون الكتب ؛ هل سمعت عمرك شذوذ نسبي .
أبو اسحاق : لا ما سمعت .
الشيخ : ما سمعت ويضحك الشيخ ويقول هذا يؤخذ من الدراسة بطبيعة الحال ؛ فالآن دع موضوع ابن عمر ورواية الثقات في الحفظ كالجبال ـ كما صدقت ـ رووا حديث ابن عمر ( صلاة الليل مثنى مثنى ) . وفعلا حديث ابن عمر هو هذا نصه ؛ جاء رواة آخرون فرووا عن الرسول عليه الصلاة والسلام من غير طريق ابن عمر ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . ماذا تقول في هذا الحديث صحيح أم ليس بصحيح ؟ .
أبو اسحاق : إن صحت الشواهد يعني ؟ .
الشيخ : ما أنا بقول طبعا ، أنا ما أقول الآن صحت أو ما صحت ، أعبر بتعبير العلمي الدقيق جاء رواة آخرون فرووا عن الرسول عليه السلام من غير طريق ابن عمر أنه قال كذا وكذا ، فهذا الحديث يكون صحيحا ، حسن جدا ؛ فما أثر ذاك الاختلاف في حديث ابن عمر أن زيادة النهار في حديثه خاصة هل هي محفوظة أم هي شاذة ؟ لا يؤثر في صحة الحديث هذا لكن من قال هذا صحيح عن ابن عمر عن رسول الله ، يناقش تلك المناقشة ثم ماذا يهمنا إذا نسب ناسب ما إلى ابن عمر حديثا ما ابن عمر لم يروه لكن الرسول حدث به وتلقاه أصحاب آخرون عنه طبعا الرواة نسبه إلى ابن عمر وابن عمر ما عنده خبر ؛ نحن بهمنا صحة نسبة الحديث إلى الرسول عليه السلام لكن لا يهمنا أبدا أن الحديث صح من طريق ابن عمر ولا أبو عمر ، ما بهمنا أبدا ؛ إذا القضية فيها شيء من الدقة لا يعني تلاحظ في المصطلح مصرحا بها وإنما في تخاريجهم للأحاديث ؛ فإذا لنقول هذا الحديث أو هذه الزيادة شاذة ويعني ذلك أنه لا يجوز لنا أن نقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) لا يجوز لنا أن نقول هذا إلا بعد النظر في الشواهد الأخرى ؛ الشواهد الأخرى الآن أتنزل من الدعوة السابقة فآتي بمثال واحد فقط ، أقول افترض معنا أن هناك حديثا بذاك اللفظ الشاذ عن ابن عمر روي بإسناد حسن عن أبي هريرة أو عن غيره من الصحابة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . ألا يحتج بهذا الحديث ؟ .
أبو اسحاق : يحتج .
الشيخ : الحمد لله ، إذا بقي علينا أن ندرس الشواهد ، هذه الشواهد إما أن تعطينا صحة الحديث لذاته أو صحته لغيره أو حسنه لذاته أو حسنه لغيره ، وهذا أدنى المراتب ؛ فإذا كان حسنا لغيره يبقى مناقشة حديث ابن عمر هل هذه الزيادة شاذة فيه أم لا ، مناقشة شكلية لا ثمرة لها ؛ لعلي أوضحت ما في نفسك .
أبو اسحاق : لكن لو لم يصح شاهد فالحكم بشذوذ هذه الزيادة أولى
الشيخ : لا ، هذا ينبغي إعادة النظر في المتابعين للبارقي ؛ أظن ذاك علي بن عبد الله ، نعم ، خلاص على كل حال يبقى النظر في أشخاص المتابعين لعلي بن عبد الله هذا ؛ فإن كانوا ثقاتا وعددا وجمعا ليس من الضروري ها هنا الآن أن تتساوى يعني يتساوى العدد ، أنت ذكرت آنفا عددا ضخما ما شاء الله كم هو ؟
أبو اسحاق : سبعة عشر راويا .
الشيخ : سبعة عشر راويا ليس من الضروري إنه يكون . لأن اتفاق ثلاثة أربعة على زيادة وهم المفروض أنهم ثقات لا يقبله الذهن المهم ، ولا يعتقد في هذه الحالة وأنا أبالغ الآن في التصوير ليتجلى المعنى الذي أريد أن أبينه ؛ هناك سبعة عشر راويا ثقة رووا الحديث على الجادة المطروقة ( صلاة الليل مثنى مثنى ) . ما أظنك إلا وستقول معي فيما علمت أن أحدا من علماء الحديث يشترط لصحة هذه الزيادة أن يكون هناك سبعة عشر راويا ثقة زادوا هذه الزيادة ؛ فلو نقص واحد فما يقولون بصحتها فيما تظن ؟
أبو اسحاق : يقولون .
الشيخ : وهكذا نزل ما شئت من الأرقام
يضحك الشيخ
الشيخ : حتى تصل إلى العدد الذي تطمئن إليه النفس الجماعة في صدد الأكل أم ؟ .
أبو ليلى : لسه أستاذي .
الشيخ : جاعوا بس صارت الساعة تسعة ...
أبو ليلى : أبو يسر ... كان عند نظام وسألني نظام هل بطلع الشيخ فقلت له أنا ما بتصور يطلع الشيخ بعد ساعتين
يضحك الإخوة الطلبة .
الحلبي : قطع عليك الطريق هذا .
الشيخ : لكن الذي يعمل فيه الشيخ أبو اليسر المزعوم هو ... العمل يعني إذا كان السبب الأول راح في سبب مستمر يعني وهو العمل .
الحلبي : أي نعم صحيح .
الشيخ : فبلغهم بذلك ، صحيح نحن ملتقين مع الشيخ قبل خمس دقائق فالحمد لله صح له ما لا لم يصح لغيره ـ يضحك الشيخ ـ
وهذا إن شاء الله دليل على حسن نيته وسريرته ، تفضل .
أبو اسحاق : كنا نتحدث عن زيادة الثقة والفرق بينها ... .
الشيخ : نعم ، الحقيقة فيها دقة وثانيا هي مسألة خلافية بين علماء الحديث وعلماء أصول الفقه ، علماء أصول الفقه يتبنون في أصولهم وليس في تفريعهم وتطبيقهم قبول زيادة الثقة مطلقا سواء كان مساويا لمن زاد عليه أو كان دونهم ثقة وعددا ؛ فزيادة الثقة في علم الأصول مقبولة على هذا الإطلاق ؛ وليس كذلك عند علماء الحديث ، فعلماء الحديث إنما يقبلون زيادة الثقة إذا لم يخالف من هو أحفظ منه أو إذا كان المخالفين له أو المخالفون له أكثر عددا منه ؛ في هذه الحالة هذه الزيادة يرفضونها وهي التي يطلقون عليها لفظة الشذوذ أو الحديث الشاذ ؛ وكما يذكرون عن الإمام الشافعي أنه قال :" ليس الحديث الشاذ أن يروي الثقة ما لم يرويه غيره ، وإنما الحديث الشاذ أن يخالف الثقة من هو أوثق منه " ولعله قال أو أكثر عددا منه ؛ وأن ما قاله فعلماء الحديث يقولون هذا ؛ ولذلك تختلف النتائج اختلافا جليا بين هؤلاء وهؤلاء فأولئك حينما يرون الزيادة للثقة يقولون زيادة الثقة مقبولة ولو كان المخالفون كما قال أستاذنا سابقا كالجبال حفظا ، زيادة الثقة مقبولة ؛ بينما علماء الحديث يقولون لا ، زيادة إنما تقبل بالشرط السابق أن يكون زاد على مثله ؛ أما أن يزيد على من هو أحفظ منه أو على من هم أكثر عددا منه فهذه زيادة تكون شاذة ؛ وأذكر أنهم ذكروا في المصطلح كمثال قيل فيه إنه شاذ وهو حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام أو شعير أو صاعا من تمر ثم قال على كل حر أو عبد من المسلمين ) . زيادة هذه ( من المسلمين ) في الحديث لا توجد في كل طرق الحديث والذي عرف واشتهر بذكر هذه الزيادة في الحديث هو الإمام مالك ؛ فذكروا أن بعضهم أعلها بالشذوذ وبدعوى أن الإمام مالك تفرد بها وكاد علماء الحديث يمشون على هذا ؛ لو لا أن بعضهم أوجد له متابعين وبهذه المتابعات نجت هذه الزيادة من الحكم عليها بالشذوذ ؛ هذا مثال مذكور في المصطلح وبخاصة في اختصار علوم الحديث الذي عليه الباعث الحثيث لأحمد شاكر رحمه الله ، ويجد الإنسان في أثناء مطالعته لكتب أئمة الحديث نماذج كثيرة جدا جدا لهذه الزيادة التي هي من نوع من الحديث الشاذ ؛ وأنا أذكر مثالا لم أره لأحد من قبل سوى أن شيخ الإسلام ابن تيمية ضعف الحديث دون أن يبين السبب وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر . من هم ؟ في الحديث المتفق عليه بين الشيخين ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) . هكذا رواه البخاري ومسلم في الصحيحين ؛ لكن في رواية لمسلم نفسه قال ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ) . هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ؛ فكنت أجريت بحثا وتحقيقا فجمعت من كل الطرق لهذا الحديث وهو من رواية ابن عباس ثم الشواهد التي خارج الصحيحين ، والتي منها فيما أذكر حديث ابن مسعود في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم فوجدت كل طرق الحديث الأول حديث ابن عباس والأحاديث الأخرى التي منها حديث ابن مسعود لا يذكرون زيادة ( هم الذين لا يرقون ) وانما يكتفون على قولهم ( هم الذين لا يسترقون ) فبعد هذه الدراسة ـ وهذا كان منذ قرابة خمس وعشرين سنة ـ جزمت بأن زيادة ( لا يرقون ) شاذة ، وبالتالي الحديث الشاذ نوع من أنواع الحديث الضعيف ، ثم مضت السنون وإذا بمجموعة فتاوى لابن تيمية تطبع وإذا به يذكر في بعض أجوبته هذا الحديث ويقول حديث ضعيف ولم يبين السبب ، وقد كنت تبينت السبب في ذاك البحث وهو الشذوذ ، وهو مخالفة الثقة للثقات الآخرين ، زيادة على ذلك مخالفته لرواية الصحابة الآخرين ، وكان المخالف هو إمام من أئمة المسلمين وشيخ من شيوخ الشيخين وهو سعيد بن منصور صاحب السنن ؛ ومن يومئذ بقي في نفسي شيء في حفظ سعيد بن منصور ؛ ثم تمضي الأيام فينكشف لي أن له أيضا أشياء أخرى من هذا القبيل ، آخر ذلك هذا الحديث الذي أقام الناس وأقعدهم ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) هذا الحديث جمعت له طرقا عدة عن جمع من الثقات كلهم عن سفيان بن عيينة بإسناده الصحيح عن حذيفة مرفوعا إلا سعيد بن منصور خرب علينا السبه بقولوا عندنا في الشام ؛ لأنه روى الحديث بلفظ يعني جعل الناس يشكون في الحديث الصحيح حيث قال ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وذكرها ثم قال ( أو قال في مسجد جامع ) هذه الزيادة ( أو قال في مسجد جامع ) ليس لها أصل في كل روايات الثقات كلهم رووه إلى ( والمسجد الأقصى ) ونظرا لابتعاد الطلاب عن دراسة علم الحديث أولا نظريا ، ثم عمليا فقد تعلقوا بهذه الزيادة التي ذكرها الشوكاني نقلا عن سعيد بن منصور ثم لم يدندن حولها بكلام يوضح قيمة هذه الزيادة من الناحية الحديثية أولا ؛ ثم ما منزلتها من الناحية الفقهية ثانيا ؛ فجاء سؤال أنه في رواية ذكرها الشوكاني أنه قال في مسجد جامع ؛ لفتنا نظر السائل أن الحديث لو كان بلفظ ( والمسجد الأقصى أو مسجد جامع ) لو كانت الرواية هكذا كان يمكن أن يتشبث بها بعض الناس لتجويز الاعتكاف في مسجد جامع غير هذه المساجد الثلاثة ؛ لكن يقف في طريق مثل هذا الاحتجاج أمران اثنان ، الأمر الأول: أن رواية سعيد هي بلفظ " أو قال " وهذا ليس تخييرا من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو شك من الراوي ، ومن هو الراوي ؟ سعيد بن منصور صاحبنا لأنه الرواة كلهم رووه عن سفيان بن عيينة وهو يقول حدثني سفيان بن عيينة ثم ذكر هذه الزيادة ؛ فمن أين هذه الزيادة ؟ من عنده .
الحلبي : كالأولى .
الشيخ : كالأولى تماما ، هذا الشيء الأول الذي يمنع من الاحتجاج وخلاصة ذلك أن هذه زيادة شاذة لا قيمة لها ؛ ثانيا لو كانت هذه الزيادة بلفظ أي نعم بلاش أو قال فقط أو مسجد جامع لكانت أيضا شاذة للسبب نفسه لأنه لم يقله اعتقاد ولسبب آخر نأخذه من نص الحديث حيث قال ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) . فهذا صارت مساجد ثلاثين وثلاثمائة وما شاء الله من عدد ، هذا يتنافي مع ابتداء الحديث بقوله ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) . إذا هذه الزيادة خطأ سواء كانت كما هو الواقع أو قال في مسجد جامع أو كما تخيل بعض الطلاب أنه قال أو في مسجد جامع ؛ الشاهد من هذا كله تقديم بعض الأمثلة لبيان أنه لا يصح مطلقا أن تؤخذ قاعدة " زيادة الثقة مقبولة على إطلاقها " بل لا بد من تقييدها بما إذا لم يكن الثقة قد خالف من هو أوثق منه ؛ هذا الذي عندي .
الحلبي : أستاذي أحيانا يعني من مقالات أهل العلم المتقدمين ومعرفتهم بالعلل يعني يجتمع رفع ووقف يقدمون الوقف على الرفع .
الشيخ : لماذا .
الحلبي : لعله طبعا شذوذ .
الشيخ : لا هو هذه العلة شذوذ ، هو هذا " عليكم السلام " .
الحلبي : الذي في أذهان كثير من الطلبة أن الرفع زيادة .
الشيخ : لا هذه ليست على إطلاقها أبدا ، أي نعم وهذا المهم في الموضوع ، نعم . .
أبو اسحاق : شيخنا الحديث رقم واحد وخمسين من الضعيفة من ضمن العلل التي ذكرتموها قلتم : " وإن محمد بن سيرين لم يسمع من عمران بن حصين خلافا لأحمد " في صحيح مسلم حديث ( سبقك بها عكاشة ) . صرح محمد بن سيرين بالسماع من عمران ؛ وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ... .
الشيخ : أوقف الآن شويه لأنه ضرس ودرس ما بجتمعوا
يضحك الشيخ أبو اسحاق .
الشيخ : بسم الله
الآن على ما يبدوا يتناولون وجبة طعام .
أبو اسحاق : نعم .
الشيخ : وأظن هذا الكلام ولا مؤاخذة من باب :(( وأما بنعمة ربك فحدث )) .. فهذا لا يوجد في بطون الكتب ؛ هل سمعت عمرك شذوذ نسبي .
أبو اسحاق : لا ما سمعت .
الشيخ : ما سمعت ويضحك الشيخ ويقول هذا يؤخذ من الدراسة بطبيعة الحال ؛ فالآن دع موضوع ابن عمر ورواية الثقات في الحفظ كالجبال ـ كما صدقت ـ رووا حديث ابن عمر ( صلاة الليل مثنى مثنى ) . وفعلا حديث ابن عمر هو هذا نصه ؛ جاء رواة آخرون فرووا عن الرسول عليه الصلاة والسلام من غير طريق ابن عمر ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . ماذا تقول في هذا الحديث صحيح أم ليس بصحيح ؟ .
أبو اسحاق : إن صحت الشواهد يعني ؟ .
الشيخ : ما أنا بقول طبعا ، أنا ما أقول الآن صحت أو ما صحت ، أعبر بتعبير العلمي الدقيق جاء رواة آخرون فرووا عن الرسول عليه السلام من غير طريق ابن عمر أنه قال كذا وكذا ، فهذا الحديث يكون صحيحا ، حسن جدا ؛ فما أثر ذاك الاختلاف في حديث ابن عمر أن زيادة النهار في حديثه خاصة هل هي محفوظة أم هي شاذة ؟ لا يؤثر في صحة الحديث هذا لكن من قال هذا صحيح عن ابن عمر عن رسول الله ، يناقش تلك المناقشة ثم ماذا يهمنا إذا نسب ناسب ما إلى ابن عمر حديثا ما ابن عمر لم يروه لكن الرسول حدث به وتلقاه أصحاب آخرون عنه طبعا الرواة نسبه إلى ابن عمر وابن عمر ما عنده خبر ؛ نحن بهمنا صحة نسبة الحديث إلى الرسول عليه السلام لكن لا يهمنا أبدا أن الحديث صح من طريق ابن عمر ولا أبو عمر ، ما بهمنا أبدا ؛ إذا القضية فيها شيء من الدقة لا يعني تلاحظ في المصطلح مصرحا بها وإنما في تخاريجهم للأحاديث ؛ فإذا لنقول هذا الحديث أو هذه الزيادة شاذة ويعني ذلك أنه لا يجوز لنا أن نقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) لا يجوز لنا أن نقول هذا إلا بعد النظر في الشواهد الأخرى ؛ الشواهد الأخرى الآن أتنزل من الدعوة السابقة فآتي بمثال واحد فقط ، أقول افترض معنا أن هناك حديثا بذاك اللفظ الشاذ عن ابن عمر روي بإسناد حسن عن أبي هريرة أو عن غيره من الصحابة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) . ألا يحتج بهذا الحديث ؟ .
أبو اسحاق : يحتج .
الشيخ : الحمد لله ، إذا بقي علينا أن ندرس الشواهد ، هذه الشواهد إما أن تعطينا صحة الحديث لذاته أو صحته لغيره أو حسنه لذاته أو حسنه لغيره ، وهذا أدنى المراتب ؛ فإذا كان حسنا لغيره يبقى مناقشة حديث ابن عمر هل هذه الزيادة شاذة فيه أم لا ، مناقشة شكلية لا ثمرة لها ؛ لعلي أوضحت ما في نفسك .
أبو اسحاق : لكن لو لم يصح شاهد فالحكم بشذوذ هذه الزيادة أولى
الشيخ : لا ، هذا ينبغي إعادة النظر في المتابعين للبارقي ؛ أظن ذاك علي بن عبد الله ، نعم ، خلاص على كل حال يبقى النظر في أشخاص المتابعين لعلي بن عبد الله هذا ؛ فإن كانوا ثقاتا وعددا وجمعا ليس من الضروري ها هنا الآن أن تتساوى يعني يتساوى العدد ، أنت ذكرت آنفا عددا ضخما ما شاء الله كم هو ؟
أبو اسحاق : سبعة عشر راويا .
الشيخ : سبعة عشر راويا ليس من الضروري إنه يكون . لأن اتفاق ثلاثة أربعة على زيادة وهم المفروض أنهم ثقات لا يقبله الذهن المهم ، ولا يعتقد في هذه الحالة وأنا أبالغ الآن في التصوير ليتجلى المعنى الذي أريد أن أبينه ؛ هناك سبعة عشر راويا ثقة رووا الحديث على الجادة المطروقة ( صلاة الليل مثنى مثنى ) . ما أظنك إلا وستقول معي فيما علمت أن أحدا من علماء الحديث يشترط لصحة هذه الزيادة أن يكون هناك سبعة عشر راويا ثقة زادوا هذه الزيادة ؛ فلو نقص واحد فما يقولون بصحتها فيما تظن ؟
أبو اسحاق : يقولون .
الشيخ : وهكذا نزل ما شئت من الأرقام
يضحك الشيخ
الشيخ : حتى تصل إلى العدد الذي تطمئن إليه النفس الجماعة في صدد الأكل أم ؟ .
أبو ليلى : لسه أستاذي .
الشيخ : جاعوا بس صارت الساعة تسعة ...
أبو ليلى : أبو يسر ... كان عند نظام وسألني نظام هل بطلع الشيخ فقلت له أنا ما بتصور يطلع الشيخ بعد ساعتين
يضحك الإخوة الطلبة .
الحلبي : قطع عليك الطريق هذا .
الشيخ : لكن الذي يعمل فيه الشيخ أبو اليسر المزعوم هو ... العمل يعني إذا كان السبب الأول راح في سبب مستمر يعني وهو العمل .
الحلبي : أي نعم صحيح .
الشيخ : فبلغهم بذلك ، صحيح نحن ملتقين مع الشيخ قبل خمس دقائق فالحمد لله صح له ما لا لم يصح لغيره ـ يضحك الشيخ ـ
وهذا إن شاء الله دليل على حسن نيته وسريرته ، تفضل .
أبو اسحاق : كنا نتحدث عن زيادة الثقة والفرق بينها ... .
الشيخ : نعم ، الحقيقة فيها دقة وثانيا هي مسألة خلافية بين علماء الحديث وعلماء أصول الفقه ، علماء أصول الفقه يتبنون في أصولهم وليس في تفريعهم وتطبيقهم قبول زيادة الثقة مطلقا سواء كان مساويا لمن زاد عليه أو كان دونهم ثقة وعددا ؛ فزيادة الثقة في علم الأصول مقبولة على هذا الإطلاق ؛ وليس كذلك عند علماء الحديث ، فعلماء الحديث إنما يقبلون زيادة الثقة إذا لم يخالف من هو أحفظ منه أو إذا كان المخالفين له أو المخالفون له أكثر عددا منه ؛ في هذه الحالة هذه الزيادة يرفضونها وهي التي يطلقون عليها لفظة الشذوذ أو الحديث الشاذ ؛ وكما يذكرون عن الإمام الشافعي أنه قال :" ليس الحديث الشاذ أن يروي الثقة ما لم يرويه غيره ، وإنما الحديث الشاذ أن يخالف الثقة من هو أوثق منه " ولعله قال أو أكثر عددا منه ؛ وأن ما قاله فعلماء الحديث يقولون هذا ؛ ولذلك تختلف النتائج اختلافا جليا بين هؤلاء وهؤلاء فأولئك حينما يرون الزيادة للثقة يقولون زيادة الثقة مقبولة ولو كان المخالفون كما قال أستاذنا سابقا كالجبال حفظا ، زيادة الثقة مقبولة ؛ بينما علماء الحديث يقولون لا ، زيادة إنما تقبل بالشرط السابق أن يكون زاد على مثله ؛ أما أن يزيد على من هو أحفظ منه أو على من هم أكثر عددا منه فهذه زيادة تكون شاذة ؛ وأذكر أنهم ذكروا في المصطلح كمثال قيل فيه إنه شاذ وهو حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما قال : ( فرض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صدقة الفطر صاعا من طعام أو شعير أو صاعا من تمر ثم قال على كل حر أو عبد من المسلمين ) . زيادة هذه ( من المسلمين ) في الحديث لا توجد في كل طرق الحديث والذي عرف واشتهر بذكر هذه الزيادة في الحديث هو الإمام مالك ؛ فذكروا أن بعضهم أعلها بالشذوذ وبدعوى أن الإمام مالك تفرد بها وكاد علماء الحديث يمشون على هذا ؛ لو لا أن بعضهم أوجد له متابعين وبهذه المتابعات نجت هذه الزيادة من الحكم عليها بالشذوذ ؛ هذا مثال مذكور في المصطلح وبخاصة في اختصار علوم الحديث الذي عليه الباعث الحثيث لأحمد شاكر رحمه الله ، ويجد الإنسان في أثناء مطالعته لكتب أئمة الحديث نماذج كثيرة جدا جدا لهذه الزيادة التي هي من نوع من الحديث الشاذ ؛ وأنا أذكر مثالا لم أره لأحد من قبل سوى أن شيخ الإسلام ابن تيمية ضعف الحديث دون أن يبين السبب وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب وجوههم كالقمر ليلة البدر . من هم ؟ في الحديث المتفق عليه بين الشيخين ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) . هكذا رواه البخاري ومسلم في الصحيحين ؛ لكن في رواية لمسلم نفسه قال ( هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ) . هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ؛ فكنت أجريت بحثا وتحقيقا فجمعت من كل الطرق لهذا الحديث وهو من رواية ابن عباس ثم الشواهد التي خارج الصحيحين ، والتي منها فيما أذكر حديث ابن مسعود في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم فوجدت كل طرق الحديث الأول حديث ابن عباس والأحاديث الأخرى التي منها حديث ابن مسعود لا يذكرون زيادة ( هم الذين لا يرقون ) وانما يكتفون على قولهم ( هم الذين لا يسترقون ) فبعد هذه الدراسة ـ وهذا كان منذ قرابة خمس وعشرين سنة ـ جزمت بأن زيادة ( لا يرقون ) شاذة ، وبالتالي الحديث الشاذ نوع من أنواع الحديث الضعيف ، ثم مضت السنون وإذا بمجموعة فتاوى لابن تيمية تطبع وإذا به يذكر في بعض أجوبته هذا الحديث ويقول حديث ضعيف ولم يبين السبب ، وقد كنت تبينت السبب في ذاك البحث وهو الشذوذ ، وهو مخالفة الثقة للثقات الآخرين ، زيادة على ذلك مخالفته لرواية الصحابة الآخرين ، وكان المخالف هو إمام من أئمة المسلمين وشيخ من شيوخ الشيخين وهو سعيد بن منصور صاحب السنن ؛ ومن يومئذ بقي في نفسي شيء في حفظ سعيد بن منصور ؛ ثم تمضي الأيام فينكشف لي أن له أيضا أشياء أخرى من هذا القبيل ، آخر ذلك هذا الحديث الذي أقام الناس وأقعدهم ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) هذا الحديث جمعت له طرقا عدة عن جمع من الثقات كلهم عن سفيان بن عيينة بإسناده الصحيح عن حذيفة مرفوعا إلا سعيد بن منصور خرب علينا السبه بقولوا عندنا في الشام ؛ لأنه روى الحديث بلفظ يعني جعل الناس يشكون في الحديث الصحيح حيث قال ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) وذكرها ثم قال ( أو قال في مسجد جامع ) هذه الزيادة ( أو قال في مسجد جامع ) ليس لها أصل في كل روايات الثقات كلهم رووه إلى ( والمسجد الأقصى ) ونظرا لابتعاد الطلاب عن دراسة علم الحديث أولا نظريا ، ثم عمليا فقد تعلقوا بهذه الزيادة التي ذكرها الشوكاني نقلا عن سعيد بن منصور ثم لم يدندن حولها بكلام يوضح قيمة هذه الزيادة من الناحية الحديثية أولا ؛ ثم ما منزلتها من الناحية الفقهية ثانيا ؛ فجاء سؤال أنه في رواية ذكرها الشوكاني أنه قال في مسجد جامع ؛ لفتنا نظر السائل أن الحديث لو كان بلفظ ( والمسجد الأقصى أو مسجد جامع ) لو كانت الرواية هكذا كان يمكن أن يتشبث بها بعض الناس لتجويز الاعتكاف في مسجد جامع غير هذه المساجد الثلاثة ؛ لكن يقف في طريق مثل هذا الاحتجاج أمران اثنان ، الأمر الأول: أن رواية سعيد هي بلفظ " أو قال " وهذا ليس تخييرا من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو شك من الراوي ، ومن هو الراوي ؟ سعيد بن منصور صاحبنا لأنه الرواة كلهم رووه عن سفيان بن عيينة وهو يقول حدثني سفيان بن عيينة ثم ذكر هذه الزيادة ؛ فمن أين هذه الزيادة ؟ من عنده .
الحلبي : كالأولى .
الشيخ : كالأولى تماما ، هذا الشيء الأول الذي يمنع من الاحتجاج وخلاصة ذلك أن هذه زيادة شاذة لا قيمة لها ؛ ثانيا لو كانت هذه الزيادة بلفظ أي نعم بلاش أو قال فقط أو مسجد جامع لكانت أيضا شاذة للسبب نفسه لأنه لم يقله اعتقاد ولسبب آخر نأخذه من نص الحديث حيث قال ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) . فهذا صارت مساجد ثلاثين وثلاثمائة وما شاء الله من عدد ، هذا يتنافي مع ابتداء الحديث بقوله ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة ) . إذا هذه الزيادة خطأ سواء كانت كما هو الواقع أو قال في مسجد جامع أو كما تخيل بعض الطلاب أنه قال أو في مسجد جامع ؛ الشاهد من هذا كله تقديم بعض الأمثلة لبيان أنه لا يصح مطلقا أن تؤخذ قاعدة " زيادة الثقة مقبولة على إطلاقها " بل لا بد من تقييدها بما إذا لم يكن الثقة قد خالف من هو أوثق منه ؛ هذا الذي عندي .
الحلبي : أستاذي أحيانا يعني من مقالات أهل العلم المتقدمين ومعرفتهم بالعلل يعني يجتمع رفع ووقف يقدمون الوقف على الرفع .
الشيخ : لماذا .
الحلبي : لعله طبعا شذوذ .
الشيخ : لا هو هذه العلة شذوذ ، هو هذا " عليكم السلام " .
الحلبي : الذي في أذهان كثير من الطلبة أن الرفع زيادة .
الشيخ : لا هذه ليست على إطلاقها أبدا ، أي نعم وهذا المهم في الموضوع ، نعم . .
أبو اسحاق : شيخنا الحديث رقم واحد وخمسين من الضعيفة من ضمن العلل التي ذكرتموها قلتم : " وإن محمد بن سيرين لم يسمع من عمران بن حصين خلافا لأحمد " في صحيح مسلم حديث ( سبقك بها عكاشة ) . صرح محمد بن سيرين بالسماع من عمران ؛ وفي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ... .
الشيخ : أوقف الآن شويه لأنه ضرس ودرس ما بجتمعوا
يضحك الشيخ أبو اسحاق .
الشيخ : بسم الله
الآن على ما يبدوا يتناولون وجبة طعام .
- سلسلة الهدى والنور - شريط : 32
- توقيت الفهرسة : 00:00:27
- نسخة مدققة إملائيًّا