بيان أهمية إضافة قيد : " على منهج السلف الصالح " حينما ندعو نقول : "الرجوع إلى الكتاب والسنة " . - صوتيات وتفريغات الإمام الألباني
بيان أهمية إضافة قيد : " على منهج السلف الصالح " حينما ندعو نقول : "الرجوع إلى الكتاب والسنة " .
A-
A=
A+
الشيخ : وأنا ، سؤالك هذا يذكِّرني ببعض المواضيع التي طرقتُها في مصر بكثرة ، وفعلت هنا بعض المرَّات ، وهو لا يكفي أن ندعوَ الناس إلى الكتاب والسنة فقط ، بل يجب أن نضمَّ إلى هذه الدعوة الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ؛ تدرون لماذا هذا القيد ؟ وهذا القيد هنا في بلاد الشام يعني ربما ذكرته مرَّات قليلة وقليلة جدًّا ، لكني في مصر شعرت بأهمية هذا القيد جدًّا جدًّا حتى بين أنصار السنة ، فقد كنا نحاضر حول هذه النقطة بالذات ساعات طويلة ، فأنا أذكِّركم الآن ببعض الأحاديث التي ندندن حولها دائمًا وأبدًا .

( تفرَّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق أمَّتي على ثلاث وسبعين فرقة ؛ كلها في النار إلا واحدة ) . قالوا : مَن هي يا رسول الله ؟ قال : ( الجماعة ) . وفي الرواية الأخرى المشهود لها من حديث العرباض قال : ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) . حديث العرباض يقول : ( فعليكم بسُنَّتي ، وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ) . تُرى - هنا الشاهد - لماذا لم يقتصر الرسول في الحديث الأول بذكر ( ما أنا عليه ) ، وإنما ضمَّ إلى ذلك ( وأصحابي ) ؟ تُرى لماذا لم يقتصر الرسول - عليه السلام - في حديث العرباض على قوله : ( فعليكم بسُنَّتي ) ، وإنما ضمَّ إلى ذلك ( وسنة الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدي ) ؟ تُرى لماذا قال ربنا - عز وجل - في القرآن الكريم : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ؟ لماذا قال : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )) ؟ لماذا لم تكن الآية على النَّسق الآتي : " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم ونصله جهنم وساء مصيرًا " ، وإنما جاءت بالنَّصِّ القرآني : (( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ؟ شو السر في الآية ؟ شو السر في الحديثين السابقين أن الله - عز وجل - لم يقتصِرْ على الوعيد بمشاققة الرسول فقط ؛ بل ضمَّ إلى ذلك قوله : (( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ )) ، والرسول نفسه ولم يقتصر على ذكر سنَّته ، وإنما ضمَّ إليه أصحابه والخلفاء الراشدين منهم بصورة خاصَّة ؟

السر في هذا أننا حينما ندرس الثلاثة والسبعين فرقة من الفرق الإسلامية لا نجد فيها فرقةً تقول : " نحن براء من السنة " ، فعندكم آخر فرقة عرفناها تدَّعي الإسلام وتصلي وتصوم وإلى آخره " القاديانية " ؛ فهم يقولون : " نحن على الكتاب والسنة " ، كل الفرق حتى هذه لا تتبرَّأ من السنة ، فكل واحدة من الفرق الضالة تقول : " نحن على الكتاب والسنة " ، يأتي الحَكَم الفصل : ( ما أنا عليه وأصحابي ) ؛ أي : يجب ليكون المسلم في عصمة من الانحراف ويكون من الفرق الضالة ، لكي لا يكون من الفرق الضالة أن يتمسَّك بما كان عليه الصحابة من المفاهيم لنصوص الكتاب والسنة ، وإلا فالضلال الجذري لكلِّ هذه الفرق الضالة ما جاء من إنكارهم للسنة فضلًا عن القرآن ، وإنما جاء من إنكارهم لمعاني القرآن ومعاني السنة ، فجاؤوا بمعاني جديدة ما يعرفها السلف الصالح .

فالمعتزلة - مثلًا - من أشهر الفرق الضالة والمخالفة لأهل السنة حينما يُنكرون عقيدة السلف الصالح المصرَّح فيها الكتاب والسنة - مثلًا - : (( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) يُنكرون هذه الآية ؟ أقول : ينكرونها ولا ينكرونها ، لا ينكرونها كلفظ ثابت في القرآن الكريم ، لا ينكرون منه ولا حرف واحد ، لكنهم ينكرونَها حينما ينكرون معناها الحقيقي ، فيقولون بكلِّ بساطة : المعنى (( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) ؛ أي : إلى نعيم ربِّها ناظرة ، أبطلوا النَّصَّ بمضاف محذوف ، ربنا بيقول : (( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ )) ، هم يقولون : إلى نعيم ؛ يعني إلى جنة ربِّها ناظرة ، كأنُّو ربنا - عز وجل - بكلِّ الآيات والأحاديث التي بشَّر بها عباده المؤمنين وأنهم سيدخلون الجنة كأنُّو خُشِيَ أن يدخلوا الجنة ويفهم أحد أنهم لا ينظرون نعيم الجنة ، فجاء ربُّنا بهذه الآية ليقول لهم : (( إِلَى رَبِّهَا )) ؛ أي : إلى نعيم ربِّها ناظرة ، ليبيِّن لهم أنُّو شايفين أنتو نعيم الجنة ما بتفوتوا مغمضين ، هذا هو التعطيل بعينه ، فلكي لا يقع المسلمون فيما بعد في شيء من هذه الانحرافات ؛ فلا بد من الضَّميمة التي ذكرناها كتاب وسنة وعلى منهج السلف الصالح ، وإلا إذا تركنا هذا المنهج ضَلَلْنا ضلالًا بعيدًا وكنا فرقة ... .

مواضيع متعلقة